الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأبي حنيفة رحمه الله أن الانعقاد بالشروع في الصلاة، ولا يتم ذلك إلا بتمام الركعة، لأن ما دونها ليس بصلاة، فلا بد من دوامها إليها بخلاف الخطبة لأنها تنافي الصلاة فلا يشترط دوامها، ولا معتبر في بقاء النسوان وكذا الصبيان لأنه لا تنعقد بهم الجمعة فلا تتم بهم الجماعة،
ولا تجب الجمعة على مسافر ولا امرأة ولا مريض ولا عبد ولا أعمى.
ــ
[البناية]
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن الانعقاد بالشروع في الصلاة) ش: تقديره: أن أبا حنيفة يقول: المقدمة الأولى صحيحة، وهي كون الجماعة شرط الانعقاد، والانعقاد إنما هو بالشروع في الصلاة. م:(ولا يتم ذلك) ش: أي الشروع في الصلاة. م: (إلا بتمام الركعة، لأن ما دونها ليس بصلاة) ش: لكونه في محل الرفض، لأن ما دون الركعة معتبر من وجه دون وجه، فالأول فيما إذا يحرم ثم قطع يلزمه القضاء.
والثاني: فيما إذا أدرك الإمام في السجود لا يصير مدركا للركعة، وصلاة الجمعة تغيرت من الظهر إلى الجمعة، فلا تغير إلا بتعين ولا تعين إلا بوجود الركعة، والذي يأتي بركعة يأتي بأركان الصلاة ولا يبقى عليه إلا الركن المكرر، والمصلي ما لم يقيد بالسجدة مستفتح لكل ركن، مكان ذهاب الجماعة، قيل: قيدها بالسجدة كذهابهم قبل التكبير، بخلاف ما بعد تقييدها بالسجدة، فإنه مقيد للأركان لا يفتتح، فافهم، فإنه موضع دقيق.
م: (فلا بد من دوامها إليها) ش: أي فلا بد من دوام الجماعة إلى الركعة أي إلى تمام الركعة، والفاء فيه نتيجة قوله: لأن ما دونها ليس بصلاة، وفي الحقيقة الفاء جواب شرط محذوف، تقديره: إن لم يكن ما دون الركعة صلاة فلا بد من دوام الجماعة إلى تمام الركعة.
م: (بخلاف الخطبة) ش: جواب عن سؤال مقدر تقديره بأن يقال: سلمنا أن الجماعة شرط دوام الخطبة إلى تلك الغاية، وتقدير الجواب هو قوله. م:(لأنها) ش: أي لأن الخطبة. م: (تنافي الصلاة) ش: لأنه حين توجد الخطبة لا توجد الصلاة، وحين توجد الصلاة لا توجد الخطبة، والمنافاة بين الشيئين عبارة عن عدم الاجتماع بينهما في محل واحد، في زمان واحد. م:(فلا يشترط دوامها) ش: أي دوام الخطبة إلى الركعة، والفاء فيه مثل الفاء فيما قبلها.
م: (ولا معتبر في بقاء النسوان) ش: لأنه لا ينعقد بهن الجماعة، وهو متعلق بقوله إلا النساء والصبيان، بخلاف بقاء المسافرين وأصحاب الأعذار، ومن لم يشهد الخطبة. م:(وكذا الصبيان) ش: وكذا لا يعتبر بقاء الصبيان، وقد علل هذين الصنفين بقوله. م:(لأنه لا تنعقد بهم الجمعة فلا تم بهم الجماعة) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله وأحمد، بخلاف ما إذا بقي خلفه من العبيد والمسافرين ثلاثة، حيث يصلي بهم الجمعة عندنا، خلافا للشافعي رحمه الله وأحمد، فعندهما يصلي الإمام الظهر، لأنهما يشترطان أربعين رجلا أحرارا مقيمين كما ذكرنا.
[من لا تجب عليه الجمعة]
م: (ولا تجب الجمعة على مسافر ولا امرأة ولا مريض ولا عبد ولا أعمى) ش: أما المسافر فلما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
روى البيهقي من حديث جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا على امرأة أو مسافر أو عبد أو مريض» وفي إسناده ضعف، ولكن له شواهد ذكرها البيهقي وغيره.
وروى الحافظ في "سننه " عن تميم الدارمي رحمه الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الجمعة واجبة إلا على خمسة: امرأة أو صبي أو مسافر أو عبد» . وقال ابن المنذر: وفي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بعرفة، وكان يوم الجمعة دليل على أن لا جمعة على مسافر.
قلت: هذا وهم منه، فإن عرفات مفازة، ولا تقام الجمعة في المفازة عند الأئمة الأربعة خلافا للظاهرية ولا يعتد بخلافهم، وحكي عن النخعي والزهري الوجوب على المسافر، وهو قول الظاهرية، وأما المرأة فلما روى أبو داود رحمه الله في "سننه" من حديث طارق بن شهاب - رحمهما الله- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض» ، وقال أبو داود: وطارق بن شهاب - رحمهما الله - قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا.
قلت: هذا غير قادح في صحة الحديث فإنه يكون مرسل صحابي وهو حجة، وكذا قال النووي في " الخلاصة "، والحديث قال على شرط الشيخين، انتهى.
ورواه الحاكم في "مستدركه " عن هريم بن سفيان به، عن طارق بن شهاب عن أبي موسى مرفوعا، فقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد احتجا بهريم بن سفيان، ورواه ابن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر فلم يذكر فيه أبا موسى، وطارق بن شهاب يعد في الصحابة، وذكر الذهبي في "تجريد الصحابة ": وطارق بن شهاب البجلي الأحمسي له رؤية ورواية، وقد صرح ابن الأثير في "جامع الأصول " بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي " التهذيب " عن الزهري أنه صحابي أدرك الجاهلية، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وعقد له المزني في أطراف "سننه ". وذكر له عدة أحاديث.
لأن المسافر يحرج في الحضور، وكذا المريض والأعمى
ــ
[البناية]
وأما المريض والعبد فللأحاديث المذكورة، وقال ابن المنذر: وجمهور أهل العلم على أنه لا جمعة على مسافر ولا عبد، وهو قول الحسن وعطاء وعمر بن عبد العزيز والشعبي والثوري وأهل المدينة والشافعي وأحمد - رحمهما الله- في إحدى الروايتين في العبد وإسحاق بن راهويه وأبي ثور. وعن الحسن أنها تجب على العبد الذي يؤدي الضريبة، وقال في " الذخيرة ": في رواية ابن سفيان الوجوب على العبد عند مالك، وقال صاحب " الذخيرة ": وهي مردودة بالحديث.
وأما الأعمى فلا تجب عليه الجمعة، سواء وجد قائدا أو لا، وكذا على المقعد والعاجز عن الوضوء والتوجه مع مساعد، وعندهما يجب عليهم مع وجود القائد والمساعد، وبه قال الشافعي رحمه الله.
وذكر المرغيناني: العبد لو أذن له مولاه في الجمعة مخير، وفي " منية المفتي ": يجب عليه، وفي " المرغيناني ": في العبد الذي حضر باب الجامع مع مولاه يحفظ الدابة خلاف، والأصح أنه يصلي إذا لم يخل بحفظ دابته، والمكاتب يجب عليه، وقيل: لا يجب عليه، ومعتق البعض في حال سعايته، كذلك في " جوامع الفقه " والأجير يوما لا يذهب إلى الجمعة والجماعة إلا بإذن المستأجر، وكذا قاله أبو حفص الكبير. وقال أبو علي الدقاق: ليس له منعه في المصر عن حضور الجماعة، لكن يسقط الأجر بقسطه.
وفي " المجتبى ": ولا تجب الجمعة على الأجير إلا بإذن المستأجر، أما العبد لو أذن له مولاه، فهو مخير بين الجمعة والظهر، والمختفي من السلطان الظالم يباح له أن لا يخرج إلى الجمعة والجماعة، وتسقط بعذر المطر والوحل. وفي " الذخيرة ": للمولى منع عبده من الجمعة والعيدين.
م: (لأن المسافر يحرج في الحضور) ش: هذا إلى قوله: "فإن حضروا" - تعليل عقلي، ولم يذكر المصنف شيئا من الحجج النقلية، قوله: يحرج، من حرج يحرج، من باب علم يعلم، فقال: حرج فلان في أمره إذا استدل عليه، ويقال حرج أيضا إذا ضاق صدره، ويقال: مكان حرج بكسر الراء وفتحها أي ضيق كثير الشجر لا تصل إليه الراعية، والحرج بفتح الراء أيضا الإثم، وقال ابن الأثير: الحرج في الأصل الضيق، ويقع على الإثم والحرام، وقيل: الحرج أضيق الضيق، والحرج الذي يلحق المسافر، إما عدم وجدان أجير يحفظ رحله إذا ذهب إلى الجمعة أو خوف انقطاعه عن رفقته.
م: (وكذا المريض والأعمى) ش: وكذا يحرج الأعمى والمريض في الحضور إلى الجمعة، والحرج مرفوع شرعا.