الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في زكاة البقر
وليس في أقل من ثلاثين من البقر السائمة صدقة
ــ
[البناية]
[فصل في زكاة البقر]
[حكم زكاة البقر]
م: (فصل في زكاة البقر) ش: أي هذا فصل في بيان حكم زكاة البقر، قدم فصل البقر على فصل الغنم؛ لقربها من الإبل في الضخامة والقيمة. وذكر صاحب كتاب " الزينة " أن لفظ البقر من البقر، وهو الشق لأنه يبقر الأرض أي يشقها، والبقر جنس، وأنواعه الجاموس، والعراب، والدراسة، وهي التي يحمل عليها.
وفي " الصحاح ": البقرة للذكر والأنثى، والهاء للإفراد كالتمر والتمرة، والبيقور والبقر، والياء والواو زائدتان، وأهل اليمن يسمون البقرة الباقورة، والباقر: اسم جمع للبقر مع رعاته، كالجامل لجماعة الجمال، وفي " شرح النووي ": البقر جنس وأنواعه: بقرة وباقورة، وعن أبي يوسف رحمه الله: البقرة للأنثى.
[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]
م: (وليس في أقل من ثلاثين من البقر السائمة صدقة) ش: قال الأترازي رضي الله عنه: لا خلاف بين الأمة في هذا.
قلت: فيه خلاف بين الأمة، فقالت الظاهرية: لا زكاة في أقل من خمسين من البقر، فإذا ملك خمسين بقرة عاما قمريا متصلا ففيها بقرة، وفي المائة بقرتان، ثم في كل خمسين بقرة بقرة، ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ خمسين.
وقال آخرون: في خمس من البقر شاة، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بقرة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت واحدة ففيها بقرتان إلى مائة وعشرين، فإذا زادت واحدة ففي كل أربعين بقرة مسنة.
قال ابن حزم، وابن المنذر - رحمهما الله-: هذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحكمه، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد الرحمن بن خلدة، وقتادة، والزهري، وفقهاء المدينة رضي الله عنهم.
وقال ابن حزم رضي الله عنه: فلزم مالكا اتباعهم على أصله، وما يروى فيه من الأمر موقوف ومنقطع، واعتبروه بالإبل كما في الأضحية، إذ كل منهما يجزئه عن سبعة، ويرد عليهم أن خمسا من الإبل بخمس وثلاثين من الغنم، ولا يجب فيها ما يجب في خمس من الإبل. وعن مصدق أبي بكر رضي الله عنه أنه أخذ من كل عشر بقرات بقرة.
ومذهبنا قول علي بن أبي طالب، وأبي سعيد الخدري، والشعبي، وطاوس، وشهر بن حوشب، وعمر بن عبد العزيز، والحكم بن عيينة، وسليمان بن موسى الدمشقي، والحسن، ومالك، والشافعي،
فإذا كانت ثلاثين سائمة وحال عليها الحول، ففيها تبيع أو تبيعة، وهي التي طعنت في الثانية،
وفي أربعين مسن أو مسنة
ــ
[البناية]
وأحمد رحمهم الله وحكى ابن المنذر، عن أبي قلابة في خمس وعشرين خمس شياه، وفي ثلاثين تبيع.
م: (فإذا كانت) ش: أي البقر م: (ثلاثين سائمة، وحال عليها الحول ففيها تبيع أو تبيعة، وهي التي طعنت في الثانية) ش: لحديث معاذ: قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارا أو عدل معافر» رواه الترمذي من حديث مسروق رضي الله عنه وقال: هذا حديث حسن، ورواه أيضا بقية الأربعة.
وروى عمرو بن حزم رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب»
…
الحديث، وفيه:«في كل ثلاثين باقورة تبيع جذع أو جذعة، وكل أربعين باقورة بقرة» . واختلفوا في صحة هذا الحديث، فصححه ابن حبان والحاكم -رحمهما الله- واختلف النقل فيه عن أحمد.
وروى أبو داود من حديث الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هاتوا ربع العشر» .... الحديث، وفيه «وفي البقر في كل ثلاثين تبيع» .
م: (وفي أربعين مسن أو مسنة) ش: وليس على العوامل شيء، وفي الباب عن أنس، وأبي ذر، وأبي هريرة، وابن عباس رضي الله عنهم قوله: - معافر - وهي ثياب باليمن منسوبة إلى معافر قبيلة، واستدل به ابن العربي على أن البقر لا يؤخذ منها إلا مسنة أنثى، وإن كانت ذكورا كلها كلف رب المال أن يأتي بأنثى. وقال بعض الشافعية: يجزئه. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إن كانت كلها إناثا جاز فيها مسن ذكر.
وقال شيخنا زين الدين العراقي في هذا الحديث: لو أخرج عن الأربعين تبيعين لم يجزئه، وهو اختيار البغوي، كما لو أخرج عن ست وثلاثين بنتي مخاض لا يجوز، وقال: الذي اختاره البغوي حكاه الرافعي وجها، وقال أيضا: استدل بعموم ذكر البقر فيه على أن بقر الوحش إذا ملك تجب فيه الزكاة كغيرها. وعن أحمد روايتان: أحدهما الوجوب، والأخرى المنع، وهو قول مالك والجمهور.
وهي التي طعنت في الثالثة، بهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا رضي الله عنه فإذا زادت على أربعين وجب في الزيادة بقدر ذلك إلى ستين عند أبي حنيفة رحمه الله ففي الواحدة الزائدة ربع عشر مسنة، وفي الاثنتين نصف عشر مسنة، وفي الثلاثة ثلاثة أرباع عشر مسنة.
ــ
[البناية]
م: (وهي التي طعنت في الثالثة) ش: أي التبيعة هي التي دخلت في السنة الثالثة، سمي التبيع تبيعا؛ لأنه يتبع أمه. وقيل: لأن قرنه يتبعان أذنيه، وسمي المسن والمسنة بذلك لزيادة سنهما، وقال الخطابي رحمه الله: إن العجل ما دام يتبع أمه فهو تبيع إلى تمام سنة، ثم هو جذع، ثم ثني، ثم رباع، ثم سديس، ثم ضالع وهو المسن، وفسرت الشافعية التبيع والمسنة مثل ما فسر أصحابها، وشذ الجرجاني حيث قال في " البحرين ": التبيع: ما له دون سنة، وقيل: ما له سنة، والمسنة: ما لها سنة، وقيل: سنتان، وكذا قول الفورابي رحمه الله في " الإبانة ": التبيع ما استكمل سنة، وقيل: الذي يتبع أمه وإن كان له دون سنة.
وقال الرافعي: إن جماعة حكوا في التبيع ما له ستة أشهر، وفي المسنة: ما لها سنة، ولم ير الأصحاب هذا الخلاف معدودا من المذهب.
وقال ابن حزم رحمه الله: إن التبيع والتبيعة ما له سنتان، وأن المسنة ما لها أربع سنين وهو المشهور عند المالكية.
م: (بهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا رضي الله عنه) ش: أي بهذا الذي ذكرنا كيفية صدقة البقر أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه حين وجهه إلى اليمن، وقد ذكرناه الآن.
م: فإذا زادت) ش: أي البقر م: (على أربعين وجب) ش: أي الأداء م: (في الزيادة بقدر ذلك إلى ستين عند أبي حنيفة) ش: وبه قال إبراهيم وحماد، ومكحول م:(ففي الواحدة الزائدة ربع عشر مسنة، وفي الاثنتين نصف عشر مسنة، وفي الثلاثة ثلاثة أرباع عشر مسنة) ش: الفاء تفسيرية تفسيرها حكم الزائد على الأربعين وهو ربع عشر مسنة:
وهو جزء من أربعين جزءا من مسن أو مسنة أو جزء من ثلاثين جزءا من تبيع أو تبيعة، وهو ثلث عشرها مع المسنة، وهو الثنتين الزائدتين على الأربعين جزآن من أربعين جزءا من مسن أو مسنة، وهما نصف عشرها، أو جزآن من ثلاثين جزءا من تبيع أو تبيعة، وهما ثلثا عشر تبيع أو تبيعة، وفي الثلاث الزوائد على الأربعين ثلاثة أجزاء من أربعين جزءا من مسن أو مسنة، وهي ثلاثة أرباع عشرها أو ثلاثة أجزاء من تبيع أو تبيعة، وهي عشر تبيع أو تبيعة.
وفي الأربعة الزائدة على الأربعين أربعة أجزاء من أربعين جزءا من مسن أو مسنة، وهي عشرها أو أربعة أجزاء من ثلاثين جزءا من تبيع أو ببيعة، وهي عشر تبيعة، وثلث عشرها، وفي الخمسة الزائدة على الأربعين خمسة أجزاء من أربعين جزءا من مسن أو مسنة أو خمسة أجزاء من ثلاثين جزءا من تبيع أو تبيعة، وهي سدس تبيع أو تبيعة، وهكذا زيد الواجب على حسب
وهذه رواية الأصل؛ لأن العفو ثبت نصا بخلاف القياس، ولا نص هنا، وروى الحسن رضي الله عنه عنه أنه لا يجب في الزيادة شيء حتى تبلغ خمسين، ثم فيها مسنة وربع مسنة أو ثلث تبيع؛ لأن مبنى هذا النصاب على أن يكون بين كل عقدين وقص،
وفي كل عقد واجب. وقال أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله-: لا شيء في الزيادة حتى تبلغ ستين
ــ
[البناية]
الزيادة إلى الستين.
م: (وهذا رواية الأصل) ش: أي هذا المذكور هو رواية الأصل أي " المبسوط " رواها أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله هكذا ذكره أبو بكر الجصاص الرازي رحمه الله وهو ظاهر الرواية. م: (لأن العفو) ش: أي عدم الوجوب م: (ثبت نصا) ش: أي من جهة النص م: (بخلاف القياس) ش: لما فيه من إخلاء المال عن الواجب مع قيام أهلية الوجوب وهو الغنى م: (ولا نص هنا) ش: في العفو، فلا يثبت نصب النصاب بالرأي لا يكون، وإما طريق معرفته النص، ولا نص فيما بين الأربعين إلى الستين، فإذا تعذر اعتبار النصاب فيه أوجبنا الزكاة في قليله وكثيره بحسب ما سبق.
م: (وروى الحسن رضي الله عنه عنه) ش: أي وروى الحسن بن زياد رضي الله عنه عن أبي حنيفة رضي الله عنه م: (أنه لا يجب في الزيادة شيء حتى تبلغ خمسين ثم فيها مسنة وربع مسنة أو ثلث تبيع) ش: لأن الزيادة على الأربعين عشرة وهي ثلاث وثلاثين، وربع أربعين، فيخير بين إعطاء ربع المسنة، وبين إعطاء ثلث التبيع إلى ستين، قال السروجي رحمه الله عن ابن شجاع: هي أصح الروايات.
م: (لأن مبنى هذا النصاب) ش: أشار به إلى نصاب البقر م: (على أن يكون بين كل عقدين وقص) ش: بفتح الواو وفتح القاف، وبالصاد المهملة ما بين الفريضتين في الماشية، وفتح القاف أشهر عند أهل اللغة، وصنف ابن بري جزءا في تخطئة الفقهاء ولحنهم في إسكان القاف، وليس كما قال. وجاء فيه الوقس بالسين المهملة، والنسق مثله بفتح النون، ويقال: الوقص في البقر خاصة، والنسق في الإبل خاصة، والعفو في الغنم، وقيل: الوقص يطلق على ما لا تجب فيه الزكاة، ويجمع على أوقاص كجمل وأجمال، وقيل: ولو كانت القاف ساكنة بجمع أفعل نحو فلس وأفلس، ولا يرد حول وأحوال وهول وأهوال؛ لأن معتل العين بالواو يجمع هكذا.
م: (وفي كل عقد واجب) ش: غير عفو كما قبل الأربعين وبعد الستين م: (وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- لا شيء في الزيادة) ش: أي على الأربعين م: (حتى تبلغ ستين) ش: فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان أو تبيعتان، وبه قال مالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم وفي " المحيط ": وهو أوفق الروايات عن أبي حنيفة رحمه الله وفي " جوامع الفقه " وهو المختار.
وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه «لا تأخذ من أوقاص البقر شيئا» وفسروه بما بين أربعين إلى ستين، قلنا: قد قيل: إن المراد منها هاهنا الصغار،
ــ
[البناية]
م: (وهو) ش: أي قولهما م: (رواية عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: وهو رواية أسد بن عمرو، فصار عن أبي حنيفة ثلاث روايات م: (لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «لا تأخذ من أوقاص البقر شيئا» ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين وجهه إلى اليمن.
قال الأترازي رحمه الله: ذكر الشيخ أبو يحيى القدوري في شرح " الكرخي " أن معاذا رضي الله عنه سئل عما بين الأربعين والستين، فقال: تلك أوقاص لا شيء فيها، انتهى.
قلت: العجب منه مع دعواه كيف ذكر الموقوف من حديث معاذ، وترك المرفوع الذي دل عليه كلام المصنف رحمه الله وقد روى الطبراني رحمه الله في "معجمه " حديث عثمان بن عمر الضبي: حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن رجل، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليس في الأوقاص شيء» .
ورواه ابن شيبة موقوفا حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث، عن طاوس، عن معاذ رضي الله عنه قال:«ليس في الأوقاص شيء» .
وروى أبو عبيد رضي الله عنه في " كتاب الأموال " من حديث سلمة بن أسامة أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن» .... الحديث، وفيه أن الأوقاص لا فريضة فيها.
م: (وفسروه بما بين أربعين إلى ستين) ش: أي فسر أهل اللغة: الوقص بالذي يكون بين الأربعين من البقر إلى الستين، وقيل: فسره الصحابة رضي الله عنهم.
م: (قلنا: قد قيل: إن المراد منها هاهنا الصغار) ش: أي المراد من الأوقاص الصغار من البقر، وهي العجاجيل، وبه نقول: إنه لا شيء فيها، أي والمراد بها إن أريد به العفو فله العدد في الابتداء، وأن الوقص في الحقيقة اسم لما لم يبلغ نصابا، وذلك في الابتداء كذا في " المبسوط ".