الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما إذا قتل رجلين وعفا أحد الوليين؛ لأن الواجب هناك قصاصان من غير شبهة لاختلاف القتل والمقتول، وهاهنا واحد لاتحادهما، وإذا سقط القصاص ينقلب نصيب الباقين مالا؛ لأنه امتنع لمعنى راجع إلى القاتل، وليس للعافي شيء من المال؛ لأنه أسقط حقه بفعله ورضاه، ثم يجب ما يجب من المال في ثلاث سنين، وقال زفر رحمه الله: يجب في سنتين فيما إذا كان بين الشريكين وعفا أحدهما؛ لأن الواجب نصف الدية، فيعتبر بما إذا قطعت يده خطأ. ولنا: أن هذا بعض بدل الدم وكله مؤجل إلى ثلاث سنين فكذلك بعضه، والواجب في اليد كل بدل الطرف وهو في سنتين في الشرع ويجب في ماله لأنه عمد.
قال: وإذا
قتل جماعة واحدا عمدا
اقتص من جميعهم
ــ
[البناية]
ما إذا قتل رجلين وعفا أحد الوليين) ش: أي ولي القصاص حيث لا يسقط حق الآخر في القصاص.
م: (لأن الواجب هناك قصاصان من غير شبهة لاختلاف القتل والمقتول، وهاهنا) ش: أي في مسألة ما إذا قتل وله ابنان م: (واحد) ش: أي القصاص م: (لاتحادهما) ش: أي لاتحاد القاتل والمقتول.
م: (وإذا سقط القصاص ينقلب نصيب الباقين مالا؛ لأنه امتنع لمعنى راجع إلى القاتل) ش: وهو العجز عن استيفاء قصاص من نفسه لأن من قسمه أن إزهاق الروح لا يتجزأ.
م: (وليس للعافي) ش: حقه في القصاص م: (شيء من المال لأنه أسقط حقه بفعله ورضاه، ثم يجب ما يجب من المال في ثلاث سنين، وقال زفر رحمه الله: يجب في سنتين فيما إذا كان بين الشريكين وعفا أحدهما؛ لأن الواجب نصف الدية، فيعتبر بما إذا قطعت يده خطأ) ش: لأن الواجب فيها نصف الدية مؤجلًا إلى ثلاث سنين.
م: (ولنا: أن هذا) ش: أي بعض ما يجب من المال م: (بعض بدل الدم وكله) ش: أي: وكل الدم م: (مؤجل إلى ثلاث سنين فكذلك بعضه) ش: يؤجل إلى ثلاث سنين م: (والواجب في اليد) ش: جواب عن اعتبار زفر رحمه الله بما إذا قطعت يده خطأ، تقديره أن الواجب في اليد، أي في قطع اليد خطأ م:(كل بدل الطرف وهو في سنتين في الشرع ويجب في ماله) ش: أي يجب المال في المال القاتل في المسألة المذكورة أولًا م: (لأنه عمد) ش: والعاقلة لا يتحمل العمد.
[قتل جماعة واحدا عمدا]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإذا قتل جماعة واحدا عمدا اقتص من جميعهم) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله، ومالك رحمه الله، وأحمد رحمه الله، وأكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. وقال ابن الزبير رحمه الله، والزهري، وابن سيرين، وابن أبي ليلى، وعبد الملك، وربيعة، وداود، وابن المنذر، وأحمد
لقول عمر رضي الله عنه فيه: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم، ولأن القتل بطريق التغالب غالب، والقصاص مزجرة للسفهاء فيجب تحقيقا لحكمة الإحياء. وإذا قتل واحد جماعة فحضر أولياء المقتولين قتل لجماعتهم ولا شيء لهم غير ذلك، فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين. وقال الشافعي رحمه الله: يقتل بالأول منهم ويجب للباقين المال، وإن اجتمعوا ولم يعرف الأول قتل لهم وقسمت الديات بينهم، وقيل: يقرع بينهم فيقتل لمن خرجت قرعته.
ــ
[البناية]
في رواية: لا يقتلون به ويجب عليهم الدية، وهذا الذي ذكره القدوري استحسان.
والقياس: أن لا تقتل الجماعة بالواحد لأن القصاص يبنى عن المساواة، ولا مساواة بين الواحد والجماعة، وجه الاستحسان: ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: م: (لقول عمر رضي الله عنه فيه: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم) ش: هذا رواه مالك في " الموطأ "، أخبر به يحيى بن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل قتلوه قتل غيلة، وقال: لو تمالًا عليه أهل صنعاء لقتلتهم. ورواه محمد بن الحسن أيضا عن مالك.
قوله: " تمالأ " أصله المعاونة في ملء الدلو ثم عم تعاونوا تمالوا " أي تعاونوا، وصنعاء قصبة باليمن.
والغيلة: بكسر الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف، فإذا صار معه قتله، وقوله:"قتل غيلة " مضاف ومضاف إليه.
م: (ولأن القتل بطريق التغالب غالب) ش: أراد أن القتل بغير حق لا يكون في العادة إلا بالتغالب والاجتماع لأن الواحد يقاوم الواحد غالبا م: (والقصاص مزجرة للسفهاء فيجب تحقيقا لحكمة الإحياء) ش: أراد أن الحكمة الموضوعة في القصاص إحياء النفس، فلو لم يجب القصاص على الجماعة بقتل الواحد أدى إلى سد باب القصاص، وفيه إبطال الحكمة المذكورة.
م: (وإذا قتل واحد جماعة فحضر أولياء المقتولين قتل لجماعتهم ولا شيء لهم غير ذلك، فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين) ش: هذا كله لفظ القدوري. قال أصحابنا: الواحد يقتل بالجماعة اكتفاء بالقصاص.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: يقتل بالأول منهم ويجب للباقين المال) ش: يعني إذا كان قتلهم على التعاقب م: (وإن اجتمعوا ولم يعرف الأول قتل لهم وقسمت الديات بينهم، وقيل: يقرع بينهم فيقتل لمن خرجت قرعته) ش: ويجب للباقين بالمال، وقد أوضح هذه في الطريقة العلانية حيث
له: أن الموجود من الواحد قتلات، والذي تحقق في حقه قتل واحد فلا تماثل، وهو القياس في الفصل الأول إلا أنه عرف بالشرع. ولنا: أن كل واحد منهم قاتل بوصف الكمال، فجاء التماثل أصله الفصل الأول إذ لو لم يكن كذلك لما وجب القصاص، ولأنه وجد من كل واحد منهم خرج صالح للإزهاق فيضاف إلى كل منهم إذ هو لا يتجزأ، ولأن القصاص شرع مع المنافي لتحقيق الإحياء وقد حصل بقتله، فاكتفى به.
ــ
[البناية]
قال: وقال الشافعي: لا يقتل اكتفاء، غير أن الواحد إن قتلهم على التعاقب يقتل بالأول اكتفاء، ويجب دية الباقين، وإن قتلهم على المقارنة له فيه قولان: في قول يقتل بالواحد عبر عين ويجب دية الباقين مشتركة بينهم، وفي قول: يقرع فيقتل لمن خرجت قرعته، ويجب الديات للباقين.
وقال الكاكي: وبقولنا قال مالك، وقال الشافعي، واستوفى الباقون بالديات من تركته.
وقال أحمد: إن طلبوا القصاص بجماعتهم فلا شيء للواحد الذي قتل له، وإن طلب بعضهم القصاص والبعض الدية، قتل لمن طلب القود، وللآخرين الدية. وعن مالك رواية كقول أحمد.
م: (له) ش: أي للشافعي: م: (أن الموجود من الواحد قتلات) ش: لأنه قتل جماعة م: (والذي تحقق في حقه) ش: أي في حق الواحد م: (قتل واحد فلا تماثل) ش: أي بين قتل واحد وبين قتلات م: (وهو القياس في الفصل الأول) ش: وهو أن لا تقتل الجماعة بالواحد إلا أنهم قتلوا به م: (إلا أنه) ش: أي إلا أن الجماعة تقتل بالواحد اتفاقا م: (عرف بالشرع) ش: على خلاف القياس.
م: (ولنا: أن كل واحد منهم) ش: أي من الأولياء (قاتل بوصف الكمال) ش: يعني قاتل للقاتل قصاصا م: (فجاء التماثل) ش: في قتل الواحد بالجماعة فصح القياس. م: (أصله الفصل الأول) ش: وهو أنه تقتل الجماعة بالواحد اتفاقا، فلو لم يكن التماثل لما قتلوا به وهو معنى قوله: م: (إذ لو لم يكن كذلك لما وجب القصاص) ش:؛ لأن التماثل شرط م: (ولأنه وجد من كل واحد منهم) ش: أي من الأولياء م: (خرج صالح للإرهاق) ش: يعني أن القتل صالح لإزهاق الروح. وقد وجد من كل واحد منهم.
وقد وجد من كل واحد منهم م: (فيضاف إلى كل منهم إذ هو) ش: أي إزهاق الروح م: (لا يتجزأ) ش: فيضاف إلى كل منهم كملًا لأن ما لا يتجزأ إذا أضيف يضاف كملًا م: (ولأن القصاص شرع مع المنافي) ش: أي شرع بالكتاب والسنة مع وجود المنافي، وهو أن الآدمي بنيان الرب، فلا يجوز تجزئته، قال صلى الله عليه وسلم:«الآدمي بنيان الرب، ملعون من بدله» .
وإنما شرع م: (لتحقيق الإحياء) ش: أي لمعنى الإحياء م: (وقد حصل) ش: أي تحقيق الإحياء م: (بقتله) ش: أي بقتل القاتل م: (فاكتفى به) ش: ولا شيء لهم غير ذلك.