الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بزيادة الكرامة،
ولا يسرح شعر ميت ولا لحيته ولا يقص ظفره ولا شعره لقول عائشة رضي الله عنها علام تنصون ميتكم
ــ
[البناية]
ش: يعني من غيرها م: (بزيادة الكرامة) ش: لأنها الأعضاء التي عليها قوام البدن. وفي " الروضة ": ولا بأس بأن يحشى مخارقه كأنفه وفمه ومسامعه بالقطن، وأن يجعل القطن على وجهه، وجوز الشافعي ذلك في دبره واستقبحه مشايخنا. وفي " الأسبيجابي " عن أبي حنيفة: لا بأس بأن يحشى مخارقه كالدبر والقبل والأذنين والفم. وفي " المرغيناني ": قال بعضهم: ولا بأس بأن يجعل القطن في صماخ أذنيه.
[تسريح شعر الميت ولحيته]
م: (ولا يسرح شعر الميت ولا لحيته) ش: التسريح تخليص بعض الشعر عن بعض، وقيل تخليله بالمشط. وقال الشافعي: سرح شعره ولحيته بمشط واسع إذا كان ملبدا م: ولا يقص ظفره ولا شعره) ش: ولا تحلق عانته ولا ينتف إبطه ولا يختن، وبه قال محمد بن سيرين ومالك.
وقال ابن المنذر: هذا أحب إلي. وقال الأوزاعي: يقص الأظفار إذا طالت ولا يمس غير ذلك، وفيها خلاف الشافعي، وذكر في " البيان " في ختانه ثلاثة أوجه: أحدها: لا يختن، الثاني: يختن، والثالث: يختن الكبير لا الصغير، وله قولان في غير الختان، القديم كقولنا، والجديد يفعل ذلك.
وقال الرافعي: لا خلاف أن هذه الأمور لا تستحب، وإنما القولان في الكراهة ورد عليه، وصححوا الكراهة. قال النووي: وهو المختار نقله البندنيجي عن بعض الشافعية. وفي " مختصر المزني ": قال الشافعي: تركه أعجب إلي.
م: (لقول عائشة رضي الله عنها علام تنصون ميتكم) ش: أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه "، أخبرنا سفيان الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عائشة " رأيت امرأة تكدون رأسها بمشط. فقالت: علام تنصون ميتكم "، ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي به. ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام وإبراهيم الحربي في كتابيهما وفي غريب الحديث. وقال أبو عبيد: هو مأخوذ من نصوت الرجل أنصوه نصوا إذا مددت ناصيته. فأرادت عائشة رضي الله عنها أن الميت لا يحتاج إلى تسريح الرأس، وذلك بمنزلة الأخذ بالناصية.
وفي " المغرب " وجعل اشتقاقه من منصت العروس خطأ، قوله: م: (علام) ش: أم أصله على ما دخل حرف الجر على ما الاستفهامية فأسقط ألفها للتخفيف، كما في قَوْله تَعَالَى:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] .
فإن قلت: ذكر الرافعي في كتابه، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال:«افعلوا بميتكم ما تفعلون بعروسكم» وذكره الغزالي في " الوسيط " أيضا، ولفظه:«افعلوا بموتاكم ما تفعلون بأحيائكم» .
ولأن هذه الأشياء للزينة، وقد استغنى الميت عنها.
وفي الحي كان تنظيفا لاجتماع الوسخ تحته، وصار كالختان
ــ
[البناية]
قلت: قال ابن الصلاح: بحثت عنه فلم أجده ثابتا. وقال أبو حامد في كتاب السواك: هذا الحديث غير معروف.
م: (ولأن هذه الأشياء للزينة، وقد استغنى الميت عنها) ش: لأنه فارقها وفارق أهلها، ولأن من حكم الميت أن يدفن بجميع أجزائه، فلا معنى لفصل بعض أجزائه ثم دفنه معه
م: (وفي الحي كان تنظيفا لاجتماع الوسخ تحته) ش: قال صاحب " الدراية ". هذا جواب قول الشافعي أنه تنظيف له كالحي.
وقال السغناقي: هذا جواب إشكال، أي لا يشكل علينا الحي، حيث يسرح شعره ويقص ظفره، لأنه يخرج إلى الزينة، ولا يعتبر في حقه زوال الجزء، بخلاف الميت فإنه لا يسن فيه إزالة الجزء.
قلت: الذي ذكره السغناقي هو الصواب، لأن خلاف الشافعي لم يذكر في الكتاب حتى يجاب عنه، والضمير في كان يرجع إلى كل واحد من قص الظفر والشعر، وكذلك الضمير في قوله تحته، أي تحت كل واحد من قص الظفر والشعر.
قلت: هذا ليس معنى هذا التركيب، وهو ظاهر، فإذا علم مرجع الضمير في صار يحل التركيب كما ينبغي، والضمير يرجع إلى مقدر تقديره وصار الفرق أو الحكم بين الميت والحي في إزالة الجزء من حيث إنه لا يعتبر في حق الحي، لأنه يحتاج إلى الزينة، كما في الختان، ويعتبر في حق الميت فلا يسن في حقه إزالة الجزء، كما في الختان فإنه لا يختن بالاتفاق.
فروع: يغسل الرجال الرجال، والنساء النساء، إلا أن يكون الميت صغيرا لا يشتهى، أو صغيرة لا تشتهى فلا بأس أن يغسلها الرجال والنساء.
وقال ابن المنذر حكاية عنه تغتسل المرأة الصغير ما لم يتكلم، والرجل الصغيرة ما لم تتكلم.
قلت: ذكره في " المبسوط " والصحيح الأول. وقال الحسن: يغسله النساء إذا كان فطيما أو فوقه بشيء يسير. وقال الأوزاعي وإسحاق: إذا كان ابن أربع أو خمس.
وقال مالك وأحمد: ابن سبع، وهو قريب من قول أصحابنا، وكذا الجارية في حق الرجل وفيمن قال تغسل المراة الصغيرة، ويغسل الرجل الصغيرة الحسن وابن سيرين والأوزاعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله، ونقل ابن المنذر في كتاب " الإجماع " [....
....] الإجماع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
على جواز غسل المرأة زوجها. وعن أحمد منفردا في رواية ذكرها عنه النووي، وأما غسله زوجته فغير جائز عندنا، وهو قوله، وهو قول الثوري والأوزاعي وكرهه الشعبي رحمه الله.
قال الشافعي رحمه الله ومالك وأحمد وآخرون رحمهم الله: يجوز، قال النووي: احتجوا بحديث «عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: وارأساه لصداع في رأسي، فقال صلى الله عليه وسلم: " بل أنا وارأساه يا عائشة ما ضرك لومت قبلي فغسلتك وكفنتك..» الحديث رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني والدارمي والبيهقي بإسناد ضعيف، وفيه محمد بن إسحاق كذبه مالك وغيره.
وقال ابن الجوزي: رواه البخاري ومسلم ولم يقل غسلتك، إلا ابن إسحاق، واحتجوا أيضا بما رواه البيهقي وابن الجوزي عن فاطمة رضي الله عنها أنها قالت لأسماء بنت عميس يا أسماء إذا مت فاغسليني أنت وعلي بن أبي طالب، فغسلاها. قال ابن الجوزي: في إسناده عبد الله بن نافع. قال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك، والبيهقي رواه في " سننه الكبرى " ولم يتكلم عليه، وظن أنه يخفى.
وقال صاحب " المبسوط " و " المحيط " و " البدائع " وجماعة غيره أن ابن مسعود أنكر على علي رضي الله عنه ذلك، فقال له إنها زوجته في الدنيا والآخرة، يعنون أن الزوجية باقية بينهما لم تنقطع.
قلت: وفيه نظر، لأنه لو بقيت الزوجية بينهما لما تزوج أمامة بنت زينب بعد موت فاطمة وقد مات عن أربع حرائر، ولو مات الرجل في السفر ومعه نساء إن كانت فيهن امرأته غسلته وكفنته وصلين عليه، وتقوم إمامهن وسطهن. وعند مالك والشافعي النساء وحدهن يصلين عليه منفردات ثم يدفنه، وإن لم يكن فيهن امرأته ومعهن كافر يعلمنه الغسل والتكفين ثم يخلين بينهما ثم يصلي عليه النساء ويدفنه، ويروى جواز غسل الكافر للمسلم عن مكحول وسفيان وعلقمة وغيرهم.
وإن لم يكن معهن كافر، وكانت معهن صبية لا تشتهي وتطيق غسله، عليها الغسل والتكفين، ثم يصلي عليه النساء ويدفنه، وإن لم يكن ييممنه وإن ماتت ولي سمعه مسلمات ومعها رجل كافر أو كافرة أو صبي لم يبلغ حد الشهوة فالرجل يعلمها كما تقدم، وكذا المرأة تيمم عندنا، وبه قال ابن المسيب والنخعي وحماد بن أبي سليمان ومالك وأحمد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وقال الحسن البصري وقتادة والزهري وإسحاق رحمهم الله: يصب عليها الماء من فوق ثيابها. وعن ابن عمر ونافع تغمس في ثيابها. وقال الأوزاعي: تدفن كما هي ولا تيمم.
وقال ابن المنذر: بالتيمم أقول.
وعند الشافعية في أحد الوجهين تغسل الأجنبية بخرقة وتستر بثوب. وقال القاضي حسين: وتصح بغير خرقة بلا خلاف. وييمم المحرم بغير خرقة، وغير المحرم بخرة، وكذا الأمة تيمم الرجل، والرجل ييمم الأمة بغير خرقة، ذكره في " البدائع ". وقال أبو قلابة: يغسل الرجل ابنته. وقال مالك: لا بأس بأن يغسل أمه وأخته عند الضرورة، وقال الأوزاعي: يصب عليها الماء، وأنكر أحمد فعل أبي قلابة، وينظر إلى وجهها دون ذراعيها.
وقال مالك رحمه الله: الرجل ييممها إلى الكوعين، والمرأة إلى المرفقين. ولو كانت زوجته حاملا فوضعت لا تغسله، خلافا لمالك رحمه الله. ولو بانت منه قبل موته وارتدت قبله أو بعده أو قتلت ابنه أو أباه أو وطئت بشبهة، قال في " المحيط " في رواية الحسن عنه، وهي الأصح يحرم عليه غسله، خلافا لزفر، والمطلقة الرجعية تغسله، وبه قال أحمد، وعند الشافعي: لا يغسل أحدهما الآخر كالبائن والفسخ، وعند مالك رحمه الله في الرجعي كالمذهبين. وفي " المبسوط " و " المحيط ": لو كانت مجوسية وهو مسلم لا تغسله إلا أن تسلم، ولو ارتدت ثم أسلمت لا تغسله، ولو وطئت بشبهة ثممات وانقضت عدتها من ذلك الوطء لا تغسله خلافا لأبي يوسف، ولو طلق إحد امرأتيه ثلاثا وقد دخل بها لم تغسله واحدة منهما. وفي " المحيط ": إذا ظاهر منهما ثم مات الأصح أنها تغسله، ولا تغسله أمته، لأنه مثل الغير، ولا مديرته ولا أم ولده. وفي " البدائع " في أم الولد روايتان، في رواية تغسله لقول زفر ومالك وأحمد رحمهم الله والثانية لا تغسله. وقال النووي: الأصح أنه ليس لأم الولد أن تغسل سيدها، وله غسلها.
وقال المرغيناني: الخنثى ييمم، وقيل: يغسل في ثيابه. وقال الحلواني: يجعل في كوارة ويغسل. وعند الشافعية يغسل المحرم وإن لم يكن، قيل يغسل من فوق بثوب، وقيل ييمم.
لا غسل على من غسل ميتا، وهو قول عامة أهل العلم كابن عباس وابن عمر وعائشة والحسن البصري والنخعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور رحمهم الله وحكاه أبو بكر ابن المنذر وقال: لا شيء عليه، وليس فيه حديث يثبت.
وعن علي وأبي هريرة أنهما قالا من غسل ميتا فليغتسل، وبه قال ابن المسيب وابن سيرين والزهري. وقال النخعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله يتوضأ. وقال مالك: أحب له
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الغسل، واستحبه الشافعي. وقال في " البويطي ": إن صح الحديث قلت بوجوبه. والأول أصح.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من غسل ميتا فليغتسل» رواه أبو داود وغيره.
وقال البيهقي: الصحيح أنه موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الترمذي عن البخاري أنه قال: إن أحمد وعلي بن المديني قالا: لا يصح في الباب شيء، وكذا قال محمد بن يحيى شيخ البخاري، ورواه البيهقي أيضا من رواية حذيفة مرفوعا، وإسناده ساقط.
وأما «حديث علي رضي الله عنه أنه غسل أباه أبا طالب فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل» ورواه البيهقي من طريق فهو حديث باطل.
وحديث عائشة رضي الله عنها «أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت» رواه أبو داود وغيره بإسناد ضعيف، وهكذا الحديث في الوضوء من حمل الميت ضعيف. وروى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» وقال الترمذي: حديث حسن، قال النووي: بل عليه قوله حسن بل هو ضعيف، بين ضعفه البيهقي وغيره.
وقال المزني: هذا الغسل غير مشروع، وكذا الوضوء من مس الميت وحمله، لأنه لم يصح فيها شيء. وقال في " المختصر ": لو مس خنزيرا فليس عليه شيء من الوضوء ولا الغسل، فالمؤمن أولى. قال النووي: هذا قوي.
وقال أصحابنا: هذا إذا ثبت محمول على غسل ما أصابه من غسالة الميت. والوصي إذا حمله ليصلي عليه، والمحرم وغير المحرم فيه سواء عندنا. وقال مالك مثله. وقال الشافعي وأحمد وعطاء وداود لا يغطى رأسه، وإن كان امرأة لا يغطى وجهها، ولا يلبس المخيط ولا يقرب الطيب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ولنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «غطوا رؤوس موتاكم ولا تشبهوا باليهود» ، ويستحب أن يكون الغاسل أقرب الناس إلى الميت، فإن لم يكن أو كان لا يعلم الغسل يغسله أهل الأمانة والورع. ولو كان الغاسل جنبا أو حائضا أو كافرا جاز، ولكن يكره.
ولو اختلط موتى المسلمين بموتى الكافرين يغسلون إن كان المسلمون أكثر. وقال مالك والشافعي - رحمهما الله -: يصلى عليهم بالتحري، ومن لا يدري أنه مسلم أوكافر إن كان عليه شبه المسلمين، أو في متاع دار الإسلام يغسل، وإلا فلا. ولو سبي صبي مع أحد أبويه ثم مات لا يغسل حتى يقر بالإسلام أو يعقل. وفي الكل اختلاف. ولو سبي وحده غسل وصلي عليه تبعا للدار.
ولو وجدت أكثر الميت أو نصفه مع الرأس غسل وصلي عليه وإلا فلا، وبه قال مالك. وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -: يغسل القليل أيضا ويصلى عليه. وقال ابن جبير: لا غسل إلا على البدن الكامل، والأفضل أن يغسل الميت مجانا، ولو طلب الغاسل الأجر فإن كان في البلدة غيره يجوز له أخذ الأجرة، وإن لم يكن لا يجوز، وأما أجرة خائطة الكفن وأجرة الحامل والدفان من رأس المال.