الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة العيدين
قال: وتجب صلاة العيدين على كل من تجب عليه صلاة الجمعة،
ــ
[البناية]
[باب صلاة العيدين]
[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]
م: (باب صلاة العيدين) ش: أي هذا باب في بيان صلاة العيدين الفطر والأضحى، وفي بعض النسخ باب العيدين على حذف المضاف لعدم اللبس، ووجه المناسبة بين البابين من حيث إنهما يصليان بجمع عظيم يجهر فيهما بالقراءة، ويشترط لأحدهما ما يشترط للآخر سوى الخطبة فإنها شرط في الجمعة لا تجوز الصلاة بدونها مستحبة في العيد تجوز صلاة العيد بدونها، لكن تنسب إلى الإساءة بتركها السنة، وأيضا خطبة الجمعة تقدم على الصلاة وتؤخر خطبة العيد عنها، فلو قدمت جاز ولا تعاد بعد الصلاة، وأيضا ليس في العيدين أذان ولا إقامة، ويشتركان في حق التكليف، فإن صلاة العيد تجب على من تجب عليه صلاة الجمعة.
وأما وجه تقديم الجمعة على العيد فظاهر وهو قوله الجمعة في نفسها بالفريضة، وكثرة وقوعها، ثم أصل العيد عود، لأنه مشتق من عاد يعود عودا، وهو الرجوع. قلبت الواو ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها كالميزان والميقات من الوزن والوقت، ويجمع على أعياد، وكان من حقه أن يجمع على أعواد؛ لأنه من العود كما ذكرنا، ولكن جمع بالياء للزومها في الواحد، أو جمع بالياء للفرق بينه وبين أعواد الخشبة، وسميا عيدين لكثرة عوائد الله فيهما، وقيل: لأنهم يعودون إليه مرة بعد أخرى، وهو من الأسماء الغالبة على يوم الفطر والأضحى.
والأصل فيه حديث أنس رضي الله عنه قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال عليه السلام قدمت عليكم ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله خيرا منهما يوم النحر ويوم الفطر» رواه أبو داود والنسائي والبيهقي، قال البغوي: حديث صحيح، وأول عيد صلاه النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وفيها فرض زكاة الفطر، ونزلت فريضة رمضان في شعبان وحولت القبلة وبنى بعائشة رضي الله عنها في شوال وتزوج علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها.
م: (وتجب صلاة العيدين على كل من تجب عليه صلاة الجمعة) ش: أشار بهذا إلى أن صلاة العيد واجبة، كما رواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله ذكر هذه الرواية في " المبسوط " وذكر الكرخي أنها تجب على من تجب عليه الجمعة، وفي " العتبية " هي واجبة في أصح الروايات عن أصحابنا، قال قاضي خان: هو الصحيح، وفي " المحيط ": الأصح أنها واجبة، وفي المرغيناني كذلك، وفي " جوامع الفقه " و" منية المفتي " أنها واجبة، وفي " المفيد " هي واجبة. وفي " البدائع " هو الصحيح، وفي " مختصر أبي موسى الضرير " هي فرض كفاية، وفي " الغزنوي " قيل هي فرض
وفي " الجامع الصغير "
عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول سنة والثاني فريضة
ــ
[البناية]
كفاية. وفي " العتبية " قيل هي فرض، وأطلق، وقال مالك والشافعي رحمهم الله هي سنة مؤكدة، وقال الشافعي رحمه الله أيضا تجب صلاة العيد على كل من تجب عليه الجمعة، وهذا منه يقتضي أن تكون فرض عين، لأن الفرض والواجب عنده في غير الحج واحد، وهو خلاف الإجماع ولهذا تكلموا فيه، وقال ابن العربي في المعارضة: لا أعلم أحدا قال إنها فرض كفاية إلا الإصطخري من الشافعية.
قلت: ظاهر مذهب أحمد أنها فرض كفاية، ذكر عنه في " المغني "، وقال في " جوامع الفقه " هو قول ابن أبي ليلى، وقال إمام الحرمين قال به طائفة مع الإصطخري، قوله- على من تجب عليه الجمعة - مشير إلى أنها لا تجب على العبد والمسافر والمريض كالجمعة.
فإن قلت: ينبغي أن تجب عليه الجمعة مع إذن مولاه لقيام الظهر مقام الجمعة، وهاهنا ليس كذلك.
قلت: نعم، كذلك إلا أنها لا تجب عليه مع الإذن أيضا، لأن المنافع بالإذن لا تصير مملوكة للعبد، فبقي الحال في الإذن كهي قبله، كما في الحج، فإنه لا يقع من حجة الإسلام، وإن حج بإذن مولاه، وكذلك العبد إذا حنث في يمينه يكفر بالمال بإذن مولاه فإنه لا يجوز، لأنه لم يملكه بالإذن.
وقال الشافعي: لا يشترط لها ما يشترط للجمعة، حتى يجوز أن يصلي العبد العيد والمسافر والمرأة والمنفرد حيث شاء، وأهل القرى لأنها نافلة، فأشبهت صلاة الاستسقاء والخسوف، وقال في القديم وهو رواية عن أحمد كقولنا. وفي " الجامع الصغير " عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما لما ذكر "المصنف" رحمه الله أن صلاة العيدين واجبة أراد به بلفظ الجامع الصغير ليدل على أنها سنة عند محمد رحمه الله.
قال شمس الأئمة السرخسي: اشتبه المذهب فيها هل هي واجبة أم سنة، فالمذكور. م:(في الجامع الصغير) ش: أنها سنة لأنه قال.
م: (عيدان اجتمعا في يوم واحد فلأول سنة والثاني فريضة) ش: وهو تنصيص على السنة.
قال: والأظهر أنها سنة ولكنها من معالم الدين إقامتها هدى وتركها ضلالة، وقال شيخ الإسلام: والصحيح أنها سنة مؤكدة. وقال السغناقي: كل موضع فيه نوع مخالفة بين روايتي القدوري و" الجامع الصغير "، ويفيد لفظ " الجامع الصغير "، ومخالفته هنا ظاهرة وهي إطلاق الواجب على صلاة العيد في لفظ القدوري وإطلاق السنة في " الجامع الصغير "، وتبعه في هذا الكلام صاحب " الدراية " ثم الأكمل كذلك.
ولا يترك بواحد منهما
ــ
[البناية]
قلت: لم يتعرض القدوري في "مختصره" إلى الوجوب ولا إلى السنة، وإنما قال ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر في الأولى تكبيرة الافتتاح وليس ذكر لفظ " الجامع الصغير " إلا لما ذكرنا، ثم المراد من اجتماع العيدين هاهنا اتفاق كون يوم الفطر أو يوم الأضحى في يوم الجمعة، وتغلب لفظ العيد على لفظ الجمعة، إما لعلة الحروف كما في العمرين، أو التغليب المذكور كما في القمرين، أو لأن يوم الجمعة عيد المؤمنين باعتبار ما لهم من وعد المغفرة والكفارة.
قوله: م: (ولا يترك بواحد منهما) ش: أي من العيد والجمعة، أما الجمعة فلأنها فريضة، وأما العيد فلأن تركها بدعة وضلال، وقال فخر الإسلام: ومن الناس من قال: بأنه إذا شهد الأولى منهما لم يلزمه شهود الأخرى؛ لما روي أنه عليه السلام قال في يوم عيد وجمعة «إنكم يا أهل العوالي شهدتم معي العيد وإنما مجمعون فمن شاء فليرجع»
وفي " المحلى " و" الأشراف ": صلى عثمان رضي الله عنه العيد ثم خطب فقال: إنه قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظر، ومن أحب أن يرجع إلى أهله فليرجع فقد أذنت له.
قوله- وإنما مجمعون - دليل على أن تركها لا يجوز، وإنما أطلق لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيرهم عثمان، لأنهم كانوا أهل أبعد قرى المدينة، وإذا رجع أهل القرى قبل صلاة الجمعة لا بأس به.
فإن قلت: كيف قال محمد ولا يترك واحد منها، ومعلوم أن صلاة الجمعة فرض عين، وفرائض الأعيان لا تترك.
قلت: احترز به عن قول بعض العلماء فإنه روي عن عطاء أنه يجزئ لصلاة العيد عن الجمعة ومثله عن علي وابن الزبير رضي الله عنهما وعنه يجزئ أحدهما عن الأخرى.
وقال ابن عبد البر: سقوط الجمعة والظهر بصلاة العيد متروك مهجور، ولا يقول عليه وتأويل ذلك في حق أهل البادية ومن لا يجب عليه الجمعة، ويستحب تأخير صلاة العيد في الفطر، وتعجيلها في النحر لتعجيل الأضاحي وخروج الوقت في أثنائها يفسدها كالجمعة.
وفي " قنية المنية " يقدم صلاة العيد على صلاة الجنازة وصلاة الجنازة على الخطبة، ولو أفسدها قضاها ركعتين عندهما، وعند أبي حنيفة رحمه الله لا قضاء عليه، وفي " منية المفتي ": لا قضاء عليه ولم يجد خلافا، وقال أبو حفص الكبير: يقضي ركعتين لا يكبر فيهما
قال: وهذا تنصيص على السنة، والأول على الوجوب وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وجه الأول: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها من غير ترك. ووجه الثاني: «قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأعرابي عقيب سؤاله قال: هل علي غيرهن؟ فقال: لا إلا أن تطوع»
ــ
[البناية]
وإقامتها في الرساتيق يكره كراهة تحريم. قال شرف الأئمة والقاضي عبد الجبار، وقال الكرابيسي فسخ وكان يغضب لذلك غضبا شديدا.
م: (قال) ش: أي "المصنف". م: (وهذا) ش: أي قوله عند أبي حنيفة.. إلخ. م: (تنصيص على السنة) ش: لأنه صرح بها. م: (والأول على الوجوب) ش: أراد بالأول قوله- وتجب صلاة العيد - أي الأول تنصيص على وجوب صلاة العيد. م: (وهو رواية) ش: أي الوجوب رواية. م: (عن أبي حنيفة رحمه الله) ش: رواه عنه الحسن كما ذكرناه.
م: (وجه الأول) ش: أي الوجوب. م: (مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها) ش: أي على صلاة العيد. م: (من غير ترك) ش: ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم من غير ترك يدل على الوجوب، ولأنها صلاة تختص بجماعة وضع لها خطبة فكانت واجبة كالجمعة.
فإن قلت: يلزم عليه الأذان والإقامة والجماعة في سائر الصلوات فإنها من الشعائر وتقام على سبيل الإجهار مع أنها سنة.
قلت: صلاة العيد شعار شرعت مقصودة بنفسها، وهذه الأشياء شرعت تبعا لغيرها وهو الصلاة، فانحطت درجتها عن درجة صلاة العيد، كذا ذكر شيخ الإسلام.
واستدل شيخ الإسلام على وجوبها بقوله تعالى {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج: 37][البقرة: 185] قيل المراد صلاة العيد والأمر للوجوب، وفي " الفوائد الظهيرية " الأمر باللام إنما يكون للغائب، وهذا مخاطب، لكن روي في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فبذلك فلتفرحوا"، بالخطاب فيحمل هذا على ذلك أو جعل الأخبار من الأمر مجازا، لأنه مستأنف، ومعنى الوجوب من الأخبار أيضا، وفيه تأمل، لأنه روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن المراد تكبيرة ليلة الفطر بدليل عطفه على إكمال رمضان. وقيل: المراد بالآية التعليم، وقيل: المراد تكبيرات صلاة العيد، وقيل في قَوْله تَعَالَى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2][الكوثر، الآية: 2] المراد صلاة عيد النحر فيجب بالأمر.
م: (ووجه الثاني) ش: وهو كونه سنة. م: (قوله- عليه السلام في حديث الأعرابي عقيب سؤاله هل علي غيرهن، فقال: لا، إلا أن تطوع) ش: حديث الأعرابي أخرجه البخاري ومسلم في الإيمان عن طلحة بن عبيد الله قال: «جاء رجل إلى النبي عليه السلام من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال له: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع