الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يتعلق بأحكام الموصي وما يملكه
قال: ومن
أوصى إلى رجل فقبل الوصي في وجه الموصي وردها في غير وجهه
فليس برد؛ لأن الميت مضى لسبيله معتمدا عليه، فلو صح رده، في غير وجهه في حياته أو بعد مماته صار مغرورا من جهته فرد رده، بخلاف الوكيل بشراء عبد بغير عينه أو ببيع ماله، حيث يصح رده في غير وجهه؛ لأنه لا ضرر هناك؛ لأنه حي قادر على التصرف بنفسه.
ــ
[البناية]
[باب ما يتعلق بأحكام الموصي وما يملكه]
[أوصى إلى رجل فقبل الوصي في وجه الموصي وردها في غير وجهه]
م: (باب ما يتعلق بأحكام الموصي، وما يملكه) ش: أي هذا باب في بيان ما يتعلق بأحكام الوصي، وهو الذي يوصى إليه، وفي بيان حكم ما يملك الوصي. ولما فرغ من أحكام الموصى له شرع في بيان الموصى إليه، وقدم الموصى له لكثرة وقوعه.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى رجل فقبل الوصي في وجه الموصي وردها) ش: أي الوصية م: (في غير وجهه) ش: أي بغير علم الموصي م: (فليس برد) ش: يعني لا يعتبر برده م: (لأن الميت مضى لسبيله) ش: أي مات حال كونه م: (معتمدا عليه) ش: أي على الوصي الذي قبل في وجه الميت م: (فلو صح رده في غير وجهه في حياته أو بعد مماته صار مغرورا من جهته فرد رده) ش: أي رد الوصي بغير علم الموصي وبعد مماته.
وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - له رده بغير علمه وبعد موته. وعن أحمد رحمه الله: رواية في الرد وبعد موته مثل قولنا.
م: (بخلاف الوكيل بشراء عبد بغير عينه، أو ببيع ماله حيث يصح رده في غير وجهه؛ لأنه لا ضرر هناك؛ لأنه حي قادر على التصرف بنفسه) ش: قوله: " بغير عينه " احترازا عن الوكيل بشراء عبد بعينه؛ لأنه لا يملك عزل نفسه ثمة أيضا بغير علم الموكل، كما في الوصي؛ لأنه يؤدي إلى تقرير الموكل.
وفي " النهاية ": هذا الذي ذكره معنى صاحب " الهداية " مخالف لعامة روايات الكتب من " الذخيرة " وأدب القاضي " للصدر الشهيد و " جامع المحبوبي " و " فتاوى قاضي خان " رحمهم الله حيث ذكر فيها: أن الوكيل لو عزل نفسه حال غيبة الموكل وكذا من غير علمه لا ينعزل، حتى لو عزل نفسه لا يخرج عن الوكالة.
وقال الأترازي: أداه كله بشراء شيء بعينه له أن يعزل نفسه بمحضر من موكله على قول بعض المشايخ، وإليه أشار صاحب " الهداية " في كتاب الوكالة في فصل الشراء بقوله ولا يملك على ما قيل إلا بمحضر من الموكل، إذ لا يملك الوكيل عزل نفسه بغير علم الموكل على قول
فإن ردها في وجهه فهو رد؛ لأنه ليس للموصي ولاية إلزامه التصرف ولا غرور فيه؛ لأنه يمكنه أن ينيب غيره. وإن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فهو بالخيار إن شاء قبل، وإن شاء لم يقبل؛ لأن الموصي ليس له ولاية الإلزام، فبقي مخيرا، فلو أنه باع شيئا من تركته فقد لزمته؛ لأن ذلك دلالة الالتزام والقبول، وهو معتبر بعد الموت وينفذ البيع لصدوره من الموصي، وسواء علم بالوصاية أو لم يعلم، بخلاف الوكيل إذا لم يعلم بالتوكيل فباع حيث لا ينفذ؛ لأن الوصاية خلافة؛ لأنه يختص بحال انقطاع ولاية الميت، فتنتقل الولاية إليه،
ــ
[البناية]
بعض المشايخ، فعن هذا عرفت أن ما قال بعضهم في " شرحه " هذا الذي قاله صاحب " الهداية " مخالف لعامة رواية الكتب ك " التتمة " و " الذخيرة "، وغيرهما ليس بشيء؛ لأن مراد ما ذكر في " التتمة " وغيرها من قوله الوكيل لا يملك إخراج نفسه عن الوكالة بغير علم الموكل، فإذا كان وكيلا بشراء شيء، بعينه متوافقة الروايات جميعها، ولم يختلف.
ونقل الأكمل ما قال صاحب " النهاية "، ثم نقل كلام الأترازي بقوله: قال بعض الشارحين، وسكت عليه لوصايته.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإن ردها في وجهه فهو رد؛ لأنه ليس للموصي ولاية إلزامه التصرف ولا غرور فيه؛ لأنه يمكنه أن ينيب غيره، فإن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فهو بالخيار إن شاء قبله وإن شاء لم يقبل؛ لأن الموصي ليس له ولاية الإلزام فبقي مخيرا) ش: بين القبول والرد.
م: (فلو أنه) ش: أي الذي أوصى إليه م: (باع شيئا من تركته) ش: أي من تركة الميت الذي أوصى إليه وهو لم يقبل ولم يرد م: (فقد لزمته) ش: أي حكم الإيصاء إليه م: (لأن ذلك) ش: أي فعل من المبيع م: (دلالة الالتزام) ش: أي التزام الوصاية م: (والقبول) ش: لأن القبول تارة يكون بالدلالة، وتارة يكون بالإيضاح فهو باع شيئا من تركته كان ذلك قبولا منه بطريق الدلالة، وكذا لو اشترى شيئا للميت من بعض ما يحتاج إليه إذا قبض مالا أو قضاه.
م: (وهو معتبر بعد الموت) ش: يعني القبول يجوز أن يكون دلالة، فإنها تعمل عمل الصريح إذا لم يوجد صريح يخالفه، لكنه يتغير ذلك بعد الموت، أي بعد موت الموصي م:(وينفذ البيع) ش: أي البيع الذي باعه م: (لصدروه من الموصي، وسواء علم بالوصاية أو لم يعلم) ش: وهذه رواية " الزيادات " وبعض روايات " المأذون " فعلى هذه الرواية يحتاج إلى الفرق بين الوصاية والوكالة.
أشار إلى الفرق بقوله: م: (بخلاف الوكيل إذا لم يعلم بالتوكيل فباع حيث لا ينفذ؛ لأن الوصاية خلافة؛ لأنه يختص بحال انقطاع ولاية الميت، فتنتقل الولاية إليه) ش: يعني أن الموصى له
وإذا كانت خلافة لا تتوقف على العلم كالوراثة، أما التوكيل فهو إنابة لثبوته في حال قيام ولاية المنيب، فلا يصح من غير علمه كإثبات الملك بالبيع والشراء وقد بينا طريق العلم وشرط الإخبار فيما تقدم من الكتب. وإن لم يقبل حتى مات الموصي فقال: لا أقبل ثم قال: أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال: لا أقبل؛ لأن بمجرد قوله لا أقبل لا يبطل الإيصاء؛ لأن في إبطاله ضررا بالميت، وضرر الوصي في الإبقاء مجبور بالثواب
ــ
[البناية]
خليفة للموصي والخلافة كالإرث فلا يتوقف على العلم كالإرث فتثبت بلا علم وهو معنى قوله م: (وإذا كانت خلافة لا تتوقف على العلم كالوراثة) ش: أي لا يتوقف استحقاق الوارث الإرث على علمه فيثبت بلا علمه.
م: (أما التوكيل فهو إبانة لثبوته في حال قيام ولاية المنيب فلا يصح من غير علمه) ش: بأنه وكيل م: (كإثبات الملك بالبيع والشراء) ش: قبل القبول، فإن باع شيئا وقال بعت هذا من فلان ولم يعلم، وكذا لو وهب من فلان ولم يعلم فلان يتوقف نفاذ العقود على القبول، كذا هذا.
وعلى رواية كتاب الوكالة: لا يشترط العلم للوكالة أيضا اعتبار الوصاية؛ لأن كلا منهما إثباته الولاية. وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه لا يجوز بيع الوصي أيضا قبل العلم بالوصاية اعتبارا بالوكالة؛ لأن كلا منهما نيابة، لكن الوكالة قبل الموت وتلك بعد الموت.
م: (وقد بينا طريق العلم) ش: يعني في فصل: " القضاء بالمواريث "، يعني أن العلم بالوكالة تثبت بخبر الواحد رجلا كان أو امرأة صبيا كان أو بالغا. وكذلك العزل عندهما بخبر الواحد مطلقا. وعند أبي حنيفة رحمه الله: يشترط العدد والعدالة، حتى لا يثبت العزل عنده إلا بخبر اثنين أو بخبر الواحد العدل م:(وشرط الإخبار فيما تقدم من الكتب) ش: ومن تلك الكتب ما ذكره المصنف في كتاب " أدب القاضي " في فصل " القضاء بالمواريث " بقوله: وهذا علم من الناس بالوكالة إلى آخره.
م: (وإن لم يقبل) ش: أي الرجل الوصية م: (حتى مات الموصي فقال لا أقبل ثم قال: أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال: لا أقبل؛ لأن بمجرد قوله لا أقبل لا يبطل الإيصاء؛ لأن في إبطاله ضررا بالميت، وضرر الوصي في الإبقاء مجبور بالثواب) ش: هذا جواب عما يقال: كما يلزم الضرر بالميت في بطلان الإيصاء بقوله: " لا أقبل " يلزم الضرر أيضا بالوصي في بقاء الإيصاء ولزومه؛ لأنه يعجز عن القيام بذلك علم تحكيم ضرر الوصي دون ضرر الميت.
حيث قلتم لا يبطل الإيصاء بقوله: " لا أقبل " فأجاب بقوله: وضرر الوصي مجبور