الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالأول لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8][الممتحنة: الآية 8] . والثاني: لأنهم بعقد الذمة ساووا المسلمين في المعاملات، ولهذا جاز التبرع من الجانبين في حالة الحياة، فكذا بعد الممات. وفي" الجامع الصغير ": الوصية لأهل الحرب باطلة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 9][الممتحنة: الآية 9] .
قال: وقبول
الوصية بعد الموت
فإن قبلها الموصى له حال الحياة أو
ــ
[البناية]
م: (فالأول:) ش: هو وصية المسلم للكافر م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8] م: [الممتحنة: الآية 8] ) ش: لأنهم إذا لم يخرجوكم من دياركم ولم يؤذوكم فهذا بر منهم، فالعدل معهم أن تبروهم أنتم أيضًا بحسن المعاشرة والصلة بالمال، كذا في التفسير، والوصية لهم بالمال من العين، فكانت جائزة.
وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله في كتاب " نكت الوصايا ": وروي عن صفية بنت حيي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصت بثلث مالها لأخيها وهو يهودي، وكان ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكروا عليها.
م: (والثاني:) ش: وهو وصية الكافر للمسلم م: (لأنهم) ش: أي أن أهل الذمة م: (بعقد الذمة ساووا المسلمين في المعاملات، ولهذا جاز التبرع من الجانبين في حالة الحياة، فكذا بعد الممات) ش: وهذا لا خلاف فيه لأهل العلم. وأما وصية المسلم لأهل الحرب فقد أشار إليه بقوله: م: (وفي" الجامع الصغير ": الوصية لأهل الحرب باطلة) ش: وبه قال بعض أصحاب الشافعي رحمهم الله.
وقال مالك وأحمد وأكثر أصحاب الشافعي: يجوز م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 9] [الممتحنة: الآية 9] ) ش: {وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 9] قالوا في " شرح الجامع الصغير ": ما يدل على الجواز. وذكر محمد في " السير الكبير " ما يدل على جواز الوصية لهم.
ووجه التوفيق بين الروايتين: أنه لا ينبغي أن يفعل، وإن فعل ثبت الملك لهم لأنهم من أهل الملك، وأما وصية الحربي بعدما دخل دارنا بأمان فإنها جائزة؛ لأن له ولاية تمليك ماله في حياته، فكذا بعد وفاته على أنه لا فرق بين وصيته بالثلث وبجميع ماله؛ لأن منع المسلم في ذلك منهي عما زاد على الثلث لحق ورثة المسلمين؛ لأنه معصوم عن الإبطال، وورثة الحربي ليس كذلك.
[الوصية بعد الموت]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وقبول الوصية بعد الموت، فإن قبلها الموصى له حال الحياة أو
ردها فذلك باطل؛ لأن أوان ثبوت حكمه بعد الموت لتعلقه به، فلا يعتبر قبله كما لا يعتبر قبل العقد. قال: ويستحب أن يوصي الإنسان دون الثلث، سواء كانت الورثة أغنياء أو فقراء؛ لأن في التنقيص صلة القريب بترك ماله عليهم، بخلاف استكمال الثلث؛ لأنه استيفاء تمام حقه، فلا صلة ولا منة. ثم الوصية بأقل من الثلث أولى أم تركها؟ قالوا: إن كانت الورثة فقراء ولا يستغنون بما يرثون فالترك أولى، لما فيه من الصدقة على القريب، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» .
ــ
[البناية]
ردها فذلك باطل؛ لأن أوان ثبوت حكمه بعد الموت لتعلقه به، فلا يعتبر قبله كما لا يعتبر قبل العقد) ش: ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق غدا على ألف فالقول والرد منها يعتبر بعد مجيء الغد.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ويستحب أن يوصي الإنسان بدون الثلث -، سواء كانت الورثة أغنياء أو فقراء) ش: ولا يعلم فيه خلاف لقوله صلى الله عليه وسلم: «لأن تدع ورثتك أغنياء»
…
) الحديث.
وعن أبي بكر وعن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أنهما قالا: لأن يوصى بالخمس أحب إلي من أن يوصى بالربع، ولأن يوصى بالربع أحب إلي من أن يوصى بالثلث م:(لأن في التنقيص) ش: أي من الثلث م: (صلة القريب بترك ماله عليهم، بخلاف استكمال الثلث؛ لأنه استيفاء تمام حقه، فلا صلة ولا منة) ش: لأن الموصي إذا استوفى تمام حقه الذي هو الثلث لا يبقى له منة على ورثته، ولا إيثار بالصلة.
م: (ثم الوصية بأقل من الثلث أولى أم تركها؟ قالوا:) ش: أي المشايخ م: (إن كانت الورثة فقراء ولا يستغنون بما يرثون فالترك أولى، لما فيه من الصدقة على القريب، وقد قال عليه الصلاة والسلام) ش: أي قال النبي صلى الله عليه وسلم: م: «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» ش: هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه: - «إن أفضل الصدقة» .... ".
ولأن فيه رعاية حق الفقراء والقرابة جميعا، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم، فالوصية أولى: لأنه يكون صدقة على الأجنبي، والترك هبة من القريب، والأولى أولى لأنه يبتغى بها وجه الله تعالى. وقيل في هذا الوجه: يخير الموصي لاشتمال كل منهما على فضيلة، وهو الصدقة والصلة فيخير بين الخيرين.
ــ
[البناية]
ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " الأموال " عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم «سئل أي الصدقة أفضل؟ فقال: "الصدقة على ذي الرحم الكاشح» ، انتهى.
والكاشح الذي يخفي عدوانه في كشحه، والكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع، وإنما الصدقة عليه أفضل لما فيه من مخالفة النفس وقهرها. وكذلك في ذي الرحم الصديق. ثم اعلم أن الأفضل أن يجعل وصية لأقاربه الذين لا يرثون إذا كانوا فقراء، وعليه أهل العلم.
وقال ابن عبد البر: لا خلاف فيه بين العلماء. وعن طاوس والضحاك: تنتزع من الغير وترد إلى قرابته. وعن الحسن وجابر بن زيد: يعطى الثلث للغير ويرد الباقي إلى قرابته.
م: (ولأن فيه) ش: أي في ترك الوصية إذا كانت الورثة فقراء م: (رعاية حق) ش: النفس م: (الفقراء والقرابة جميعا، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم) ش: من الإرث م: (فالوصية أولى؛ لأنه يكون صدقة) ش: أي لأن الإيصاء بالثلث حينئذ بمنزلة الصدقة م: (على الأجنبي، والترك) ش: أي ترك الوصية بالثلث يكون م: (هبة من القريب، والأولى أولى) ش: أي الصدقة على الأجنبي أفضل م: (لأنه يبتغى بها وجه الله تعالى) ش: لأنها صدقة في حياته.
م: (وقيل في هذا الوجه:) ش: وهو ما إذا كانت الورثة أغنياء يستغنون بنصيبهم م: (يخير الموصي لاشتمال كل منهما) ش: أي من الوصية والترك م: (على فضيلة وهو) ش: أي اشتمال الفضيلة م: (الصدقة) ش: في حق الأجنبي م: (والصلة) ش: في حق الورثة، فإذا كان كذلك م:(فيخير بين الخيرين) ش: بكسر الخاء، يعني بين الخيارين. وفي " شرح الطحاوي " الأفضل لمن كان له مال قليل أن لا يوصي بشيء إذا كانت له ورثة، والأفضل لمن كان له مال كثير أن لا يجاوز الثلث فيما لا معصية فيه.
وفي " خلاصة الفتاوى " عن الإمام الفضلي: إذا كانت الورثة صغارا فترك الوصية أفضل، قال: هكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله. وإن كانوا بالغين إن كانوا فقراء ويستغنون بثلثي التركة فالوصية أفضل.
وقدر الاستغناء عن أبي حنيفة رحمه الله: إذا ترك لكل واحد من الورثة أربعة