الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأول أصح، وتسميته سنة لوجوبه بالسنة،
ويستحب في يوم الفطر أن يطعم الإنسان قبل الخروج إلى المصلى ويغتسل
ــ
[البناية]
وصيام شهر رمضان، قال: هل علي غيره؟ قال: لا إلا أن تطوع، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، قال: فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق.»
قوله- عقيب سؤاله- أي عقيب سؤال الأعرابي. قوله- إلا أن تطوع - بتشديد الطاء والواو كلتيهما، لأن أصله تتطوع بتائين، فأدغمت أحد التائين في الطاء.
م: (والأول أصح) ش: أراد بالأول وجوب صلاة العيد، وأشار هذا إلى أنه أيضا ممن يقول بالوجوب. م:(وتسميته سنة لوجوبه بالسنة) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال إذا كانت صلاة العيد واجبة فكيف تقول إنها سنة، وتقرير الجواب أن تسمية محمد رحمه الله صلاة العيد سنة مع كونها واجبة لأجل أنها تثبت بالسنة وهي مواظبته- عليه السلام عليها من غير ترك، وفي " المحيط " عن أبي يوسف رحمه الله أنها سنة واجبة أي وجوبها طريقة مستقيمة.
[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]
م: (ويستحب في يوم الفطر أن يطعم الإنسان قبل أن يخرج إلى المصلى) ش: وبه قال مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله لما روى البخاري في -صحيحه- عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تغدوا يوم الفطر حتى تأكلوا تمرات» ، وقال أنس قيل «ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل أو أكثر بعد أن يكون وترا» وهو قول فقهاء الأمصار، وكان ابن عمر رضي الله عنه لا يأكل يوم الفطر حتى يغدو.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل ومثله عن النخعي، وقال علي رضي الله عنه «من السنة أن يأكل يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى» وعن ابن عباس رضي الله عنه يجب عليه. وعن سعيد بن المسيب: كان الناس يؤمرون بالأكل قبل الغدو في يوم الفطر.
م: (ويغتسل) ش: بنصب اللام، أي يستحب في يوم الفطر أن يغتسل، وبه قال عطاء وعلقمة وعروة والنخعي والشعبي وإبراهيم التيمي وقتادة، ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر، وعن الشافعي رحمه الله أنه سنة كالجمعة ذكره في " المهذب " و" نهاية المطلب "، وفي " المدونة " غسل العيدين مطلوب دون غسل الجمعة. وفي " الذخيرة " لما كان العيد منخفض عن الجمعة في الوجوب وهو في وقت البرودة وعدم انتشار روائح الأعراف انحط غسله عن غسلها، وفي " الجواهر " يغتسل بعد الفجر، فإن فعل قبله أجزأه.
فإن قلت: جعل المصنف الاغتسال هاهنا مستحبا، وفي الطهارة سنة.
ويستاك ويتطيب، لما روي «أنه صلى الله عليه وسلم كان يطعم في يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى» وكان يغتسل في العيدين ولأنه يوم اجتماع فيسن فيه الغسل والتطيب كما في الجمعة ويلبس أحسن ثيابه؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له جبة فنك أو صوف يلبسها في الأعياد»
ــ
[البناية]
قلت: اختلفت عبارات المشايخ، ففي بعضها جعله مستحبا، وفي بعضها سنة والصحيح أنه سنة، وسماه مستحبا لاشتمال السنة على المستحب.
م: (ويستاك) ش: بالنصب أيضا، لأن العلة التي لأجلها ندب الاغتسال والسواك والتطيب في الجمعة في صلاة العيد، وفي " السنن "عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الغسل يوم الجمعة على كل محتلم والسواك، ويمس من الطيب ما قدر له".» م: (ويتطيب) ش: بالنصب أيضا، أي يستحب في يوم الفطر أن يتطيب بطيب له رائحة ولا لون له كالبخور والمسك حلال للرجل، وقد غلط من قال بنجاسته.
م: (لما روي أنه عليه السلام «كان يطعم في يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى» ش: هذا دليل لقوله ويستحب في الفطر أن يطعم قبل أن يخرج إلى المصلى، وقد رويناه عن البخاري من حديث أنس رضي الله عنه:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات» وقد ذكرناه عن قريب. م: «وكان يغتسل في العيدين» ش: هذا حديث آخر دليل لقوله ويغتسل، رواه ابن ماجه من حديث الفاكه بن سعد، وكانت له صحبة:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر» والفاكه بن سعد يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام، ولا يعرف لفاكه بن سعد غير هذا الحديث، وروى ابن ماجه أيضا من حديث ابن عباس قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى» .
م: (ولأنه) ش: أي ولأن يوم العيد. م: (يوم اجتماع، فيسن فيه الغسل والتطيب كما في الجمعة) ش: أي كما سن في يوم الجمعة. م: (ويلبس) ش: بالنصب أيضا، أي: ويستحب له أن يلبس. م: (أحسن ثيابه) ش: جديدا كان أو غسيلا. م: (لأنه عليه السلام «كانت له جبة فنك أو صوف يلبسها في الأعياد» ش: هذا الحديث غريب، لكن روى البيهقي من طريق الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد الأسلمي، أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد» . وروى البيهقي من حديث جابر بن عبد الله، قال: «كان للنبي عليه السلام برد أحمر
ويؤدي صدقة الفطر إغناء للفقير ليتفرغ قلبه للصلاة
ــ
[البناية]
يلبسه في العيدين والجمعة» .
قوله - جبة فنك- بالإضافة، ويجوز أن يكون بالصفة، وكذا الكلام في برد حبرة، والفنك بفتح الفاء والنون: حيوان يتخذ من جلده الفراء السنجاب، والحبرة بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة برد يمان، والجمع حبر، ويقال برد حبر وحبرة بالإضافة، والصفة عن عمر رضي الله عنه أنه خرج في يوم الفطر أو أضحى في ثوب قطن يمشي.
م: (ويؤدي صدقة الفطر) ش: بالنصب أيضا عطفا على قوله: أن يطعم. م: (إغناء للفقير) ش: أي لأجل إغنائه، لقوله عليه السلام «أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم» ، ويروى عن الطلب، رواه الدارقطني والبيهقي من رواية أبي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهم، وفي رواية البيهقي:«أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم» .
وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من «حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر أن نؤديها قبل خروج الناس إلى الصلاة.» م: (ليتفرغ قلبه للصلاة) ش: أي لصلاة العيد، لأن الفقير يشتغل بالسؤال ويطوف ويشتغل قلبه بالتحصيل، فإذا أعطي شيئا من ذلك يفرغ قلبه لأجل الصلاة.
ثم إن "المصنف "رحمه الله ذكر هاهنا استحباب ستة أشياء وهي قوله - في يوم الفطر - إلى قوله - ويتوجه إلى المصلى - وفي " قنية المنية " يستحب يوم الفطر للرجل اثني عشر شيئا: الغسل، والسواك، ولبس أحسن الثياب المباحة والتطيب والتختم والتبكير وهو سرعة الانتباه والابتكار وهو المسارعة إلى المصلى، والإفطار على حلو قبل الصلاة، وأداء صدقة الفطر قبلها، وصلاة الغداة في مسجد حيه، والخروج إلى المصلى ماشيا، والرجوع من طريق أخرى، والأضحى كالفطر غير أنه يترك الأكل حتى يصلي العيد، وهو سنة، قال: وكانت الصحابة رضي الله عنهم يمنعون صبيانهم من الأكل وأطفالهم من الرضاع إلى أن يصلوا.
وقال بعضهم: هذه سنة لمن أراد أن يضحي بعد الأضحى حتى يكون أول أكله من لحم الأضحية، فأما من لم يضح فقبل الصلاة وبعدها في حقه سواء، ثم الخروج للجبانة سنة، وهي المصلى في طرف البلد، وإن كان يسعهم المسجد الجامع، وعليه عامة المشايخ، وقيل: ليس بسنة، وإنما يفعل لضيق الجامع، والصحيح هو الأول، وقال ابن المنذر: قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلى، والسنة ذلك، فإن ضعف يوم عنه أمر الإمام من يصلي بهم في المسجد، وهو الأفضل، روي ذلك عن علي رضي الله عنه واستحسنه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الأوزاعي، وهو قول الشافعي رحمه الله وأبي ثور.
والمستحب أن يجيء ماشيا لما ذكرنا عن عمر رضي الله عنه: «من السنة أن يأتي العيد ماشيا» . رواه الترمذي وابن المنذر. وبه قال عمر بن عبد العزيز، وكره النخعي الركوب، واستحب المشي الثوري، والشافعي - رحمهما الله- وأحمد كقولنا، وهو أقرب إلى التواضع وموافقة السنة، والركوب مباح، وفي المرغيناني: لا بأس بالركوب في الجمعة والعيدين، والمشي أفضل، ومثله في " الذخيرة، «وكان عليه السلام يقول عند خروجه: اللهم إني خرجت إليك مخرج العبد الذليل» .
فإن قلت: ما أصل اختلاف الطريق يوم العيد عند الخروج إلى المصلى.
قلت: روي عن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم العيد في طريق، ثم رجع في طريق آخر» رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، وروى البخاري من حديث جابر أنه عليه السلام «كان يعدو يوم الفطر والأضحى في طريق ويرجع الأخرى.»
فإن قلت: ما الحكم فيه قلت ذكر فيه وجوه الأول أنه إنما فعل ذلك ليكون للطريق الآخر حظا من العبادة والثاني لأن الناس يسألون عن الشرائع وما كانوا يقدرون على الوقوف له في طريق واحد الثالث أن كل واحد الثالث أن كل واحد كان يتمنى النظر إلى وجهه ولا يتيسر له في طريق واحد. الرابع: ليبين أن ذلك كله حسن مختار. الخامس: أنه كان يفعله احتياطا وتحرزا عن كيد الكفار. السادس: أن ذلك لكثرة الزحمة، يروى عن ابن عمر السابع: لأجل الغبار. الثامن: للتسوية بين أهل الطريقين في التبرك به. التاسع: لتعم الصدقة مساكين الطريقين، العاشر: لإظهار كثرة أهل الإسلام وانتشارهم. وفي "التجنيس" الحكمة في ذلك أن مكان القربة يشهد لصاحبها، ففي اختلاف الطريقين كثرة الشهود.
ويتوجه إلى المصلى ولا يكبر عند أبي حنيفة رحمه الله في طريق المصلى ويكبر عندهما اعتبارا بالأضحى، وله أن الأصل في الثناء الإخفاء.
ــ
[البناية]
م: (ويتوجه إلى المصلى) ش: بالرفع لا بالنصب أي يتوجه من يريد صلاة العيد إلى مصلى العيد. م: (ولا يكبر) ش: يجوز أن تكون الواو للعطف، ويجوز أن تكون للحال، يعني ولا يكبر جهرا. م:(عند أبي حنيفة رحمه الله في طريق المصلى) ش: إنما قيدنا بالجهر، لأن التكبير خير موضوع، لا خلاف في جوازه بصفة الإخفاء، وذكر الطحاوي أنه يغدو إلى الصلاة جاهرا بالتكبير في العيدين، ولم يذكر الخلاف.
وقال أبو بكر الرازي في شرح " مختصر الطحاوي " ويحكى عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يكبر في الأضحى دون الفطر وعليه مشايخنا بما وراء النهر، وفي عامة الكتب الخلاف في الجهرية في طريق المصلى لا في نفس التكبير، ومعنى قوله - ولا يكبر - أي جهرا به عند أبي حنيفة رحمه الله كما ذكرنا، ويأتي به سرا كما في سائر الأيام، وهو رواية المعلى عن أبي يوسف رحمه الله ذكره المرغيناني.
وقال الأسبيجابي مثلما قال الطحاوي ثم إنه يقطع التكبير إذا انتهى إلى المصلى، وفي رواية: لا يقطعها ما لم يفتتح الإمام صلاة العيد، ذكره في " المحيط ".
واختلف أصحاب الشافعي رحمه الله في انقطاع هذا التكبير، فقال المزني: يكبرون حتى يخرج الإمام، وقال البويطي: حتى يفتتح الصلاة، وعن الشافعي رحمه الله في القديم: حتى ينصرف من الصلاة، ومثله في الأضحى، ويجهر به في الطريق إجماعا. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يرفع صوته بالتكبير في العيدين، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
م: (ويكبر عندهما) ش: أي يكبر جهرا عند أبي يوسف رحمه الله ومحمد في عيد الفطر. م: (اعتبارا بالأضحى) ش: أي قياسا على عيد الأضحى، فإنه يكبر فيه جهرا بلا خلاف، وبه قال النخعي؛ وسعيد بن جبير وابن أبي ليلى، وابن عبد العزيز وأبان بن عثمان، والحكم وحماد ومالك والشافعي ومحمد وإسحاق وأبو ثور رضي الله عنهم واحتجوا بقوله تعالى:{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185][البقرة، الآية: 185] وقال ابن عباس رضي الله عنهما هذا ورد في عيد الفطر بدليل عطفه على قوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185] والمراد بإكمال العدة إكمال صوم رمضان.
م: (وله) ش: أي لأبي حنيفة رحمه الله. م: (أن الأصل في الثناء الإخفاء) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف: 205][الأعراف: 205] ، وقوله عليه السلام «خير الذكر الخفي» ، ولأنه أقرب من الأدب والتطوع، وأبعد من الرياء وقال صلى الله عليه وسلم: