المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها] - البناية شرح الهداية - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌السفر الذي يتغير به الأحكام

- ‌فرض المسافر في الرباعية

- ‌[دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها هل يقصروا]

- ‌[حكم نية إقامة المسافر من أهل الكلأ]

- ‌[ما يستحب للإمام المسافر]

- ‌[الحكم إذا دخل المسافر بلده]

- ‌[حكم من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر]

- ‌[وطن الإقامة للمسافر يبطل بمثله]

- ‌[اعتبار نية السفر في موضعين وحكم من فاتته صلاة في السفر]

- ‌[ترخص العاصي]

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌[شروط صحة الجمعة]

- ‌[المكان الذي تصح فيه الجمعة]

- ‌[صلاة الجمعة في القرى]

- ‌[الجمعة بمنى وعرفات]

- ‌[دخول الوقت من شرائط الجمعة]

- ‌[الخطبة من شرائط الجمعة]

- ‌[شروط الخطبة وسننها]

- ‌[الجماعة من شرائط الجمعة]

- ‌[العدد الذي تصح به صلاة الجمعة]

- ‌[من لا تجب عليه الجمعة]

- ‌[إمامة المسافر والعبد والمريض في الجمعة]

- ‌[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]

- ‌[حكم المسبوق في صلاة الجمعة]

- ‌[البيع والشراء بعد أذان الجمعة الأول]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]

- ‌[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]

- ‌[التنفل في المصلى قبل صلاة العيد]

- ‌[وقت صلاة العيدين]

- ‌[كيفية صلاة العيدين]

- ‌[رفع اليدين في تكبيرات العيدين]

- ‌[الخطبة بعد الصلاة في العيدين]

- ‌[حكم من فاتته صلاة العيد مع الإمام]

- ‌[الحكم لو غم هلال شوال وشهدوا برؤيته عند الإمام بعد الزوال]

- ‌[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]

- ‌فصل في تكبيرات التشريق

- ‌[صيغة التكبير]

- ‌[التكبير للنساء والمسافرين]

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

- ‌[القراءة في صلاة الكسوف]

- ‌[الدعاء في صلاة الكسوف]

- ‌[الصلاة لكسوف القمر جماعة]

- ‌باب الاستسقاء

- ‌[عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]

- ‌[الدعاء في صلاة الاستسقاء]

- ‌[حضور أهل الذمة الاستسقاء]

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها]

- ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

- ‌باب الجنائز

- ‌[ما يفعل بالمحتضر]

- ‌[ما يفعل بالميت عقب موته]

- ‌[فصل في غسل الميت] [

- ‌كيفية غسل الميت]

- ‌[وضوء الميت من غير مضمضة واستنشاق]

- ‌[غسل رأس الميت ولحيته بالخطمي]

- ‌[تنشيف الميت بعد الغسل]

- ‌[وضع الكافور على مساجد الميت]

- ‌[تسريح شعر الميت ولحيته]

- ‌فصل في التكفين

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للرجل]

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للمرأة]

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌[حكم الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة عليه]

- ‌[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]

- ‌[كيفية صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو كبر الإمام خمسا في صلاة الجنازة]

- ‌[الاستغفار للصبي في صلاة الجنازة]

- ‌[أحكام المسبوق في صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو صلوا على الجنازة ركبانا]

- ‌[صلاة الجنازة في المسجد]

- ‌[حكم الصلاة على من استهل بعد الولادة ثم مات]

- ‌[تغسيل وتكفين القريب الكافر]

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌[كيفية حمل الجنازة]

- ‌[الإسراع بالجنازة]

- ‌[الجلوس قبل وضع الجنازة عن الأعناق]

- ‌فصل في الدفن

- ‌[المفاضلة بين اللحد والشق]

- ‌[كيفية الدفن]

- ‌[تسنيم القبر]

- ‌[تجصيص القبر وتطيينه]

- ‌[الدفن ليلا]

- ‌[قلع الحشيش الرطب من القبور]

- ‌باب الشهيد

- ‌[تعريف الشهيد]

- ‌[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]

- ‌[كل من يدخل في معنى الشهيد]

- ‌[تغسيل الشهيد الجنب]

- ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

- ‌[تغسيل من قتل في حد أو قصاص]

- ‌[تغسيل من مات من البغاة]

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌[حكم الصلاة في الكعبة]

- ‌[الحكم لو صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق المأمومون حول الكعبة]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[حكم الزكاة وشروط وجوبها]

- ‌[حكم مانع الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الفور أم التراخي]

- ‌[زكاة مال المكاتب]

- ‌[زكاة المدين]

- ‌[الزكاة دور السكنى والثياب وأثاث المنازل ونحوها]

- ‌[زكاة كتب العلم وآلات الحرفيين]

- ‌[زكاة المال المضمار والمفقود والمغصوب]

- ‌[زكاة المال الذي صادره السلطان]

- ‌[حكم من اشترى جارية أو شيئا للتجارة ثم نواه للخدمة أو القنية]

- ‌[اشتراط النية في الزكاة]

- ‌[حكم من تصدق بمال لا ينوي به الزكاة]

- ‌[فروع في اشتراط النية في الزكاة]

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌[حكم صدقة السوائم]

- ‌[فصل في زكاة الإبل] [

- ‌نصاب زكاة الإبل والقدر الواجب فيها]

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌[حكم زكاة البقر]

- ‌[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]

- ‌[الجواميس والبقر سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الغنم

- ‌[نصاب زكاة الغنم والقدر الواجب فيها]

- ‌[الضأن والمعز سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الخيل

- ‌[كيفية إخراج زكاة الخيل]

- ‌فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة

- ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

- ‌[كيفية زكاة المال المستفاد أثناء الحول]

- ‌[الحكم لو أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم]

- ‌[بني تغلب هل تلزمهم الزكاة]

- ‌[حكم تقديم الزكاة على الحول]

- ‌[باب حكم زكاة المال]

- ‌فصل في الفضة

- ‌[نصاب الزكاة في الفضة ومقدار الواجب]

- ‌فصل في الذهب

- ‌[نصاب الزكاة في الذهب ومقدار الواجب]

- ‌[الزكاة في تبر الذهب والفضة]

- ‌فصل في العروض

- ‌[زكاة العروض حكمها وشروط وجوبها]

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌[الخلاف بين المزكي والعاشر]

- ‌باب في المعادن والركاز

- ‌[حكم زكاة المعدن والركاز ومقدار الواجب فيه]

- ‌[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]

- ‌[حكم من دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا]

- ‌[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌[حكم زكاة الزروع والثمار] [

- ‌نصاب زكاة الزروع والثمار والمقدار الواجب فيه]

- ‌[الزكاة في الخضروات]

- ‌[زكاة العسل]

- ‌[احتساب أجرة العمال في زكاة ما تخرجه الأرض]

- ‌باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز

- ‌[الفقير والمسكين من مصارف الزكاة] [

- ‌الفرق بين الفقير والمسكين]

- ‌[العاملون عليها من مصارف الزكاة]

- ‌[قدر ما يعطى العامل من الزكاة]

- ‌[وفي الرقاب من مصارف الزكاة]

- ‌[وفي سبيل الله من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بسبيل الله]

- ‌[ابن السبيل من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بابن السبيل]

- ‌[دفع الزكاة إلى الذمي]

- ‌[دفع الزكاة للآباء والأبناء والزوجة]

- ‌[حكم إعطاء الزكاة والصدقة لبني هاشم ومواليهم]

- ‌[الحكم لو دفع الزكاة لغير مستحقيها وهو لا يعلم]

- ‌[حكم نقل الزكاة]

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌[تعريف زكاة الفطر وحكمها وعلى من تجب]

- ‌[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]

- ‌[فصل في مقدار الواجب في زكاة الفطر]

- ‌[وقت وجوب زكاة الفطر]

الفصل: ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

مبني على أن أخذ القيمة في باب الزكاة جائز عندنا، على ما نذكره إن شاء الله تعالى، إلا أن في الوجه الأول له أن لا يأخذ ويطالب بعين الواجب أو بقيمته؛ لأنه شراء، وفي الوجه الثاني يجبر؛ لأنه لا بيع فيه بل هو إعطاء بالقيمة،

ويجوز دفع القيمة في الزكاة عندنا

ــ

[البناية]

الفضل م: (مبني على أن أخذ القيمة في باب الزكاة جائز عندنا على ما نذكره إن شاء الله تعالى) ش: وأصل ذلك ما رواه البخاري: حدثنا محمد بن عبد الله أَنَا أبي، حدثنا ثمامة أن أنسا، حدثه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم:«من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقه فإنها تقبل منه الحقة، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين....» الحديث، ثم المعتبر ما بين القيمتين في الرد والاسترداد أي شيء كان؛ لأن القيمة تتفاوت باختلاف الرخص من الغلاء، وتقدير العشرين في الحديث ليس بلازم؛ لأنه كان بحسب الغالب في ذلك الزمان.

م: (إلا أن في الوجه الأول) ش: وهو قوله: أخذ المصدق أعلاها ورد الفضل م: (له) ش: أي للمصدق م: (أن لا يأخذ) ش: أي الأعلى م: (ويطالب صاحب المال بعين الواجب أو بقيمته؛ لأنه شراء) ش: ولا شراء في الشراء.

قال الأترازي: وفيه نظر عندي؛ لأنهم قالوا: الخيار لصاحب المال حتى يكون رفقا به؛ لأن الزكاة وجبت بطريق اليسر، فإذا كان للمصدق ولاية الامتناع من قبول الأعلى لزم العشر وفيه عود على الموضوع بالنقص فلا يجوز.

قلت: قيل: إن الخيار للمصدق ذكره صاحب " التجريد ".

م: (وفي الوجه الثاني) ش: هو قوله أو أخذ دونها م: (يجبر) ش: أي المصدق م: (لأنه لا بيع فيه بل هو إعطاء بالقيمة) ش: فإذا امتنع يجبر؛ لأن دفع القيمة جائز.

[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

م: (ويجوز دفع القيمة في الزكاة عندنا) ش: وهو قول عمر رضي الله عنه وابنه، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاذ، وطاوس رضي الله عنهم.

وقال الثوري: يجوز إخراج العروض في الزكاة إذا كانت بقيمتها وهو مذهب البخاري، وإحدى الروايتين عند أحمد، ولو أعطى عرضا عن ذهب وفضة، وقال أشهب: يجزئه، وقال الطرطوسي: هذا قول بين في جواز إخراج القيم في الزكاة.

قال: وأجمع أصحابنا على أنه لو أعطى فضة عن ذهب أجزأه، وكذلك إذا أعطى ذهبا عن فضة عند مالك، وقال سحنون: لا يجزئه، وهو وجه للشافعية، واختار ابن حبيب دفع القيمة إذا رآه أحسن للمساكين.

ص: 348

وكذا في الكفارات، وصدقة الفطر، والعشر، والنذر، وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز اتباعا للمنصوص كما في الهدايا والضحايا، ولنا أن الأمر بالأداء إلى الفقير إيصال للرزق الموعود إليه

ــ

[البناية]

م: (وكذا في الكفارة وصدقة الفطر والعشر والنذر) ش: أي وكذا يجوز دفع القيمة في الكفارة، وأراد بالكفارة المالية وإذا أدى نصف قفيز تمر جيد عن قفيز تمر رديء، وقل في النذر فإنه يجوز عند محمد وزفر، ولا يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-.

وفي صدقة الفطر لو أدى نصف صاع من تمر عن صاع من شعير بطريق القيمة لا يجوز، وإذا غير المنصوص عن المنصوص يجوز في غير الربويات ذكره في " الجامع "، وكذا يجوز الاستبدال بالثمن والمنذور ولو عينه.

م (وقال الشافعي رضي الله عنه: لا يجوز) ش: وبه قال داود، وأحمد، وبه قال مالك، إلا أنه قال: يجوز إخراج الذهب عن الفضة، والفضة عن الذهب.

م: (اتباعا للمنصوص) ش: يعني اتبع الشافعي اتباعا لعين النصوص وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «في خمس من الإبل شاة» ، في أربعين شاة شاة، وهذا بيان لما هو مجمل في الكتاب، فإن الإيتاء منصوص عليه والمأتي غير مذكور فيه، فالتحق الحديث بيانا لمجمل الكتاب، وكأنه قال: وآتوا الزكاة في أربعين شاة شاة، ولا يجوز التعليل لإبطال حق الفقير في العين؛ لأن الحق المستحق مراعى بصورته ومعناه، كما في حقوق العباد م:(كما في الهدايا والضحايا) ش: أي كما يتبع المنصوص في الهدايا والضحايا؛ لأنها مقدرة بأعيان معلومة شرعا فلا تتأدى بالقيمة.

م: (ولنا أن الأمر بالأداء إلى الفقير) ش: أي الأمر بأداء الزكاة إلى الفقير م: (إيصال) ش: أي لأجل الإيصال م: (للرزق الموعود إليه) ش: أي إلى الفقير؛ لقوله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6](سورة هود: الآية: 6) .

ولما أمر الغني بأدائها وهو حق الله إلى الفقير الذي هي حقه بحكم الوعد علم أن المقصود من الأمر بأدائها إيصال لذلك الرزق الموعود وكفاءته للفقير، فكما يحصل رزق الفقير وكفاءته بعين الشاة، يحصل بقيمتها بل هي أولى؛ لأنه يتوصل بعين الشاة إلى نوع من الكفاية وهو الأكل، وبقيمتها يتوصل إلى أنواع من الكفاية.

قلت: هكذا ذكر الشراح خصوصا الأترازي، فإنه أطنب في هذا الموضع، فللخصم أن يقول: في أخذ عين الشاة تحصل كفاية الأكل، وبيعها بعد الأخذ يحصل كل الأنواع بالكفاية، والأحسن أن يقول: إن التقييد على الكتاب بخبر الواحد لا يجوز بالاتفاق، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم قال:«في خمس من الإبل شاة» وكلمة في حقيقة الظرف وعين الشاة لا توجد في الإبل فعرف أن المراد قدره من المال.

ص: 349

فيكون إبطالا لقيد الشاة فصار كالجزية، بخلاف الهدايا؛ لأن القربة فيها إراقة الدم وهو لا يعقل، ووجه القربة في المتنازع فيه سد خلة المحتاج وهو معقول،

وليس في العوامل، والحوامل والعلوفة صدقة

ــ

[البناية]

م: (فيكون إبطالا لقيد الشاة) ش: أي فيكون الأمر بإيصال الرزق إبطالا لقيد الشاة المنصوص عليه، لا يقال ما قلتم فيه تقييد الشاة المنصوص عليها بالتعليل؛ لأنا نقول: لا نسلم ذلك، وإنما أراد بالنص القطعي الذي يوجبه أداء الرزق الموعود له بالآية المذكورة. م:(وصار كالجزية) ش: أي وصار الحكم كما ذكرنا كأداء القيمة في الجزية، فإنه يجوز بالاتفاق؛ لأنه أدى مالا متقوما عن الواجب فكذا تجوز القيمة في الزكاة لهذا المعنى.

م: (بخلاف الهدايا؛ لأن القربة فيها إراقة الدم) ش: هذا جواب عن قياس الشافعي رحمه الله عدم جواز أخذ القيمة في الزكاة عنده على عدم جواز أخذ القيمة في الهدايا والضحايا فإنه متفق عليه. والجواب أن معنى القربة في الهدايا والضحايا فإنه إراقة الدم وهي لا تتقوم، فلا يقم شيء آخر مقام ذلك م:(وهو لا يعقل) ش: أي إراقة الدم غير معقولة ولا متقومة، فالمستحق إراقة الدم حتى لو هلك بعد الذبح قبل التصدق به لا يلزمه شيء. م:(ووجه القربة في المتنازع فيه) ش: وهو حكم أخذ القيمة في الزكاة م: (سد خلة المحتاج) ش: يعني سد احتياج الفقير م: (وهو معقول) ش: أي يدرك بالعقل فيتأتى فيه الضرر بالقيمة؛ لأن المقصود كفاءة الفقير. فإن قلت: لا نسلم ذلك، ولهذا لا يجوز أداؤها إلى الفقير الكافر وإلى الوالدين والولد، وإن كانوا فقراء. قلت: الشرع لم يأمر بالأداء إليهم.

فإن قلت: المراد بكفاية الفقير كفاية العمر أو كفاية الحال وكل منهما ممنوع أما الأول فظاهر، وأما الثاني فأداؤها يجوز إلى من له كفاية الحال، كمن له خادم ودار ومائتا درهم إلا درهم.

قلت: المقصود الكفاية الحاصلة بقدر الزكاة لا ذاك ولا ذاك فافهم.

م: (وليس في العوامل والحوامل والعلوفة صدقة) ش: أي زكاة الحوامل جمع حامل: وهي التي أعدت لحمل الأثقال كذا قاله الكاكي، وقال تاج الشريعة: جمع عاملة قال في " الطلبة ": العوامل المعدة للأعمال، والمعلوفة: بفتح العين ما يعلف من الغنم وغيرها، فالواحد والجمع سواء، والمعلوفة بالضم: جمع علف كذا قاله المطرزي يقال: علفت الدابة ولا يقال علفتها، والدابة معلوفة وعليف، كذا في " الجمهرة "، وعدم الزكاة في هذه المذكورات في مذهبنا، وهو قول عطاء، والحسن، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وسعيد بن جبير، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، وأبي عبيد، وابن المنذر رضي الله عنهم، ويروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله ذكره في " الإمام "، وقال قتادة ومكحول ومالك رحمهم الله: تجب الزكاة في المعلوفة والنواضح، واحتج بالعمومات وهي مذهب معاذ وجابر بن عبد الله وسعيد بن عبد

ص: 350

خلافا لمالك رحمه الله له ظواهر النصوص، ولنا قوله صلى الله عليه وسلم:«ليس في الحوامل والعوامل ولا في البقرة المثيرة صدقة» ولأن السبب هو المال النامي، ودليله

ــ

[البناية]

العزيز، والحسن بن صالح رحمه الله. م:(خلافا لمالك) ش: فإنه أوجب الزكاة فيها لما ذكرنا م: (له) ش: أي لمالك رحمه الله م: (ظواهر النصوص) ش: لأن ظاهر قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103](التوبة: الآية 103)، وقوله صلى الله عليه وسلم:«في كل خمس ذود شاة» يقتضي وجوب الزكاة.

م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس في الحوامل والعوامل ولا في البقرة المثيرة صدقة» ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث بهذا اللفظ غريب، وفي العوامل أحاديث منها ما رواه أبو داود من حديث زهير رضي الله عنه حدثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة، والحارث عن علي قال زهير: وأحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هاتوا زكاة ربع العشر» الحديث، وقال فيه «وليس على العوامل شيء» ورواه الدارقطني مجزوما، قال: ليس فيه: قال زهير: وأحسبه. وقال ابن القطان: هذا سند صحيح وكل من فيه ثقة معروف.

ورواه عبد الرزاق في "مصنفه " موقوفا فقال: قال أخبرنا الثوري، ومعمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال:«ليس في العوامل البقر صدقة» .

ومنها ما رواه الدارقطني من حديث طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا: «ليس في البقر العوامل صدقة» وفي إسناده سوار بن مصعب نقل ابن عدي رحمه الله تضعيفه عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم، وقال: عامة ما يرويه غير محفوظ.

ومنها رواه الدارقطني أيضا، عن غالب بن عبيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا نحوه، وغالب لا يعتمد عليه. قال يحيى: ليس بثقة، وقال الرارزي: متروك.

وأما حديث المغيرة فرواه الدارقطني من حديث أبي الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس في المثيرة صدقة» قال البيهقي: إسناده ضعيف والصحيح أنه موقوف، ورواه عبد الرزاق في "مصنفه " عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر موقوفا، وقد مضى تفسير الحوامل والعوامل. وأما البقرة المثيرة فهي التي تثار بها الأرض أي تحرث، من الإثارة وهي التحريك والرفع.

م: (ولأن السبب) ش: أي سبب وجوب الزكاة م: (هو المال النامي ودليله) ش: أي دليل

ص: 351

الإسامة أو الإعداد للتجارة، ولم يوجد ولأن في العلوفة تتراكم المؤنة فينعدم النماء، معنى

ثم السائمة: هي التي تكتفي بالرعي في أكثر الحول حتى لو علفها نصف الحول أو أكثر كانت علوفة؛ لأن القليل تابع للأكثر ولا يأخذ المصدق خيار المال ولا رذالته، ويأخذ الوسط.

ــ

[البناية]

المال النامي م: (الإسامة) ش: بكسر الهمزة يقال: أسمت الماشية فسامت أي رعيتها فرعت، وبالإسامة تزداد الماشية سمنا، ولهذا أجل السوم بالحول؛ لأن النمو إنما يتحقق ذكرا ونسلا بالحول م:(أو الإعداد للتجارة) ش: بكسر الهمزة من أعددت الشيء، إذا هيأته، والمعنى أو دليله يهيأ المال للتجارة للأرباح م:(ولم يوجد) ش: أي واحد من الإسامة والإعداد للتجارة، فلم تجب الزكاة؛ لأن الحكم يدار على الدليل وهو معدوم.

م: (ولأن في العلوفة) ش: بفتح العين كما ذكرنا عن قريب م: (تتراكم المؤنة) ش: أي تتكاثر م: (فينعدم النماء معنى) ش: فلا تجب الزكاة، وفي " البدائع ": إن أسيمت للحمل أو للركوب أو اللحم فلا زكاة فيها، وإن أسيمت للتجارة ففيها زكاة التجارة، حتى لو كانت أربعا من الإبل أو أقل تساوي مائتي درهم تجب فيها خمسة، وإن كانت خمسة لا تساوي مائتي درهم لا تجب فيها الزكاة.

وإن أسيمت للدر والنسل ففيها زكاة السائمة. وفي " الذخيرة ": اشترى إبلا سائمة بنية التجارة وحال عليها الحول، تجب فيها زكاة التجارة دون زكاة السائمة، وأجمعوا على أنه لا يجمع بين زكاة السائمة وزكاة التجارة وهو قول الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله.

م: (ثم السائمة هي التي تكتفي بالرعي في أكثر الحول حتى لو علفها نصف الحول أو أكثر كانت علوفة؛ لأن القليل تابع للأكثر) ش: لأن أصحاب السوائم لا يجدون بدا من أن يعلفوا سوائمهم في البرد والثلج، فجعل الأقل تابعا للأكثر، ولا خلاف أن السائمة في جميع الحول تجب فيها الزكاة، والعلوفة في جميع السنة لا تجب فيها الزكاة، وإنما الخلاف في الإسامة في أكثر الحول، فعندنا وأحمد وبعض أصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: لو علفت في نصف السنة أو أكثر كانت علوفة.

وقال الشافعي رحمه الله في الأصح: إن السوم شرط في جميع السنة، حتى لو ترك الإسامة في زمان لو لم يعلف فيه الحيوان يموت ينقطع السوم، وإذا ترك العلف في يوم أو يومين هل ينقطع أم لا؟ اختلف أصحابه فيه، فمنهم من قال: لا ينقطع لقلة المدة، ومنهم من قال: ينقطع كيفما يوجد العلف، ومنهم من قال: لو قصد العلف وقطع الإسامة ينقطع الحول، ولو كان العلف ساعة واحدة.

م: (ولا يأخذ المصدق) ش: وهو آخذ الزكاة م: (خيار المال ولا رذالته) ش: الرذالة: بضم الراء وتخفيف الذال المعجمة اسم جمع لرذل، وهو الدون من كل شيء م:(ويأخذ الوسط) ش: هذا

ص: 352