الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحرزا عن الفتنة،
وليس في كسوف القمر جماعة لتعذر الاجتماع في الليل أو لخوف الفتنة، وإنما يصلي كل واحد بنفسه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم شيئا من هذه الأهوال فافزعوا إلى الصلاة» وليس في الكسوف؛ خطبة لأنه لم ينقل.
ــ
[البناية]
منفردين، وانتصابه على الحال. م:(تحرزا عن الفتنة)، ش: في التقديم والتقدم.
[الصلاة لكسوف القمر جماعة]
م: (وليس في كسوف القمر جماعة)، ش: هذا لفظ محمد في " المبسوط "، وقد عيب عليه بأن لفظ الكسوف لا يستعمل إلا في الشمس، ورد بأن كلا من لفظ الكسوف والخسوف مستعمل في كل واحد من الشمس والقمر، وقد حققنا الكلام فيه في أول الباب، ووقع في بعض النسخ وليس في خسوف القمر جماعة، والأول أصح، وقيل الجماعة جائزة لكنها ليست بسنة. م:(لتعذر الاجتماع بالليل)، ش: أي لتعذر اجتماع الناس بالليل، وكان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم كسوف القمر كما كان كسوف الشمس، فلو كان فيه جماعة كما في كسوف الشمس لنقل، وأما نفس الصلاة فبالأحاديث المذكورة عن قريب. م:(أو لخوف الفتنة)، ش: لأن اجتماع الناس بالليل من أطراف البلد لا يكاد يسلم عن وقوع فتنة منهم، إما من جهة وقوع الزحام وإما من جهة اختيار الإمام.
م: (وإنما يصلي كل واحد بنفسه)، ش: يعني منفردين، وعند الشافعي رحمه الله يصلي صلاة الخسوف بالجماعة كما في الكسوف، وقال مالك: لا صلاة فيه. وفي " المغني " لابن قدامة، وعن مالك: ليس في كسوف القمر سنة ولا صلاة، وانفرد به من بين أهل العلم. وقال الشافعي رحمه الله يصليها جماعة بركوعين وبالجهر بالقراءة وبخطبتين بينهما جلسة ككسوف الشمس، وهو قول أحمد وإسحاق إلا في الخطبة.
م: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم شيئا من هذه الأهوال فافزعوا إلى الصلاة» ، ش: في هذا الموضع نظر من وجهين: الأول: أن هذا الحديث بهذا اللفظ غريب، وإنما الذي صح ما رواه البخاري ومسلم وحديث عائشة رضي الله عنها «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة» .
والثاني: أن هذا الحديث لا يطابق مرآه، يظهر ذلك بالتأمل ولا ينكر ذلك إلا المعاند. م:(وليس في الكسوف خطبة)، ش: وقال الأكمل: أي في كسوف الشمس والقمر خطبة.
قلت: ليس في خسوف القمر جماعة فضلا عن الخطبة فلا يحتاج إلى ذكر القمر، وإنما عرفوا قول السغناقي من قول المصنف، وليس في الكسوف خطبة، هذا راجع إلى كسوف الشمس والقمر وليس كذلك، لأن المعنى كسوف الشمس خاصة كما ذكرنا، لأن الخسوف فيه جماعة، فكيف يكون فيه الخطبة حتى ينفي.
م: (لأنه لم ينقل) ش: أي لأن كون الخطبة في كسوف الشمس لم ينقل، وهذا غير صحيح، لما روى البخاري ومسلم من حديث أسماء: «ثم انصرف بعد أن انجلت الشمس والقمر فقام
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده، ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار. ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل وقريبا من فتنة الدجال..» الحديث.
وأخرجا أيضا من حديث ابن عباس فقال: «إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط» الحديث.
وأخرجا أيضا «عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: " يا أمة محمد؛ ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته..» الحديث. وأخرج مسلم عن جابر رضي الله عنه: «ولقد جيء بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها
…
» الحديث.
وأخرج أحمد من حديث سمرة بن جندب «فحمد الله وأثنى عليه وشهد أنه عبد الله ورسوله ثم قال: " يا أيها الناس أنشدكم الله إن كنتم تعلمون أني قصرت في شيء من تبليغ رسالات ربي
…
» الحديث بطوله، وأخرجه الحاكم أيضا في " مستدركه "، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأخرج ابن حبان في " صحيحه " من حديث عمرو بن العاص: «فقام فحمد الله وأثنى عليه
.» الحديث.
وقال الأكمل: ولنا أنه لم ينقل، وذلك دليل على أنه يفعل. وقال صاحب " الدراية " ولنا ما روي من الحديث في المتن وعدم النقل. وقال السغناقي: معنى قوله " لأنه لم ينقل " أي بطريق الشهرة.
قلت: أما كلام الأكمل فإنه غير وارد على منهج الصواب؛ لأن قوله " لم ينقل " غير صحيح؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد فعله، وكذلك قوله وذلك دليل على أنه لم يفعله غير صحيح؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد فعله، وأما كلام صاحب " الدراية " ففيه نظر من وجهين:
الأول: أن قوله ولنا ما روي من الحديث في المتن غير سديد، ولا يوجد، لأن الحديث الذي في المتن لا يدل على نفي الخطبة في الكسوف.
الثاني: أن قوله: " وعدم النقل " غير صحيح لما ذكرنا. وأما قول السغناقي: " أي بطريق الشهرة ": فإقرار منه أن النقل موجود، وأما قوله:" أي بطريق الشهرة ": فغير صحيح، وكيف لا يكون مشهورا، وقد رواه غير واحد من الصحابة، وكما ذكرناه الآن؟
ثم أجاب الأكمل بعد اعترافهم بالنقل بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقصد الخطبة، وإنما قال ذلك دفعا لقول من قال: إن الشمس انكسفت لموت إبراهيم عليه السلام وإخبارا عما رآه من الجنة والنار.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
قلت: سبحان الله. كيف لا يكون خطبة، ومقاصد الخطبة لا تنحصر في شيء معين، ولا سيما ورد أنه صعد المنبر وبدأ بما هو المقصود من الخطبة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر فضل الخطبة وغير ذلك، وصعود المنبر رواه النسائي وأحمد في " مسنده " وابن حبان في " صحيحه "، ولفظهم «ثم انصرف بعد أن انجلت الشمس، فقام وصعد المنبر فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: " إن الشمس والقمر
…
» الحديث.
فروع: لو طلعت مكسوفة لم يصل حتى تحل النافلة، وبه قال مالك وأحمد وآخرون، وقال ابن المنذر وبه أقول، خلافا للشافعي.
ووقتها الوقت المستحب كسائر الصلوات. وفي " المبسوط ": ولا يصلي الكسوف وفي الأوقات الثلاثة، وبه قال الحسن وعطاء بن أبي رباح وعكرمة وعمرو بن شعيب وقتادة وأيوب وإسماعيل بن علية وأحمد.
وقال إسحاق: يصلون بعد العصر ما لم تصفر الشمس وبعد صلاة الصبح ولو كسفت في الغروب لم يصل إجماعا من جنس الكسوف مثل الريح الشديد والظلمة الهائلة بالنهار والثلج والأمطار الدائمة والصواعق والزلازل وانتشار الكواكب والضوء الهائل بالليل وعموم الأمراض وغير ذلك من النوازل والأهوال والأفزاع، إذا وقعت صلوا وحدانا، واسألوا وتضرعوا، وكذا في الخوف الغالب من العدو، وعند الشافعي كذلك.
ولا يصلي عنده جماعة في غير الكسوفين، وروى الشافعي أن عليا رضي الله عنه صلى في زلزلة جماعة، قال: إن صح هذا الحديث قلت به.
وقال النووي: هذا الأمر لم يثبت عن علي رضي الله عنه. وفي " الجواهر " لا يصلى للزلازل وغيرها من الآيات عند مالك، وحكى اللخمي عن أشهب الصلاة، واختاره. وعند أحمد يصلي للزلزلة ولا يصلي للرجفة والريح الشديدة وغيرهما كما ذكرناه الآن، وقال الآمدي: منهم من يصلي لجميع ما ذكرناه حكاه عن ابن أبي موسى.