الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكل دينار عشرة دراهم في الشرع، فيكون أربعة مثاقيل في هذا كأربعين درهما.
قال: وفي تبر الذهب والفضة وحليهما وأوانيهما الزكاة، وقال الشافعي رحمه الله لا تجب الزكاة في حلي النساء وخاتم الفضة للرجال؛ لأنه مبتذل في مباح فشابه ثياب البذلة
ــ
[البناية]
رحمه الله مسألة الكسر، يعني أن الكسور لا زكاة فيها عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما تجب بحساب ذلك، وقد مر الكلام في فصل الفضة من الجانبين، والخلاف في الموضعين واحد.
م: (وكل دينار عشرة دراهم في الشرع) ش: قال الأترازي: فيه نظر؛ لأنه أراد بهذا التقرير أن الدينار والمثقال سواء، وقد قرر قبل هذا أن عشرة دراهم وزن سبعة مثاقيل لا وزن دينار واحد، فيكون الدينار مثل عشرة دراهم، انتهى.
قلت: الذي قاله قبل هذا كان في ابتداء الأمر، وتقرر بعد ذلك كل دينار بعشرة دراهم، ألا ترى أن الدية قد قررت من الذهب بألف دينار، ومن الورق بعشرة آلاف درهم، وفي السرقة لا قطع في أقل من دينار أو عشرة دراهم م:(فيكون أربعة مثاقيل في هذا) ش: أي في الخلاف المذكور بين أبي حنيفة وبين صاحبيه -رحمهما الله- م: (كأربعين درهما) ش: في مسألة المائتين عند زيادة الأربعين درهما عليهما؛ لأن الزيادة في كل واحد منهما خمس النصاب.
[الزكاة في تبر الذهب والفضة]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (في تبر الذهب والفضة) ش: التبر بكسر التاء المثناة من فوق وسكون الباء الموحدة، لما كان غير مضروب من الذهب والفضة م:(وحليهما) ش: بضم الحاء وكسر اللام، أي جمع حلي بفتح الحاء وسكون اللام وهو ما تحلى به المرأة من ذهب أو فضة، وقيل: أو جوهر، والحلية: الزينة من الذهب والفضة م: (وأوانيهما) ش: أي الأواني المعمولة من الذهب والفضة م: (الزكاة) ش: مرفوع بالابتداء وخبره هو قوله مقدما - وفي تبر الذهب والفضة.
م: (وقال الشافعي: لا تجب الزكاة في حلي النساء وخاتم الفضة للرجال) ش: وبه قال مالك وأحمد وفي رواية إسحاق، وقد كان الشافعي يقول هذا في العراق وتوقف بمصر، وقال: هذا مما أستخير الله فيه، وقال الليث: ما كان من حلي يلبس ويعار فلا زكاة فيه، وإن اتخذ للتحرز عن الزكاة ففيه الزكاة.
وقال أنس رضي الله عنه: يزكي عاما واحدا لا غير. وقال الحسن البصري، وعبد الله بن عتبة، وقتادة، وأحمد مرة: زكاته عاريته، ويروى ذلك عن ابن عمر وجابر إذا زكاه مرة ذكره النسائي م:(لأنه) ش: أي لأن الحلي م: (مبتذل في مباح) ش: وهو الحلي الذي يباح استعماله، وكل ما كان كذلك فلا زكاة فيه م:(فشابه) ش: أي الحلي يباح استعماله ثيابه م: (ثياب البذلة) ش: وهي ثياب المهنة.
ولنا أن السبب مال نام، ودليل النماء موجود وهو الإعداد للتجارة خلقة، والدليل هو المعتبر بخلاف الثياب
ــ
[البناية]
م: (ولنا أن السبب) ش: أي سبب وجوب الزكاة م: (مال نام) ش: أي أصله نامي كقاض، وأصله قاضي: فاعل إعلاله م: (ودليل النماء موجود) ش: كأنه جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال: فمن أين النماء فيه؟ فأجاب بقوله: -ودليل النماء موجود- م: (وهو الإعداد للتجارة خلقة) ش: أي من حيث الخلقة فلا تبطل بهذا الوصف بإعداده للاستعمال م: (والدليل هو المعتبر) ش: أي الدليل الذي يدل على أنه معد للتجارة من حيث الخلقة هو المعتبر لا نفس النماء م: (بخلاف الثياب) ش: هذا جواب عن قوله - فشابه ثياب البذلة- لأنه لا إعداد فيها لا من العرف ولا من الشرع، وقولنا مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن العباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري، وابن حبيب، وابن جبير، وعبد الله بن شداد، وعطاء، وطاوس، وميمون بن مهران، وأيوب، وابن سيرين، ومجاهد، والضحاك، وجابر بن زيد، وعلقمة، والأسود، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، والزهري، وذر الهمداني، والأوزاعي، وابن شبرمة، والحسن بن حي، والحسن بن جني واستحبه الحسن، قال الزهري: نصت السنة أن في الحلي الزكاة، وهو قول عائشة، وأم سلمة وفاطمة بنت قيس، ذكره عبد الحق في " الأحكام الصغرى ".
فإن قلت: ما سند أصحابنا في الأحاديث؟
قلت: روى أبو داود والنسائي عن خالد بن الحارث عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: "أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من النار" فخلعتهما، وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله» والمسكتان: تثنية مسكة بالفتحات؛ السوار.
وروى أبو داود أيضا في "سننه ": حدثنا محمد بن إدريس الرازي، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي جعفر أن محمد بن عمر بن عطاء أخبره عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: دخلنا على «عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: "ما هذا يا عائشة؟ "، فقلت صنعتهن أتزين لك بهن يا رسول الله، قال:"أتؤدين زكاتهن؟ ".
قلت: لا، قال: " هن حسبك من النار» انتهى.
والفتخات: جمع فتخة بالفاء وسكون التاء المثناة من فوق وبالخاء المعجمة وهي الخاتم الذي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
لا فص لها.
وروى أحمد في "مسنده ": حدثنا علي بن عاصم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب، «عن أسماء بنت يزيد قالت: دخلت أنا وخالتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا أسورة من الذهب فقال لنا: "أتعطيان زكاتها؟ " فقلنا: لا، فقال: "أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار أديا زكاته» .
وروى الدارقطني في سننه عن نصر بن مزاحم عن أبي بكر الهذلي حدثنا شعيب بن الحبحاب عن الشعبي قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بطوق فيه سبعون مثقالا من ذهب فقلت: يا رسول الله خذ منه الفريضة فأخذ منه مثقالا وثلاثة أرباع مثقال» .
وروى الدارقطني أيضا عن يحيى بن أبي الليث عن حماد بن إبراهيم عن علقمة «عن عبد الله بن مسعود قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن لامرأتي حليا من ذهب عشرون مثقالا، قال: "فأد زكاته نصف مثقال» .
وروى أيضا عن قبيصة عن علقمة عن عبد الله «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن لي حليا وإن لي بني أخ وإن زوجي خفيف اليد فتجزئ عني أن أجعل زكاة الحلي فيهم؟، قال: "نعم» .
وروى الدارقطني أيضا عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن للحلي زكاة.
وروى أبو داود من حديث أم سلمة قالت: «كنت ألبس أوضاحا من ذهب، فقلت يا رسول الله: أكنز هو؟ فقال: ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز» انتهى، والأوضاح: جمع وضح وهو الحلي.
فإن قلت: روى الترمذي حديث عمرو بن شعيب المذكور عن قتيبة عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب.. الحديث، ثم قال: ابن لهيعة ضعيف، ولا يصح في هذا الباب شيء، انتهى.
قلت: ما علينا من هذا الباب والطريق الذي رواه أبو داود صحيح، وقال ابن القطان في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
كتابه: إسناده صحيح، قال المنذري: إسناده لا مقال فيه، وخالد بن الحارث إمام فقيه احتج به البخاري ومسلم، وكذلك احتجا بحسين المعلم، وقول الترمذي: ولا يصح في هذا الباب شيء، قال فيه المنذري: لعله قصد الطريقين اللذين ذكرهما هو، فإن حديث أبي داود رحمه الله لا مقال فيه، وعمرو بن شعيب وإن كان تكلم فيه بعضهم فقد قال شيخنا زين الدين وحكى البخاري توقفه فيما حكاه الترمذي عنه قال: رأيت أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحد من المسلمين فمن الناس بعدهم؟
فإن قلت: في حديث عائشة رضي الله عنها محمد بن عمر، قال الدارقطني هو مجهول.
قلت: قال البيهقي في " المعرفة ": هو محمد بن عمر بن عطاء لكنه نسبه إلى جده فظن أنه مجهول، وليس كذلك وتبع الدارقطني في تجهيله عبد الحق، وقال ابن القطان: خفي عليه كما خفي على الدارقطني وهو من الثقات، ويحيى بن أيوب أخرجه له مسلم، وعبيد الله بن أبي جعفر من رجال الصحيحين، وكذلك عبد الله بن شداد، والحديث على شرط مسلم وأخرجه الحاكم في مستدركه عن محمد بن عمر بن عطاء، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
فإن قلت: في حديث إسماعيل بن عاصم رواه يزيد بن هارون بالكذب وعبد الله بن خيثم، قال ابن معين: أحاديثه ليست بالقوية، وشهر بن حوشب قال ابن عدي: لا يحتج بحديثه.
قلت: علي بن عاصم بن صهيب بن سنان الواسطي وثقه أحمد، وروى عنه وقال يحيى بن زكريا صدوق، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه وعبد الله بن خيثم، وهو عبد الله بن عثمان بن خيثم القارئ من القراء المكي، قال يحيى بن معين: هو ثقة حجة، ووثقه العجلي وأبو حاتم والنسائي، روى له مسلم والأربعة، وشهر بن حوشب الأشعري الشامي الحمصي، ويقال الدمشقي وثقه يحيى، وعنه ثبت، وعن أحمد: ما أحسن حديثه ووثقه، وروى له مسلم مقرونا بغيره وروى له الأربعة.
فإن قلت: في حديث فاطمة بنت قيس نصر بن مزاحم قال أبو خيثمة: كان كذابا، وقال ابن معين: حديثه ليس بشيء، وأبو بكر الهندواني قال الدارقطني: متروك، وقال ابن الجوزي قال غندر: هو كذاب، وقال ابن معين وابن المديني: ليس بشيء، قلت: أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في " تاريخ أصبهان " في حرف الشين عن شيبان بن زكريا عن عباد بن كثير عن شعيب بن الحبحاب به سواء. فإن قلت: حديث عبد الله بن مسعود، قال الدارقطني: هو مرسل موقوف، قلت: فليكن يحسن فيعمل به، وحديثه الآخر عن قبيصة عن عقبة أحد مشايخ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
البخاري، وأكثر منه في الصحيح، ولا يلفت إلى ما قاله ابن القطان أنه يخطئ كثيرا.
فإن قلت: حديث أم سلمة فيه ثابت بن عجلان، قال البيهقي: تفرد به ثابت.
قلت: لا يضر، فإن البخاري أخرج له وأخرجه الحاكم في "مستدركه " عن محمد بن مهاجر عن ثابت به وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، ومحمد بن مهاجر قال ابن حبان: يضع الحديث عن الثقات، وقال ابن الجوزي في " التحقيق ": وهذا وهم قبيح، فإن محمد بن مهاجر الكذاب ليس هذا، فإن الذي يروي عن ثابت بن عجلان ثقة شامي، وأخرج له مسلم في "صحيحه "، وأما محمد بن مهاجر الكذاب فإنه متأخر عنه.
وأما أحاديث الخصوم، فمنها ما رواه ابن الجوزي في " التحقيق " بسنده عن عافية بن أيوب عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليس في الحلي زكاة» قال البيهقي: والذي يروى عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس في الحلي زكاة» لا أصل له، وفيه عافية بن أيوب مجهول، فمن احتج به مرفوعا، كان مقرا بذنبه داخلا فيما يعيب به، من يحتج بالكذابين. وقال السروجي رحمه الله: هذا غريب من البيهقي مع تعقبة الشافعي، وقال ابن الجوزي: هو ضعيف مع أنه موقوف على جابر رضي الله عنه.
ومنها ما رواه مالك رضي الله عنه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يحلي نساءه وجواريه الذهب ثم لا يخرج من حليهن الزكاة.
ومنها ما رواه الدارقطني عن شريك عن علي بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الحلي قال: ليس فيه زكاة.