الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويتعلق بها النصاب حرمان الصدقة ووجوب الأضحية والفطرة.
قال: يخرج ذلك عن نفسه لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الذكر والأنثى» .... الحديث ويخرج عن أولاده الصغار، لأن السبب رأس يمونه ويلي عليه، لأنها تضاف إليه، يقال: زكاة الرأس وهي أمارة السببية
ــ
[البناية]
بالقدرة والميسرة فيشترط في النصاب النماء لتحقق اليسر، ولهذا إذا ملك المال بعد الوجوب سقط عنه الزكاة.
م: (ويتعلق بهذا النصاب) ش: أي الفاضل عن الحاجة الأصلية بدون شرط النماء فيه م: (حرمان الصدقة) ش: يعني لوجود هذا النصاب يحرم عليه أخذ الصدقة م: (ووجوب الأضحية) ش: يعني يتعلق بهذا النصاب وجوب الأضحية م: (والفطر) ش: أي يتعلق به أيضا وجوب صدقة الفطر، ويتعلق به أيضا وجوب نفقة المحارم عليه.
[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]
م: (قال: يخرج ذلك عن نفسه) ش: أي يخرج المقدار المشار إليه المذكور عن نفسه، أي لأجل نفسه، ويخرج من الإخراج، وفاعله مضمر فيه، يعود إلى الذي وجب عليه صدقة الفطر م:(لحديث ابن عمر رضي الله عنه) ش: وهو ما رواه الأئمة الستة في "كتبهم" من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من تمر على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين» م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الذكر والأنثى
…
الحديث» ش: يجوز في لفظ الحديث الرفع على تقدير الحديث بتمامه، ويجوز النصب على تقدير اقرأ الحديث أو أتمه، وتمامه والحر والمملوك صاعا من تمر أو صاعا من شعير، فعدل الناس نصف صاع من بر.
م: (ويخرج عن أولاده الصغار لأن السبب) ش: أي سبب وجوب صدقة الفطر م: (رأس يمونه) ش: أي يقوته من مانه إذا قاته، وعن أبي عبيد.
قلت: الرجل أمونه أي قمت بكفايته واحتملت مؤنته أي ثقله م: (ويلي عيله) ش: أن مستحق الولاية عليه بنفسه كالولد الصغير والعبد، ولهذا لا يلزم على الجد عن أن يؤدي عن ابن ابنه، لأنه لا يستحق الولاية عليه بنفسه، بل من جهة الابن فصار كالوصي، وروى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن عليه أن يؤدي عن ابن ابنه إذا لم يكن لابنه مال، قال: لأنه كالميت م: (لأنها) ش: أي لأن صدقة الفطر م: (تضاف إليه) ش: أي إلى الرأس م: (ويقال: زكاة الرأس وهي أمارة السببية) ش: أي لأن علامة كون الرأس سببا، والأمارة بفتح الهمزة، وهذا لأن الإضافة إلى الاختصاص، وأقوى وجوه الاختصاص إضافة السبب إلى مسببه، كقولك: كسب فلان وعمل فلان وقال فلان إلى غير ذلك. وفي " الجوهرة ": كل من وجبت نفقته بملك أو قرابة أو نكاح تجب صدقة الفطر.
والإضافة إلى الفطر باعتبار أنه وقته، ولهذا تتعدد بتعدد الرأس مع اتحاد اليوم والأصل في الوجوب رأسه وهو يمونه ويلي عليه فيلحق به ما هو في معناه كأولاده الصغار، لأنه يمونهم ويلي عليهم، وممالكه لقيام المؤنة والولاية،
ــ
[البناية]
وقال القرافي في " الذخيرة ": وأبو حنيفة رحمه الله اعتبر الولاية التامة، قال: ووصف الولاية طردا وعكسا، لأن المجنون والفاسق لا ولاية لهما مع وجوبها في مالها، والحاكم له ولاية ولا وجوب عليه، انتهى.
قال السروجي: نقله خطأ وغلط، بل السبب عندنا الولاية التامة والمؤنة التامة، فالحاكم لا مؤنة عليه فلم يوجد المجموع في حقه ولا في حق المجنون المؤنة، وكذا ولاية الأب ولايته للعجز عن النظر لنفسه ومذهبه فاسد، واعتبار النفقة وحدها باطل طردا وعكسا، إلا أن العبد الموصى به لإنسان وخدمته لآخر يجب صدقة فطره على صاحب الرقبة على المذهب عندنا، ونفقته على صاحب الخدمة، وعبده الكافر وزوجته النصرانية واليهودية نفقتهم عليه، ولا تجب عليه صدقة الفطر عنهم، وكذا الأجير بنفقته تجب عليه نفقته ولا تجب صدقته عليه، وتجب صدقة عبده الهارب ومكاتبه عليه عنده ولا تجب نفقته عليه فبطل قوله.
م: (والإضافة إلى الفطر باعتبار أنه وقته) ش: هذا الجواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال: لو كانت الأمارة أمارة السببية لكان الفطر سببا لإضافتها إليه، فقال: صدقة الفطر وليس كذلك عندكم.
فأجاب بقوله: والإضافة، أي إضافة الصدقة إلى الفطر باعتبار أنه وقته أي وقت الوجوب فكانت إضافة مجازية م:(وهذا يتعدد بتعدد الرأس مع اتحاد اليوم) ش: أي لأجل تعدد الصدقة بتعدد الرأس إن لم يتعدد الفطر، فعلم أن الرأس هو السبب في اليوم.
فإن قيل: يتكرر بتكرر الوقت في السنة الثانية والثالثة وهلم جرا مع اتحاد الرأس، ولو كان الرأس سببا لكان الوجوب متكررا مع اتحاده.
أجيب: بأن الرأس إنما جعل سببا بوصف المؤنة، وهي تتكرر بمضي الزمان، فصار الرأس باعتبار تكرر وصفه، كالتكرر بنفسه حكما، فكان السبب وهو التكرر حكما.
م: (والأصل في الوجوب) ش: أي في وجوب صدق الفطر م: (رأسه) ش: أي رأس الذي وجب عليه م: (وهو يمونه، ويلي عليه، فيلحق به ما هو في معناه) ش: أي في المؤنة، والولاية م:(كأولاده الصغار، لأنه يمونهم، ويلي عليهم) ش: أي يتولى أمورهم م: (ومماليكه) ش: بالجر عطفا على قوله: من أولاده الصغار م: (لقيام المؤنة، والولاية) ش: أي في المماليك.
وهذا إذا كانوا للخدمة، ولا مال للصغار، فإن كان لهم مال تؤدى من مالهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله خلافا لمحمد رحمه الله لأن الشرع أجراه مجرى المؤنة فأشبه النفقة،
ولا يؤدي عن زوجته
ــ
[البناية]
م: (وهذا) ش: أي الذي ذكرناه من الوجوب م: (إذا كانوا) ش: أي الماليك م: (للخدمة) ش: لأنهم إذا كانوا للتجارة تجب عليه الزكاة م: (ولا مال للصغار) ش: أي هذا الذي ذكرنا من وجوب صدقة الفطر عن أولاده الصغار حال كونهم لا مال لهم.
م: (فإن كان لهم مال تؤدى من مالهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-) ش: يخرجها عنهم أبوهم أو وصى أبيهم أو وصى أو جدهم أو وصى وصية أو وصى نصبه القاضي، ومثله في الأضحية ذكره الأسبيجابي، ولا تجب على الوصي باتفاق الروايات، والمجنون على هذا الخلاف م:(خلافا لمحمد) ش: فعنده لا يجب عليه شيء وبه قال زفر والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وابن المنذر، والظاهرية، لأن الصدقة عبادة فلا تجب على الصغير.
ولو أدى من مال الصغير ضمن، لأنها زكاة في الشريعة كزكاة المال، فلا تجب على الصغير م:(لأن الشرع أجراه) ش: أي أجرى وجوب صدقة الفطر م: (مجرى المؤنة) ش: لقوله عليه الصلاة والسلام: «أدوا عمن تمونون» م: (فأشبه النفقة) ش: حيث تلزم الأب إذا كان الصغير لا مال له، فإذا كان له مال يلزمه في ماله.
م: (ولا يؤدي) ش: أي صدقة الفطر م: (عن زوجته) ش: وبه قال الثوري، والظاهرية، وابن المنذر، وابن سيرين رحمه الله من المالكية، وخالفا مالكا فيه. وقال مالك، وأحمد، والشافعي، والليث، وإسحاق رحمهم الله: تجب على الزوج، وكذا عن خادمها.
وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم قاطبة على أن المرأة تجب فطرتها على نفسها قبل أن تنكح، وثبت أنه عليه الصلاة والسلام قال:«صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى» ، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف هذا الخبر، وليس فيه إجماع يتبع، فلا يجوز إسقاطها عنها، وأصحابنا على غيرها بغير دليل.
وقال ابن حزم: في هذا عجب عجيب وهو أو الشافعي رضي الله عنه لا يقول بالمرسل، ثم أخذ هنا بأمر مرسل في العلم، وهو رواية إبراهيم بن يحيى الكذاب عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صدقة الفطر على كل حر وعبد ذكر وأنثى ممن تمونون» .
وأجاب الأترازي عن هذا بقوله: معنى الخبر -إن صح- يمونون الولاية، بدليل أن الفطرة
لقصور الولاية والمؤنة فإنه لا يليها في غير حقوق النكاح، ولا يمونها في غير الرواتب كالمداواة ولا عن أولاده الكبار وإن كانوا في عياله لانعدام الولاية
ــ
[البناية]
لا تلزمه عن أخيه، وذوي قرابته، والأجانب إذا أسابهم م:(لقصور الولاية والمؤنة فإنه) ش: أي فإن الزوج م: (لا يليها) ش: أي لا يلي زوجته م: (في غير حقوق النكاح) ش: يعني ولايته عليها مقصودة غير شاملة مقيدة بالنكاح.
م: (ولا يمونها) ش: أي ولا تلزمه مؤنتها م: (في غير الرواتب) ش: من النفقة والكسوة والسكنى، والرواتب جمع راتبة أي ثابتة أي من رتب إذا ثبت م:(كالمداواة) ش: إذا مرضت فإنها لا تلزمه كغير الرواتب م: (ولا عن أولاده الكبار) ش: أي لا تجب عليه عن أولاده الكبار، لأنه لا يستحق عليهم ولايته فصار كالأجانب م:(وإن كانوا في عياله لانعدام الولاية) ش: واصل بما قبله بأن كانوا فقراء زمنا، والعيال جمع عيل كجياد جمع جيد، وفي " المجمل " عال الرجل عياله، إذا مانهم، وفي " الفائق ": هو من عال يعول، إذا احتاج، وفي " المحيط ": إذا كان الأب فقيرا مجنونا تجب على الابن الولاية والمؤنة، ولا تجب على حفدته الصغار إن كانوا في عياله، ذكره في " التحفة ".
وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: أنها تجب عليه، وهو قول الشافعي رضي الله عنه، وفي " الينابيع ": على الأب إذا كانوا فقراء. وفي " الحلية " روايتان عن أبي حنيفة رضي الله عنه في رواية الحسن تجب، وفي ظاهر الرواية لا تجب، وأجمعوا على أنه لا تجب على الأب فطرة عبيدهم.
وفي " المجرد " عن أبي حنيفة رضي الله عنه: تجب على الأب صدقة فطر ولده الكبير الذي أدرك، معناها، وإن كان عاقلا ثم جن لا يجب. وقال محمد رحمه الله: لو جن في صغره فلم يزل مجنونا حتى ولد له لم تجب عليه صدقة الفطر عن ولده، وعن جن جنونا مطبقا في حال صغره فهو بمنزلة الصبي تجب على أبيه، ولو كان له أبوان تجب على كل واحد منهما صدقة كاملة عند أبي يوسف رحمه الله. وحكى الزعفراني في قوله: في " الأسبيجابي " قول أبي حنيفة مع أبي يوسف، وعند محمد عليهما صدقة واحدة، وإن مات أحدهما فهو ابن الثاني منهما في ميراثه وصدقته لزوال المزاحمة.
وفي " التحفة ": لا تجب على الغني صدقة إخوته الصغار الفقراء. وفي رواية الحسن رحمه الله تجب على الحمل عند عدم الأب، وإن كان الأب فقيرا لا تجب عليه باتفاق الروايات، وتجب عليه نفقته ولا تجب على الجنين عند الجمهور، واستحبه أحمد رحمه الله ولم يوجبه.
وفي رواية أوجبه، وهو مذهب داود، وأصحابه، وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه
ولو أدى عنهم أو عن زوجته بغير أمرهم أجزأهم استحسانا لثبوت الإذن عادة ولا يخرج عن مكاتبه لعدم الولاية ولا المكاتب عن نفسه لفقره،
وفي المدبر وأم الولد ولاية المولى ثابتة فيخرج عنهما ولا يخرج عن مماليكه للتجارة خلافا للشافعي رحمه الله فإن عنده وجوبها على العبد، ووجوب الزكاة على المولى فلا تنافي، وعندنا وجوبها على المولى بسببه كالزكاة فيؤدي إلى الثنى
ــ
[البناية]
كان يعطي صدقة رمضان عن الخيل، وقال أبو قلابة رضي الله عنه: كانوا يعطون حتى عن الخيل، وفي " الوتري ": لا تجب عن فرسه، ولا عن غيره من سائر الحيوانات، [ولا] عن الرقيق، وما روي عن عثمان وغيره، محمول على التطوع.
م: (ولو أدى عنهم) ش: أي عن أولاده الكبار م: (أو عن زوجته) ش: أي أو أدى عن زوجته م: (بغير أمرهم أجزأ استحسان لثبوت الإذن عادة) ش: والقياس أن لا يصح كما إذا أدى الزكاة بغير إذنها، وفي العادة أن الزوج هو الذي يؤدي عنها، وكان الإذن ثابتا عادة، بخلاف الزكاة، لأنها عبادة محضة لا تصح بدون الإذن صريحا، والاستحسان أربعة أنواع، ما ثبت بالأمر كالسلم، وبالإجماع [.....] وبالضروة كتطهير الحياض والآبار والأواني، وبالقياس الخفي وهو كثير النظر في الفقه، كما إذا اختلفا في الثمن قبل قبض المبيع لا يجب والثمن على البائع لأنه المدعي لا المنكر، ويجب استحسانا لأنه ينكر وجوب التسليم بما ادعاه المشتري من الثمن وهنا المراد النوع الثاني لا يجوز عندنا وعند الشافعي.
م: (ولا يخرج عن مكاتبة لعدم الولاية) ش: وفي " التحفة ": المكاتب والمدبر والمستثنى لا تجب عليه صدقة فطرهم لأنه لا تجب في نفقتهم ولا يجب عليهم أيضا لأنهم لا ملك لهم م: (ولا المكاتب عن نفسه لفقره) ش: أي ولا يخرج المكاتب صدقة الفطر عن نفسه لأنه فقير، وبه قال الشافعي رضي الله عنه في الجديد وأحمد. ويقال في القديم: ثم يؤدي المولى عنه وهو قول عطاء.
م: (وفي المدبر وأم الولد ولاية المولى ثابتة) ش: لأنها لا تنعدم بالتدبير والاسيتلاد، وإنما يختل بالمالية ولا عبرة به ها هنا، فإن كان كذلك م:(فيخرج عنهما) ش: بضم الياء من الإخراج.
م: (ولا يخرج عن ممالكه للتجارة خلافا للشافعي رضي الله عنه) ش: وبقوله، قال مالك رضي الله عنه م:(فإن عنده وجوبها) ش: أي وجوب الفطرة م: (على العبد ووجوب الزكاة على المولى) ش: لا منافي بين الوجوبين لأنهما حقان مختلفان م: (فلا يتدخلان) ش: فتجب الفطرة في وقتها، وزكاة التجارة بعد تمام الحول م:(وعندنا وجوبها على المولى بسببه) ش: أي بسبب العبد، يعني كان أولا على المولى وجوب صدقة الفطر م:(كالزكاة) ش: يعني كوجوب الزكاة عليه بسبب أيضا لأجل التجارة م: (فيؤدي إلى الثنى) ش: بكسر الثاء المثلثة وبقصر النون يعني يؤدي إلى التثنية
والعبد بين الشريكين لا فطرة على واحد منهما لقصور الولاية والمؤنة في كل واحد منهما، وكذا العبيد بين اثنين عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا على كل منهما ما يخصه من الرءوس دون الأشقاص بناء على أنه لا يرى قسمة الرقيق وهما يريانها، وقيل هو بالإجماع لأنه لا يجتمع النصيب قبل القسمة فلم تتم الرقبة لكل واحد منهما،
ويؤدي المسلم الفطرة عن عبده الكافر
ــ
[البناية]
وهو لا يجوز لإطلاق قوله عليه السلام: «لا يثني في الصدقة» أي لا يؤخذ في السنة مرتين.
فإن قلت: سبب الزكاة فيهم المالية، وسبب الصدقة مؤنة رءوسهم، ومحل الزكاة بعض النصاب، ومحل الصدقة الذمة، فأداءهما حقان مختلفان سببا ومحلا، فلا شيء فيه.
قلت: مبني الصدقة على المؤنة، والعبد هنا معد للتجارة لا للمؤنة والنفقة لطلب الزيادة فيسقط اعتبارها بحكم القصد، فإنه السقوط حقيقة كما في الإباق، والعصب، فحينئذ لا تجب الصدقة لزوال سبب الوجوب، وهو المؤنة لا المنافي بين الواجبين فافهم.
م: (والعبد بين الشريكين) ش: أي العبد الكائن بين الشريكين للخدمة لا للتجارة، وبه صرح في " المبسوط " م:(لا فطرة على واحد منهما لقصور الولاية، والمؤنة في حق كل واحد منهما) ش: لأن الولاية والمؤنة الكاملين سبب ولم يوجد، قال الشافعي، ومالك، وأحمد رحمهم الله: على كل واحد منهما بقدر نصيبه م: (وكذا العبيد بين اثنين) ش: أي وكذلك العبيد إن كانوا بين اثنين لا فطرة فيهم أصلا م: (عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: كما لا فطرة في العبد الواحد بينهما بالاتفاق.
م: (وقالا: على كل واحد منهما ما يخصه من الرءوس دون الأشقاص) ش: أي دون الأيصاء وهو جمع شقص وهو النصيب، يعنى لو كان بينهما خمسة أعبد مثلا يجب على كل واحد منهما في الثاني لقصور الولاية، والحاصل أنه يجب في الزوج دون الفرد كالثلاثة والخمسة والسبعة فلا يجب في الثالث والخامس والسابع اتفاقا، ويجب في اثنين وأربعة وستة عندهما م:(بناء على أنه لا يرى قسمة الرقيق) ش: أي قال أبو حنيفة: هذه المسألة بناء على أنه لا يرى قسمة الرقيق للتفاوت الفحش، فلا يحصل لكل واحد من الشريكين ولاية كاملة في كل عبد م:(وهما يريانها) ش: أي أبو يوسف ومحمد رضي الله عنهما يريان القسمة قياسا على البقر والغنم والإبل، ثم قول أبي يوسف رحمه الله مثل قول محمد رحمه الله، وفي بعض كتب أصحابنا وفي بعضها مثل قول أبي حنيفة وهو الأصح.
م: (وقيل: هو بالإجماع) ش: أي عدم وجوب الفطرة في العبيد بين اثنين بإجماع بين علمائنا الثلاثة، وهو قول الحسن البصري والثوري وعكرمة رحمهم الله م:(لأنه لا يجتمع النصيب بعد القسمة فلا تتم الرقبة لكل واحد منهما) ش: لأن اجتماع النصيب بالقسمة ولم يوجد فلم يتم ملك الرقبة الكاملة لكل واحد من الشريكين.
م: (ويؤدي المسلم الفطرة عن عبده الكافر) ش: أي
لإطلاق ما روينا، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنه:«أدوا عن كل حر وعبد يهودي أو نصراني أو مجوسي»
…
" الحديث، ولأن السبب قد تحقق والمولى من أهله وفيه خلاف الشافعي رحمه الله لأن الوجوب عنده على العبد وهو ليس من أهله، ولو كان على العكس فلا وجوب بالاتفاق،
ــ
[البناية]
صدقة الفطر وهو قول أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والنخعي والثوري وإسحاق وداود رحمهم الله.
م: (لإطلاق ما روينا) ش: أراد ما تقدم من حديث ثعلبة في أول الباب وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «أدوا عن كل حر وعبد» م: (لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: (في حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أدوا عن كل حر وعبد يهودي أو نصراني أو مجوسي.... الحديث» ش: هذا اللفظ أخرجه الدارقطني في "سننه " وليس فيه ذكر المجوسي، عن سلام الطويل عن زيد العمي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدوا صدقة الفطر عن كل صغير أو كبير ذكر أو أنثى يهودي أو نصراني حر أو مملوك نصف صاع من بر أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو من شعير» وقال: لم يسنده عنه غير سلام الطويل وهو متروك، ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في " الموضوعات "، وغلظ القول في سلام عن النسائي وابن معين وابن حبان، وقال: يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان كالمتعمد لها ولم يذكر أكثر الشراح هذا الحديث.
م: (ولأن السبب قد تحقق) ش: وهو رأس يمونه بولائه عليه م: (والمولى من أهله) ش: أي من أهل الوجوب وليس هو بإضمار قبل الذكر لأن الشهرة قائمة مقام الذكر م: (وفيه خلاف الشافعي) ش: أي في الحكم المذكور خلاف الشافعي رحمه الله، وبقوله قال مالك وأحمد وعن بعض أصحاب الشافعي رحمه الله مثل قولنا، للاختلاف بينهم أن الوجوب على العبد ويحمل عنه المولى، أو على المولى ابتداء بلا محل فيه قولان م:(لأن الوجوب عنده) ش: أي عند الشافعي رضي الله عنه م: (على العبد وهو) ش: أي العبد م: (ليس من أهله) ش: أي من أهل الوجوب هو مستدل لإثبات هذا الأصل بحديث ابن عمر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض صدقة الفطر على كل حر وعبد» فإن كلمة على للإيجاب، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام «أدوا عمن تمونون» والوجوب لمن خوطب بالأداء وهو المولى، كلمة -على- في حديث ابن عمر رضي الله عنه بمعنى عن كما في قَوْله تَعَالَى:{إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: 2] م: (المطففين: الآية2)، أي عن الناس م:(ولو كان على العكس) ش: أي لو كان الأمر على عكس المذكور بأن كان المولى كافرا والعبد مسلما م: (فلا وجوب بالاتفاق) ش: أي بيننا وبين الشافعي -رضي الله
قال: ومن باع عبدا وأحدهما بالخيار ففطرته على من يصير له معناه إذا مر يوم الفطر والخيار باق. وقال زفر رحمه الله: على من له الخيار، لأن الولاية له. وقال الشافعي رحمه الله: على من له الملك لأنه من وظائفه كالنفقة.
ــ
[البناية]
عنه -أما عندنا فلأن الصدقة عبادة والكافر ليس من أهلها فلا تجب عليه، وأما عنده فلأن المخاطب وهو المولى وإن كان الوجوب على العبد عنده والكافر ليس مخاطبا بأداء العبادة.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن باع عبدا وأحدهما بالخيار) ش: والحال أن أحد المتعاقدين بالخيار م: (ففطرته) ش: أي فطرة العبد م: (على من يصير له العبد) ش: أعنى هذا تفسير فخر الإسلام، وفي شرح " الجامع الصغير " فسر قول محمد رحمه الله فطرته على من له الخيار بمعنى إذا تم البيع فعلى المشتري، وإن انتقض فعلى البائع م:(معناه) ش: أي معنى قول محمد رحمه الله هذا الكلام من المصنف يفسر كلام محمد الذي قاله في " الجامع الصغير " يعني معناه م: (إذا مر يوم الفطر) ش: يعني في مدة الخيار م: (والخيار باق) ش: قال الإمام حميد الدين الضرير في "شرحه ": هذا من قبيل إطلاق اسم الكل وإرادة البعض، لأن مضي كل يوم فطر ليس بشرط.
م: (وقال زفر رحمه الله: على من له الخيار) ش: أي صدقة الفطر على من له الخيار إن كان للبائع فعلى البائع، وإن كان للمشتري فعلى المشتري، وإن كان الخيار لهما جميعا أو شرط البائع فعلى البائع أيضا، سواء تم البيع أو انفسخ م:(لأن الولاية له) ش: أي لمن له الخيار، ولهذا إذا جاز البيع تم، فإن فسخ انفسخ والفطرة تجب بالولاية والمؤنة فوجبت الفطرة على من له الخيار.
م: (وقال الشافعي: على من له الملك) ش: أي الفطرة على من له الملك يومئذ م: (لأنه) ش: أي لأن صدقة الفطر، وذكر الضمير باعتبار التصدق م:(من وظائفه) ش: أي من وظائف الملك م: (كالنفقة) ش: وهي مدة الخيار على من له الملك يومئذ، فكذا الفطرة، وقال الأترازي رحمه الله وذكروا في شرح " الجامع الصغير " قول زفر رحمه الله كما ذكر صاحب " الهداية " قول الشافعي، قالوا: والقياس أن تكون الفطرة على من يكون له الملك يومئذ ثم قالوا وهو قول زفر رحمه الله.
وقال الكاكي: الخلاف المذكور بين الشافعي وزفر رحمه الله موافق لما في " المبسوط " و" شرح الطحاوي " رحمه الله مخالف لما في " الأسرار " و" فتاوى قاضي خان "، فإن المذكور فيهما عكس ما ذكر في الكتاب من الخلاف حيث ذكر فيهما: اعتبر زفر رضي الله عنه الملك، والشافعي الخيار، وفي " المحيط " قال زفر والحسن والشافعي رضي الله عنهم وأحمد رحمه الله: فطرته على من له الملك أن الخيار للبائع فعليه وإن كان للمشتري فعليه، وعند
ولنا أن الملك موقوف، لأنه لو رده يعود إلى قديم ملك البائع، ولو أجيز يثبت الملك للمشتري من وقت العقد فيتوقف ما يبتنى عليه بخلاف النفقة، لأنها للحاجة الناجزة فلا تقبل التوقف، وزكاة التجارة على هذا الخلاف.
ــ
[البناية]
مالك رحمه الله على البائع بكل حال، ولكن ما ذكر في كتبهم من " التتمة " و" التعليق " موافق لما ذكر في الكتاب فقالوا في "تتمتهم": لو اشترى عبدا فاشترط الخيار، وفي " التعليق " أو باع بشرط الخيار فأهل الهلال زمان الخيار ففطرته على من له الملك، إن قلنا الملك للبائع فالفطرة عليه، وإن قلنا للمشتري فالفطرة عليه، وإن قلنا الملك موقوف فالفطرة كذلك فتصير على من له الملك.
م: (ولنا أن الملك موقوف) ش: أي على ما يبنى عليه، أي لأن كل ما كان موقوفا فالمبني عليه كذلك، لأن التردد في الأصل يستلزم التردد في الفرع م:(لأنه لو رده يعود إلى قديم ملك البائع، ولو أجيز يثبت الملك للمشتري من وقت العقد فيتوقف على ما يبتنى عليه، بخلاف النفقة) ش: هذا جواب عن قول الشافعي رحمه الله كالنفقة م: (لأنها للحاجة الناجزة) ش: أي الواقعة في الحال، من نجز الشيء بالكسر إذا تم بما يقضى م:(فلا تقبل التوقف) ش: على شيء فيبطل قياس ما يقبل التوقف على ما لا يقبل.
م: (وزكاة التجارة على هذا الخلاف) ش: صورته رجل له عبد للتجارة فباعه بعروض التجارة بشرط الخيار ثم تم الحول في مدة الخيار فزكاته على الخلاف المذكور على من يصير له الملك، أو على من له الخيار أو على من له الملك يومئذ.
وقال الكاكي رحمه الله: لو باع عبدا للتجارة فحال الحول في مدة الخيار فالمشتري للتجارة بشرط الخيار من وقت البيع في حق من ثبت له الملك.
وقيل: صورته لأحدهما عشرون دينارا ولآخر عرض يساويه في القيمة، ومبدأ حولهما على السواء، ففي آخر الحول باع صاحب العروض من عرضه من الآخر بشرط الخيار له أو للمشتري فازدادت قيمة العروض في مدة الخيار قبل تمام الحول ثم تم الحول فإن تقرر الملك للبائع يجب عليه بحصة الزيادة شيء، وإن تقرر للمشتري يجب عليه ذلك أيضا عندنا.