الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن كان عليه دين يحيط بماله فلا زكاة عليه، وقال الشافعي رحمه الله تجب لتحقق السبب وهو ملك نصاب كامل تام، ولنا أنه مشغول بحاجته الأصلية
ــ
[البناية]
العلم على أن الزكاة في مال المكاتب حتى يعتق وهو قول جابر بن عبد الله، وابن عمرو، وعطاء، ومسروق رضي الله عنهم، والثوري، ومالك، والشافعي، وابن حنبل رحمهم الله. وقال أبو ثور وأبو عبيد وابن حزم من الظاهرية: تجب الزكاة في مال المكاتب انتهى.
وأما العبد المأذون فإن كان عليه دين يحيط بكسبه فلا زكاة فيه على أحد عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن المولى يملك كسبه، وعندهما إن كان يملك فهو مشغول بالدين، والمال المشغول بالدين لا يكون نصابا بالزكاة، وإن لم يكن عليه دين فكسبه لمولاه، وعلى المولى فيه الزكاة إذا تم الحول كذا في " المبسوط ".
[زكاة المدين]
م: (ومن كان عليه دين يحيط بماله فلا زكاة عليه) ش: هو قول عثمان بن عفان، وابن عباس، وابن عمر، وطاوس، وعطاء رضي الله عنهم، والحسن، وإبراهيم، وسليمان ابن يسار، والزهري، وابن سيرين، والثوري، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل رحمهم الله. قال مالك رحمه الله: يمنع وجوب الزكاة في الذهب والفضة لا في الماشية. م: (وقال الشافعي: تجب) ش: أي الزكاة وللشافعية ثلاثة أقوال أصحها عنده: عدم المنع وهو نصه في معظم كتبه الجديدة قاله النووي في " شرح المهذب ".
والثاني: أنه يمنع وهو نصه في القديم وفي اختلاف العراقيين من كتبه الجديدة.
والثالث: يمنع في الأموال الباطنة كالذهب والفضة والعروض، ولا يمنعها في الأموال الظاهرة، وهي المواشي والزروع والثمار والمعادن، وسواء كان الدين حالا أو مؤجلا، ويستوي دين الآدميين ودين الله في ذلك.
م: (لتحقق السبب) ش: أي سبب وجوب الزكاة م: (وهو ملك نصاب كامل تام) ش: لأن المديون مالك لماله، فإن دين الحر الصحيح تجب في ذمته ولا تعلق له بمال، ولهذا يملك التصرف فيه كيف شاء، ثم الدين مع الزكاة حقان اختلفا محلا وسببا ومستحقا فوجوب أحدهما لا يمنع وجوب الآخر كالدين مع العشر.
م: (ولنا أنه) ش: أي أن المال م: (مشغول بحاجته الأصلية) ش: لأنه صاحبه يحتاج إليه لأجل قضاء الدين، وقضاؤه لا يكون إلا من المال العين والحاجة وإن كانت صفة محض غير أنها. تستدعي محتاجا إليه وهو المال، فاستقام وصف المال به، وفي " المنافع ": مال المديون مستحق لحاجته وهي دفع المطالبة والملازمة والحبس في الدنيا والعذاب في الآخرة، وقد تعين هذا المال لقضاء هذه الحاجة فأشبه ثياب البذلة والمهنة وعبيد الخدمة ودور السكنى
فاعتبر معدوما كالماء المستحق بالعطش وثياب البذلة والمهنة،
وإن كان ماله أكثر من دينه زكى الفاضل إذا بلغ نصابا؛ لفراغه عن الحاجة والمراد به دين له مطالب من جهة العباد
ــ
[البناية]
م: (فاعتبر معدوما) ش: يعني إذا كان الأمر كذلك فاعتبر هذا المال في حكم العدم فلا تجب فيه الزكاة م: (كالماء المستحق بالعطش) ش: أي لأجل نفسه ولأجل دابته، فإنه يعد معدوما حتى يجوز التيمم مع وجوده م:(وثياب البذلة والمهنة) ش: أي وكثياب البذلة، بكسر الباء الموحدة. قال الجوهري: البذلة ما يمتهن من الثياب أي ما يستخدم، وابتذال الثوب امتهانه.
وقال ابن الأثير: التبذل ترك التزين على جهة التواضع، والمهنة بكسر الميم وفتحها الخدمة. وقال تاج الشريعة: وكأنهما أي البذلة والمهنة لفظان مترادفان، ورأيت في بعض الحواشي أن ثياب البذلة ما يلبس في أيام الجمع والأعياد، وثياب المهنة ما يلبسها في كل يوم ولم أعتمد عليه.
م: (وإن كان ماله أكثر من دينه زكى الفاضل) ش: أي عن الدين م: (إذا بلغ نصابا لفراغه عن الحاجة) ش: أي عن الحاجة المذكورة؛ لأن ملكه فيه قام ويتحقق فيه معنى الغنى، والزكاة إنما تجب على الغني.
م: (والمراد به) ش: أي المراد من قولنا ومن كان عليه دين يحيط بماله فلا زكاة عليه م: (دين له مطالب) ش: ارتفع دين على أنه خبر المبتدأ وهو قوله: والمراد، وقوله: -له مطالب- جملة من المبتدأ والخبر وقعت صفة لقوله دين، والمطالب بكسر اللام م:(من جهة العباد) ش: حال من المطالب مثل ثمن البيع والأجرة والقروض وضمان الاستهلاك ونفقة الزوجة بعد القضاء ونفقة المحارم بعد القضاء؛ إذ نفقة المحارم تصير دينا بالقضاء.
وذكر في كتاب النكاح أن نفقتهم لا تصير دينا بالقضاء حتى تسقط بمضي المدة للاستغناء عنها وقدروها بالشهر، وفي " جوامع الفقه ": الشهر طويل. وفي " الحاوي ": نفقة الصغير لا تسقط بالتأخير بعد القضاء بخلاف الكبير. وفي" المحيط " مهر المرأة يمنع مؤجلا كان أو معجلا، وقيل: المؤجل لا يمنع، وقيل: إن كان الزوج على عدم قضائه يمنع وإلا فلا؛ إذ لا يعد دينا في زعمه.
ودين العشر والخراج يمنع وغير العشر لا يمنع، ودين الزكاة مانع حال قيام النصاب وكذا بعد الاستهلاك خلافا لزفر فيهما، ولأبي يوسف في الاستهلاك، قال المرغيناني: هذا الخلاف في الأموال الباطنة، وأما الأموال الظاهرة فعينها ودينها مانعان.
وفي " التجريد ": دين الزكاة وعينها سواء في الأموال الباطنة لا يمنع وجوب الزكاة، بخلاف زكاة الأموال الظاهرة حكاه عن زفر ويمنع العشر أيضا في رواية عبد الله بن المبارك، عن أبي حنيفة رحمه الله وفي ظاهر الرواية لا يمنعه وضمان الدرك قبل الاستحقاق، وضمان الغصب الأول لرجوعه على الثاني.
حتى لا يمنع دين النذر والكفارة
ودين الزكاة مانع حال بقاء النصاب؛ لأنه ينتقص به النصاب، وكذا بعد الاستهلاك خلافا لزفر رحمه الله فيهما. ولأبي يوسف رحمه الله في الثاني على ما روي عنه
ــ
[البناية]
م: (حتى لا يمنع دين النذر والكفارة) ش: لأنه لا مطالب له من جهة العباد، وكذا صدقة الفطر ووجوب الحج، وهدي المتعة والأضحية. وفي " الجامع ": دين النذر لا يمنع، ومتى استحق من جهة الزكاة بطل النذر فيه، بيانه: له مائتا درهم نذر أن يتصدق بمائة منها وحال الحول سقط النذر بقدر درهمين ونصف؛ لأن في كل مائة استحق لجهة الزكاة درهمان ونصف، ويتصدق للنذر بسبعة وتسعين ونصف، ولو تصدق بمائة منها للنذر يقع درهمان ونصف عن الزكاة؛ لأنه متعين بتعيين الله، فلا تبطل بتعيينه ولو نذر بمائة مطلقة لزمته؛ لأن محل المنذور به الذمة، فلو تصدق بمائة منها للنذر يقع درهمان ونصف للزكاة، ويتصدق بمثلها عن النذر لأنه ينقص به النصاب.
م: (ودين الزكاة مانع حال بقاء النصاب) ش: قال تاج الشريعة: لكن الزكاة تمنع الوجوب عند أبي حنيفة رحمه الله ومحمد في الأموال الظاهرة والباطنة سواء كان في العين أو في الذمة باستهلاك النصاب. وعند زفر رحمه الله لا تمنع. وعند أبي يوسف رحمه الله إن كان في العين يمنع وإن كان في الذمة لا يمنع، وصورته: رجل له ألف دينار أبقاه بعد حولان الحول حتى وجبت عليه خمسة وعشرون دينارا زكاة، ثم حصل له أربعون دينارا وحال عليه الحول فعند أبي يوسف رحمه الله زكاة الألف المستهلك لا تمنع الوجوب في بقية الأربعين. وعندهما [
…
] زفر رحمه الله يقول: إن هذه عبادة محضة فظهر أثر الوجوب في أحكام الآخرة فصار كالنذور والكفارات، وأبو يوسف رحمه الله يقول: دين زكاة النصاب المستهلك لا يطالب هو به فلا يمنع بخلاف دين النصاب القائم لجواز أن يمر على العاشر فيطالبه بحق.
م: (وكذا بعد الاستهلاك) ش: أي وكذا مانع بعد استهلاك النصاب، وذلك مثل أن تجب عليه الزكاة في النصاب ثم استهلكه ثم ملك نصابا آخرا لا تجب الزكاة في ذلك النصاب م:(خلافا لزفر فيهما) ش: أي في دين الزكاة والاستهلاك أراد أن دين الزكاة ودين الاستهلاك لا يمنع وجوب الزكاة عند زفر.
م: (ولأبي يوسف رحمه الله في الثاني) ش: أي في المال والذي وجب فيه دين الاستهلاك أراد أن أبا يوسف رحمه الله يخالفنا في دين الاستهلاك دون دين الزكاة، حيث يقول: إن دين الزكاة يمنع الزكاة، ودين الاستهلاك لا يمنع، وقد مر عن قريب.
م: (على ما روي عنه) ش: أي عن أبي يوسف رحمه الله ولما لم يكن هذا جواب ظاهر الرواية لأبي يوسف رحمه الله قال: على ما روي عنه، وكلمة على هاهنا تصلح أن تكون