المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف] - البناية شرح الهداية - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌السفر الذي يتغير به الأحكام

- ‌فرض المسافر في الرباعية

- ‌[دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها هل يقصروا]

- ‌[حكم نية إقامة المسافر من أهل الكلأ]

- ‌[ما يستحب للإمام المسافر]

- ‌[الحكم إذا دخل المسافر بلده]

- ‌[حكم من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر]

- ‌[وطن الإقامة للمسافر يبطل بمثله]

- ‌[اعتبار نية السفر في موضعين وحكم من فاتته صلاة في السفر]

- ‌[ترخص العاصي]

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌[شروط صحة الجمعة]

- ‌[المكان الذي تصح فيه الجمعة]

- ‌[صلاة الجمعة في القرى]

- ‌[الجمعة بمنى وعرفات]

- ‌[دخول الوقت من شرائط الجمعة]

- ‌[الخطبة من شرائط الجمعة]

- ‌[شروط الخطبة وسننها]

- ‌[الجماعة من شرائط الجمعة]

- ‌[العدد الذي تصح به صلاة الجمعة]

- ‌[من لا تجب عليه الجمعة]

- ‌[إمامة المسافر والعبد والمريض في الجمعة]

- ‌[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]

- ‌[حكم المسبوق في صلاة الجمعة]

- ‌[البيع والشراء بعد أذان الجمعة الأول]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]

- ‌[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]

- ‌[التنفل في المصلى قبل صلاة العيد]

- ‌[وقت صلاة العيدين]

- ‌[كيفية صلاة العيدين]

- ‌[رفع اليدين في تكبيرات العيدين]

- ‌[الخطبة بعد الصلاة في العيدين]

- ‌[حكم من فاتته صلاة العيد مع الإمام]

- ‌[الحكم لو غم هلال شوال وشهدوا برؤيته عند الإمام بعد الزوال]

- ‌[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]

- ‌فصل في تكبيرات التشريق

- ‌[صيغة التكبير]

- ‌[التكبير للنساء والمسافرين]

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

- ‌[القراءة في صلاة الكسوف]

- ‌[الدعاء في صلاة الكسوف]

- ‌[الصلاة لكسوف القمر جماعة]

- ‌باب الاستسقاء

- ‌[عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]

- ‌[الدعاء في صلاة الاستسقاء]

- ‌[حضور أهل الذمة الاستسقاء]

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها]

- ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

- ‌باب الجنائز

- ‌[ما يفعل بالمحتضر]

- ‌[ما يفعل بالميت عقب موته]

- ‌[فصل في غسل الميت] [

- ‌كيفية غسل الميت]

- ‌[وضوء الميت من غير مضمضة واستنشاق]

- ‌[غسل رأس الميت ولحيته بالخطمي]

- ‌[تنشيف الميت بعد الغسل]

- ‌[وضع الكافور على مساجد الميت]

- ‌[تسريح شعر الميت ولحيته]

- ‌فصل في التكفين

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للرجل]

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للمرأة]

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌[حكم الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة عليه]

- ‌[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]

- ‌[كيفية صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو كبر الإمام خمسا في صلاة الجنازة]

- ‌[الاستغفار للصبي في صلاة الجنازة]

- ‌[أحكام المسبوق في صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو صلوا على الجنازة ركبانا]

- ‌[صلاة الجنازة في المسجد]

- ‌[حكم الصلاة على من استهل بعد الولادة ثم مات]

- ‌[تغسيل وتكفين القريب الكافر]

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌[كيفية حمل الجنازة]

- ‌[الإسراع بالجنازة]

- ‌[الجلوس قبل وضع الجنازة عن الأعناق]

- ‌فصل في الدفن

- ‌[المفاضلة بين اللحد والشق]

- ‌[كيفية الدفن]

- ‌[تسنيم القبر]

- ‌[تجصيص القبر وتطيينه]

- ‌[الدفن ليلا]

- ‌[قلع الحشيش الرطب من القبور]

- ‌باب الشهيد

- ‌[تعريف الشهيد]

- ‌[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]

- ‌[كل من يدخل في معنى الشهيد]

- ‌[تغسيل الشهيد الجنب]

- ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

- ‌[تغسيل من قتل في حد أو قصاص]

- ‌[تغسيل من مات من البغاة]

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌[حكم الصلاة في الكعبة]

- ‌[الحكم لو صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق المأمومون حول الكعبة]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[حكم الزكاة وشروط وجوبها]

- ‌[حكم مانع الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الفور أم التراخي]

- ‌[زكاة مال المكاتب]

- ‌[زكاة المدين]

- ‌[الزكاة دور السكنى والثياب وأثاث المنازل ونحوها]

- ‌[زكاة كتب العلم وآلات الحرفيين]

- ‌[زكاة المال المضمار والمفقود والمغصوب]

- ‌[زكاة المال الذي صادره السلطان]

- ‌[حكم من اشترى جارية أو شيئا للتجارة ثم نواه للخدمة أو القنية]

- ‌[اشتراط النية في الزكاة]

- ‌[حكم من تصدق بمال لا ينوي به الزكاة]

- ‌[فروع في اشتراط النية في الزكاة]

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌[حكم صدقة السوائم]

- ‌[فصل في زكاة الإبل] [

- ‌نصاب زكاة الإبل والقدر الواجب فيها]

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌[حكم زكاة البقر]

- ‌[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]

- ‌[الجواميس والبقر سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الغنم

- ‌[نصاب زكاة الغنم والقدر الواجب فيها]

- ‌[الضأن والمعز سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الخيل

- ‌[كيفية إخراج زكاة الخيل]

- ‌فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة

- ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

- ‌[كيفية زكاة المال المستفاد أثناء الحول]

- ‌[الحكم لو أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم]

- ‌[بني تغلب هل تلزمهم الزكاة]

- ‌[حكم تقديم الزكاة على الحول]

- ‌[باب حكم زكاة المال]

- ‌فصل في الفضة

- ‌[نصاب الزكاة في الفضة ومقدار الواجب]

- ‌فصل في الذهب

- ‌[نصاب الزكاة في الذهب ومقدار الواجب]

- ‌[الزكاة في تبر الذهب والفضة]

- ‌فصل في العروض

- ‌[زكاة العروض حكمها وشروط وجوبها]

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌[الخلاف بين المزكي والعاشر]

- ‌باب في المعادن والركاز

- ‌[حكم زكاة المعدن والركاز ومقدار الواجب فيه]

- ‌[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]

- ‌[حكم من دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا]

- ‌[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌[حكم زكاة الزروع والثمار] [

- ‌نصاب زكاة الزروع والثمار والمقدار الواجب فيه]

- ‌[الزكاة في الخضروات]

- ‌[زكاة العسل]

- ‌[احتساب أجرة العمال في زكاة ما تخرجه الأرض]

- ‌باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز

- ‌[الفقير والمسكين من مصارف الزكاة] [

- ‌الفرق بين الفقير والمسكين]

- ‌[العاملون عليها من مصارف الزكاة]

- ‌[قدر ما يعطى العامل من الزكاة]

- ‌[وفي الرقاب من مصارف الزكاة]

- ‌[وفي سبيل الله من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بسبيل الله]

- ‌[ابن السبيل من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بابن السبيل]

- ‌[دفع الزكاة إلى الذمي]

- ‌[دفع الزكاة للآباء والأبناء والزوجة]

- ‌[حكم إعطاء الزكاة والصدقة لبني هاشم ومواليهم]

- ‌[الحكم لو دفع الزكاة لغير مستحقيها وهو لا يعلم]

- ‌[حكم نقل الزكاة]

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌[تعريف زكاة الفطر وحكمها وعلى من تجب]

- ‌[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]

- ‌[فصل في مقدار الواجب في زكاة الفطر]

- ‌[وقت وجوب زكاة الفطر]

الفصل: ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

لما روي «أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالطائفتين ركعتين ركعتين»

ــ

[البناية]

أما الثالثة: فلأنها من الطائفة الأولى لإدراكها الشفع الأول، فقد انصرفت في أوانه.

وأما الرابعة: فلأنها من الطائفة الثانية لأنها أدركت الشفع الثاني فقد انصرفت أيضا في أوانه.

[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

1

ومن صلى صلاته ثم قام يقضي ما فاته خلف الإمام يقرأ فيما سبق، لأنه منفرد فلا يقرأ فيما لحق، لأنه خلف الإمام حكما، وتقدم ما لحق على ما سبق، وإذا لم يقرأ اللاحق يقف بقدر قراءة الإمام، وإن وقف أقل أو أكثر فلا بأس به، وفي " المنافع " يقوم بقدر ما يطلق عليه اسم القيام. وقال النووي في " شرح المهذب ": إذا صلى بكل فرقة ركعة وانتظر فراغها، ويجيء التي بعدها، ففي جوازها قولان، ويبنى عليها صحة صلاة الإمام، ووجه البطلان زيادة الانتظار.

وفي " المغني " لابن قدامة: لا تصح صلاة الأولى والثانية، لأنهما فارقتاه بعذر، وبطلت صلاة الثالثة والرابعة إذا علمنا ببطلان صلاتهما، وفي " المرغيناني ": لو كان الإمام مسافرا والقوم مقيمين، صلى بالطائفة الأولى التي معه ركعة، فانصرفوا إلى جهة العدو، وصلى بالطائفة الثانية ركعة وسلم، ثم جاءت الطائفة الأولى، فصلى ثلاث ركعات بغير قراءة، أما الركعة الثانية فلا شك في أنهم لا يقرءون فيهما لأنهم خلف الإمام حكما، وفي الآخرتين منفردين فيهما، وذكر الحسن في " المجرد " أنهم يقرءون فيهما.

وذكر السرخسي بأن المقيم خلف المسافر لا تلزمه القراءة فيما يقضي رواية واحدة، وإن كان القوم فيهم مسافرا أيضا يصلي بالأولى ركعة، فمن كان مسافرا بقي له ركعة، ومن كان مقيما بقي له ثلاث ركعات، ثم ينصرفون إلى جهة العدو وترجع الطائفة الأولى إلى مكان الإمام، فمن كان منهم مسافرا يصلي ركعة بغير قراءة، ومن كان مقيما يصلي ثلاثا بغير قراءة في ظاهر الراوية وفي رواية الحسن يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، ولا يقرأ في الأولى، فإذا أتمت الطائفة الأولى صلاتها ذهبت إلى وجه العدو، وتجيء الثانية إلى مكان صلاتها، فمن كان منهم مسافرا يصلي ركعة بقراءة، ومن كان مقيما يصلي ثلاث ركعات، الأولى بفاتحة الكتاب وسورة والأخريين بفاتحة الكتاب على الروايات كلها. م: (لما روي «أنه عليه السلام صلى الظهر بالطائفتين ركعتين ركعتين» ش: هذا الحديث رواه مسلم «عن جابر رضي الله عنه، قال: أقبلنا على رسول الله عليه السلام حتى إذا كنا بذات الرقاع.. الحديث وفيه: ثم نودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان، وليس فيه ذكر الظهر» وهو عند أبي داود وأخرجه بسند صحيح عن الحسن عن أبي بكر. قال: «صلى النبي عليه السلام في خوف الظهر، فصلى بعضهم خلفه، وبعضهم

ص: 167

ويصلي بالطائفة الأولى من المغرب ركعتين وبالثانية ركعة واحدة،

ــ

[البناية]

بإزاء العدو، فصلى ركعتين، ثم سلم فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه، فصلى بهم ركعتين ثم سلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا، ولأصحابه ركعتين ركعتين» .

واعلم أن هذا الحديث صريح في أنه عليه السلام سلم في ركعتين، وحديث جابر ليس صريحا فلذلك حمله بعضهم على حديث أبي بكرة، ومنهم النووي، ومنهم من لم يحمله عليه، ومنهم القرطبي، وقال المنذري في " مختصره ": قال بعضهم: كان النبي عليه السلام في بعض سفر غير حكم سفر وهم مسافرون. وقال بعضهم: هذا خاص بالنبي عليه السلام لفضيلة الصلاة خلفه، وقيل: فيه دليل على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل واعترض بأنه عليه الصلاة والسلام لم يسلم في الفرض كما في حديث جابر رضي الله عنه وقيل: إنه عليه الصلاة والسلام كان مخيرا بين القصر والإتمام في السفر، فاختار الإتمام واختار لمن خلفه القصر. وقال بعضهم: كان في حضر ببطن نخلة على باب المدينة، وكان خائفا فخرج منه محترسا. وقيل قد يتقوى هذا بحديث أخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي: أخبرنا الفقيه ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر «أن النبي عليه السلام كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين، ثم سلم. ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم» . وأخرج الدارقطني عن عتيبة عن الحسن عن جابر «أن النبي عليه السلام كان محاصرا يحارب فنودي بالصلاة، فذكره نحوه» والأول أصح إلا أن فيه شائبة الانقطاع، قال: شيخ الشافعي مجهول.

وأما الثانية ففيه عيينة بن سعيد القطان الواسطي ضعفه غير واحد وقيل لم يحفظ عن النبي عليه السلام أنه صلى صلاة الخوف قط في حضر، ولم يكن له حرب قط في حضر إلا يوم الخندق، ولم تكن آية الخوف نزلت بعد، ولما ذكر الطحاوي حديث أبي بكرة المذكور، قال محمد: إن يكن ذلك كان وقت كانت الفريضة تصلى مرتين، فإن ذلك كان يفعل أول الإسلام، حتى نهي عنه، ثم ذكر حديث ابن عمر «أن النبي عليه السلام نهى أن يصلى فريضة في يوم مرتين» قال: والنهي لا يكون إلا بعد الإباحة.

م: (ويصلي بالطائفة الأولى، ركعتين من المغرب، وبالثانية ركعة واحدة) ش: وهذا قول عامة أهل العلم. وقال الثوري: يصلي بالطائفة الأولى ركعة، وبالثانية ركعتين، وهو أحد قولي الشافعي، وأصحهما الأول، وصلاها هكذا علي رضي الله عنه ليلة الهرير، بفتح الهاء وكسر الراء من ليالي صفين، سميت بذلك لأنهم كانت لهم هرير عند حمل بعضهم على بعض،

ص: 168

لأن تنصيف الركعة الواحدة غير ممكن فجعلها في الأولى أولى بحكم السبق، ولا يقاتلون في حال الصلاة، فإن فعلوا بطلت صلاتهم؛

ــ

[البناية]

وذكر شيخ الإسلام، وقال الشافعي: الإمام في المغرب بالخيار إن شاء صلى مثل مذهبنا، وإن شاء صلى مثل مذهب الثوري، فلو أخطأ الإمام فصلى الأولى ركعة، وبالثانية ركعتين جازت صلاة الإمام، لأنه لم يبرح مكانه.

وقال سحنون: فسدت صلاته، لأنه ترك سنتها، وهو قول الشافعي، وفسدت صلاة الطائفتين، أما الطائفة الأولى فلأنهم انصرفوا في غير أوان انصرافهم وهو مفسد لوجود المشي من غير حاجة، وأما الطائفة الثانية فلأنهم في الأولى لإدراكهم الشطر الأول وقد انصرفوا بعد الثالثة وهو أوان عودهم إليها، فانصرافهم مفسد للإعراض عن العبادة من غير حاجة وعودهم إليها لا يفسد للإقبال على الطاعة، ولو جعلهم ثلاث طوائف، فصلى بالأولى ركعة فانصرفوا، وبالثانية الثانية فانصرفوا، وبالثالثة الثالثة فصلاة الطائفة الأولى فاسدة وصلاة الثانية جائزة ويقضون ركعتين بقراءة والثالثة بغير قراءة لأنه لا حق فيها، والأولى بقراءة لأنه مسبوق فيها، ولو أنه صلى بثلاث طوائف بكل طائفة ركعة، فصلاة الإمام تامة، وصلاة الطائفة الأولى فاسدة، وصلاة الطائفة الثانية والثالثة صحيحة.

م: (لأن تنصيف الركعة الواحدة غير ممكن) ش: تعليل لما قبله، وتقرير هذا أن الأصل إن صلى الإمام بكل طائفة شطر الصلاة وشطر المغرب ركعة ونصف، فيثبت حق الطائفة الأولى في نصف ركعة وتنصيفها غير ممكن، لأنها لا تتجزأ، فيثبت حقهم في كلها م:(فجعلها في الأولى أولى بحكم السبق) ش: هذا كأنه جواب عن سؤال مقدر، تقديره أن يقال إذا كان الأمر كذلك فما وجه تخصيص الطائفة الأولى بركعتين، فأجاب بقوله فجعلها، أي جعل الركعة الواحدة التي هي الركعة الثانية في الأولى، أي في الطائفة الأولى أحق بحكم السبق، وفيه مدرك آخر وهو أن الركعة الثانية أعطيت حكم الركعة الأولى في وجوب القراءةوضم السورة والجهر بالقراءة دون الركعة الثالثة، والطائفة الأولى هي المختصة بالركعة الأولى دون الطائفة الثانية.

م: (ولا يقاتلون في حال الصلاة) ش: وبه قال ابن أبي ليلى، وقال الشافعي: يقاتلون وعليهم الإعادة. وقال ابن سريج: لا إعادة عليهم، وفي " الغاية " وللشافعية ثلاثة أوجه: الأول: تبطل، رجحه صاحب المهذب والبندنيجي، ووافقهما في الترجيح كثير من العراقيين.

الثاني: لا تبطل، الثالث: إن كرر في شخص تبطل. وقراءة الحاضر في " اشتراط الجواهر " للمالكية في صلاة المسابقة خوف فوات الوقت وجوازها مع القتال والمطاردة، واختاره ابن المنذر.

م: (فإن فعلوا) ش: أي فإن فعلوا القتال في الصلاة م: (بطلت صلاتهم) ش: وقال الشافعي

ص: 169

لأنه صلى الله عليه وسلم شغل عن أربع صلوات يوم الخندق، ولو جاز الأداء مع القتال لما تركها

ــ

[البناية]

ومالك: ولا تبطل لظاهر قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102][102 النساء] ، والأمر بأخذ السلاح لا يكون إلا للقتال، ولهذا يجب أخذ السلاح في صلاة الخوف عند الشافعي في قول إن كان في وضعه خطر، وإن كان الظاهر السلامة يستحب، وبه قال أحمد وداود.

واحتج المصنف لأصحابنا بقوله م: (لأنه عليه السلام شغل عن أربع صلوات يوم الأحزاب ولو جاز الأداء مع القتال لما تركها) ش: أي لما ترك أربع صلوات مع القتال، وفيه نظر، لأن صلاة الخوف ما شرعت بعد يوم الأحزاب.

فإن قلت: روي عن ابن إسحاق والواقدي أن غزوة ذات الرقاع كانت قبل غزوة الخندق، وقد صلى رسول الله عليه السلام صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وقال الأترازي: فثبت أن صلاة الخوف كانت شرعت قبل الخندق، فلما ترك رسول الله عليه الصلاة السلام يوم الخندق لأجل القتال، دل أن القتال يمنع الصلاة.

قلت: قال البيهقي: لا حجة لهم، لأن صلاة الخوف إنما شرعت بعد الخندق، وقد جاء التصريح في طريق الحديث، بأن صلاة يوم الأحزاب كانت قبل نزول صلاة الخوف، رواه النسائي في سننه وابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما، والبيهقي في سننه والشافعي وأبو يعلى والدارمي في مسانيدهم كلهم عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري «عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: جئنا يوم الخندق، فذكره إلى أن قال: وذلك قبل أن ينزل {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239][البقرة: 239] » .

1 -

وقال القاضي عياض في " الشفاء ": والصحيح أن حديث الخندق كان قبل نزول الآية فهي ناسخة، ويمكن أن يعتذر عن المصنف في احتجاجه بالحديث المذكور بأنه اعتد ما روي عن الواقدي، لأن هذا مختلف فيه، فعن هذا قال النووي: قيل إنها أي أن صلاة الخوف شرعت في غزوة ذات الرقاع، وهي سنة خمس من الهجرة. وقيل: إنها شرعت في غزوة بني النضير، والحديث المذكور تقدم في باب قضاء الفوائت ويوم الأحزاب هو يوم حفر الخندق في المدينة، والأحزاب هم الذين ذكرهم الله في قوله:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: 10][الأحزاب: الآية10] وذلك أن أهل مكة جمعوا الأعراب وأتوا المدينة من فوق الوادي من قبل المشرق بنو غطفان، ومن أسفل الوادي من قبل المغرب قريش فتحزبوا وقالوا: سنكون جملة واحدة حتى نناضل محمدا، فأرسل الله عليهم ريح الصبا في ليلة شاتية فسفت التراب في وجوههم وقلعت الملائكة الأوتاد وقطعت الأطناب، وأطفئت النيران وأكفئت القدور، وماجت الخيل بعضها في بعض، وقذف في قلوبهم الرعب، وكبرت الملائكة في جوانب عدتهم فانهزموا من غير قتال.

ص: 170

فإن اشتد الخوف صلوا ركبانا فرادى يومئون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاؤوا إذا لم يقدروا على التوجه إلى القبلة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] (البقرة: الآية 239] ، وسقط التوجه للضرورة. وعن محمد رحمه الله أنهم يصلون بجماعة، وليس بصحيح لانعدام الاتحاد في المكان

ــ

[البناية]

وحين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقبالهم ضرب الخندق على المدينة - أشار عليه بذلك سلمان الفارسي رضي الله عنه واشتد الخوف، وظن المؤمنون كل الظن، وقال بعض المنافقين كان محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصر، ولا يقدر أن يذهب إلى الغائط، وكانوا ثم قريبا من شهر حتى أنزل الله النصر، وذلك قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا} [الأحزاب: 9] أي ريح الصبا {وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] أي جنود الملائكة، إلى قَوْله تَعَالَى:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25][الأحزاب: 25] أي بالريح والملائكة، قال عليه السلام:«نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور» .

م: (فإن اشتد الخوف) ش: يعني إذاكان الخوف أشد من الأول، بحيث لا يتهيأ لهم النزول عن الدابة لأجل هجوم العدو عليهم م:(صلوا ركبانا) ش: أي حال كونهم راكبين م: (فرادى) ش: أي منفردين م: (يومئون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاؤوا) ش: ويجعلون السجود أخفض من الركوع م: (إذا لم يقدروا على التوجه إلى القبلة) ش: هذا قيد إلى قوله إلى أي جهة شاؤوا.

وفي " الذخيرة ": إذا اشتد الخوف صلوا رجالا قياما على أقدامهم، أو ركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبيلها، وقال القاضي عياض في " الإكمال ": لا يجوز ترك استقبال القبلة فيها عند أبي حنيفة، وهو غلط منه، ولا يجوز في جماعة عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وبه قال ابن أبي ليلى.

م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] (البقرة: 239) ش: أي فإن كان بكم خوف من عدو فصلوا رجالا، أي راجلين، وهو جمع راجل، وهو الماشي لا جمع رجل، قوله {أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] يجوز بالإيماء م: (وسقط التوجه) ش: أي إلى القبلة م: (للضرورة) ش: أي لأجل الضرورة م: (وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أنهم) ش: أي أن الركبان م: (يصلون بجماعة) ش: يعني عند محمد يجوز، وبه قال الشافعي م:(وليس بصحيح) ش: أي ما قاله محمد ها هنا، بخلاف ظاهر الراوية وهو غير صحيح م:(لانعدام الاتحاد في المكان) ش: أي في مكان الصلاة، وهذا لا يلزم الفصل بين المقتدي وبين الإمام بما ليس بمكان للصلاة، فلا يجوز كما لو كان بينهما نهر أو طريق أو حائط.

وإن صلوا ركبانا والدابة تسير تجوز، والأصل أن كل صلاة تجوز راكبا تجوز مع السير كالنفل، وفي " المحيط " ولأن السير فعل الدابة حقيقة، وإنما أضيف إليه بمعنى فإذا جاء العدو

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

انقطعت الإضافة إليه، بخلاف ما إذا صلى وهو يمشي حيث تفسد صلاته، لأن المشي فعل حقيقة، وهو مناف، بخلاف الذاهب إلى وجه العدو، لأنه ليس بمصل في تلك الحال، بل هو في حرمة الصلاة.

وفي " زيادات الشهيد ": لا تجوز بالإيماء في المصر عند أبي حنيفة، وعن أبي يوسف تجوز في حالة المشي بالإيماء، وبه قال مالك والشافعي، ويصلون ركبانا ومشاة في جماعة، والخوف من العدو والسبع سواء، فالخائف من السبع إذا لم يستطع النزول عن دابته يصلي بالإيماء، كالخائف من العدو، وكذلك السابح في البحر، لأن فعلهما ينافي الصلاة فصار كالأكل.

والراكب لا يصلي في حال السير إذا كان طالبا، لعدم الضرورة، وإن كان مطلوبا يصلي للضرورة، وإذا رأوا سوادا ظنوا أنه عدو فصلوا صلاة الخوف فإذا هو إبل أو بقر أو غنم فعليهم الإعادة، وبه قال الشافعي في قول أحمد. واختاره المزني، وفي قول لا يجب عليهم الإعادة، وبه قال مالك. ولو كان ماشيا هاربا من العدو فحضرته الصلاة ولم يمكنه الوقوف لا يصلي ماشيا، وعند الشافعي يصلي بالإيماء في تلك الحالة ثم يعيد. والفرض على الدابة بعذر المطر واللص، وفي البادية تجوز إذا لم يقدروا على صلاة الخوف على ما وصفن آخرها، ولا يصلون صلاة غير مشروعة، وعن مجاهد وطاوس والحكم والحسن وقتادة والضحاك يصلون صلاة الخوف لركعة واحدة يومئون إيماء.

وروي هذا عن جابر أيضا، وقال الضحاك: فإن لم يقدروا يكبرون تكبيرتين، حيث كان وجههم، وقال إسحاق: إن لم يقدروا فتكبيرة واحدة.

أخذ الأسلحة ليس بواجب، وأخذها لا يفسد صلاته بالنص، وبه قال مالك وأحمد وداود، وعند الشافعي في وجوب أخذ السلاح قولان، والأصح استحبابه وعدم وجوبه، وفي " الوسيط " وكيف ما كان لا تبطل الصلاة بتركه.

ذهب فقهاء الأمصار إلى أن صلاة الخوف تصح بثلاثة أنفس، إمام ومأموم وآخر تجاه العدو. ونقل أبو بكر بن أبي داود عن الشافعي أن كل طائفة أن كل طائفة بثلاثة، ونقل عنه القرافي مثله، وفي " المغني " للحنابلة كل طائفة ثلاثة، وقال ابن حزم: يصليها من خاف من كافر أو مسلم باغ أو سبع أو سيل أو نار أو مجنون، أو حيوان عاد أو خوف عطش أو فوت رفقة أو متاع أو ضلال طريق. قال النووي: هي جائزة في كل قتال ليس بحرام واجبا كقتال الكفار، والبغاة وقطاع الطريق، وكذا الصائل على الإنسان إذا أوجبنا الدفع أو كان مباحا كقتال من قصد أخذ ماله أو مال غيره.

ص: 172

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ولا يجوز في الحرم كقتال أهل العدل، وقتال أهل الأموال لأخذها، وقتال القبائل عصبية، ويجوز للمنهزمين إذا زاد الكفار على الضعف أو كانوا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة، وإلا فلا.

ولو كان عليه القصاص يرجو العفو إذا سكن غضبه فهرب يصلي صلاة الخوف، واستبعده إمام الحرمين، وهذا عند شدة الخوف، وعند مالك وأحمد لا يترخص في كل قتال هو حرام.

وفي " فتاوي المرغيناني " في صلاة الخوف ليست مشروعة في حق العاصي في السفر.

وفي " الزيادات ": لا يجوز الانحراف بعد ذهاب العدو، ولزوال سبب الرخصة، ولو شرعوا فيها ثم حضر العدو جاز الانحراف في أوانه، ولو انحرفوا على ظن العدو، ثم بان أنه إبل بنوا ما لم يجاوزوا الصفوف استحسانا، وفي " المبسوط " لو سها الإمام في صلاة الخوف سجد للسهو وتابعه الطائفة الأولى يسجدون في إتمام صلاتهم.

ص: 173