الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الزعفران خمسة أمناء لأن التقدير بالوسق كان لاعتبار أنه أعلى ما يقدر به
وفي العسل العشر إذا أخذ من أرض العشر. وقال الشافعي لا يجب لأنه متولد من الحيوان فأشبه الإبريسم، ولنا قوله صلى الله عليه وسلم:«في العسل العشر»
ــ
[البناية]
(وفي الزعفران) ش: أي اعتبر في الزعفران م: (خمسة أمناء) ش: إنما قال أمناء لأن مفردها منى قال الجوهري: المنى مقصور الذي يوزن به، والتثنية منوان والجمع أمناء وهو أفصح من المن، وتثنية المن منان والجمع أمنان.
م: (لأن التقدير بالوسق كان باعتبار أنه أعلى ما يقدر به) ش: أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الوسق وهو في زمانه كان باعتبار أنه أعلى ما يقدر به المكيلات فوجب على هذا أن يعتبر في كل نوع أعلى ما يقدر به، ثم أقصى ما يقدر به القطن الحمل، فإنه يقدر أولا بالأساتير ثم بالأمناء ثم بالحمل ثم ما بعده تضعيف الحمل، وأما الزعفران فإنه يقدر أولا بالأوقية ثم بالرطل ثم بالمن ثم ما بعده تضعيف المن.
وعند مالك والشافعي وأحمد لا شيء في الزعفران والقطن، وإنما أخذ أبو يوسف في التقدير بالأدنى، لأن الغالب عنده في العشر معنى العادة، واستدل عليه بصرفه من مصارف الزكاة فكان الاحتياط في ذلك الأخذ بالأدنى، وإنما أخذ محمد بالأعلى لأن الغالب فيه عنده معنى المؤنة، واستدل عليه بوجوبه في مال الصبي والمجنون والمكاتب والمأذون المديون وأراضي الوقف فلا تبنى على الاحتياط فلا يقدر بالأدنى بالشك، والأصل براءة الذمة.
[زكاة العسل]
م: (وفي العسل العشر إذا أخذ من أرض العشر) ش: أي يجب في العسل العشر، وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والأوزاعي والزهري وربيعة ومكحول ويحيى بن سعيد وابن وهب من المالكية وسليمان بن موسى الفقيه الأحدب الدمشقي وإسحاق وأبي عبيد وأحمد وإنما قال: إذا أخذ من أرض العشر لأنه إذا كان في أرض الخراج فلا شيء فيه، وأرض العرب كلها عشرية وهي من أول العدين والقادسية إلى آخر حجر باليمن بمهرة طولا. ومن بيرين والدهناء ورمل عالج إلى مشارف الشام عرضا. وأما أرض الخراج فسواد العراق كلها خراجية وهي ما بين العدين إلى عقبة حلوان عرضا، ومن العلت إلى عبادان طولا، وكل أرض فتحت عنوة وقهرا أو تركت على أيادي أهلها ومنَّ عليهم الإمام فإنه يضع الجزية على أعناقهم إذا لم يسلموا، والخراج على أراضيهم أسلموا أو لم يسلموا.
م: (وقال الشافعي: لا يجب) ش: فيه العشر وهو قول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح ومالك م: (لأنه متولد) ش: أي لأن العسل متولد م: (من الحيوان فأشبه الإبريسم) ش: أي الذي يكون في دود القز وهو بكسر الهمزة وكسر الراء وفتح السين.
قال الجوهري: هو معرب م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «في العسل العشر»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ش: هذا الحديث بهذا اللفظ رواه العقيلي في كتاب " الضعفاء " من طريق عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن محرر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في العسل العشر» وليس في " مصنف عبد الرزاق " بهذا اللفظ، وإنما لفظه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن أن يؤخذ من أهل العسل العشر» . وبهذا اللفظ رواه البيهقي من طريق عبد الرزاق، والحديث معلول بعبد الله بن محرر قال ابن حبان في كتاب " الضعفاء ": وكان من خيار عباد الله تعالى إلا أنه كان يكذب ولا يعلم ويقلب الأخبار ولا يفهم، وعبد الله بن محرر بتشديد الراء المفتوحة وتكرارها. وقال الفلاس والنسائي: متروك، وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال الأترازي في هذا الباب: ولنا ما روى الشيخ أبو الحسين القدوري والشيخ أبو نصر البغدادي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن بني شبابة كانوا يؤدون إلى النبي صلى الله عليه وسلم العشر من عسل النحل كان نحلهم من كل عشر قرب قربة وكان يحمي واديين لهم» .
ولما كان زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل على تلك الناحية سفيان بن عبد الله الثقفي فأبوا أن يؤدوا إليه منها وقالوا: إنا كنا نؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب سفيان إلى عمر رضي الله عنهما فكتب إليه عمر رضي الله عنه إنما النحل ذباب غيث يسوقه الله تعالى رزقا إلى من يشاء فإن أدوا إليك ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحم لهم واديهم وإلا فخل بينهم وبين الناس. فأدوا إليه ذلك وحمى لهم واديهم، ثم قال الأترازي: وذكر الحديث في السنن أيضا.
قلت: ليس الحديث في السنن هكذا، وإنما هذا الذي ذكره في " معجم الطبراني " قال: حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن بني شبابة بطن من فهر كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نحل كان لهم العشر من كل عشر قرب قربة، وكان يحمي واديين لهم. فلما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل على ما هناك سفيان بن عبد الله الثقفي فأبوا أن يؤدوا إليه شيئا وقالوا: إنما كنا نؤديه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب سفيان إلى عمر رضي الله عنهما فكتب إليه عمر: إنما النحل ذباب غيث يسوقه الله عز وجل رزقا إلى من يشاء، فإن أدوا إليك، ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحم لهم أوديتهم وإلا فخل بينهم وبين الناس، فأدوا إليه ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمى لهم أوديتهم.»
ولأن النحل يتناول من الأنوار والثمار، وفيهما العشر فكذا فيما يتولد منها بخلاف دود القز، لأنه يتناول الأوراق ولا عشر فيها. ثم عند أبي حنيفة رحمه الله يجب فيه العشر قل أو كثر لأنه لا يعتبر النصاب، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يعتبر فيه قيمة خمسة أوسق كما هو أصله، وعنه أنه لا شيء فيه حتى يبلغ عشر قرب لحديث بني شبابة أنهم كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك
ــ
[البناية]
م: (ولأن النحل يتناول من الأنوار والثمار) ش: أي الأنوار جمع نور بفتح النون وهو الزهر م: (وفيهما العشر) ش: أي في كل واحد من الثمار والأنوار العشر م: (فكذا فيما يتولد منهما) ش: أي فكذا يجب فيما يتولد من الثمار والأزهار م: (بخلاف دود القز) ش: أي الذي يتولد منه الإبريسم، وهذا جواب عما قاله الشافعي فأشبه الإبريسم، وحاصله أن يقال: لا نسلم أن القياس صحيح لأن النحل تأكل الثمر والزهر وفيهما العشر فكذا فيما يتولد منه بخلاف دود القز م: (لأنه يتناول الأوراق) ش: أي أوراق شجر التوت م: (ولا عشر فيها) ش: أي في الأوراق وكذا فيما يتولد منها وهو الإبريسم.
م: (ثم عند أبي حنيفة رضي الله عنه يجب فيه) ش: أي في العسل م: (العشر قل أو كثر، لأنه لا يعتبر النصاب) ش: لإطلاق الحديث المذكور الذي رواه أبو هريرة وهو حديث الكتاب.
م: (وعن أبي يوسف أنه يعتبر فيه قيمة خمسة أوسق) ش: يعني إذا بلغ العسل قيمة خمسة أوسق ففيه العشر، وهذا ظاهر الرواية عنه، كذا قاله الإمام الأسبيجابي رحمه الله م:(كما هو أصله) ش: أي كما هو اعتبار القيمة في أصله في قيمة خمسة أوسق من أدنى ما يوسق م: (وعنه) ش: أي وعن أبي يوسف م: (أنه لا شيء فيه) ش: أي أن العسل لا شيء فيه، أي لا يجب فيه شيء م:(حتى يبلغ عشر قرب) ش: بكسر القاف جمع قربة كل قربة خمسون منا كذا في " شرح الطحاوي ".
م: (لحديث بني شبابة أنهم كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك) ش: أي عشر قرب، ثم إنه وقع في بعض النسخ هكذا الحديث بني سيارة بفتح السين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبعد الألف راء، وهذا تصحيف، وكذا وقع سبابة بالسين المهملة والباء الموحدة بعد الألف وهو أيضا تصحيف والصحيح بني شبابة بفتح الشين المعجمة وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف تاء أخرى، وفي " المغرب " ذكره في باب الشين المعجمة مع الباء الموحدة فقال: بنو شبابة قوم بالطائف من خثعم كانوا يتخذون النحل حتى نسب إليهم العسل فقيل: عسل شبابي وسبابة تصحيف يعني بالمهملة، وقال ابن ماكولا: شبابة بفتح الشين المعجمة وباء موحدة مكررة بطن من فهر، سيابة بسين مهملة بعدها ياء معجمة باثنين من تحتها وبعد الألف باء معجمة بواحدة فهو شبابة بن عاصم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول «أنا ابن العواتك من سليم.» فقال الجوهري في فصل السين: بنو سبابة
وعنه خمسة أمناء، وعن محمد رحمه الله خمسة أفراق كل فرق ستة وثلاثون رطلا لأنه أقصى ما يقدر به، وكذا في قصب السكر
ــ
[البناية]
قوم بالطائف وذكر في فصل السين المهملة والسبابة السائمة الثلخة وبه سمي الرجل، وذكر في باب الراء في فصل السين المهملة الساير القافل وقولهم أصح من عير أبي سيارة وهو أبو سيارة العدواني كان يدفع بالناس من جمع أربعين سنة على حماره.
م: (وعنه خمسة أمناء) ش: أي وعن أبي يوسف في رواية أخرى يجب إذا بلغ خمسة أمناء وهي رواية الأمالي.
م: (وعن محمد خمسة أفراق كل فرق ستة وثلاثون رطلا) ش: قال الأترازي: فيه نظر لأنه لم يذكر سائر أقوال محمد قبل هذا في المتن حتى يقول عن محمد وكان من حق الكلام أن يقول:
وقال محمد: انتهى.
قلت: في هذا النظر نظر، لأنه إنما قال: وعن محمد ليشير به إلى أن لمحمد أيضا أقوالا، فذكر عنه قولا واحدا ولم يلتزم أن يذكر الجميع، وفي " السروجي ": وعن محمد أيضا ثلاث روايات أحدها خمس قرب والقربة خمسون منا، ذكره في " الينابيع "، وفي " المغني ": القربة مائة رطل والثانية خمسة أمناء والثالثة خمسة أفراق، قال السروجي وهي أربعون منا، والفرق ستة وثلاثون رطلا والفرق بفتحتين، قال الأزهري: النحويون على السكون وكلام العرب على التحريك.
وفي " التكملة ": وفرق بينهما في " المغني " فقال: الفرق بسكون الراء من الأواني والمقادير ستة عشر رطلا وبالفتح مكيال يأخذ ثلاثين رطلا وقيل بالسكون مائة وعشرون رطلا، وقيل بالسكون أربعة أرطال، وذكر النسفي أنه ستة وثلاثون رطلا، ومثله عن القاضي من الحنابلة.
وفي " الصحاح ": الفرق بالسكون وقد يحرك والأفراق هو الذي يجمع فرق يدل على تحريك الراء في المفرد، لأن الفرق بالسكون يجمع على أفرق وفروق م:(لأنه أقصى ما يقدر به) ش: أي لأن الفرق أعلى ما يقدر به في هذا الموضع وعند أحمد نصاب العسل عشر أواق وهو قول الزهري ويروى عن عمر رضي الله عنه م: (لأنه أقصى ما يقدر به) ش: أي لأن الفرق أعلى ما يقدر به في هذا الموضع.
م: (وكذا في قصب السكر) ش: قال الأترازي: يعني أن في السكر يعتبر خمسة أمناء عند محمد، وعند أبي يوسف خمسة أوسق كما في الزعفران كذا ذكره الحاكم الشهيد والجصاص والإمام والأسبيجابي وغيرهم مذهب أبي يوسف ومحمد في السكر قال: وهو على هذا البيان عطف على قوله - كالزعفران والقطن- أي حكم بين أبي يوسف ومحمد في قصب السكر كما في الزعفران والقطن انتهى.