الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرق أن حامل الشيء قاصد حفظه، فلا حرج في التقييد بوصف السلامة، واللابس لا يقصد حفظ ما يلبسه، فيخرج بالتقييد بما ذكرناه فجعلناه مباحا مطلقا. وعن محمد رحمه الله: أنه إذا لبس ما لا يلبسه عادة فهو كالحامل لأن الحاجة لا تدعو إلى لبسه.
قال: وإذا كان المسجد للعشيرة فعلق رجل منهم فيه قنديلا أو جعل فيه بواري أو حصاة فعطب به رجل لم يضمن، وإن كان فعل ذلك من غير العشيرة ضمن قالوا
ــ
[البناية]
م: (والفرق) ش: أي بين الشيء المحمول حيث يجب الضمان به فيما إذا هلك إنسان وبين الثوب الملبوس حيث لا يجب الضمان فيه وإن هلك إنسان بوقوعه عليه: م: (أن حامل الشيء قاصد حفظه، فلا حرج في التقييد بوصف السلامة) ش: فإذا أضيف إليه التلف كان ضامنا م: (واللابس لا يقصد حفظ ما يلبسه، فيخرج بالتقييد بما ذكرناه) ش: يعني وصف السلامة م: (فجعلناه مباحا مطلقا) ش: يعني من غير شرط السلامة.
م: (وعن محمد رحمه الله: أنه إذا لبس ما لا يلبسه عادة) ش: للبدو والجوالق ودرع الحرب في غير موضع الحرب، والثوب الذي لا يحتاج إليه من حيث الزينة، أو من حيث دفع الحر والبرد م:(فهو كالحامل) ش: شيئا في الطريق حيث يضمن إذا سقط على إنسان فعطب به م: (لأن الحاجة لا تدعو إلى لبسه) ش: وذكر المحبوبي: لو لبس ثوبا زيادة على قدر الحاجة لم يذكره محمد في الكتاب. وروى ابن سماعة أنه قال: يضمن إذا سقط وعطب به إنسان لأنه لا يعلم به البلوى، وقياس قول الأئمة الثلاثة: لا يضمن بعدم التعدي.
[كان المسجد للعشيرة فعلق رجل منهم فيه قنديلا فعطب به رجل]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وإذا كان المسجد للعشيرة) ش: العشيرة: القبيلة ذكره في " الصحاح "، والمراد هاهنا أهل المسجد م:(فعلق رجل منهم) ش: أي من العشيرة م: (فيه قنديلا) ش: أي في المسجد م: (أو جعل فيه بواري) ش: جمع بوريا قال الأصمعي: البوريا بالفارسية وهو بالعربية جاري وبوري. وقال الجوهري:
الباريا والبوريا التي من القصب وكذلك السبارية م: (أو حصاة) ش: أي أو جعل فيه حصاة م: (فعطب به) ش: أي بواحد من هذه الأشياء م: (رجل لم يضمن) ش: يعني وإن كان بغير إذن الإمام وبه قال أحمد والشافعي - رحمهما الله - في وجه وقال الشافعي في وجه: بغير إذن الإمام يضمن.
وقال الحاكم الشهيد في " الكافي ": وإذا حفر أهل المسجد فيه بئرا لماء المطر ووضعوا فيه جبا نضب فيه الماء أو طرحوا فيه بواري أو حصا أو ركبوا بابا وعلقوا فيه قنديلا أو ظللوه فلا ضمان فيمن عطب بذلك عليهم م: (وإن كان الذي فعل ذلك من غير العشيرة ضمن قالوا) ش: أي
هذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: لا يضمن في الوجهين جميعا؛ لأن هذه من القرب وكل أحد مأذون في إقامتها فلا يتقيد بشرط السلامة كما إذا فعله بإذن واحد من أهل المسجد. ولأبي حنيفة رحمه الله وهو الفرق: أن التدبير فيما يتعلق بالمسجد لأهله دون غيرهم كنصب الإمام واختيار المتولي وفتح بابه وإغلاقه وتكرار الجماعة إذا سبقهم بها غير أهله فكان فعلهم مباحا مطلقا غير مقيد بشرط السلامة، وفعل غيرهم تعديا أو مباحا مقيدا بشرط السلامة. وقصد القربة لا ينافي الغرامة إذا أخطأ الطريق كما إذا تفرد بالشهادة على الزنا.
ــ
[البناية]
المشايخ م: (هذا) ش: يعني هذا التفصيل م: (عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: لا يضمن في الوجهين) ش: وهما إذن الإمام أو إذن العشيرة أو عدم إذنهما، وبه قال مالك وأحمد والشافعي رحمهم الله في وجه.
وقال الحلواني: أكثر مشايخنا أخذوا بقولهما في هذه المسألة وعليه الفتوى كذا في " الذخيرة "، وفيها وضع الجب لشرب الماء على هذا الاختلاف م:(لأن هذه) ش: أي المذكور من الأشياء م: (من القرب) ش: بضم القاف وفتح الراء جمع قربة.
م: (وكل أحد) ش: من أهل المسجد م: (مأذون في إقامتها) ش: أي بإقامة هذه الأشياء م: (فلا يتقيد بشرط السلامة كما إذا فعله بإذن واحد من أهل المسجد) ش: بإذن واحد من أهل المسجد حيث لا يضمن.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله وهو الفرق) ش: بين الوجهين: م: (إن التدبير فما يتعلق بالمسجد لأهله دون غيرهم) ش: أي غير أهل المسجد م: (كنصب الإمام) ش: أي غير أهل المسجد يعني لو صلى فيه غير أهل المسجد بجماعة لا يكون لغير أهله أن يصلوا فيه بجماعة.
م: (واختيار المتولي وفتح بابه وإغلاقه وتكرار الجماعة إذا سبقهم بها) ش: أي بالصلاة بالجماعة م: (غير أهله) ش: يعني: إذا لم يكن الثاني موجودا، وأما إذا كان موجودا فنصب الإمام إليه وهو مختار " الإسكاف ".
قال أبو الليث: وبه نأخذ إلا أن ينصب الإمام شخصا والقوم يريدون من هو أصلح منه فيجوز أن يكون المنصف اختار قول ابن سلام أن القوم أولى بنصب إمام، والمؤذن والباني، أولى بالعمارة م:(فكان فعلهم مباحا مطلقا غير مقيد بشرط السلامة، وفعل غيرهم تعديا أو مباحا مقيدا بشرط السلامة. وقصد القربة لا ينافي الغرامة) .
ش: هذا جواب عن قولهما " لأن هذا من القرب " بيانه: أن قصد القربة لا ينافي الضمان م: (إذا أخطأ الطريق) ش: أي في طريق القربة م: (كما إذا تفرد بالشهادة على الزنا) .
فالطريق فيما نحن فيه الاستئذان من أهله. قال: وإن جلس فيه رجل منهم فعطب به رجل لم يضمن إن كان في الصلاة، وإن كان في غير الصلاة ضمن، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا يضمن على كل حال، ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو للتعليم أو للصلاة أو نام فيه في أثناء الصلاة أو نام في غير.
ــ
[البناية]
ش: يعني إذا شهد وحده بالزنا يحد حد القذف، وإن كان بأداء شهادته حسبة لله تعالى متقربا ولكن لما لم يكن نصاب الشهادة في الزنا، وهي شهادة الأربعة اعتبر ذلك قذفا م:(فالطريق فيما نحن فيه الاستئذان من أهله) ش: أي من أهل المسجد لأنه لا يمنع أن يكون المسجد لجماعة المسلمين، ويختص تدبيره بأهله.
ألا ترى «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ مفاتيح الكعبة من بني شيبة فأمره الله تعالى بردها عليهم بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] » والكعبة حق لجميع المسلمين وإن اختص قوم بتدبيره، وقال التمرتاشي: لو ضاق المسجد بأهله لأهله أن يمنعوا من ليس من أهله الصلاة فيه.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن جلس فيه رجل منهم) ش: أي من أهل المسجد م: (فعطب به) ش: أي بالجالس م: (رجل لم يضمن إن كان في الصلاة) ش: سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا. ذكر شيخ الإسلام م: (وإن كان في غير الصلاة ضمن، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي هذا التفصيل الذي ذكرنا، وكونه في غير الصلاة يضمن عنده، مطلقا ليس بصحيح على إطلاقه، فإن شمس الأئمة قال في " جامعه ": لو جلس لانتظار الصلاة لا يضمن لقوله عليه السلام: «المنتظر الصلاة في صلاة» ، وإنما الخلاف فيمن جلس لعمل ليس له اختصاص بالمسجد كدرس وقراءة القرآن، وفي " الذخيرة ": لو جلس للدرس أو لقراءة القرآن أو للذكر والتسبيح أو لاعتكاف لا رواية لهذا في الكتاب. واختلف المتأخرون قال أبو بكر الرازي: يضمن عنده، وقال أبو بكر البلخي: إن جلس لقراءة القرآن أو معتكف في المسجد لا يضمن بالإجماع، وذكر فخر الإسلام والصدر الشهيد: لو جلس للحديث يضمن بالإجماع لأنه غير مباح له، وفي " النهاية ": هذا ما ذكره في المتن، ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو التعليم أو للصلاة إلى قوله فهو على اختلاف مخالف لهذه الروايات، أجيب: يمكن أن يكون مختار أبي بكر الرازي، ولكن فيه بعد كما ترى.
م: (وقالا: لا يضمن على كل حال) ش: وبه قالت الثلاثة م: (ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو للتعليم) ش: أي تعليم الفقه والحديث م: (أو للصلاة أو نام فيه في أثناء الصلاة أو نام في غير
الصلاة أو مر فيه مار أو قعد فيه لحديث، فهو على هذا الاختلاف. وأما المعتكف فقد قيل على هذا الاختلاف، وقيل: لا يضمن بالاتفاق. لهما: أن المسجد إنما بني للصلاة والذكر، ولا يمكنه أداء الصلاة بالجماعة إلا بانتظارها فكان الجلوس فيه مباحا لأنه من ضرورات الصلاة، أو لأن المنتظر للصلاة في الصلاة حكما بالحديث فلا يضمن كما إذا كان في الصلاة، وله: أن المسجد إنما بني للصلاة، وهذه الأشياء.
ــ
[البناية]
الصلاة أو مر فيه مار) ش: قال شيخنا العلاء رحمه الله: الأول خاص، والثاني عام: يعني حال كونه مارا لأجل أمر آخر سوى أمر الصلاة بأن مر لأخذ الماء من غير بئر المسجد.
م: (أو قعد فيه لحديث فهو على هذا الاختلاف) ش: وهو اختيار بعض أصحابنا، واختاره أبو بكر الرازي.
وقال بعضهم: وهو اختيار أبي عبد الله الجرجاني ليس فيها خلاف بل لا ضمان فيه بالاتفاق، ولقائل أن يقول: في عبارة الكتاب تكرار، لأنه قال: وإن كان في غير الصلاة ضمن، وغير الصلاة يشمل هذا المذكور كله. والجواب: أن قوله: وإن كان في غير الصلاة ضمن لفظ " الجامع الصغير ". وقوله: ولو كان حال قراءة القرآن من لفظ المصنف رحمه الله بيان كذلك، لكن قوله:" فهو على هذا الاختلاف " يفيد اتفاق المشايخ على ذلك وليس كذلك، بل هو على الاختلاف، كما رأيت وكان من حق الكلام أن يقول: فقد قيد على هذا الاختلاف، وقيل: لا يضمن بلا خلاف كما قال في الاعتكاف.
م: (وأما المعتكف فقد قيل على هذا الاختلاف، وقيل: لا يضمن بالاتفاق) .
ش: وقال فخر الإسلام البزدوي في شرح " الجامع الصغير ": وإن قعد معتكفا قال مشايخنا: اختلفوا فيه، فقال بعضهم عند أبي حنيفة رحمه الله يضمن لأنه جلس لغير الصلاة، وقال بعضهم: لا يضمن لأنه متقرب به، وم:(لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد رحمهما الله -: م: (أن المسجد إنما بني للصلاة والذكر) .
قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 36]{رِجَالٌ} [النور: 37] . وقال {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114] م: (ولا يمكنه أداء الصلاة بالجماعة إلا بانتظارها، فكان الجلوس فيه مباحا لأنه من ضرورات الصلاة، أو لأن المنتظر للصلاة في الصلاة حكما بالحديث) ش: وقد مر الحديث عن قريب م: (فلا يضمن كما إذا كان في الصلاة. وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن المسجد إنما بني للصلاة وهذه الأشياء) ش: أشار به إلى ما ذكره من
ملحقة بها فلا بد من إظهار التفاوت فجعلنا الجلوس للأصل مباحا مطلقا، والجلوس لما يلحق به مباحا مقيدا بشرط السلامة، ولا غرو أن يكون الفعل مباحا أو مندوبا إليه، وهو مقيد بشرط السلامة كالرمي إلى الكافر أو إلى الصيد، والمشي في الطريق والمشي في المسجد إذا وطئ غيره، والنوم فيه إذا انقلب على غيره، وإن جلس رجل من غير العشيرة فيه للصلاة فتعقل به إنسان ينبغي ألا يضمن لأن المسجد بني للصلاة، وأمر الصلاة بالجماعة إن كان مفوضا إلى أهل المسجد فلكل واحد من المسلمين أن يصلي فيه وحده، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ــ
[البناية]
قوله كقراءة القرآن إلى آخره م: (ملحقة بها) ش: أي بالصلاة، يعني يؤتى بها في المسجد بطريق التبعية للصلاة هي المقصودة في بناء المسجد.
م: (فلا بد من إظهار التفاوت) ش: بين الملحق والملحق به م: (فجعلنا الجلوس للأصل) ش: الذي هو الصلاة م: (مباحا مطلقا) ش: يعني من غير قيد بشرط السلامة، ألا ترى أن المسجد إذا ضاق على المصلي كان له إزعاج القاعد فيه المشتغل بالذكر والقراءة والتدريس، لأنه يطلب موضعه الأصلي.
وقال التمرتاشي: لو ضاق المسجد بأهله (فلهم) أن يمنعوا من ليس بأهله عن الصلاة فيه م: (والجلوس لما يلحق به) ش: أي جعلنا الجلوس لما يلحق به م: (مباحا، مقيدا بشرط السلامة، ولا غرو) ش: أي ولا عجب، قال القائل:
ولا غرو إن حرق نار الهوى كبدي
…
فالنار حق على من يعبد الوثنا
م: (أن يكون الفعل مباحا أو مندوبا إليه، وهو مقيد بشرط السلامة) ش: أي والحال أنه مقيد بشرط السلامة ونظر لذلك بقوله: م: (كالرمي إلى الكافر أو إلى الصيد؛ والمشي في الطريق والمشي في المسجد إذا وطئ غيره والنوم فيه إذا انقلب على غيره) ش: فكل ذلك يقيد بشرط السلامة.
وقال تاج الشريعة رحمه الله قوله: " كالرمي إلى الكافر "، نظير المندوب، وإلى الصيد نظير المباح، ومع ذلك، إذا أصاب مسلما يضمن م:(وإن جلس رجل من غير العشيرة فيه للصلاة فتعقل به إنسان) ش: أي فنشب به وتعلق م: (ينبغي أن لا يضمن؛ لأن المسجد بني للصلاة وأمر الصلاة بالجماعة إن كان مفوضا إلى أهل المسجد، فلكل واحد من المسلمين أنه يصلي فيه وحده، والله سبحانه وتعالى أعلم) .
ش: وقال فخر الإسلام: وإن كان الرجل الجالس رجلا من غير العشيرة فقوله " لهما فيه " لا يشكل، لأنه بمنزلة الرجل من العشيرة، قالا: فيه بسط البواري والحصا، فأما في قول أبي حنيفة فيحتمل أن يضمن بكل حال وقال بعضهم: بل هو عنده في الصلاة بمنزلة العشيرة، لأن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
المساجد أعدت للصلاة العامة من غير خصوص، وإنما الخصوص فيما يرجع إلى الرأي والتدبير، ولذلك لم يكن لغيرهم حق إقامة الجماعة لأنه مما يفتقر إلى الرأي والتدبير، وأما نفس الصلاة فيستغنى عن ذلك، بخلاف تعليق القناديل وبسط البواري والبساط والحصا. قال فخر الإسلام رحمه الله: وهذا القول أشبه.