الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فينزل منزلتها في حق ارتفاض الظهر احتياطا، بخلاف ما بعد الفراغ منها لأنه ليس بسعي إليها.
ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر،
ــ
[البناية]
الصلوات، فإنه يصح أداؤها في كل مكان، فإذا صار من خصائص الجمعة شرعا أشبه الاشتغال به الاشتغال بركن منها، والشخص إذا تشاغل بالجمعة بطل الظهر.
فإن قلت: كيف لا يبطل الظهر إذا توضأ يريد الجمعة والطهارة من فروضها.
قلت: سلمنا أنها من فروضها ولكن ليست من الفروض المختصة بها، واعترض على أصل أبي حنيفة رحمه الله بمسألة القارن، فإنه إذا وقف بعرفات قبل أن يطوف بعمرته يصير رافضا لها، ولو سعى إلى عرفات لا يصير به رافضا للعمرة. وأجيب بأن في العمرة روايتان ذكرهما أبو بكر الرازي: أحدهما: رافضا لعمرته بمجرد التوجه كما في السعي إلى الجمعة فلا يرد الاعتراض، والأخرى: أنه لا يكون رافضا لعمرته حتى يقف بها وهي الرواية المشهورة، ووجه الفرق أن الأمر وارد برفض الظهر بخلاف رفض العمرة، فإنه حرام، فلم تجز إقامة التوجه مقام الوقوف.
فإن قلت: الظهر قوي؛ لأنه حسن لمعنى في نفسه، والسعي ضعيف؛ لأنه بمعنى في غيره، فلا ينقض الضعيف القوي.
قلت: لما قام السعي مقام الجمعة اعتبر فيه صفة الجمعة لا صفة نفسه، كالتراب لما قام مقام الماء اعتبر فيه صفة الماء لا صفة نفسه، فلما قام مقام القوي صار هو قويا في نفسه.
فإن قلت: السعي الموصل إلى الجمعة مأمور به، والسعي الذي لا يدرك به الجمعة غير موصل فيجب أن لا تبطل به الظهر. قلت: الحكم به دائر بين الإمكان لكون الإمام في الجمعة، والإدراك ممكن في الجمعة بإنذار أهل إياه بالإدراك.
م: (فينزل منزلتها) ش: أي فإذا كان الأمر كذلك فنزل السعي منزلة الجمعة. م: (في حق ارتفاض الظهر احتياطا) ش: أي لأجل الاحتياط، إذ الأقوى يحتاط في إثباته، ما لا يحتاط في إثبات الأضعف. م:(بخلاف ما بعد الفراغ منها) ش: هذا جواب عن قياسهما، أي بخلاف إدراكه بعد فراغ الإمام من الجمعة. م:(لأنه ليس بسعي إليها) ش: أي إلى الجمعة فلا يبطل الظهر، وما قيل أن السعي المذكور في النص نفس الشيء لا المشي بصفة العدو والإسراع لا يخلو عن نظر، وهو موضع التأمل. وفي " العتبية ": سرعة المشي والعدو غير واجب عندنا وعامة الفقهاء، واختلف في استحبابه، والأصح أن يمشي على السكينة والوقار.
[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]
م: (ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر) ش: وقال الشافعي رحمه الله: لا يكره لهم ذلك، بل هو أفضل كما في سائر الأيام، ولكنهم يخفونها حتى إن من رآهم لا يظنهم راغبين عن الإمام. وفي " الحلية " قال الشافعي رحمه الله: المستحب لأصحاب
وكذا أهل السجن، لما فيه من الإخلال بالجمعة، إذ هي جامعة للجماعات، والمعذور قد يقتدي به غيره بخلاف أهل السواد؛ لأنه لا جمعة عليهم،
ــ
[البناية]
الأعذار أن يؤخروا الظهر بجماعة إلى فوات الجمعة ثم يصلونها، ولكن يجب عليهم إخفاؤها لئلا يتهموا بالرغبة عن صلاة الإمام.
وفي " شرح الوجيز " فيه وجهان: أحدهما: لا يستحب، لأن الجماعة في هذا اليوم الجمعة، وهو قول مالك وأبي حنيفة -رحمهما الله- وأصحهما أنه يستحب، وبه قال أحمد والثوري، ولو صلى المعذور ظهره في بيته ثم حضر وصلى الجمعة فجمعته تطوع في الجديد، وبه قال زفر. وقال الشافعي رحمه الله في القديم: يحتسب الله تعالى بأيتها شاء.
وفي " الغاية ": ولو صلى المعذورون الظهر أجزأهم، وكرهه الحسن وأبو قلابة كقولنا، وقال قوم: يصلون جماعة، روي ذلك عن ابن مسعود. وقال الثوري: وربما فعلته أنا والأعمش، وبه قال إياس بن معاوية وأحمد وإسحاق.
م: (وكذا أهل السجن) ش: أي وكذا يكره لأهل السجن إذا صلوا الظهر يوم الجمعة بجماعة، ورخص مالك رحمه الله لأهل السجن والمسافرين والمرضى أن يجمعوا، واختلف قوله في القديم: تفوتهم الجمعة، فحكى ابن القاسم عنه أنهم يصلون أفرادا أربعا. وفي " جوامع الفقه ": أصحاب الأعذار، ومن لا تجب عليه الجمعة إذا صلوا الظهر بلا أذان ولا إقامة فرادى من غير جماعة كان أحسن. وفي " خزانة الأكمل ": يصلي المعذور بأذان وإقامة في بيته. وفي " الولوالجي ": لا يؤذن ولا يقيم في السجن وغيره كصلاة الظهر. وفي " المبسوط ": لو صلى الإمام الظهر بأهل المصر جازت صلاتهم وقد أساءوا. وفي " المرغيناني ": إذا منع الإمام أهل المصر أن يجمعوا لا يجمعون، وقال أبو جعفر: هذا إذا منعهم باجتهاد، وأراد أن يخرج تلك البقعة أن تكون مصرا، فأما إذا نهاهم تعنتا أو إضرارا بهم، فلهم أن يجمعوا على من يصلي بهم، وزعم أبو إسحاق المروزي من الشافعية رحمهم الله أنها تصح على كلا القولين ولم يوافقوا عليه.
م: (لما فيه) ش: أي لما في الفعل المذكور وهو صلاة المعذورين الظهر بجماعة، وصلاة أهل السجن كذلك. م:(من الإخلال بالجمعة إذ هي جامعة للجماعات) ش: كلمة إذ للتعليل، وهي ترجع إلى الجمعة.
م: (والمعذور قد يقتدي به غيره) ش: أي غير المعذور فلا يذهب إلى الجمعة فيخل بالجمعة. م: (بخلاف أهل السواد) ش: وهم أهل القرى. م: (لأنه لا جمعة عليهم) ش: وكذا أهل المفاوز الذين يسقط عنهم شهود الجمعة، لأن يوم الجمعة في حقهم كسائر الأيام، وَيَعْرَى صُنْعُهُمْ عَنْ شُبَهِ مخالفة الإمام والسواد الأعظم. م:(وإن فعلوا ذلك) ش: أي وإن فعل المعذورون الصلاة بالجماعة.