الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو أوصى إلى كل واحد على الانفراد قيل: ينفرد كل واحد منهما بالتصرف بمنزلة الوكيلين إذا وكل كل واحد على الانفراد، وهذا لأنه لما أفرد فقد رضي برأي الواحد. وقيل: الخلاف في الفصلين واحد وهو الأصح؛ لأن وجوب الوصية عند الموت، بخلاف الوكيلين؛ لأن الوكالة تتعاقب، فإن مات أحدهما جعل القاضي مكانه وصيا آخر. أما عندهما: فلأن الباقي عاجز عن التفرد بالتصرف، فيضم القاضي إليه وصيا آخر نظرا للميت عند عجزه، وعند أبي يوسف رحمه الله الحي منهما وإن كان يقدر على التصرف فالموصي قصد أن يخلفه متصرفان في حقوقه، وذلك ممكن التحقق. بنصب وصي آخر مكان الميت، ولو أن الميت منهما أوصى إلى الحي فللحي أن يتصرف وحده في ظاهر الرواية، بمنزلة ما إذا أوصى إلى شخص آخر ولا يحتاج القاضي إلى نصب وصي آخر؛ لأن رأي الميت باق حكما برأي من يخلفه.
ــ
[البناية]
[مات الوصي وأوصى إلى آخر]
م: (ولو أوصى لكل واحد على الانفراد قيل: ينفرد كل واحد منهما بالتصرف) ش: وهو قول أبي القاسم الصفار م: (بمنزلة الوكيلين إذا وكل واحد على الانفراد، وهذا لأنه لما أفرد قد رضي برأي الواحد. وقيل: الخلاف في الفصلين) ش: أي فصل الانفراد وفصل الاجتماع.
م: (واحد وهو الأصح) ش: وهو قول أبي بكر الإسكاف م: (لأن وجوب الوصية عند الموت بخلاف الوكيلين؛ لأن الوكالة تتعاقب، فإن مات أحدهما) ش: أي أحد الوصيين م: (جعل القاضي مكانه وصيا آخر) .
م: (أما عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: م: (فلأن الباقي عاجز عن التفرد بالتصرف) ش: لأن عندهما ليس لأحد الوصيين أن يتصرف دون صاحبه، فإن كان كذلك م:(فيضم القاضي إليه وصيا آخر نظرا للميت عند عجزه) ش: أي عند عجز الوصي الباقي وبه قالت الأئمة الثلاثة.
م: (وعند أبي يوسف رحمه الله: الحي منهما) ش: أي من الوصيين م: (وإن كان يقدر على التصرف) ش: وكلمة: " إن " واصلة بما قبلها م: (فالموصى) ش: الواو فيه للحال م: (قصد أن يخلفه متصرفان) ش: وفي بعض النسخ: وصيان م: (في حقوقه، وذلك ممكن التحقق بنصب وصي آخر مكان الميت) ش: أي الوصي الميت.
م: (ولو أن الميت منهما) ش: أي من الوصيين م: (أوصى إلى الحي فللحي أن يتصرف وحده في ظاهر الرواية، بمنزلة ما إذا أوصى إلى شخص آخر ولا يحتاج القاضي إلى نصب وصي آخر؛ لأن رأي الميت باق حكما برأي من يخلفه) .
وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا ينفرد بالتصرف؛ لأن الموصي ما رضي بتصرفه وحده، بخلاف ما إذا أوصى إلى غيره؛ لأنه ينفذ تصرفه برأي المثنى كما رضيه المتوفى. وإذا مات الوصي وأوصى إلى آخر فهو وصية في تركته وتركة الميت الأول عندنا. وقال الشافعي رحمه الله: لا يكون وصيا في تركة الميت الأول اعتبارا بالتوكيل في حالة الحياة. والجامع بينهما: أنه رضي برأيه لا برأي غيره. ولنا: أن الوصي يتصرف بولاية منتقلة إليه فيملك الإيصاء إلى غيره كالجد، ألا يرى أن الولاية التي كانت ثابتة للموصي تنتقل إلى الوصي في المال وإلى الجد في النفس، ثم الجد قائم مقام الأب فيما انتقل إليه، فكذا الوصي. وهذا لأن الإيصاء إقامة غيره مقامه فيما له ولايته، وعند الموت كانت له ولاية في التركتين، فينزل الثاني منزلته فيهما. ولأنه لما استعان به في ذلك مع علمه أنه قد تعتريه المنية قبل تتميم مقصوده بنفسه، وهو تلافي ما فرط منه
ــ
[البناية]
م: (وعن أبي حنيفة رحمه الله) ش: رواه الحسن عنه م: (أنه) ش: أي أن الحي الباقي م: (لا ينفرد بالتصرف؛ لأن الموصي ما رضي بتصرفه وحده، بخلاف ما إذا أوصى إلى غيره؛ لأنه ينفذ تصرفه برأي المثنى كما رضيه المتوفى) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة.
م: (وإذا مات الوصي وأوصى إلى آخر فهو وصية في تركته وتركة الميت الأول عندنا وقال الشافعي رحمه الله: لا يكون وصيا في تركة الميت الأول) ش: في أحد الوجهين: لا يجوز أن يوصي لغيره م: (اعتبارا بالتوكيل في حالة الحياة، والجامع بينهما: أنه رضي برأيه لا برأي غيره) .
م: (ولنا: أن الوصي يتصرف بولاية منتقلة إليه) ش: من الميت بطريق الخلافة عنه م: (فيملك الإيصاء إلى غيره كالجد) ش: فإن وصي الجد عند عدم الأب كوصي الأب م: (ألا يرى أن الولاية التي كانت ثابتة للموصى تنتقل إلى الوصي في المال وإلى الجد في النفس) ش: حتى كان يملك تزويج الصغار والصغيرات واستيفاء القصاص م: (ثم الجد قائم مقام الأب فيما انتقل إليه) ش: لأنه خلف عنه فيوصي إلى غيره م: (فكذا الوصي) ش: لأنه خلف عن الميت أيضا م: (وهذا لأن الإيصاء إقامة غيره مقامه فيما له ولايته، وعند الموت) ش: أي موت الموصي م: (كانت له) ش: أي للوصي م: (ولاية في التركتين) ش: أي في مال نفسه الذي يتركه لوصية، وسمى للوصي تركة باعتبار ما يؤول إليه م:(فينزل الثاني) ش: أي في الإيصاء م: (منزلته) ش: أي منزلة الأول م: (فيهما) ش: أي في التركتين.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الوصي م: (لما استعان به) ش: أي بالوصي م: (في ذلك) ش: أي فيما أوصى م: (مع علمه أنه قد تعتريه المنية قبل تتميم مقصوده بنفسه) ش: أي قبل حصول مقصود الموصى منه م: (وهو) ش: أي مقصوده م: (تلافي ما فرط منه) ش: أي تدارك ما سبق
صار راضيا بإيصائه إلى غيره، بخلاف الوكيل؛ لأن الموكل حي يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه فلا يرضى بتوكيل غيره والإيصاء إليه. قال: ومقاسمة الوصي الموصى له عن الورثة جائزة، ومقاسمته الورثة عن الموصى له باطلة؛ لأن الوارث خليفة الميت حتى يرد بالعيب ويرد عليه به، ويصير مغرورا بشراء المورث والوصي خليفة الميت أيضا، فيكون خصما عن الوارث إذا كان غائبا، فصحت قسمته عليه حتى لو حضر وقد هلك ما في يد الوصي ليس له أن يشارك الموصى له.
ــ
[البناية]
منه من التفريط في الأمور م: (صار راضيا) ش: أي الموصي وهو جواب: لما م: (بإيصائه) ش: أي بإيصاء الوصي م: (إلى غيره) ش: دلالة إلى تتميم مقصوده.
م: (بخلاف الوكيل) ش: فإنه ليس كذلك م: (لأنه الموكل حي يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه، فلا يرضى بتوكيل غيره، والإيصاء إليه) ش: وهذا ظاهر.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومقاسمة الوصي الموصى له عن الورثة جائزة، ومقاسمة الورثة عن الموصى له باطلة) ش: المقاسمة فعل القسمة بين اثنين، وهو أن يقتسم كل واحد منهما مع الآخر شيئا، وصورة المسألة: رجل أوصى إلى رجل وأوصى لرجل آخر بثلث ماله وله ورثة صغار أو كبار غيب فأراد الوصي المقاسمة وهي على وجهين.
الأول: هو أن يقاسم الموصى له نائبا عن الورثة وأعطاه الثلث وأمسك الثلثين للورثة فهذه جائزة.
الوجه الثاني: أن يقاسم الورثة عن الموصى له وهي باطلة. وبيان الفرق بينهما ما ذكره المصنف بقوله: م: (لأن الوارث خليفة الميت) ش: يعني من يخلفه بعده م: (حتى يرد بالعيب) ش: يعني فيما اشتراه المورث م: (ويرد عليه به) ش: أي فيما باعه الوارث م: (ويصير مغرورا بشراء المورث) ش: كمن اشترى جارية ثم مات فاستولدها الوارث ثم استحقت الجارية فإنه يرجع على البائع الميت، ولو لم يكن الخليفة كما لو باعها المورث والمسألة بحالها لا يرجع على بائع بائعه؛ لأنه ليس بخليفة عن بائعه حتى كان غروره كغروره. م:(والوصي خليفة الميت أيضا، فيكون خصما عن الوارث إذا كان غائبا) ش: وإذا كان كبيرا؛ لأنه إذا كان صغيرا لا حاجة إلى فعله، فإذا كان كذلك م:(فصحت قسمته عليه) ش: أي على الوارث الغائب.
م: (حتى لو حضر) ش: أي الغائب م: (وقد هلك ما في يد الوصي ليس له أن يشارك الموصى له) ش: لأن ولايته قاصرة على الصغار وعلى حفظ مال الكبار، والموصى له خصم، والقسمة
أما الموصى له فليس بخليفة عن الميت من كل وجه؛ لأنه ملكه بسبب جديد، ولهذا لا يرد بالعيب، ولا يرد عليه ولا يصير مغرورا بشراء الموصي فلا يكون الوصي خليفة عنه عند غيبته، حتى لو هلك ما أفرز له عند الوصي كان له ثلث ما بقي؛ لأن القسمة لم تنفذ عليه، غير أن الوصي لا يضمن؛ لأنه أمين فيه وله ولاية الحفظ في التركة، فصار كما إذا هلك بعض التركة قبل القسمة فيكون له ثلث الباقي؛ لأن الموصى له شريك الوارث فيتوي ما توى من المال المشترك على الشركة، ويبقى ما بقي على الشركة. قال: فإن قاسم الورثة وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى له بثلث ما بقي لما بينا.
ــ
[البناية]
تصح بين الخصمين فنفذت القسمة.
وأشار إلى بيان الوجه الثاني بقوله: م: (أما الموصى له فليس بخليفة عن الميت من كل وجه) ش: لأن الوصية تمليك، بسبب وهو معنى قوله م:(لأنه ملكه بسبب جديد) ش: أي لأن الموصى له ملك ما أوصى له بسبب وهو ما بقي له من ثلث مال الميت.
م: (ولهذا) ش: أي ولكونه غير خليفة عن الميت م: (لا يرد بالعيب) ش: فيما اشتراه المورث م: (ولا يرد عليه) ش: فيما باعه الميت م: (ولا يصير مغرورا) ش: يعني يكون الولد رقيقا م: (بشراء الموصي) ش: فيما إذا اشترى جارية إلى آخر ما ذكرناه، فإذا كان الأمر كذلك م:(فلا يكون الوصي خليفة عنه) ش: أي عن الغائب م: (عند غيبته، حتى لو هلك ما أفرز له عند الوصي كان له ثلث ما بقي؛ لأن القسمة لم تنفذ عليه) ش: أي لم يصح م: (غير أن الوصي لا يضمن) ش: هذا جواب عما يقال إذا كانت القسمة غير صحيحة كأن صرفه غير مشروع وهلك المال بعد ذلك العقد الذي هو غير مشروع فيجب الضمان كما بعد على المال واستهلكه.
وتقرير الجواب هو أن الوصي لا يضمن م: م: (لأنه أمين فيه وله ولاية الحفظ في التركة فصار كما إذا هلك بعض التركة قبل القسمة، فيكون له ثلث الباقي؛ لأن الموصي له شريك الوارث فيتوي) ش: أي يهلك م: (ما توى) ش: أي ما هلك م: (من المال المشترك على الشركة ويبقى ما بقي على الشركة) ش: وقال السغناقي في قوله فصار كما إذا هلك بعض التركة إلى آخره إشارة إلى أنه لا ضمان عليه إذا كان ما أحرزه للورثة في يده؛ لأن الحفظ إنما يتصور في ذلك، أما لو سلمه إليهم فالموصى له بالخيار إن شاء ضمن القابض بالقبض، وإن شاء ضمن الدافع بالدفع.
م: (قال: فإن قاسم الورثة) ش: أي فإن قاسم الوصي الورثة م: (وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى له) ش: أي على الورثة م: (بثلث ما بقي) ش: وقال الأكمل: هذا كان معلوما من سياق كلامه، ولكنه ذكره لكونه لفظ " الجامع الصغير " م:(لما بينا) ش: إشارة إلى قوله لأن القسمة لم تنفذ عليه.