الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا امتنع القصاص وجبت الدية، وهي على العاقلة، وقد ذكرناه واختلاف الروايتين في الكفارة.
قال: ومن
جرح رجلا عمدا فلم يزل صاحب فراش حتى مات
فعليه القصاص لوجود السبب وعدم ما يبطل حكمه في الظاهر، فأضيف إليه. قال: وإذا التقى الصفان من المسلمين والمشركين فقتل مسلم مسلما ظن أنه مشرك، فلا قود عليه، وعليه الكفارة لأن هذا أحد نوعي الخطأ على ما بيناه، والخطأ بنوعيه لا يوجب القود، ويوجب الكفارة،
ــ
[البناية]
النبي صلى الله عليه وسلم فعل التغريق إلى نفسه بإسناد الفعل حيث قال: " غرقناه " وقد مر الكلام فيه، وقيل: هو منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يعذب بالنار إلا رب النار» وقد ذكرنا أن تمام الحديث: «من حرق حرقناه» . ولا يقال إن بعض حديث واحد منسوخ دون البعض.
م: (وإذا امتنع القصاص) ش: أي في التغريق (وجبت الدية، وهي على العاقلة) ش: أي: عاقلة الذي غرق في ثلاث سنين؛ لأنه شبه العمد، وقد مر حكم شبه العمد أشار إليه بقوله: م: (وقد ذكرناه) ش: أي فيما مضى عند ذكر شبه العمد.
م: (واختلاف الروايتين في الكفارة) ش: " اختلاف الروايتين " بالرفع لأنه مبتدأ، وقوله في الكفارة خبره يعني اختلاف الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله لا في شبه العمد في الكفارة في القتل في المثقل. في رواية: تجب، وفي رواية: لا تجب، لا في الدية فإن الدية تجب بلا تردد، ورواية وجوب الكفارة هي الصحيحة.
[جرح رجلا عمدا فلم يزل صاحب فراش حتى مات]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ومن جرح رجلا عمدا فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القصاص) ش: إلى هذا كلام القدوري رحمه الله. وقال المصنف رحمه الله: م: (لوجود السبب) ش: وهو سفك دم محقون على التأبيد عمدا م: (وعدم ما يبطل حكمه) ش: أي: ولعدم ما يبطل حكمه، أي: حكم الدم المحقون على التأبيد من العفو أو الشبهة م: (في الظاهر، فأضيف إليه) ش: أي إلى الظاهر؛ لأن الظاهر أنه مات بذلك الكسب لعدم تحلل البرء، فأضيف إليه، فوجب القصاص.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وإذا التقى الصفان من المسلمين والمشركين فقتل مسلم مسلما ظن أنه مشرك، فلا قود عليه) ش: أي فلا قصاص عليه م: (وعليه الكفارة لأن هذا أحد نوعي الخطأ) ش: وهو الخطأ في القصد، م:(على ما بيناه) ش: فيما مضى في بيان تقسيم القتل في أول كتاب الجنايات.
م: (والخطأ بنوعيه) ش: أي: الخطأ في القصد والخطأ في الفعل، وقد مر فيما مضى. وقوله:" والخطأ " مبتدأ. وقوله م: (لا يوجب القود) ش: خبره: أي القصاص م: (ويوجب الكفارة،
وكذا الدية على ما نطق به نص الكتاب، ولما اختلفت سيوف المسلمين على اليمان أبي حذيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قضى رسول الله عليه الصلاة والسلام بالدية، قالوا: إنما تجب الدية إذا كانوا مختلطين، فإن كان في صف المشركين لا تجب لسقوط عصمته بتكثير سوادهم قال عليه الصلاة والسلام:«من كثر سواد قوم فهو منهم» .
ــ
[البناية]
وكذا الدية) ش: بالنصب عطفا على قوله الكفارة، وكذا يوجب الدية م:(على ما نطق به نص الكتاب) ش: وهو قوله عز وجل: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] .
م: (ولما اختلفت سيوف المسلمين على اليمان) ش: بفتح الياء أول الحروف، وتخفيف الميم، وفي آخره نون، وهو اسم لوالد م:(أبي حذيفة رضي الله عنه) ش: ولهذا بينه بقوله: أبي حذيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وهذا بحسب الظاهر على ألسنة الناس. وفي نفس الأمر على ما قال ابن شاهين في " المعجم ": حدثنا عبد الله بن محمد رحمه الله قال: حدثني عمر رضي الله عنه عن أبي عبيدة رحمه الله، قال: حذيفة بن حنبل رحمه الله بن جابوس ابن ربيعة بن عمرو بن اليمان رضي الله عنه وإنما قيل: حذيفة بن اليمان رضي الله عنه لأنه من بلد اليمان، من خردة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، مات حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين.
فاليمان: إن كان اسما موضوعا له يجب أن يجري بوجوب الإعراب، وإن كان منسوبا إلى اليمن يجب كسر نونه لأنه حذفت منه ياء النسبة، وعوض منها الألف، وبقيت النون على حالها.
وأما قصته: فإنه قتل في غزوة الخندق، قتله المسلمون وهم يظنون أنه مشرك.
م: (قضى رسول الله عليه الصلاة والسلام بالدية) ش: فوهبها حذيفة لهم.
م: (قالوا) ش: أي المشايخ م: (إنما تجب الدية إذا كانوا مختلطين) ش: أي المسلمون والكفار م: (فإن كان) ش: أي المسلم م: (في صف المشركين لا تجب لسقوط عصمته بتكثير سوادهم. قال عليه الصلاة والسلام) ش:، أي قال النبي صلى الله عليه وسلم م:«من كثر سواد قوم فهو منهم» ش: هذا الحديث رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده "، حدثنا أبو همام، حدثنا ابن وهب، أخبرني بكر بن نصر، عن عمرو بن الحارث: أن رجلا دعا عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلى وليمة، فلما جاء ليدخل سمع لهوا، فلم يدخل، فقال له: لم رجعت؟ قال: إني سمعت رسول الله
قال: ومن شج نفسه وشجه رجل وعقره أسد وأصابته حية فمات من ذلك كله، فعلى الأجنبي ثلث الدية؛ لأن فعل الأسد والحية جنس واحد لكونه هدرا في الدنيا والآخرة، وفعله بنفسه هدر في الدنيا معتبر في الآخرة حتى يأثم عليه، وفي " النوادر ": أن عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: يغسل ويصلى عليه، وعند أبي يوسف رحمه الله: يغسل ولا يصلى عليه، وفي " شرح السير الكبير " ذكر في الصلاة عليه اختلاف المشايخ على ما كتبناه في كتاب " التجنيس " و " المزيد "، فلم يكن هدرا مطلقا وكان جنسا آخر، وفعل الأجنبي معتبر في الدنيا والآخرة. فصارت ثلاثة أجناس، فكأن النفس تلفت بثلاثة أفعال، فيكون
ــ
[البناية]
صلى الله عليه وسلم يقول: " من كثر سواد قوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم كان شريك من عمل به ".
وفي " المجتبى ": وهذا حال من كثر سوادهم ولم يتزيا بزيهم ولم يتخلق بأخلاقهم، فكيف حال المتزيا بزيهم والمتخلق بأخلاقهم في زماننا. وأخرج أبو داود في " سننه " من حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» .
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (ومن شج نفسه وشجه رجل وعقره أسد وأصابته حية فمات من ذلك كله، فعلى الأجنبي ثلث الدية؛ لأن فعل الأسد والحية جنس واحد، لكونه هدرا في الدنيا والآخرة وفعله بنفسه هدر في الدنيا معتبر في الآخرة) ش: وفعله بنفسه هدر في الدنيا معتبر في الآخرة م: (حتى يأثم عليه) ش: قال الشافعي رحمه الله، وأحمد رحمه الله في قول: يجب على الأجنبي الدية لأنه عمد محض.
م: (وفي " النوادر ": أن عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -) ش: يعني هذا الرجل الذي شج نفسه م: (يغسل ويصلى عليه، وعند أبي يوسف رحمه الله: يغسل ولا يصلى عليه) ش: لأنه باغ على نفسه.
م: (وفي " شرح السير الكبير ": ذكر في الصلاة عليه اختلاف المشايخ على ما كتبناه في كتاب " التجنيس "، و " المزيد ") ش: وهما كتابان من جملة مصنفات المصنف، وفي بعض النسخ: على ما كتبناه.
وفي " تجنيس " المصنف: قال الحلواني: يصلى عليه لأنه لو تاب قبلت توبته، وقال السعدي: لا يصلى عليه لأنه لا تقبل توبته لما أنه باغ على نفسه.
م: (فلم يكن) ش: أي دم الرجل المذكور م: (هدرا مطلقا) ش: يعني في أحكام الدنيا م: (وكان جنسا آخر، وفعل الأجنبي معتبر في الدنيا والآخرة فصارت) ش: أي الجناية م: (ثلاثة أجناس، فكأن النفس تلفت بثلاثة أفعال) ش: فعل نفسه، وفعل الأجنبي، وفعل الأسد والحية، م: (فيكون
التالف بفعل كل واحد ثلثه فيجب عليه ثلث الدية، والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
التالف بفعل كل واحد ثلثه فيجب عليه ثلث الدية والله أعلم بالصواب) ش: يعني: في ماله؛ لأن فعله وقع عمدا، والعاقلة لا تتحمله.