الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن هذا تأخير بعذر وقد ورد فيه الحديث،
فإن حدث عذر يمنع من الصلاة في اليوم الثاني لم يصلها بعده، لأن الأصل فيها أن لا تقضى كالجمعة إلا أنا تركناه بالحديث وقد ورد بالتأخير إلى اليوم الثاني عند العذر،
ويستحب في يوم الأضحى أن يغتسل ويستاك ويتطيب لما ذكرناه، ويؤخر الأكل حتى يفرغ من الصلاة لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يطعم في يوم النحر حتى يرجع فيأكل من أضحيته» ويتوجه إلى المصلى
ــ
[البناية]
م: (لأن هذا تأخير بعذر) ش: لأن تركهم الصلاة كان لعدم رؤية الهلال وهو عذر. م: (وقد ورد فيه الحديث) ش: أي والحال أنه قد ورد في الصلاة من الغد، الحديث المذكور عند قوله ولما شهدوا بالهلال..... إلخ، والقياس في صلاة العيد أن لا يقضي، لأنها صلاة تختص بجماعة كالجمعة إلا أن القياس ترك فيما إذا تركت بعذر للحديث المذكور، بخلاف القياس فبقي ما ترك بلا عذر على أهل القياس فلم يجز قضاؤها في اليوم الثاني إذا تركت.
م: (فإن حدث عذر يمنع من الصلاة في اليوم الثاني) ش: الذي هو وقتها عند العذر. م: (لم يصلها بعده، لأن الأصل فيها) ش: أي في صلاة العيد. م: (أن لا تُقضى كالجمعة) ش: فإنه إذا فات وقتها لا يَقضي وينقلب إلى الظهر. م: (إلا أنا تركناه) ش: أي إلا أنا تركنا الأصل الذي هو القياس. م: (بالحديث) ش: وهو الحديث المذكور. م: (وقد ورد) ش: أي الحديث المذكور. م: (بالتأخير) ش: أي بتأخير صلاة العيد. م: (إلى اليوم الثاني عند العذر) ش: وعند عدم العذر يقتصر على القياس.
[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]
م: (ويستحب في يوم الأضحى أن يغتسل ويستاك ويتطيب لما ذكرناه) ش: أراد به عند قوله: وكان يغتسل في العيدين، أي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. م:(ويؤخر الأكل) ش: بالنصب عطف على ما قبله، أي يستحب أيضا أن يؤخر أكله. م:(حتى يفرغ من الصلاة) ش: أي من صلاة العيد. م: (لما روي «أنه عليه السلام كان لا يطعم في يوم النحر حتى يرجع فيأكل من أضحيته» .
ش: هذا الحديث رواه عبد الله بن بريدة عن يزيد، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يرجع» رواه ابن ماجه والترمذي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في " مستدركه " وزاد الدارقطني وأحمد في " مسنده "«فيأكل من أضحيته» وصحح هذه الرواية ابن القطان في كتابه.
والناس في هذا اليوم أضياف الله يستحب أن يكون أول تناولهم من لحوم الأضاحي التي هي ضيافة الله، فاستحب تأخير الأكل إلى ما بعد الصلاة، وهذا في حق المصري، أما القروي فإنه يذوق من حين أصبح ولا يمسك كما في عيد الفطر، لأن الأضاحي تذبح في القرى من الإصباح، بخلاف المصر، حيث لا يذبح فيه إلا بعد الفراغ من الصلاة. م: (ويتوجه إلى المصلى
وهو يكبر، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الطريق، ويصلي ركعتين كالفطر، كذلك نقل،
ويخطب بعدها خطبتين، لأنه صلى الله عليه وسلم كذلك فعل، ويعلم الناس فيها الأضحية وتكبير التشريق؛ لأنه مشروع الوقت والخطبة ما شرعت إلا لتعليمه، فإن كان عذر يمنع من الصلاة في يوم الأضحى صلاها من الغد وبعد الغد، ولا يصليها بعد ذلك؛ لأن الصلاة مؤقتة بوقت الأضحية فيتقيد بأيامها لكنه مسيء في التأخير من غير عذر لمخالفة المنقول.
ــ
[البناية]
وهو يكبر) ش: أي والحال أنه يكبر طول الطريق بلا توقف، فإذا انتهى إليه يترك كذا في " التحفة " وفي " الكافي " لا يقطعه حتى يشرع الإمام في الصلاة.
فرع: ولو قال يوم العيد تقبل الله منا ومنك، في " القنية " اختلف الناس فيه ولم يذكروا الكراهة عن أصحابنا، قال مالك: يكره لأنه من فعل الأعاجم.
وقال أحمد: لا بأس به، لأن أبا أمامة الباهلي وواثلة بن الأسقع كانا يقولان ذلك. وقال الأوزاعي: بدعة، وقال الحسن: حديث، وقال أحمد: حديث أبي أمامة جيد، وروي مثله عن ليث بن سعد.
م: (لأنه عليه السلام كان يكبر في الطريق) ش: هذا غريب، ولم يتعرض إليه أحد من الشراح ولكن روى البخاري في " الصحيح " وقال: كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. م: (ويصلي ركعتين كالفطر كذلك نقل) ش: أي جماعة من الصحابة، وهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري وحذيفة رضي الله عنهم وآخرون، وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث في ذلك عن ابن عمر وجابر وابن عباس رضي الله عنهم.
م: (ويخطب بعدها خطبتين، لأنه صلى الله عليه وسلم كذلك فعل ويعلم الناس فيها الأضحية) ش: من كونها واجبة أو سنة وما يتعلق بها من أحكامها. م: (وتكبير التشريق) ش: أي ويعلم أيضا كيف يكبر التشريق. م: (لأنه) ش: أي لأن كل واحد من الأضحية وتكبير التشريق أيام الأضحية. م: (مشروع الوقت والخطبة ما شرعت إلا لتعليمه) ش: أي ليعلم مشروع الوقت، ومعنى مشروع الوقت أن كلا من الأضحية وتكبير التشريق ما يشرع إلا في أيام الأضحى.
م: (فإن كان عذر يمنع من الصلاة في يوم الأضحى صلاها من الغد وبعد الغد) ش: يعني ثلاثة أيام. م: (ولا يصليها بعد ذلك) ش: يعني في اليوم الرابع وما بعده. م: (لأن الصلاة مؤقتة بوقت الأضحية) ش: ووقت الأضحية هو ثلاثة أيام. م: (فيتقيد بأيامها لكنه مسيء في التأخير من غير عذر لمخالفة المنقول) ش: أراد بالمنقول أنه صلى الله عليه وسلم صلى عيد الأضحى في اليوم العاشر من ذي الحجة، ولم يرد غير ذلك، وقوله لمخالفة المنقول يصح أن يكون جوابا عن سؤال مقدر، وهو أن يقول: لما كانت الصلاة مؤقتة بوقت، فلو أخرها بغير عذر فكيف يكون مسيئا، فأجاب بقوله: لكنه مسيء
والتعريف الذي يصنعه الناس ليس بشيء.
ــ
[البناية]
لمخالفة ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
م: (والتعريف الذي يصنعه الناس ليس بشيء) ش: التعريف مصدر مبتدأ، وخبره قوله:" ليس بشيء "، وإنما قيد بقوله:" الذي يصنعه الناس " لأن التعريف يجيء لمعان: للإعلام وللتطيب من العرف وهو الريح، وإنشاد الضالة والوقوف بعرفات والوقوف بغيرها شبها بأهلها، وهذا المعنى هو المراد هاهنا على ما يجيء الآن، وفي " المغرب " التعريف المحدث هو التشبه بأهل عرفة في غير عرفة، وهو أن يخرجوا إلى الصحراء فيدعوا ويتضرعوا، وقال الأترازي: التعريف في اللغة الوقوف بعرفات.
قال الفرزدق:
إذا ما التقينا بالمحصب من منى
…
صبيحة يوم النحر من حيث عرفوا
قلت: ليس معنى هذا اللفظ الوقوف بعرفات فقط، وإنما هو مستعمل في اللغة لمعان كثيرة كما ذكرنا الآن.
قوله: م: (ليس بشيء) ش: أي ليس بشيء في حكم الوقوف كقول محمد في الأصل: دم السمك ليس بشيء، أي ليس بشيء في حكم الدماء، وهذا لأنه شيء حقيقة لكونه موجودا، إلا أنه لما لم يكن معتبرا نفى عنه اسم الشيء، ويقال: ليس بشيء معتبر، يعني غير مسنون ولا مستحب يتعلق به الثواب، وسئل مالك عن ذلك، قال: وإنما مفاتيح هذه الأشياء البدع.
وفي " المحيط ": ولم يرد به محمد نفي مشروعيته أصلا، لأنه دعاء وتسبيح، بل أراد نفي وجوبه كما قيل في سجدة الشكر عند أبي حنيفة. وعن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله- في غير رواية الأصول: لا يكره، وبه قال أحمد؛ لما روي أن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فعل ذلك بالبصرة.
قلنا: ذلك محمول على أنه ما كان للتشبيه بل كان للدعاء والتضرع، وهذا لو طاف حول مسجد سوى الكعبة يخشى عليه الكفر، حتى لو اجتمعوا لشرف ذلك اليوم لا للتشبيه جاز، كذا في " جامع قاضي خان " والتمرتاشي وفي " جمع التفاريق " عن أبي يوسف: يكره أن يجتمع قوم فيعتزلون في موضع يعبدون الله عز وجل ويفرغون أنفسهم لذلك، وأهل كان معهم أهلوهم.
وفي " الكافي ": قيل: يستحب ذلك؛ لأنه سبب لأهل الطاعة، فيكون لهم ثوابهم، ولهذا فعله ابن عباس، وخروجهم إلى الجبانة سنة وإن وسعهم الجامع.
وقال السروجي: روي عن عمرو بن حريث وثابت ومحمد بن واسع ويحيى بن معين مثل
وهو أن يجتمع الناس يوم عرفة في بعض المواضع تشبها بالواقفين بعرفة؛ لأن الوقوف عرف عبادة مختصة بمكان مخصوص، فلا يكون عبادة دونه كسائر المناسك.
ــ
[البناية]
ما روي عن أبي يوسف رحمه الله في غير رواية الأصول أنه لا يكره، وعن أحمد لا بأس به، وقيل له: أنت تفعل ذلك؟ قال: أما أنا فلا، وقال عطاء الخراساني: إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة فافعل.
وقال شمس الأئمة السرخسي: ولو فعلوا ذلك، أي التعريف تشبها بالواقفين لزمهم أن يكشفوا رءوسهم أيضا، تشبها بالمحرمين، وهذا لا يقول به أحد، لأنه تشبه بالنصارى في كنائسهم ومتعبداتهم.
قال: ولو فعلوا ذلك لطافوا أيضا حول مساجدهم أو بنوا بيتا آخر يطوفون حوله تشبها بالطائفين حول البيت ويسعون في أسواقهم تشبها بالساعين بين الصفا والمروة.
قلت: والملازمة في الوجهين ممنوعة، لأن التشبه لا يستدعي العموم.
م: (وهو) ش: أي التعريف المذكور. م: (أن يجتمع الناس يوم عرفة في بعض المواضع تشبها بالواقفين بعرفة) ش: وهذا تعريف التعريف الذي يصنعه الناس، وهو الذي عليه أنه ليس بشيء، وقال الأترازي: وحقه أن يقال بعرفات، لأن عرفة اسم اليوم، وعرفات اسم المكان.
قلت: معناه بالواقفين يوم عرفة والواقفين بعرفات، وأدى بحقه على أنه يقال جبل عرفة، كما يقال جبل عرفات، وذلك شائع في ألسنة الناس.
م: (لأن الوقوف) ش: هذا تعليل لقوله: ليس بشيء؛ أي لأن الوقوف بعرفات. م: (عرف عبادة مختصة بمكان مخصوص) ش: أي بعرفات. م: (فلا يكون عبادة دونه) ش: أي لا يكون الوقوف عبادة دون الوقوف، وفي بعض النسخ دونها، أي دون عرفات. م:(كسائر المناسك) ش: أي كيفية مناسك الحج مثل الطواف والسعي بين الصفا والمروة، فإن الناس لا يسعون في الأسواق مكشوفي الرأس تشبها بالساعين في هذه الأيام بين الصفا والمروة.