المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها] - البناية شرح الهداية - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌السفر الذي يتغير به الأحكام

- ‌فرض المسافر في الرباعية

- ‌[دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها هل يقصروا]

- ‌[حكم نية إقامة المسافر من أهل الكلأ]

- ‌[ما يستحب للإمام المسافر]

- ‌[الحكم إذا دخل المسافر بلده]

- ‌[حكم من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر]

- ‌[وطن الإقامة للمسافر يبطل بمثله]

- ‌[اعتبار نية السفر في موضعين وحكم من فاتته صلاة في السفر]

- ‌[ترخص العاصي]

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌[شروط صحة الجمعة]

- ‌[المكان الذي تصح فيه الجمعة]

- ‌[صلاة الجمعة في القرى]

- ‌[الجمعة بمنى وعرفات]

- ‌[دخول الوقت من شرائط الجمعة]

- ‌[الخطبة من شرائط الجمعة]

- ‌[شروط الخطبة وسننها]

- ‌[الجماعة من شرائط الجمعة]

- ‌[العدد الذي تصح به صلاة الجمعة]

- ‌[من لا تجب عليه الجمعة]

- ‌[إمامة المسافر والعبد والمريض في الجمعة]

- ‌[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]

- ‌[حكم المسبوق في صلاة الجمعة]

- ‌[البيع والشراء بعد أذان الجمعة الأول]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]

- ‌[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]

- ‌[التنفل في المصلى قبل صلاة العيد]

- ‌[وقت صلاة العيدين]

- ‌[كيفية صلاة العيدين]

- ‌[رفع اليدين في تكبيرات العيدين]

- ‌[الخطبة بعد الصلاة في العيدين]

- ‌[حكم من فاتته صلاة العيد مع الإمام]

- ‌[الحكم لو غم هلال شوال وشهدوا برؤيته عند الإمام بعد الزوال]

- ‌[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]

- ‌فصل في تكبيرات التشريق

- ‌[صيغة التكبير]

- ‌[التكبير للنساء والمسافرين]

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

- ‌[القراءة في صلاة الكسوف]

- ‌[الدعاء في صلاة الكسوف]

- ‌[الصلاة لكسوف القمر جماعة]

- ‌باب الاستسقاء

- ‌[عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]

- ‌[الدعاء في صلاة الاستسقاء]

- ‌[حضور أهل الذمة الاستسقاء]

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها]

- ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

- ‌باب الجنائز

- ‌[ما يفعل بالمحتضر]

- ‌[ما يفعل بالميت عقب موته]

- ‌[فصل في غسل الميت] [

- ‌كيفية غسل الميت]

- ‌[وضوء الميت من غير مضمضة واستنشاق]

- ‌[غسل رأس الميت ولحيته بالخطمي]

- ‌[تنشيف الميت بعد الغسل]

- ‌[وضع الكافور على مساجد الميت]

- ‌[تسريح شعر الميت ولحيته]

- ‌فصل في التكفين

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للرجل]

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للمرأة]

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌[حكم الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة عليه]

- ‌[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]

- ‌[كيفية صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو كبر الإمام خمسا في صلاة الجنازة]

- ‌[الاستغفار للصبي في صلاة الجنازة]

- ‌[أحكام المسبوق في صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو صلوا على الجنازة ركبانا]

- ‌[صلاة الجنازة في المسجد]

- ‌[حكم الصلاة على من استهل بعد الولادة ثم مات]

- ‌[تغسيل وتكفين القريب الكافر]

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌[كيفية حمل الجنازة]

- ‌[الإسراع بالجنازة]

- ‌[الجلوس قبل وضع الجنازة عن الأعناق]

- ‌فصل في الدفن

- ‌[المفاضلة بين اللحد والشق]

- ‌[كيفية الدفن]

- ‌[تسنيم القبر]

- ‌[تجصيص القبر وتطيينه]

- ‌[الدفن ليلا]

- ‌[قلع الحشيش الرطب من القبور]

- ‌باب الشهيد

- ‌[تعريف الشهيد]

- ‌[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]

- ‌[كل من يدخل في معنى الشهيد]

- ‌[تغسيل الشهيد الجنب]

- ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

- ‌[تغسيل من قتل في حد أو قصاص]

- ‌[تغسيل من مات من البغاة]

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌[حكم الصلاة في الكعبة]

- ‌[الحكم لو صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق المأمومون حول الكعبة]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[حكم الزكاة وشروط وجوبها]

- ‌[حكم مانع الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الفور أم التراخي]

- ‌[زكاة مال المكاتب]

- ‌[زكاة المدين]

- ‌[الزكاة دور السكنى والثياب وأثاث المنازل ونحوها]

- ‌[زكاة كتب العلم وآلات الحرفيين]

- ‌[زكاة المال المضمار والمفقود والمغصوب]

- ‌[زكاة المال الذي صادره السلطان]

- ‌[حكم من اشترى جارية أو شيئا للتجارة ثم نواه للخدمة أو القنية]

- ‌[اشتراط النية في الزكاة]

- ‌[حكم من تصدق بمال لا ينوي به الزكاة]

- ‌[فروع في اشتراط النية في الزكاة]

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌[حكم صدقة السوائم]

- ‌[فصل في زكاة الإبل] [

- ‌نصاب زكاة الإبل والقدر الواجب فيها]

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌[حكم زكاة البقر]

- ‌[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]

- ‌[الجواميس والبقر سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الغنم

- ‌[نصاب زكاة الغنم والقدر الواجب فيها]

- ‌[الضأن والمعز سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الخيل

- ‌[كيفية إخراج زكاة الخيل]

- ‌فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة

- ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

- ‌[كيفية زكاة المال المستفاد أثناء الحول]

- ‌[الحكم لو أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم]

- ‌[بني تغلب هل تلزمهم الزكاة]

- ‌[حكم تقديم الزكاة على الحول]

- ‌[باب حكم زكاة المال]

- ‌فصل في الفضة

- ‌[نصاب الزكاة في الفضة ومقدار الواجب]

- ‌فصل في الذهب

- ‌[نصاب الزكاة في الذهب ومقدار الواجب]

- ‌[الزكاة في تبر الذهب والفضة]

- ‌فصل في العروض

- ‌[زكاة العروض حكمها وشروط وجوبها]

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌[الخلاف بين المزكي والعاشر]

- ‌باب في المعادن والركاز

- ‌[حكم زكاة المعدن والركاز ومقدار الواجب فيه]

- ‌[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]

- ‌[حكم من دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا]

- ‌[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌[حكم زكاة الزروع والثمار] [

- ‌نصاب زكاة الزروع والثمار والمقدار الواجب فيه]

- ‌[الزكاة في الخضروات]

- ‌[زكاة العسل]

- ‌[احتساب أجرة العمال في زكاة ما تخرجه الأرض]

- ‌باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز

- ‌[الفقير والمسكين من مصارف الزكاة] [

- ‌الفرق بين الفقير والمسكين]

- ‌[العاملون عليها من مصارف الزكاة]

- ‌[قدر ما يعطى العامل من الزكاة]

- ‌[وفي الرقاب من مصارف الزكاة]

- ‌[وفي سبيل الله من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بسبيل الله]

- ‌[ابن السبيل من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بابن السبيل]

- ‌[دفع الزكاة إلى الذمي]

- ‌[دفع الزكاة للآباء والأبناء والزوجة]

- ‌[حكم إعطاء الزكاة والصدقة لبني هاشم ومواليهم]

- ‌[الحكم لو دفع الزكاة لغير مستحقيها وهو لا يعلم]

- ‌[حكم نقل الزكاة]

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌[تعريف زكاة الفطر وحكمها وعلى من تجب]

- ‌[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]

- ‌[فصل في مقدار الواجب في زكاة الفطر]

- ‌[وقت وجوب زكاة الفطر]

الفصل: ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

‌باب صلاة الكسوف

ــ

[البناية]

[باب صلاة الكسوف]

[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

م: (باب صلاة الكسوف) ش: أي هذا باب في بيان صلاة الكسوف، وجه المناسبة بين البابين من حيث إنهما يؤديان بالجماعة في النهار بغير أذان ولا إقامة، وآخرها من العيد، لأن صلاة العيد واجبة على الأصح كما ذكرناه فيما مضى، والتناسب بين هذه الأبواب الثلاثة أعني باب صلاة العيد والكسوف والاستسقاء ظاهر وأوردها حسب رتبها، وقدم العيد لكثرة وقوعها، وكذلك قدم الكسوف على الاستسقاء لهذا، ولأن للإنسان حالتين حالة السرور والفرح، وحالة الحزن والفزع، فقدم حالة السرور على حالة الفزع.

يقال: كسفت الشمس والقمر، بفتح السين فيهما، وكسفا على ما لم يسم فاعله، وانكسفا الكسوف اللازم، والكسف المتعدي، وأخسفا وانخسفا فهي ست لغات في الشمس والقمر وقيل الكسوف أوله والخسوف آخره فيهما، لأنه يقال انخسفت الأرض إذا ساحت ما عليها، وهو أقوى من الكسف.

قال النووي: وقد جاءت اللغات الست في " الصحيحين " والأشهر في سنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر وهو الأفصح، وقيل: لا يقال في الشمس إلا خسف، وفي القمر إلا كسف، والقرآن يرده، وقيل الخسوف في الكل، والكسوف في القمر فقط، وقال الليث: الخسوف فيهما والكسوف في الشمس فقط، وقال ابن دريد: خسف القمر وانكسفت الشمس، وقال الفراء في " الأجود ": كسفت الشمس وخسف القمر، وقيل العكس، وقيل: هما سواء، وقيل: الكسوف تغير لونها والخسوف تغيبها في السواد.

وأصل الكسوف التغير، ومنه كسف البال أي تغير الحال، والخسوف الذهاب بالكلية، ومنه قَوْله تَعَالَى:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81] ، ولما كان القمر يذهب ضوؤه كان أولى بالخسف.

قال شمس الأئمة السرخسي في " المبسوط ": عاب أهل الأدب على محمد رحمه الله في لفظه كسوف على القمر، وقالوا: إنما يقال خسوف القمر، كقوله وخسف القمر، قال: قلنا الكسوف ذهاب دائرته، والخسوف ذهاب دون دائرته، وقيل: الكسوف والخسوف تغيره والخسوف ذهاب لونه.

قلت: قد مر أن الكسوف والخسوف فيهما لا يعاب عليه، وقال السغناقي: كسفت الشمس كسوفا ويكسفها الله كسفا يتعدى ولا يتعدى، قال الشاعر:

الشمس طالعة ليست بكاسفة

تبكي عليك نجوم الليل والقمر

ص: 135

قال: وإذا انكسفت الشمس صلى الإمام بالناس ركعتين

ــ

[البناية]

أي ليست تكسف ضوء النجوم مع طلوعها، ولكن لقلة ضوئها وبكائها عليك لم يظهر لها نور، وكذلك كسف القمر، إلا أن الأجود فيه أن يقال خسف القمر، وذكر الإمام جمال الدين الأديب في شرح الأبيات يرثي جريرة هذا عمر بن عبد العزيز، ومعنى قوله " تبكي ": أي تغلبت النجوم في البكاء، يقال بكيته فبكيته، أي غلبته في البكاء، وروي " النجوم " بالرفع والنصب، فعلى تقدير الرفع كان الواو في والقمر بمعنى مع والألف للإشباع.

م: (قال: وإذا انكسفت الشمس صلى الإمام بالناس ركعتين)، ش: أصل مشروعية صلاة الكسوف بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59](الإسراء: الآية 59) ، والكسوف آية من الآيات المخوفة، والله تعالى يخوف عباده ليتركوا المعاصي ويرجعوا إلى الطاعة التي فيها فوزهم.

وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم شيئا من هذا الإفزاع فافزعوا إلى الصلاة» .

وأما الإجماع فإن الأمة قد اجتمعت عليها من غير إنكار أحد ثم يحتاج بعد هذا إلى معرفة ستة أشياء، سبب شرعيتها وهو الكسوف، لأنها تضاف إليه ويتكرر بتكرره وشرط جوازها ما اشترط لسائر الصلاة. وصفتها وهي سنة وليست بواجبة على الأصح، وقال بعض مشايخنا إنها واجبة للأمر بها، ونص في " الأسرار " على وجوبها وكيفية أدائها بالجماعة، ولكن اختلفوا فيها كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

وموضع صلاته أنه يصلي في المسجد الجامع أو في مصلى العيد ووقتها هو الوقت الذي يستحب فيه سائر الصلاة دون الأوقات المكروهة، وبه قال مالك. وقال الشافعي رحمه الله: لا يكره في الأوقات المكروهة، فقوله ركعتين. وفي " المحيط " عن أبي حنيفة رحمه الله إن شاءوا صلوا ركعتين، وإن شاءوا صلوا أربعا.

وفي " البدائع " و " المفيد " و " التحفة " و " العتيبة ": إن شاءوا صلوها ركعتين وإن شاءوا أربعا، وإن شاءوا أكثر من ذلك، هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله والجماعة فيها أفضل، فلذلك قال: يصلي الإمام بالناس، ويجوز فرادى، ذكره في " المحيط "، وفي " الذخيرة " الجماعة فيها سنة ويصلي بهم الإمام الذي يصلي الجمعة والعيدين. وفي المرغيناني: يؤمهم فيها إمام حيهم بإذن السلطان، لأن اجتماع الناس ربما أوجب فتنة وضلالا ولا يصلون في مساجدهم بل يصلون جماعة واحدة.

ص: 136

كهيئة النافلة في كل ركعة ركوع واحد. وقال الشافعي رحمه الله ركوعان، له رواية عائشة رضي الله عنها

ــ

[البناية]

م: (كهيئة النافلة) ش: بغير أذان ولا إقامة، م:(في كل ركعة ركوع واحد)، ش: مثل صلاة الفجر والجمعة، وبه قال النخعي والثوري وابن أبي ليلى، وهو مذهب عبد الله بن الزبير، رواه ابن أبي شيبة عن ابن عباس.

م: (وقال الشافعي: ركوعان)، ش: أي في كل ركعة ركوعان، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق رحمهم الله وعن أحمد وإسحاق يركع في كل ركعة ثلاث ركوعات، وحكى ابن المنذر عن حذيفة وابن عباس في كل ركعة ثلاث ركوعات.

وعن علي رضي الله عنه خمس ركوعات، وعن إسحاق يجوز في كل ركعة ركوعات ثلاثة وأربعة، لأنه ثبت ذلك كله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال العلاء بن زياد: لا يزال يركع ويقوم ويراقب الشمس حتى تنجلي. وفي " البدائع " قال أبو منصور: اختلاف الروايات محمول على النسخ دون التخيير لاختلاف الأئمة، ولو كان على التخيير لما اختلفوا.

م: (له)، ش: أي للشافعي رحمه الله، م:(رواية عائشة رضي الله عنها)، ش: حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: «خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام فكبر فصف الناس وراءه فقرأ قراءة طويلة ثم ركع فركع ركوعا طويلا، ثم رفع رأسه، فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم قام فقرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعا طويلا هو أدنى من الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك فاستكمل أربع ركعات وأربع تحيات فانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام فخطب الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة» .

وأخرج البخاري ومسلم أيضا عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» - فذكر نحو حديث عائشة، وأخرجا أيضا نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.

وحديث الثلاث ركعات في كل ركعة أخرجه مسلم عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ست ركعات بأربع سجدات» وأخرجه أيضا عن عائشة رضي الله عنها، وعن ابن عباس بنحوه.

وحديث الأربع ركعات في كل ركعة، أخرجه مسلم عن طاووس «عن ابن عباس أنه عليه السلام صلى في الكسوف فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع ثم سجد» . وعن علي مثل

ص: 137

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ذلك.

وحديث الخمس ركعات في كل ركعة، أخرجه أبو داود في " سننه " من حديث أبي بن كعب أن «النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في كسوف الشمس، فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركعات وسد سجدتين وفعل في الثانية مثل ذلك، ثم جلس يدعو حتى ينجلي كسوفها» وفي إسناده أبو جعفر الرازي، واسمه عيسى بن عبد الله بن هامان فيه مقال، وذكر أبو عمر وابن حزم عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف عشر ركعات في أربع سجدات، وروى أبو داود «عشر ركعات في كل ركعة» .

ثم صورة هذه الصلاة عند الشافعي رحمه الله ما ذكره في " شرح الوجيز " أقل هذه الصلاة أن يحرم بنية صلاة الكسوف ويقرأ الفاتحة ويركع ثم يرفع رأسه ويقرأ الفاتحة ثم يركع ثم يسجد ثم يفعل كذلك في الركعة الثانية، وكلاهما أن يقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة سورة البقرة أو بقدرها ثم يركع ويسبح بقدر مائة آية ثم يرفع رأسه ويقرأ في القيام الثاني مقدار مائتي آية من سورة البقرة، ثم يركع ويسبح بقدر ثمانين آية، ثم يرفع رأسه ويقرأ ويسجد كما يسجدها في غيرها.

وقال ابن شريح: يطيل السجود على حسب ما قبله من الركوع، وقال غيره: لا يطيل بل هو كالسجود في سائر الصلاة والأول أصح ثم يقرأ في الركعة الثانية بعد الفاتحة مائة وخمسين آية، ثم يركع ويسبح بقدر سبعين آية ثم يرفع رأسه ويقرأ بعد الفاتحة بقدر مائة آية ثم يركع ويسبح بقدر خمسين آية، ثم يركع ويسجد، وهذا اختيار المزني وقول صاحب " الحلية ".

وقال السغناقي: في صورة صلاة الكسوف عند الشافعي رحمه الله أن يقوم في الركعة الأولى ويقرأ فيها بفاتحة الكتاب وسورة البقرة إن كان يحفظها، وإن كان لا يحفظها يقرأ غير ذلك مما بعدها، ثم يركع ويمكث في ركوعه مثلما يمكث في قيامه، ثم يرفع رأسه ويقوم ويقرأ سورة آل عمران إن كان يحفظها، وإن كان لا يحفظها يقرأ غير ذلك مما بعدها ثم يركع ثانيا ويمكث في ركوعه مثلما يمكث في قيامه هذا، ثم يرفع رأسه ثم يسجد سجدتين ثم يقوم فيمكث في قيامه ويقرأ فيه ما يقرأ في القيام الثاني في الركعة الأولى فيمكث في ركوعه مثلما يمكث في هذا القيام ثم يقوم ويمكث في مقامه مثلما يمكث في الركوع ثم يرفع رأسه ويقوم مثل ثلثي قيامه في القيام الأول من هذه الركعة الثانية، ثم يسجد سجدتين وتتم الصلاة، كذا في " المحيط ".

ص: 138

ولنا رواية سمرة وابن عمر رضي الله عنهما

ــ

[البناية]

وذكر في " الخلاصة الغزالية ": فإذا كسفت الشمس في وقت مكروه أو غير مكروه يؤدي الصلاة جماعة وصلى الإمام بالناس في المسجد ركعتين وركع في كل ركعة ركوعين أوائلها أطول من أواخرها، ثم ذكر قراءة الطوال الأربع، ثم قال: وسبح في الركوع الأول قدر مائة آية، وفي الثانية قدر ثمانين، وفي الثالثة قدر سبعين، وفي الرابع قدر خمسين آية.

م: (ولنا رواية سمرة وابن عمر رضي الله عنهما)، ش: في أكثر النسخ، ولنا رواية ابن عمر ولم يذكر سمرة - أما حديث سمرة بن جندب، فما أخرجه أبو داود حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الأسود بن قيس حدثني ثعلبة بن عباد العبدي ثم من أهل البصرة أنه شهد خطبة يوما لسمرة بن جندب قال:«قال سمرة بن جندب: بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس قيد رمح أو رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفق اسودت حتى آضت كأنها تَنُّومَة، فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد، فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حدثا قال: فدفعنا فإذا هو بارز فاستقدم فصلى فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا. قال: ثم ركع بنا كأطول ما ركع بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، قال: فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية، قال: ثم سلم ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وشهد أنه عبده ورسوله» ثم ساق أحمد بن يونس خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه النسائي أيضا مطولا ومختصرا.

وأخرجه ابن ماجه والترمذي مختصرا. وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا والطحاوي، وفي لفظهما نرمي غرضا لنا. قوله: غرضين مثنى غرض بفتح الغين والراء وهو الهدف. قوله " قيد رمحين " بكسر القاف أي قدر رمحين. آضت: أي رجعت، من آض يئيض أيضا، قوله " تنومة " بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد النون وضمها بعدها واو ساكنة ثم ميم مفتوحة وفي آخره هاء، وهو نوع من نبات الأرض، فيه وفي ثمره سواد قليل، ويقال هو شجر له ثمر كمد اللون، قوله " فإذا هو بارز " من البروز وهو الظهور، وقال الخطابي: هذا تصحيف من الراوي [....

.....] بهم لكثرتهم.

وأما حديث ابن عمر بدون الواو في عمر لم نجده، وإنما المروي حديث ابن عمرو، هو: عبد الله بن عمرو بن العاص، ولعل الخطأ من الناسخ، وحديث ابن عمرو أخرجه أبو داود

ص: 139

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

والنسائي والترمذي في " الشمائل " عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده، فقال أف أف، ثم قال رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون، ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته وقد أمحصت الشمس» . وأخرجه الحاكم أيضا وقال: صحيح ولم يخرجاه من أجل عطاء بن السائب.

قلت: قد أخرج البخاري عن عطاء حديثا مقرونا لأبي بشر، وقال أيوب ثقة، ولنا حديث أخرجه النسائي، عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا خسفت الشمس والقمر فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة» ورواه أحمد في " مسنده " والحاكم في " مستدركه "، وقال على شرطهما، ورواه أبو داود ولفظه «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت» .

وأخرجه ابن ماجه أيضا، وقال البيهقي: هذا مرسل، أبو قلابة لم يسمع من النعمان.

قلت: صرح في الكمال بسماعه من النعمان، وقال ابن حزم: وأبو قلابة أدرك النعمان وروى هذا الخبر عنه، وصرح ابن عبد البر بصحة هذا الحديث، وقال من أحسن حديث ذهب إليه الكوفيون حديث أبي قلابة عن النعمان يظهر من البيهقي دعوى بلا دليل، والعجب من النووي حكمه بصحة هذا الحديث، ثم قال إلا أنه روي بزيادة رجل بين أبي قلابة والنعمان، ثم اختلف في ذلك الرجل، واسم أبي قلابة عبد الله بن زيد الحربي.

ومنها حديث أخرجه أبو داود عن قبيصة الهلالي قال: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فزعا يجر ثوبه وأنا معه يومئذ بالمدينة فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام، ثم انصرف وانجلت فقال: إنما هذه الآيات يخوف الله بها، فإذا رأيتموها فصلوا، كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة» .

ص: 140

والحال أكشف على الرجال لقربهم

ــ

[البناية]

وأخرجه النسائي أيضا والحاكم في " المستدرك " وقال: حديث صحيح على شرائط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه البيهقي أيضا، ثم قال: يسقط بين أبي قلابة وقبيصة رجل وهو هلال بن عامر. وقال النووي في " الخلاصة ": وهذا لايقدح في صحة الحديث.

ومنها حديث أخرجه البخاري في " صحيحه " عن الحسن عن أبي بكر قال «خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد وبادر الناس فصلى بهم ركعتين مثل صلاتكم» ووهم النووي في " الخلاصة " فعزا هذا الحديث للصحيحين، وإنما انفرد به البخاري.

ومنها حديث أخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة وفيه فصلى ركعتين، فظاهر هذا الحديث والحديث الذي قبله: أن الركعتين بركوع واحد، وقد اختلفوا في الجواب عنهما لأجل أنهما عليهم، فقال النووي: قوله: " صلى ركعتين " يعني في كل ركعة قيامان وركوعان.

وقال القرطبي: يحتمل أنه إنما أخبر عن حكم ركعة واحدة وسكت عن الأخرى.

قلت: في هذين الجوابين إخراج اللفظ عن ظاهره، فلا يجوز إلا بدليل. وأيضا فلفظ النسائي كما تصلون، وابن حبان مثل صلاتكم يرد ذلك، وفي " العارضة " روى الكسوف عن النبي صلى الله عليه وسلم سبعة عشرة رجلا.

م: (والحال أكشف على الرجال لقربهم)، ش: هذا جواب عن حديث عائشة رضي الله عنها الذي احتج به الشافعي رحمه الله فيما ذهب إليه أن حال النبي صلى الله عليه وسلم وهي الهيئة التي كان عليه السلام عليها في صلاة الكسوف أكشف على الرجال من النساء بقرب الرجال منه عليه السلام، لأنهم يقومون قبل صف النساء.

ومن هذا أخذ محمد بن الحسن في " الآثار " فقال: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أطال الركوع زيادة على قدر ركوع سائر الصلوات فرفع أهل الصف الأول رؤوسهم ظنا منهم أنه صلى الله عليه وسلم رفع رأسه من الركوع من خلفهم ورفعوا رؤوسهم، فلما رأى أهل الصف الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم راكعا ركعوا ثمة خلفهم ركعة، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركوع رفع القوم رؤوسهم ومن خلف الصف الأول ظنوا أنه ركع ركوعين، فرووه على حسب ما رفع عندهم.

ومثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان آخر الصفوف وعائشة رضي الله عنها كانت واقعة في صف النساء، وابن عباس في صف الصبيان في ذلك الوقت، فنقلا كما وقع عندهم فيحمل

ص: 141

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

على هذا توفيقا بين الروايتين.

قلت: هذا الاحتمال لا يجدي شيئا، لأنا وإن سلمنا هذا في ركوعين، فماذا يقال في ثلاث ركوعات في رواية وأربع ركوعات في أخرى كما ذكرنا.

وقال الأترازي في قوله: " والحال أكشف على الرجال ": فيه نظر، لأن الشافعي رحمه الله لا يتمسك بما روت عائشة رضي الله عنها وحدها حتى يلزم ترجيح رواية الرجال على رواية النساء، بل يتمسك بروايتها ورواية ابن عباس فلا يتأتى الترجيح إلا بما قلنا من القياس.

قلت: ابن عباس في ذلك الوقت كان في صف الصبيان، فتكون روايته ورواية عائشة رضي الله عنها على السواء على هذا.

قال الأكمل: فإن قيل روى حديثها من الرجل ابن عباس، وقد كان في صفهم.

أجيب: بأنه كان في صف الصبيان في ذلك الوقت.

قلت: هذا أيضا لا يجوز، وكل منهما حام حول الحمى فلم ينجيا، لأن الشافعي رحمه الله لم يتعلق بحديث عائشة رضي الله عنها وحده، في الاحتجاج لمذهبه، بل يتعلق به وبحديث جابر وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهما، بل الصواب ها هنا أن يقال اختلفوا في صلاة الكسوف، بل يقال تحروا الكل، وكل واحد منهم تعلق بحديث، ورآه أولى من غيره بحسب ما أدى اجتهاده إليه في صحته وموافقته للأصل المعهود في أبواب الصلاة.

وأبو حنيفة رحمه الله تعلق بأحاديث موافقة للقياس في أبواب الصلاة، لأن في سائر الصلوات من المكتوبات والتطوع مع كل ركعة سجدتان، فكذلك ينبغي أن تكون صلاة الكسوف كذلك.

وقال أبو إسحاق المروزي وأبو الطيب وغيرهما: تحمل أحاديثنا على الاستحباب وأحاديثهم على الجواز، وقال السروجي: فلم ينقل ذلك بالمدينة إلا مرة واحدة، فإذا حصل هذا الاضطراب الكثير من الركوع واحد إلى عشرة ركوعات يعمل بما له أصل في الشرع، انتهى.

قلت: فيه نظر، لأن بعضهم قالوا: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف غير مرة، وفي غير سنة فروى كل واحد ما شاء هذه من صلاته وضبطه من فعله.

وذكر النووي في " شرح المهذب " أن عند الشافعية رحمهم الله لا تجوز الزيادة على ركوعين، وبه قطع جمهورهم، قال: وهو ظاهر نصوصه.

قلت: الزيادة من العدل مقبولة عندهم، وقد صحت الزيادة على الركوعين ولم يعلموا بها،

ص: 142