المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في تكبيرات التشريق - البناية شرح الهداية - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌السفر الذي يتغير به الأحكام

- ‌فرض المسافر في الرباعية

- ‌[دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها هل يقصروا]

- ‌[حكم نية إقامة المسافر من أهل الكلأ]

- ‌[ما يستحب للإمام المسافر]

- ‌[الحكم إذا دخل المسافر بلده]

- ‌[حكم من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر]

- ‌[وطن الإقامة للمسافر يبطل بمثله]

- ‌[اعتبار نية السفر في موضعين وحكم من فاتته صلاة في السفر]

- ‌[ترخص العاصي]

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌[شروط صحة الجمعة]

- ‌[المكان الذي تصح فيه الجمعة]

- ‌[صلاة الجمعة في القرى]

- ‌[الجمعة بمنى وعرفات]

- ‌[دخول الوقت من شرائط الجمعة]

- ‌[الخطبة من شرائط الجمعة]

- ‌[شروط الخطبة وسننها]

- ‌[الجماعة من شرائط الجمعة]

- ‌[العدد الذي تصح به صلاة الجمعة]

- ‌[من لا تجب عليه الجمعة]

- ‌[إمامة المسافر والعبد والمريض في الجمعة]

- ‌[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]

- ‌[حكم المسبوق في صلاة الجمعة]

- ‌[البيع والشراء بعد أذان الجمعة الأول]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]

- ‌[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]

- ‌[التنفل في المصلى قبل صلاة العيد]

- ‌[وقت صلاة العيدين]

- ‌[كيفية صلاة العيدين]

- ‌[رفع اليدين في تكبيرات العيدين]

- ‌[الخطبة بعد الصلاة في العيدين]

- ‌[حكم من فاتته صلاة العيد مع الإمام]

- ‌[الحكم لو غم هلال شوال وشهدوا برؤيته عند الإمام بعد الزوال]

- ‌[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]

- ‌فصل في تكبيرات التشريق

- ‌[صيغة التكبير]

- ‌[التكبير للنساء والمسافرين]

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

- ‌[القراءة في صلاة الكسوف]

- ‌[الدعاء في صلاة الكسوف]

- ‌[الصلاة لكسوف القمر جماعة]

- ‌باب الاستسقاء

- ‌[عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]

- ‌[الدعاء في صلاة الاستسقاء]

- ‌[حضور أهل الذمة الاستسقاء]

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها]

- ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

- ‌باب الجنائز

- ‌[ما يفعل بالمحتضر]

- ‌[ما يفعل بالميت عقب موته]

- ‌[فصل في غسل الميت] [

- ‌كيفية غسل الميت]

- ‌[وضوء الميت من غير مضمضة واستنشاق]

- ‌[غسل رأس الميت ولحيته بالخطمي]

- ‌[تنشيف الميت بعد الغسل]

- ‌[وضع الكافور على مساجد الميت]

- ‌[تسريح شعر الميت ولحيته]

- ‌فصل في التكفين

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للرجل]

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للمرأة]

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌[حكم الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة عليه]

- ‌[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]

- ‌[كيفية صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو كبر الإمام خمسا في صلاة الجنازة]

- ‌[الاستغفار للصبي في صلاة الجنازة]

- ‌[أحكام المسبوق في صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو صلوا على الجنازة ركبانا]

- ‌[صلاة الجنازة في المسجد]

- ‌[حكم الصلاة على من استهل بعد الولادة ثم مات]

- ‌[تغسيل وتكفين القريب الكافر]

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌[كيفية حمل الجنازة]

- ‌[الإسراع بالجنازة]

- ‌[الجلوس قبل وضع الجنازة عن الأعناق]

- ‌فصل في الدفن

- ‌[المفاضلة بين اللحد والشق]

- ‌[كيفية الدفن]

- ‌[تسنيم القبر]

- ‌[تجصيص القبر وتطيينه]

- ‌[الدفن ليلا]

- ‌[قلع الحشيش الرطب من القبور]

- ‌باب الشهيد

- ‌[تعريف الشهيد]

- ‌[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]

- ‌[كل من يدخل في معنى الشهيد]

- ‌[تغسيل الشهيد الجنب]

- ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

- ‌[تغسيل من قتل في حد أو قصاص]

- ‌[تغسيل من مات من البغاة]

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌[حكم الصلاة في الكعبة]

- ‌[الحكم لو صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق المأمومون حول الكعبة]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[حكم الزكاة وشروط وجوبها]

- ‌[حكم مانع الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الفور أم التراخي]

- ‌[زكاة مال المكاتب]

- ‌[زكاة المدين]

- ‌[الزكاة دور السكنى والثياب وأثاث المنازل ونحوها]

- ‌[زكاة كتب العلم وآلات الحرفيين]

- ‌[زكاة المال المضمار والمفقود والمغصوب]

- ‌[زكاة المال الذي صادره السلطان]

- ‌[حكم من اشترى جارية أو شيئا للتجارة ثم نواه للخدمة أو القنية]

- ‌[اشتراط النية في الزكاة]

- ‌[حكم من تصدق بمال لا ينوي به الزكاة]

- ‌[فروع في اشتراط النية في الزكاة]

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌[حكم صدقة السوائم]

- ‌[فصل في زكاة الإبل] [

- ‌نصاب زكاة الإبل والقدر الواجب فيها]

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌[حكم زكاة البقر]

- ‌[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]

- ‌[الجواميس والبقر سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الغنم

- ‌[نصاب زكاة الغنم والقدر الواجب فيها]

- ‌[الضأن والمعز سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الخيل

- ‌[كيفية إخراج زكاة الخيل]

- ‌فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة

- ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

- ‌[كيفية زكاة المال المستفاد أثناء الحول]

- ‌[الحكم لو أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم]

- ‌[بني تغلب هل تلزمهم الزكاة]

- ‌[حكم تقديم الزكاة على الحول]

- ‌[باب حكم زكاة المال]

- ‌فصل في الفضة

- ‌[نصاب الزكاة في الفضة ومقدار الواجب]

- ‌فصل في الذهب

- ‌[نصاب الزكاة في الذهب ومقدار الواجب]

- ‌[الزكاة في تبر الذهب والفضة]

- ‌فصل في العروض

- ‌[زكاة العروض حكمها وشروط وجوبها]

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌[الخلاف بين المزكي والعاشر]

- ‌باب في المعادن والركاز

- ‌[حكم زكاة المعدن والركاز ومقدار الواجب فيه]

- ‌[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]

- ‌[حكم من دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا]

- ‌[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌[حكم زكاة الزروع والثمار] [

- ‌نصاب زكاة الزروع والثمار والمقدار الواجب فيه]

- ‌[الزكاة في الخضروات]

- ‌[زكاة العسل]

- ‌[احتساب أجرة العمال في زكاة ما تخرجه الأرض]

- ‌باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز

- ‌[الفقير والمسكين من مصارف الزكاة] [

- ‌الفرق بين الفقير والمسكين]

- ‌[العاملون عليها من مصارف الزكاة]

- ‌[قدر ما يعطى العامل من الزكاة]

- ‌[وفي الرقاب من مصارف الزكاة]

- ‌[وفي سبيل الله من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بسبيل الله]

- ‌[ابن السبيل من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بابن السبيل]

- ‌[دفع الزكاة إلى الذمي]

- ‌[دفع الزكاة للآباء والأبناء والزوجة]

- ‌[حكم إعطاء الزكاة والصدقة لبني هاشم ومواليهم]

- ‌[الحكم لو دفع الزكاة لغير مستحقيها وهو لا يعلم]

- ‌[حكم نقل الزكاة]

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌[تعريف زكاة الفطر وحكمها وعلى من تجب]

- ‌[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]

- ‌[فصل في مقدار الواجب في زكاة الفطر]

- ‌[وقت وجوب زكاة الفطر]

الفصل: ‌فصل في تكبيرات التشريق

‌فصل في تكبيرات التشريق

ويبدأ بتكبير التشريق بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويختم عقيب العصر من يوم النحر عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يختم عقيب صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

ــ

[البناية]

[فصل في تكبيرات التشريق]

م: (فصل في تكبيرات التشريق) ش: أي هذا فصل في بيان تكبيرات التشريق، ولما فرغ من بيان صلاتي العيد وإحداهما صلاة الأضحى شرع في بيان التكبيرات التي هي مختصة بأيامها، فلذلك أفردها بالفصل، والتشريق مصدر من شرق اللحم إذا بسطه في الشمس ليجف، وسميت بذلك أيام التشريق، لأن لحم الأضاحي كانت تشرق فيها بمنى، وقيل: سميت به، لأن الهدي والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس، أي تطلع، وكان المشركون يقولون أشرق ثبير كيما نغير، ثبير بفتح الثاء المثلثة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره راء، جبل بمنى، أي ادخل أيها الجبل في الشروق، وهو ضوء الشمس، كيما نغير أي ندفع للنحر.

وذكر بعضهم أن أيام التشريق سميت بذلك، وقيل: التشريق صلاة العيد، لأنها تؤدى عند إشراق الشمس وارتفاعها، كما جاء في الحديث «لا جمعة ولا تشريق» ، وفي حديث آخر «لا ذبح إلا بعد التشريق» ، والمراد بالتشريق فيهما صلاة العيد، كذا في " المبسوط ".

وفي " الخلاصة ": أيام النحر ثلاثة وأيام التشريق ثلاثة، ويمضي ذلك في أربعة أيام، فإن العاشر من ذي الحجة نحر خاص، والثالث عشر تشريق خاص، واليومان فيما بينهما للنحر والتشريق، وقال العلامة شمس الأئمة الكردري: هذه الإضافة -يعني إضافة التكبير إلى التشريق- مستقيم على قولهما، لأن بعض التكبيرات يقع في أيام التشريق عندهما، وعند أبي حنيفة رحمه الله لا يقع شيء منهما في أيام التشريق، ولكن أدنى الملابسة كاف للإضافة.

م: (ويبدأ) ش: أي المصلي. م: (بتكبير التشريق بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويختم) ش: التكبير. م: (عقيب العصر) ش: أي صلاة العصر. م: (من يوم النحر عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وهو قول عبد الله بن مسعود وعلقمة والأسود والنخعي رضي الله عنهم.

م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد رحمهما الله. م: (يختم عقيب صلاة العصر من آخر أيام التشريق) ش: وهو قول عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وبه قال سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأبو ثور وأحمد والشافعي رحمهم الله في قول. وفي " التحرير " ذكر عثمان رضي الله عنه معهم. وفي " المفيد " وأبا بكر رضي الله عنه وعليه الفتوى، ذكره في " الكامل " و " التحرير " وهاهنا تسعة أقوال، وقد ذكرنا القولين.

ص: 125

والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم فأخذا بقول علي رضي الله عنه أخذا بالأكثر؛ إذ هو الاحتياط في العبادات،

ــ

[البناية]

الثالث: يختم بعد ظهر يوم النحر، وروي ذلك عن ابن مسعود فعلى هذا يكبر في سبع صلوات، وعلى قولهما في ثلاث وعشرين صلاة.

الرابع: يكبر في ظهر يوم النحر ويختم في صبح آخر أيام التشريق وهو قول مالك والشافعي رحمه الله في المشهور ويحيى الأنصاري، وروي ذلك عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما وهو رواية عن أبي يوسف رجع إليه، حكاه في " المبسوط " و " شرح الأقطع ".

الخامس: من ظهر عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، حكي ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير.

السادس: يبدأ من ظهر يوم النحر إلى ظهر يوم النحر الأول، وهو قول بعض أهل العلم.

والسابع: حكاه ابن المنذر عن ابن عيينة، واستحسنه أحمد أن أهل منى يبتدئون من ظهر يوم النحر، وأهل الأمصار من صبح يوم عرفة، وإليه مال أبو ثور.

والثامن: من ظهر عرفة إلى ظهر يوم النحر، حكاه ابن المنذر.

والتاسع: من مغرب ليلة النحر عند بعضهم، قاله قاضي خان وغيره.

م: (والمسألة) ش: أي مسألة تكبيرات التشريق. م: (مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم) ش: وهم الشيوخ منهم والصبيان، فالشيوخ عمر وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم والشباب عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وعائشة أم المؤمنين. م:(فأخذا) ش: أي أبو يوسف ومحمد رحمهما الله. م: (بقول علي رضي الله عنه أخذا بالأكثر، إذ هو الاحتياط) ش: أي الأخذ بالأكثر هو الاحتياط. م: (في العبادات) ش: والأكثر هو تكبيرات علي رضي الله عنه وهو أكثر من تكبيرات ابن مسعود رضي الله عنه والعبادات يحتاط فيها بالأكثر، واحتجا أيضا بقوله تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203](البقرة: الآية 203) ، والمراد منها أيام التشريق بالنقل عن أئمة التفسير.

فإن قلت: فعلى هذا يلزمهما تكبيرات العيد؟

قلت: لا نسلم، لأنه ثمة دلت شواهد الأصول على ترجيح قول ابن مسعود رضي الله عنه بخلاف تكبيرات التشريق، فإن الترجيح لما لم يكن لاتفاق مذهب الصحابة في الثبوت والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بالأكثر احتياطًا.

ص: 126

وأخذ بقول ابن مسعود أخذا بالأقل؛ لأن الجهر بالتكبير بدعة.

ــ

[البناية]

م: (وأخذ بقول ابن مسعود رضي الله عنه) ش: أي أخذ أبو حنيفة رحمه الله بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. م: (أخذا بالأقل) ش: أخذا على أنه مفعول مطلق لقوله أخذ. م: (لأن الجهر بالتكبير بدعة) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55](الأعراف: الآية 55) .

واحتج أبو حنيفة رحمه الله أيضا بقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203](البقرة: الآية 203) ، والمراد منه أيام التشريق بالنقل عن أهل التفسير، فكان ينبغي أن يكون التكبير واجبا في جميع أيام العشر إلا أن ما قبل يوم عرفة خص بالإجماع من الصحابة رضي الله عنهم وفيما بعد يوم الأضحى لا نص ولا إجماع فكان الاقتصار على تكبير ابن مسعود أولى.

فإن قلت: لا نسلم عدم النص في أيام التشريق، ألا ترى إلى قَوْله تَعَالَى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] ؟

قلت: لا نسلم أن المراد منه الذكر المفعول عقيب الصلوات، بل المراد منه الذكر عند رمي الجمار بدليل سياق الآية {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] لأن ذلك الحكم يختص برمي الجمار. وقالت الشافعية: الأخذ بالأكثر أولى احتياطا، لأن هذا باب لا يعرف بالرأي والزيادة في الأخبار عن الثقات مقبولة، ولأن هذه التكبيرات منسوبة إلى أيام التشريق واتفقنا أنه يكبر في غير أيام التشريق، وهو يوم عرفة والنحر، فلأن يكبر في أيام التشريق أولى.

وفي " شرح الوجيز ": أما تكبير الأضحى فالناس فيه قسمان حاج وغيرهم، فالحاج يبدءون به عقيب ظهر يوم النحر، ويختمون عقيب الصبح آخر أيام التشريق، وأما غيرهم ففيه طريقان أصحهما على ثلاثة أقوال أظهرها أنهم كالحاج، والثاني أنهم يبدءون عقيب عرفة من الصبح ويختمون عقيب العصر من آخر أيام التشريق، وقال الصيدلاني وغيره: وعليه العمل في الأمصار والطريق الثاني القطع بالقول الأول، إذ هو الاحتياط.

وفي " شرح المهذب " للنووي: الحاج يبدأ به من ظهر يوم النحر ويختم في صبح آخر أيام التشريق بلا خلاف، وأما غير الحاج فللشافعي فيه نصوص ثلاثة، أحدها: كالحاج وهو المشهور، ونصه في " مختصر المزني والبويطي والإمام والقديم "، قال الحاوي: نصه في " القديم " و " الجديد ". وقال صاحب " الشامل ": هو نصه في أكثر كتبه.

الثاني: يبدأ به خلف المغرب ليلة النحر كليلة الفطر على أصله.

الثالث: من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، كقولهما فالقول الأول خمس

ص: 127

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

عشرة صلاة، والقول الثاني ثماني عشرة صلاة.

وقال أبو إسحاق المروزي: لا خلاف في المذهب أنه يكبر من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وإنما ذكره ليلة النحر للقياس على ليلة الفطر وظهر يوم النحر على قياس الحجيج، واختارته طائفة منهم كابن شريح والمزني والروياني والبيهقي.

قال النووي: هو الذي اختاره وقرره بما روي عن جابر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر من يوم عرفة من صلاة الغداة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق» .

قال البيهقي: يرويه عمرو بن شمر عن جابر الجعفي، ولا يحتج بهما، وروى الحاكم في " المستدرك «أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر ب " {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] " ويقنت في صلاة الفجر ويكبر يوم عرفة من صلاة الصبح، ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق» قال: هذا حديث صحيح لا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح.

قلت: روى البيهقي هذا الحديث بإسناد الحاكم، ثم قال: هذا الحديث مشهور بعمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل، وكلا الإسنادين ضعيف، وقال النووي: والبيهقي أشد تحريا من نسخة الحاكم وأتقن.

قلت: هذا الذي هو أشد تحريا يروي عن الضعفاء، وتكلف في التصحيح إذا وافق مذهبه، وإذا كان حديثهم عليه ضعفه، وذكر من تكلم فيهم، فإذا كان دأب التحري فما ترى ظنك بغيره كالحاكم وأمثاله من المتحرين الشافعية.

وفي " جامع الأسبيجابي " و " المجتبى " و " فتاوى العتابي " و " التحرير " و " الخلاصة " الفتوى على قولهما، أي على قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله- وعليه عمل الأمصار في أغلب الأعصار. وعن الفقيه أبي جعفر أن مشايخنا يرون التكبير في الأسواق في الأيام العشر، كذا في " الفتاوى الظهيرية ".

وفي " جامع التفاريق " قيل لأبي حنيفة رحمه الله ينبغي لأهل الكوفة وغيرها أن

ص: 128