الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن دفن الميت ولم يصل عليه صلي على قبره، لأن «النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة من الأنصار»
ــ
[البناية]
قلت: يحتمل أن الصلاة كانت فرض عين على الصحابة لتعظيم حقه كالدعاء اليوم على المسلمين مرة واحدة لقوله صلوا، وكانت تكرار الصلاة عليه من كل أحد لأداء الفرض عليه.
وأما الجواب عن حديث ابن عباس فلأنه صلى الله عليه وسلم كان هو الولي، قال الله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6](الأحزاب: الآية6) ، ومن العلماء من جعل الصلاة على القبر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل ما روي من قوله عليه السلام:«وإني أنورها بصلاتي عليهم» .
فإن قلت: ابن حبان يتبع هذا الوجه، فقال: ليس الأمر كما توهموه، بدليل أنه عليه السلام صلى الناس خلفه، فلو كان من خصائصه لزجرهم عن ذلك.
قلت: يجوز أن يكون صفهم خلفه لأجل أن يدعو لا للصلاة حقيقة.
[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]
م: (وإن دفن الميت ولم يصل عليه صلي على قبره) ش: ولا يخرج منه لأنه قد سلم إلى الله تعالى، وفي إخراجه انكشافه، ويصلى عليه ما لم يعلم أنه تمزق، هكذا في " المبسوط "، وهذا يشير إلى أنه إذا شك في تفرقة وتفسخه يصلى عليه، وقد نص الأصحاب على أنه لا يصلى عليه مع الشك في ذلك، ذكره في " المزيد " و " المفيد " و " جوامع الفقه " وعامة الكتب وبقولنا قال الشافعي وأحمد وهو قول ابن عمر وأبي موسى وعائشة وابن سيرين والأوزاعي، ثم هل يشترط في جواز الصلاة على قبره كونه مدفونا بعد الغسل، فالصحيح أنه يشترط. وروى ابن سماعة عن محمد أنه لا يشترط.
م: (لأنه صلى الله عليه وسلم «صلى على قبره امرأة من الأنصار» ش: أخرج ابن عباس رضي الله عنه من حديث خارجة بن زيد بن ثابت «عن عمه زيد بن ثابت رحمهم الله، وكان أكبر من يزيد، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر، فسأل عنه فقالوا: فلانة، فعرفها، فقال: ألا آذنتموني بها، قالوا كنت قائلا صائما..» الحديث، ثم أتى القبر فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا.
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة «أن رجلا أسود كان يقم المسجد، فمات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: مات، قال: أفلا آذنتموني به، دلوني على قبره، فأتى قبره فصلى عليه» . قوله: يقم المسجد بضم القاف وتشديد الميم أن يكنسه ويخرج منه القمامة، وهي الكناسة.
فإن قلت: كيف يصلي عليه وهو غائب عن أعين الناس بالتراب؟ قلت: نعم، ولكن هذا لا يمنع جواز الصلاة، ألا ترى أنه قبل الدفن كان غائبا بالكفن، ولم يمنع ذلك عن جواز الصلاة، وهذا إذا دفن بعد الغسل قبل الصلاة عليه.
ويصلى عليه قبل أن يتفسخ والمعتبر، في معرفة ذلك أكبر الرأي في الصحيح لاختلاف الحال والزمان والمكان
ــ
[البناية]
وإذا دفنوه بعد الصلاة عليه ثم تذكروا أنهم لم يغسلوه، فإن لم يهل التراب عليه يخرج ويغسل، ويصلى عليه، وإن هالوا التراب عليه لم يخرج، وهل يصلى عليه ثانيا في القبر، ذكر الكرخي أنه يصلى عليه، وفي " النوادر " عن محمد: القياس أن لا يصلى عليه. وفي " الأسبيجابي ": أن يصلى عليه، لأن تلك الصلاة لم يعتد بها لترك الطهارة مع الإمكان، والآن زال الإمكان وسقطت فريضة الغسل، فيصلى عليه في قبره.
وأما إذا صلى عليه قبل الغسل وهو لم يدفن بعد فإنه يغسل وتعاد الصلاة عليه بعد الغسل، وكذا لو غسلوه وبقي عضو من أعضائه أو قدر لمعة، كذا في " المبسوط " و " المحيط "، وفي المحيط أيضا لو صلى عليه من لا ولاية له عليه يصلى على قبره.
م: (ويصلى عليه قبل أن يتفسخ) ش: يعني إنما تجوز الصلاة على الميت في قبره أن يتفسخ الميت ويتمزق، ثم أشار إلى معرفة الطريق فيه بقوله: م: (والمعتبر في معرفة ذلك) ش: أي في كونه قبل التفسخ م: (أكبر الرأي) ش: أي غالب الظن، فإن كان غالب الظن أنه يتفسخ لا يصلى عليه، وإن كان غالب الظن أنه لم يتفسخ فيصلى عليه، وإذا شك لا يصلى عليه، رواه ابن رستم عن محمد م:(في الصحيح) ش: احترز به عما روي عن أبي يوسف أنه يصلى عليه إلى ثلاثة أيام وبعدها لا يصلى عليه، وهذا رواية ابن رستم في " نوادره " عن محمد عن أبي حنيفة، لأن الصحابة كانوا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أيام.
وللشافعية ستة أوجه، أولها: إلى ثلاثة أيام، لقول أبي يوسف: إنه يصلى عليه إلى ثلاثة أيام. ثانيها: إلى شهر، كقول أحمد رحمه الله. ثالثها: ما لم يبل جسده. رابعها: يصلي عليه من كان من أهل الصلاة عليه يوم موته. خامسها: يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم موته. واتفقوا على تضعيفه، وممن صرح به: الماوردي، والمحاملي، والفوراني، والبغوي، وإمام الحرمين، والغزالي، وقال إسحاق رحمه الله: يصلي القادم من السفر إلى شهر، والحاضر إلى ثلاثة أيام، وقال سحنون من المالكية: لا يصلى على القبر؛ سدا للذريعة في الصلاة على القبور.
م: (لاختلاف الحال) ش: أي لأجل اختلاف حال الميت بالسمن والهزال، فإنه إذا كان سمينا ينفسخ عن قريب، وإن كان مهزولا يبطئ في التفسخ م:(والزمان) ش: أي ولاختلاف الزمان، فإنه يتفسخ في الشتاء عن قريب لحرارة ما تحت الأرض في الشتاء، وفي الصيف يبطئ فيه لبرودة ما تحت الأرض م:(والمكان) ش: أي ولاختلاف المكان، فإنه يبقى في الأرض الصلبة أكثر مما يبقى