المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[كيفية تغسيل الشهيد] - البناية شرح الهداية - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌السفر الذي يتغير به الأحكام

- ‌فرض المسافر في الرباعية

- ‌[دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها هل يقصروا]

- ‌[حكم نية إقامة المسافر من أهل الكلأ]

- ‌[ما يستحب للإمام المسافر]

- ‌[الحكم إذا دخل المسافر بلده]

- ‌[حكم من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر]

- ‌[وطن الإقامة للمسافر يبطل بمثله]

- ‌[اعتبار نية السفر في موضعين وحكم من فاتته صلاة في السفر]

- ‌[ترخص العاصي]

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌[شروط صحة الجمعة]

- ‌[المكان الذي تصح فيه الجمعة]

- ‌[صلاة الجمعة في القرى]

- ‌[الجمعة بمنى وعرفات]

- ‌[دخول الوقت من شرائط الجمعة]

- ‌[الخطبة من شرائط الجمعة]

- ‌[شروط الخطبة وسننها]

- ‌[الجماعة من شرائط الجمعة]

- ‌[العدد الذي تصح به صلاة الجمعة]

- ‌[من لا تجب عليه الجمعة]

- ‌[إمامة المسافر والعبد والمريض في الجمعة]

- ‌[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]

- ‌[حكم المسبوق في صلاة الجمعة]

- ‌[البيع والشراء بعد أذان الجمعة الأول]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]

- ‌[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]

- ‌[التنفل في المصلى قبل صلاة العيد]

- ‌[وقت صلاة العيدين]

- ‌[كيفية صلاة العيدين]

- ‌[رفع اليدين في تكبيرات العيدين]

- ‌[الخطبة بعد الصلاة في العيدين]

- ‌[حكم من فاتته صلاة العيد مع الإمام]

- ‌[الحكم لو غم هلال شوال وشهدوا برؤيته عند الإمام بعد الزوال]

- ‌[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]

- ‌فصل في تكبيرات التشريق

- ‌[صيغة التكبير]

- ‌[التكبير للنساء والمسافرين]

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

- ‌[القراءة في صلاة الكسوف]

- ‌[الدعاء في صلاة الكسوف]

- ‌[الصلاة لكسوف القمر جماعة]

- ‌باب الاستسقاء

- ‌[عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]

- ‌[الدعاء في صلاة الاستسقاء]

- ‌[حضور أهل الذمة الاستسقاء]

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها]

- ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

- ‌باب الجنائز

- ‌[ما يفعل بالمحتضر]

- ‌[ما يفعل بالميت عقب موته]

- ‌[فصل في غسل الميت] [

- ‌كيفية غسل الميت]

- ‌[وضوء الميت من غير مضمضة واستنشاق]

- ‌[غسل رأس الميت ولحيته بالخطمي]

- ‌[تنشيف الميت بعد الغسل]

- ‌[وضع الكافور على مساجد الميت]

- ‌[تسريح شعر الميت ولحيته]

- ‌فصل في التكفين

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للرجل]

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للمرأة]

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌[حكم الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة عليه]

- ‌[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]

- ‌[كيفية صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو كبر الإمام خمسا في صلاة الجنازة]

- ‌[الاستغفار للصبي في صلاة الجنازة]

- ‌[أحكام المسبوق في صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو صلوا على الجنازة ركبانا]

- ‌[صلاة الجنازة في المسجد]

- ‌[حكم الصلاة على من استهل بعد الولادة ثم مات]

- ‌[تغسيل وتكفين القريب الكافر]

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌[كيفية حمل الجنازة]

- ‌[الإسراع بالجنازة]

- ‌[الجلوس قبل وضع الجنازة عن الأعناق]

- ‌فصل في الدفن

- ‌[المفاضلة بين اللحد والشق]

- ‌[كيفية الدفن]

- ‌[تسنيم القبر]

- ‌[تجصيص القبر وتطيينه]

- ‌[الدفن ليلا]

- ‌[قلع الحشيش الرطب من القبور]

- ‌باب الشهيد

- ‌[تعريف الشهيد]

- ‌[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]

- ‌[كل من يدخل في معنى الشهيد]

- ‌[تغسيل الشهيد الجنب]

- ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

- ‌[تغسيل من قتل في حد أو قصاص]

- ‌[تغسيل من مات من البغاة]

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌[حكم الصلاة في الكعبة]

- ‌[الحكم لو صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق المأمومون حول الكعبة]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[حكم الزكاة وشروط وجوبها]

- ‌[حكم مانع الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الفور أم التراخي]

- ‌[زكاة مال المكاتب]

- ‌[زكاة المدين]

- ‌[الزكاة دور السكنى والثياب وأثاث المنازل ونحوها]

- ‌[زكاة كتب العلم وآلات الحرفيين]

- ‌[زكاة المال المضمار والمفقود والمغصوب]

- ‌[زكاة المال الذي صادره السلطان]

- ‌[حكم من اشترى جارية أو شيئا للتجارة ثم نواه للخدمة أو القنية]

- ‌[اشتراط النية في الزكاة]

- ‌[حكم من تصدق بمال لا ينوي به الزكاة]

- ‌[فروع في اشتراط النية في الزكاة]

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌[حكم صدقة السوائم]

- ‌[فصل في زكاة الإبل] [

- ‌نصاب زكاة الإبل والقدر الواجب فيها]

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌[حكم زكاة البقر]

- ‌[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]

- ‌[الجواميس والبقر سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الغنم

- ‌[نصاب زكاة الغنم والقدر الواجب فيها]

- ‌[الضأن والمعز سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الخيل

- ‌[كيفية إخراج زكاة الخيل]

- ‌فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة

- ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

- ‌[كيفية زكاة المال المستفاد أثناء الحول]

- ‌[الحكم لو أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم]

- ‌[بني تغلب هل تلزمهم الزكاة]

- ‌[حكم تقديم الزكاة على الحول]

- ‌[باب حكم زكاة المال]

- ‌فصل في الفضة

- ‌[نصاب الزكاة في الفضة ومقدار الواجب]

- ‌فصل في الذهب

- ‌[نصاب الزكاة في الذهب ومقدار الواجب]

- ‌[الزكاة في تبر الذهب والفضة]

- ‌فصل في العروض

- ‌[زكاة العروض حكمها وشروط وجوبها]

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌[الخلاف بين المزكي والعاشر]

- ‌باب في المعادن والركاز

- ‌[حكم زكاة المعدن والركاز ومقدار الواجب فيه]

- ‌[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]

- ‌[حكم من دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا]

- ‌[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌[حكم زكاة الزروع والثمار] [

- ‌نصاب زكاة الزروع والثمار والمقدار الواجب فيه]

- ‌[الزكاة في الخضروات]

- ‌[زكاة العسل]

- ‌[احتساب أجرة العمال في زكاة ما تخرجه الأرض]

- ‌باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز

- ‌[الفقير والمسكين من مصارف الزكاة] [

- ‌الفرق بين الفقير والمسكين]

- ‌[العاملون عليها من مصارف الزكاة]

- ‌[قدر ما يعطى العامل من الزكاة]

- ‌[وفي الرقاب من مصارف الزكاة]

- ‌[وفي سبيل الله من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بسبيل الله]

- ‌[ابن السبيل من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بابن السبيل]

- ‌[دفع الزكاة إلى الذمي]

- ‌[دفع الزكاة للآباء والأبناء والزوجة]

- ‌[حكم إعطاء الزكاة والصدقة لبني هاشم ومواليهم]

- ‌[الحكم لو دفع الزكاة لغير مستحقيها وهو لا يعلم]

- ‌[حكم نقل الزكاة]

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌[تعريف زكاة الفطر وحكمها وعلى من تجب]

- ‌[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]

- ‌[فصل في مقدار الواجب في زكاة الفطر]

- ‌[وقت وجوب زكاة الفطر]

الفصل: ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

ولا يغسل عن الشهيد دمه، ولا ينزع عنه ثيابه، لما روينا

وينزع عنه الفرو والحشو والقلنسوة والسلاح والخف؛ لأنها ليست من جنس الكفن،

ويزيدون وينقصون ما شاءوا إتماما للكفن.

ــ

[البناية]

فإن قلت: ذكر ابن قدامة في " المغني " أن حارثة بن النعمان، وعمير بن أبي وقاص أخا سعد كانا من شهداء أحد وهما صغيران.

قلت: هذا غلط؛ لأن عمير بن أبي وقاص قتل يوم بدر قبل أحد، وهو ابن ست عشرة ذكره ابن سعد في " الطبقات ".

وأما حارثة بن النعمان فتوفي في خلافة معاوية وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وأما حارثة المستشهد غلاما هو حارثة بن الربيع الأنصاري قتل يوم بدر، كذا في "الصحيحين" وغيرهما، وليس في قتلى أحد من اسمه جارية، قال: ذكر ذلك تميمة في " شرح الهداية ".

[كيفية تغسيل الشهيد]

م: (ولا يغسل عن الشهيد دمه، ولا ينزع عنه ثيابه لما روينا) ش: وأشار به إلى ما ذكره من قوله عليه الصلاة والسلام: «زملوهم بكلومهم ودمائهم ولا تغسلوهم» وهذا يدل على عدم غسل الدم عن الشهيد، ولكن لا يدل على عدم نزع الثياب، وإنما الدليل على ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه قال:«أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن تنزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم» . أخرجه أبو داود وابن ماجه رضي الله عنهما.

م: (وينزع عنه الفرو والحشو) ش: أريد بالحشو الثوب المحشو بالقطن وهو بحسب اصطلاح الناس لا بحسب اللغة م: (والقلنسوة) ش: أريد بها القبع، وفي تفسيره أقوال م:(والسلاح والخف؛ لأنها) ش: أي لأن هذه الأشياء م: (ليست من جنس الكفن) ش: وفي " المبسوط " وكفن الشهيد ثيابه وينزع عنه ما ليس من جنس الكفن كالفرو والسلاح والجلود والحشو والخفين والقلنسوة.

وفي " الذخيرة " والسراويل. وقال الشافعي: ينزع ما ليس من غالب لباس الناس كالجلود والفرو والخفاف والدرع والبنصر والجبة والمحشوة، وبه قال أحمد رحمه الله وقال مالك: لا تنزع الفرو والجلود والقلنسوة، وقال مطرف: لا ينزع المنطقة ولا الخاتم إلا أن يكثر ثمنها. وفي الأسبيجابي: ويكره أني ينزع عنهم جميع ثيابهم ويجدد لهم الكفن. وفي " التحفة ": ولا يكفن ابتداء في ثياب أخر دون ثيابه التي كانت عليه عند قتله.

م: (ويزيدون وينقصون ما شاءوا) ش: إذا كان ناقصا عن عدد المسنون، والضمير في يزيدون وينقصون يرجع إلى أولياء القتيل، لدلالة القرينة عليه، ولا اشتباه فيه حتى يقال: إنه إضمار قبل الذكر، قيل: وقد استدلوا بهذه اللفظة على أن عدد الثلاثة ليس بلازم، وأكثرهم على مراعاة الوتر والكفن.

قلت: ما ذكرنا أو في التعليل الذي ذكره في الكتاب م: (إتماما للكفن) ش: أي لأجل إتمام

ص: 274

قال: ومن ارتث غسل. وهو من صار خلقا في حكم الشهادة لنيل مرافق الحياة؛ لأن بذلك يخف أثر الظلم فلم يكن في معنى شهداء أحد، والارتثاث: أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يداوى، أو ينقل من المعركة حيا؛ لأنه نال بعض مرافق الحياة، وشهداء أحد ماتوا عطاشا، والكأس تدار عليهم، فلم يقبلوا خوفا من نقصان الشهادة.

ــ

[البناية]

الكفن، قيل: هو يرجع إلى قوله يزيدون.

قلت: لا مانع من أن يرجع إلى اللفظين معا؛ لأنه إذا نقص من الزائد على العدد المسنون يكون إتماما للكفن المسنون. فإذا لم ينقص لا يسمى كفن السنة. وأشار في " المبسوط " في نزع الأشياء المذكورة إلى أن هذه الأشياء كانت لدفع بأس العدو، وقد استغني عن ذلك، ولأن هذه عادة أهل الجاهلية؛ لأنهم كانوا يدفنون أبطالهم بما عليهم من الأسلحة، وقد نهينا عن التشبه بهم.

م: (ومن ارتث غسل) ش: على صيغة المجهول، بالتاء المثناة من فوق المضومة، ثم الثاء المثلثة، وهو من قولهم: ثوب رث أي خلق. وفي " المغرب ": ارتث الجريح إذا حمل من المعركة وبه رمق؛ لأنه حينئذ يكون ملقى كرثة المتاع، وقال الجوهري: اترث فلان على ما لم يسم فاعله، أي حمل من المعركة رثبة، أي جريحا وبه رمق. ومراد الفقهاء من ذلك مما أشار إليه المصنف بقوله م:(وهو) ش: أي المرتث دل عليه قوله: "ارتث" كما في قَوْله تَعَالَى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8](المائدة: الآية 8) ؛ م: (من صار خلقا) ش: بفتح اللام، يقال: ثوب خلق أي بلي، يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ لأنه في الأصل مصدر من خلق يخلق.

قال الجوهري: وقد خلق الثوب بالضم خلوقه أي بلي إذا خلق الثوب، مثله وأخلقه إنما متعد ولا يتعدى م: في حكم الشهادة لنيل مرافق الحياة) ش: وهي راحة الحياة.

م: (لأن بذلك) ش: أي بذلك النيل م: (يخف أثر الظلم، فلم يكن في معنى شهداء أحد) ش: لأنهم ماتوا على الحالة التي وقعت فيها الجراحة، ولم ينالوا من مرافق الحياة شيئا م:(والارتثاث) ش: الذي يوجب غسل القتيل م: (أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يداوى أو ينقل من المعركة حيا) ش: أو يصلي أو يتكلم بكلمة في رواية ابن سماعة عن أبي يوسف. وفي رواية عنه أنه يزيد على كلمة. وفي " البدائع " أو باع أو ابتاع أو تكلم بكلام طويل، وذكر ابن سماعة أن إكثار الكلام بمنزلة الأكل م:(لأنه نال بعض مرافق الحياة) ش: بمباشرة شيء من الأشياء المذكورة.

م: (وشهداء أحد ماتوا عطاشا والكأس) ش: أي كأس الماء م: (تدار عليهم فلم يقبلوا) ش: قال الجوهري: والكأس كل إناء فيه شراب وهي مؤنثة م: (خوفا من نقصان الشهادة) ش: شرب الماء الذي هو من لوازم الأحياء حتى لا ينالوا من مرافق الدنيا. وفي " شرح المصطفى " لعبد الملك بن محمد النيسابوري عن خارجة بن زيد عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أرسلني إلى سعد بن

ص: 275

إلا إذا حمل من مصرعه كيلا تطأه الخيول؛ لأنه ما نال شيئا من الراحة، ولو آواه فسطاطا أو خيمة كان مرتثا لما بينا

ــ

[البناية]

الربيع، وقال: إن رأيته أقرئه السلام: وقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف تجدك؟ " قال: جعلت أطوف بين القتلى حاصبة، وهو في آخر رمق وبه سبعون ضربة بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم، فقلت له: يا سعد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول لك: أخبرني كيف تجدك؟ قال: على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليك السلام، قل له: يا رسول الله أجد رائحة الجنة. وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم إن وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف، وفاضت عيناه» .

وقال العلامة الكردري في قوله: "خوفا من نقصان الشهادة": قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: 111](التوبة: الآية 111) ، أخذ الشهيد بعض مرافقه للحياة، فكان هذا تصرفا في البيع قبل التسليم لتحقق النقصان في تسليم المبيع كما لو تصرف البائع في المبيع قبل التسليم، فإنه يسقط بعض الثمن أو يثبت للمشتري الخيار، ولهذا لو استشهد الصبي يغسل؛ لعدم أهليته للبيع عنه، وروى البيهقي في " شعب الإيمان " عن أبي جهيم بن حذيفة العدوي، قال: انقطعت يوم الرسول ابن عمي ومعي سقية ماء، فقلت: إن كان به رمق سقيته من الماء فوجدته ومسحت وجهه، فإذا به ينشع، فقلت: أسقيك؟ فأشار إلى جانبه فنظرت فإذا رجل يقول: آه، فأشار هشام ابن عمي أن انطلق إليه فإذا هو هشام بن العاص، فأتيته فقلت: أسقيك؟ فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلق به إليه فجئته فإذا هو قد مات، فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات.

م: (إلا إذا حمل من مصرعه كيلا تطأه الخيول؛ لأنه ما نال شيئا من الراحة) ش: الاستثناء من قوله بمن ارتث غسل، يعني لا يغسل في هذه الصورة فهو شهيد: قال الأترازي: فيه نظر؛ لأنا لا نسلم أن الحمل من المصراع ليس بنيل راحة.

قلت في نظره نظر؛ لأن الحمل من المصراع إنما يكون نيل راحة إذا كان لصرم القتال، ألا ترى إلى ما قال في " الذخيرة " ولو كانوا في معمعة القتال، فوجدوا جريحا فحملوه والقوم في القتال ثم مات فهو شهيد. قال الحاكم الشهيد: ومجرد حمله ورفعه من المعركة والقتال على حاله بعد لا يجعله مرتثا وإنما ارتثاثه بذلك بعدم تصرم القتال، وفي " التحفة " وفي " المحيط " و" المفيد " أو بقي يوما وليلة في المعركة.

م: (ولو آواه) ش: بالمد، أي لو ضمه، م:(فسطاط) ش: وهي الخيمة الكبيرة فيه ست لغات، ضم الفاء وكسره، وبالباء مكان الطاء الأولى، وتشديد السين بغير الطاء والباء مع ضم الفاء وكسرها، ذكرها ابن قتيبة م:(أو خيمة كان مرتثا) ش: فيغسل م: (لما بينا) ش: أراد به قوله؛ لأنه

ص: 276

ولو بقي حيا حتى مضى عليه وقت صلاة وهو يعقل فهو مرتث؛ لأن تلك الصلاة صارت دينا في ذمته وهو من أحكام الأحياء، قال: وهذا مروي عن أبي يوسف رحمه الله ولو أوصى بشيء من أمور الآخرة كان ارتثاثا عند أبي يوسف رحمه الله لأنه ارتفاق، وعند محمد رحمه الله لا يكون؛ لأنه من أحكام الأموات

ــ

[البناية]

نال مرافق الحياة.

م: (لو بقي حيا حتى مضى عليه وقت صلاة وهو يعقل فهو مرتث) ش: أي والحال أنه يعقل، واحترز به. أما إذا بقي مغمى عليه؛ لأنه لا يكون مرتثا، كذا روي عن أبي يوسف.

وفي " الذخيرة ": ذكر ابن سماعة أو مضى عليه وقت صلاة كاملة.

وفي " التحفة " أو مضى عليه وقت صلاة وهو يعقل، ويقدر على أدائها بالإيماء، حتى يجب القضاء بتركها.

وفي " المجتبى " والمراد بوقت الصلاة قدر ما تجب عليه الصلاة وتصير دينا في ذمته، وهو رواية عن أبي يوسف. وعندنا يوم وليلة، ولو كان مغمى عليه يوما وليلة لم يكن مرتثا. وعن محمد لو بقي في المعركة حيا يوما وليلة فهو مرتث وإن لم يعقل. وفي " نواد بشر " عن أبي يوسف إذا مكث الجريح في المعركة أكثر من يوم حيا والقوم في القتال وهو يعقل أو لا يعقل، فهو بمنزلة الشهيد.

قال الأترازي: إنه لو تأمل اليوم كله ثم خر ميتا من جراحه أصابته في أول النهار كان شهيدا، وإن تصرم القتال بينهم فهو جريح في المعركة فمكث وقت صلاة لا يكون شهيدا، وذكر الكرخي في "مختصره ": إن عاش في مكانه وهو لا يعقل لا يغسل، وإن زاد على يوم وليلة؛ لأنه لا ينتفع بحياته فكان كالميت.

م: (لأن تلك الصلاة صارت دينا في ذمته وهو) ش: أي كون الدين في ذمته م: (من أحكام الأحياء) ش: فيكون مرتثا فيغسل.

م: (قال) ش: أي المصنف رحمه الله: م: (وهذا مروي عن أبي يوسف) ش: وروي عن محمد مثل قول أبي يوسف، إلا أنه قال: إن عاش في مكانه يوما كان مرتثا، سواء كان عاقلا أو لم يكن، وإن كان أقل من ذلك، لم يكن مرتثا م:(ولو أوصى بشيء من أمور الآخرة كان ارتثاثا عنده) ش: أي عند أبي يوسف م: (لأنه ارتفاق) ش: بحصول الثواب.

م: (وعند محمد لا يكون ارتثاثا؛ لأنه من أحكام الأموات) ش: أي لا يعبأ بشيء من الأمور الآخرة من أحكام الأموات، وقال الصدر الشهيد في " الجامع الصغير ": قيل: الاختلاف فيما إذا أوصى بشيء من أمور الآخرة، أما إذا أوصى بشيء من أمور الدنيا كان ارتثاثا بالإجماع.

ص: 277

ومن وجد قتيلا في المصر غسل؛ لأن الواجب فيه القسامة والدية فخف أثر الظلم إلا إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما؛ لأن الواجب فيه القصاص وهو عقوبة، والقاتل لا يتخلص عنها ظاهرا إما في الدنيا وإما في العقبى، وعند أبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله ما لا يلبث بمنزلة السيف

ــ

[البناية]

وقال في " شرح الطحاوي ": قيل: إنه لا اختلاف فيما بينهما في الحقيقة. فجواب أبي يوسف خرج في الذي أوصى بأمور الدنيا. وجواب محمد خرج في الذي أوصى بأمور الآخرة، وقال أبو بكر الرازي: وإن كان أكثر من كلامه في وصيته، فطال غسل؛ لأن الوصية شيء من أمور الموت، فإذا طالت أشبهت أمور الدنيا.

م: (ومن وجد قتيلا في المصر غسل) ش: قيد بالمصر؛ لأنه لو وجد في مفازة ليس بقربها عمران لا يجب فيه قسامة ولا دية ولا يغسل لو وجد به أثر القتل م: (لأن الواجب فيه القسامة والدية فخف أثر الظلم) ش: فلم يكن في معنى شهداء أحد فيغسل م: (إلا إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما) ش: هذا الاستثناء من قوله "غسل" يعني لا يغسل القتيل في المصر إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما مظلوما، ولكن هذا فيما إذا علم قاتله لوجوب القصاص.

أما إذا لم يعلم قاتله فيغسل، وإن قتل بحديدة؛ لأنه ليس فيه معنى شهداء أحد، لأنه إذا لم يعمل قاتله يجب القسامة والدية. وعند الشافعي: يغسل القتيل في المصر، وإن قتل بحديدة وإن عرف قاتله لوجوب القصاص، وهو بدل الدم كالدية وكذا ما قاله المصنف بقوله:

م: (لأن الواجب فيه القصاص وهو عقوبة) ش: إما في الدنيا إن وجد، وإما في الآخرة إن لم يوجد م:(والقاتل لا يتخلص عنها) ش: أي عن العقوبة م: (ظاهرا) ش: من حيث ظاهر الأمر م: (إما في الدنيا) ش: إن وجد م: (وإما في العقبى) ش: إن لم يوجد كما ذكرنا، والقصاص عقوبة وليس بعوض حتى يخفف أثر الظلم، وإن كان عوضها لكن نفعه يعود إلى الورثة لا له فلم ينتفع الميت به، بخلاف الدية، فإن نفعها يعود إليه حتى يقضي منها ديته وينفذ وصاياه، كذا في " مبسوط فخر الإسلام "، والسر فيه أن وجوب المال دون القصاص دليل صفة الحياة، بدلالة أن المال يثبت بالشبهة، والقصاص دليل صفة الجناية؛ لأن المال يثبت بالشبهة والقصاص يجب الشبهة.

م: (وعنده أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - ما لا يلبث بمنزلة السيف) ش: أراد بهذا أنه لا يشترط في القتيل وجد في المصر أن يقتل بالحديد عندهما، بل ما لا يلبث في الباب مثل الثقل من الحجر، والخشب مثل السيف عندهما؛ حتى لا يغسل القتيل ظلما في المصر إذا علم قاتله، وعلم أنه قتل بالمثقل لوجوب القصاص عندهما، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا يجب القصاص في القتل بالمثقل؛ لأنه لو وجب فلا يخلو إما أن يستوفي دما أو جرحا فلا يجوز الأول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«إلا بالسيف» ولا يجوز المال في اللزوم لزيادة، والقصاص مبناه على المماثلة م:

ص: 278