الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة لقول النبي عليه السلام «من صلى على جنازة في المسجد فلا أجر له»
ــ
[البناية]
[صلاة الجنازة في المسجد]
م: (ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة) ش: احترز به عن المسجد الذي بني لأجلها، وبه قال مالك وابن أبي ذئب، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: لا بأس بها إذا لم يخف تلويثه، واحتجوا بما روي «أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما توفي أمرت عائشة رضي الله عنها بإدخال جنازته المسجد حتى صلى عليها أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قالت لبعض من حولها: هل عاب الناس علينا ما فعلنا؟ فقيل لها نعم، فقالت: ما أسرع ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة سهيل بن البيضاء إلا في المسجد» رواه مسلم.
وأشار إلى دليلنا بقوله م: (لقول النبي عليه السلام «من صلى على جنازة في المسجد فلا أجر له» ش: هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى على ميت في المسجد فلا شيء له» ، هذا لفظ أبي داود، ولفظ ابن ماجه «فليس له شيء» .
وقال الخطيب: المحفوظ، «فلا شيء له» وروي «فلا أجر له» . وقال ابن عبد البر: رواية «فلا أجر له» خطأ فاحش، والصحيح «فلا شيء له» ورواه ابن أبي شيبة في مصفنه بلفظ «فلا صلاة له» .
فإن قلت: روى ابن عدي في " الكامل " هذا الحديث وعده من منكرات صالح، ثم أسند إلى شعبة أنه كان لا يروي عنه، وينهى عنه، وإلى مالك لا يأخذوا عنه شيئا فإنه ليس بثقة، وإلى النسائي أنه قال فيه ضعف. وقال ابن حبان في كتاب " الضعفاء "، واختلط بآخره ولم يتميز حديث حديثه من قديمه فاستحق الترك، ثم ذكر له هذا الحديث، وقال البيهقي: صالح مختلف في عدالته كان مالك يجرحه.
وقال النووي: أجيب عن هذا بأجوبة أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به، قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة، وهو ضعيف.
والثاني: أن الذي في النسخ المشهورة المسموعة من سنن أبي داود «فلا شيء عليه» فلا حجة فيه.
والثالث: أن اللام فيه بمعنى على لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7][الإسراء: 7] أي فعليها، جمعا بين الأحاديث. قلت: الجواب عما قالوه من وجه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الأول: أن أبا داود روى هذا الحديث وسكت عنه، فهذا دليل رضاه به، وأنه صحيح عنده.
الثاني: أن يحيى بن معين الذي هو فيصل في هذا الباب، قال: صالح ثقة، إلا انه اختلط قبل موته، فمن سمع منه قبل ذلك فهو ثبت حجة، ومن سمع منه قبل الاختلاط ابن أبي ذئب، وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث وأسكت ابن أبي ذئب.
الثالث: قال ابن عبد البر: منهم من يقبل عن صالح ما رواه عنه ابن أبي ذئب خاصة.
الرابع: أن غالب ما ذكر منه تحامل، من ذلك قول النووي أن الذي في النسخ المشهورة والمسموعة من سنن أبي داود «فلا شيء عليه» فإنه يرده قول الخطيب المحفوظ فلا شيء له، وقول السروجي وفي " الأسرار " فلا صلاة له، وفي " المرغيناني " فلا وجه له، ولم يذكر ذلك في كتب الحديث، يرده ما ذكرناه من رواية ابن أبي شيبة في مصنفه «فلا صلاة له» وقال الخطيب: وروي «فلا أجر له» فلعدم اطلاعه في هذا الموضع جازف فيه. ومن تحاملهم جعل اللام بمعنى على بالتحكم من غير دليل ولا داع إلى ذلك. ولا سيما أن المجاز عندهم ضروري لا يصار إليه إلا عند الضرورة، ولا ضرورة ها هنا، وأقوى ما يرد كلامه هذا رواية ابن أبي شيبة، وهي «فلا صلاة له» فلا يمكن له أن يقول ها هنا اللام بمعنى على لفساد المعنى.
الخامس: أن قول ابن حبان هذا باطل جرأة منه على تعطيل الصواب، فكيف هذا القول، وقد رواه أبو داود وسكت، فأقل الأمر أنه يدل على حسنه عنده، وأنه رضي به، وحاشى منه أن يرضى بالباطل.
السادس: ما قاله الجهبذ النقاد الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله ملخصا، وهوأن الروايات لما اختلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يحتاج إلى إلى الكشف ليعلم المتأخر منها فيجعل ناسخا لما تقدم، فحديث عائشة رضي الله عنها إخبار عن فعل رسول الله عليه السلام الذي تقدم على الإباحة، فصار ناسخا لحديث عائشة رضي الله عنها، وإنكار الصحابة عليها مما يؤيد ذلك.
فإن قلت: من أي قبيل يكون هذا النسخ؟ قلت: من قبيل النسخ بدلالة التاريخ، وهو أن يكون أحد النصين موجبا للخطر، والآخر موجبا للإباحة، والحظر طارئ عليها، فيكون متأخرا.
فإن قلت: لما لا يجعل بالعكس؟
ولأنه بني لأداء المكتوبات،
وفيما إذا كان الميت خارج المسجد اختلاف المشايخ،
ــ
[البناية]
قلت: لئلا يلزم النسخ مرتين، وهذا ظاهر.
فإن قلت: ليس بين الحديثين منافاة، فلا تعارض فلا حاجة إلى التوفيق.
قلت: ظهر لك صحة حديث أبي هريرة بالوجوه التي ذكرناها، فثبت التعارض.
فإن قلت: مسلم أخرج حديث عائشة ولم يخرج حديث أبي هريرة.
قلت: لا يلزم من ترك مسلم تخريجه عدم صحته، لأنه لم يلزم إخراج كل ما صح عن النبي عليه السلام وكذلك البخاري، ولئن سلمنا ذلك فإن حديث أبي هريرة لا يخلو من كلام، فكذلك حديث عائشة لا يخلو من كلام، لأن جماعة من الحفاظ مثل الدارقطني وغيره عابوا على مسلم تخريجه إياه سندا، لأن الصحي أنه مرسل كما رواه مالك والماجشون عن أبي النضر عن عائشة مرسلا، والمرسل ليس بحجة عند الخصم، وقد أول بعضهم حديث عائشة بأنه عليه السلام إنما صلى في المسجد بعذر المطر، وقيل بعذر الاعتكاف، وعلى كل تقدير الصلاة على الجنازة خارج المسجد أولى وأفضل، بل أوجب للخروج عن الخلاف لا سيما في باب العبادات.
م: (ولأنه بني لأداء المكتوبات) ش: أي ولأن المسجد بني لإقامة الصلوات المكتوبات، فيكون غيرها في خارج المسجد أولى وأفضل م (ولأنه يحتمل تلويث المسجد) ش: أي ولأن فعل صلاة الجنازة في المسجد يحتمل تلويثه، وقد أمرنا بتنظيفه، وقد قال عليه السلام «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم» فإذا أمروا أن يجبنوا الصبيان والمجانين المساجد فالميت أولى لأنه لا [......] له، فلا يؤمن منه تلويث المسجد.
م: (وفيما إذا كان الميت خارج المسجد اختلاف المشايخ) ش: قوله اختلاف المشايخ مبتدأ وخبره قوله فيما إذا كان الميت وانتصاب خارج المسجد على التوسع، يعني في خارج المسجد، وذكر في تتمة الفتاوى ناقلا عن فتاوى الإمام نجم الدين إذا كانت الجنازة والقوم والإمام في المسجد فالصلاة مكروهة باتفاق أصحابنا، وإذا كانت الجنازة والإمام وبعض القوم خارج المسجد وباقي القوم في المسجد فالصلاة غير مكروهة بالاتفاق.
وإن كانت الجنازة وحدها خارج المسجد فقد اختلف المشايخ فيه، بعضهم قالوا يكره، منهم السيد الإمام أبو شجاع لما أن المسجد بني لأداء المكتوبات، وقال بعضهم لا يكره، لأن المعنى الموجب للكراهة وهو احتمال تلويث المسجد مفقود، ولا يقال يلزم على ما ذهب إليه السيد الإمام أبو شجاع أن لا يجوز التطوع في المسجد، لأنا نقول أن التطوع تبع للمكتوبة، فألحق بها، بخلاف صلاة الجنازة لأنها جنس آخر. وقال إسماعيل المتكلم: الصلاة عليه في