المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[كيفية صلاة العيدين] - البناية شرح الهداية - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌السفر الذي يتغير به الأحكام

- ‌فرض المسافر في الرباعية

- ‌[دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها هل يقصروا]

- ‌[حكم نية إقامة المسافر من أهل الكلأ]

- ‌[ما يستحب للإمام المسافر]

- ‌[الحكم إذا دخل المسافر بلده]

- ‌[حكم من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر]

- ‌[وطن الإقامة للمسافر يبطل بمثله]

- ‌[اعتبار نية السفر في موضعين وحكم من فاتته صلاة في السفر]

- ‌[ترخص العاصي]

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌[شروط صحة الجمعة]

- ‌[المكان الذي تصح فيه الجمعة]

- ‌[صلاة الجمعة في القرى]

- ‌[الجمعة بمنى وعرفات]

- ‌[دخول الوقت من شرائط الجمعة]

- ‌[الخطبة من شرائط الجمعة]

- ‌[شروط الخطبة وسننها]

- ‌[الجماعة من شرائط الجمعة]

- ‌[العدد الذي تصح به صلاة الجمعة]

- ‌[من لا تجب عليه الجمعة]

- ‌[إمامة المسافر والعبد والمريض في الجمعة]

- ‌[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]

- ‌[حكم المسبوق في صلاة الجمعة]

- ‌[البيع والشراء بعد أذان الجمعة الأول]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]

- ‌[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]

- ‌[التنفل في المصلى قبل صلاة العيد]

- ‌[وقت صلاة العيدين]

- ‌[كيفية صلاة العيدين]

- ‌[رفع اليدين في تكبيرات العيدين]

- ‌[الخطبة بعد الصلاة في العيدين]

- ‌[حكم من فاتته صلاة العيد مع الإمام]

- ‌[الحكم لو غم هلال شوال وشهدوا برؤيته عند الإمام بعد الزوال]

- ‌[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]

- ‌فصل في تكبيرات التشريق

- ‌[صيغة التكبير]

- ‌[التكبير للنساء والمسافرين]

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

- ‌[القراءة في صلاة الكسوف]

- ‌[الدعاء في صلاة الكسوف]

- ‌[الصلاة لكسوف القمر جماعة]

- ‌باب الاستسقاء

- ‌[عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]

- ‌[الدعاء في صلاة الاستسقاء]

- ‌[حضور أهل الذمة الاستسقاء]

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها]

- ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

- ‌باب الجنائز

- ‌[ما يفعل بالمحتضر]

- ‌[ما يفعل بالميت عقب موته]

- ‌[فصل في غسل الميت] [

- ‌كيفية غسل الميت]

- ‌[وضوء الميت من غير مضمضة واستنشاق]

- ‌[غسل رأس الميت ولحيته بالخطمي]

- ‌[تنشيف الميت بعد الغسل]

- ‌[وضع الكافور على مساجد الميت]

- ‌[تسريح شعر الميت ولحيته]

- ‌فصل في التكفين

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للرجل]

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للمرأة]

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌[حكم الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة عليه]

- ‌[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]

- ‌[كيفية صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو كبر الإمام خمسا في صلاة الجنازة]

- ‌[الاستغفار للصبي في صلاة الجنازة]

- ‌[أحكام المسبوق في صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو صلوا على الجنازة ركبانا]

- ‌[صلاة الجنازة في المسجد]

- ‌[حكم الصلاة على من استهل بعد الولادة ثم مات]

- ‌[تغسيل وتكفين القريب الكافر]

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌[كيفية حمل الجنازة]

- ‌[الإسراع بالجنازة]

- ‌[الجلوس قبل وضع الجنازة عن الأعناق]

- ‌فصل في الدفن

- ‌[المفاضلة بين اللحد والشق]

- ‌[كيفية الدفن]

- ‌[تسنيم القبر]

- ‌[تجصيص القبر وتطيينه]

- ‌[الدفن ليلا]

- ‌[قلع الحشيش الرطب من القبور]

- ‌باب الشهيد

- ‌[تعريف الشهيد]

- ‌[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]

- ‌[كل من يدخل في معنى الشهيد]

- ‌[تغسيل الشهيد الجنب]

- ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

- ‌[تغسيل من قتل في حد أو قصاص]

- ‌[تغسيل من مات من البغاة]

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌[حكم الصلاة في الكعبة]

- ‌[الحكم لو صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق المأمومون حول الكعبة]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[حكم الزكاة وشروط وجوبها]

- ‌[حكم مانع الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الفور أم التراخي]

- ‌[زكاة مال المكاتب]

- ‌[زكاة المدين]

- ‌[الزكاة دور السكنى والثياب وأثاث المنازل ونحوها]

- ‌[زكاة كتب العلم وآلات الحرفيين]

- ‌[زكاة المال المضمار والمفقود والمغصوب]

- ‌[زكاة المال الذي صادره السلطان]

- ‌[حكم من اشترى جارية أو شيئا للتجارة ثم نواه للخدمة أو القنية]

- ‌[اشتراط النية في الزكاة]

- ‌[حكم من تصدق بمال لا ينوي به الزكاة]

- ‌[فروع في اشتراط النية في الزكاة]

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌[حكم صدقة السوائم]

- ‌[فصل في زكاة الإبل] [

- ‌نصاب زكاة الإبل والقدر الواجب فيها]

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌[حكم زكاة البقر]

- ‌[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]

- ‌[الجواميس والبقر سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الغنم

- ‌[نصاب زكاة الغنم والقدر الواجب فيها]

- ‌[الضأن والمعز سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الخيل

- ‌[كيفية إخراج زكاة الخيل]

- ‌فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة

- ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

- ‌[كيفية زكاة المال المستفاد أثناء الحول]

- ‌[الحكم لو أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم]

- ‌[بني تغلب هل تلزمهم الزكاة]

- ‌[حكم تقديم الزكاة على الحول]

- ‌[باب حكم زكاة المال]

- ‌فصل في الفضة

- ‌[نصاب الزكاة في الفضة ومقدار الواجب]

- ‌فصل في الذهب

- ‌[نصاب الزكاة في الذهب ومقدار الواجب]

- ‌[الزكاة في تبر الذهب والفضة]

- ‌فصل في العروض

- ‌[زكاة العروض حكمها وشروط وجوبها]

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌[الخلاف بين المزكي والعاشر]

- ‌باب في المعادن والركاز

- ‌[حكم زكاة المعدن والركاز ومقدار الواجب فيه]

- ‌[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]

- ‌[حكم من دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا]

- ‌[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌[حكم زكاة الزروع والثمار] [

- ‌نصاب زكاة الزروع والثمار والمقدار الواجب فيه]

- ‌[الزكاة في الخضروات]

- ‌[زكاة العسل]

- ‌[احتساب أجرة العمال في زكاة ما تخرجه الأرض]

- ‌باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز

- ‌[الفقير والمسكين من مصارف الزكاة] [

- ‌الفرق بين الفقير والمسكين]

- ‌[العاملون عليها من مصارف الزكاة]

- ‌[قدر ما يعطى العامل من الزكاة]

- ‌[وفي الرقاب من مصارف الزكاة]

- ‌[وفي سبيل الله من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بسبيل الله]

- ‌[ابن السبيل من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بابن السبيل]

- ‌[دفع الزكاة إلى الذمي]

- ‌[دفع الزكاة للآباء والأبناء والزوجة]

- ‌[حكم إعطاء الزكاة والصدقة لبني هاشم ومواليهم]

- ‌[الحكم لو دفع الزكاة لغير مستحقيها وهو لا يعلم]

- ‌[حكم نقل الزكاة]

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌[تعريف زكاة الفطر وحكمها وعلى من تجب]

- ‌[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]

- ‌[فصل في مقدار الواجب في زكاة الفطر]

- ‌[وقت وجوب زكاة الفطر]

الفصل: ‌[كيفية صلاة العيدين]

ولما شهدوا بالهلال بعد الزوال أمر بالخروج إلى المصلى من الغد،

ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر في الأولى للافتتاح وثلاثا بعدها، ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويكبر تكبيرة يركع بها،

ــ

[البناية]

الجمعة وهي صلاة الضحى، قوله: على قيد رمح بكسر القاف وسكون الياء يقال بينهما قيد رمح وقاد رمح، أي قدره.

م: (ولما شهدوا بالهلال بعد الزوال أمر بالخروج إلى المصلى من الغد) ش: هذا دليل خروج وقت صلاة العيد بزوال الشمس، بيانه أنه عليه السلام أمر بالخروج إلى المصلى من الغد بعد شهادة الشهود، ولو جاز الأداء بعد الزوال لم يكن للتأخير معنى، إذ لا يجوز تأخيرها بدون العذر السماوي، ولا عذر هاهنا يجوز التأخير سوى أنه خرج الوقت، والضمير في - شهدوا - يرجع إلى الركب الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشهدوا برؤية الهلال في اليوم المكمل للثلاثين من رمضان بعد الزوال، فعند ذلك أمر عليه السلام بالخروج من الغد.. إلى آخر ما ذكرناه الآن.

وأصل الحديث ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه واللفظ لابن ماجه من حديث أبي بشر جعفر بن وحشية «عن أبي عمير بن أنس: حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أغمي علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد» وبهذه اللفظة رواه الدارقطني في " سننه "، وقال: إسناده حسن، ولفظ أبي داود والنسائي «أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم»

[كيفية صلاة العيدين]

م: (ويصلي الإمام بالناس ركعتين) ش: أي يصلي الإمام صلاة العيد بالناس ركعتين. م: (يكبر في الأولى للافتتاح) ش: أي يكبر في الركعة الأولى لأجل الافتتاح، وهي تكبيرة الإحرام. م:(وثلاثا بعدها) ش: أي يكبر ثلاث تكبيرات بعد تكبيرة الافتتاح، ولكن بعد الثناء والتعوذ ويرفع يديه في كل تكبيرة.

م: (ثم يقرأ الفاتحة) ش: أي بعد الفراغ من التكبيرات الثلاث يقرأ فاتحة الكتاب. م: (وسورة معها) ش: أي ويقرأ سورة مع الفاتحة أو آية طويلة أو ثلاث آيات قصيرة. م: (ويكبر تكبيرة) ش: أي بعد الفراغ من القراءة يكبر تكبيرة واحدة لأجل الركوع وهو معنى قوله. م: (يركع بها) ش: أي بهذه التكبيرة وهذه الجملة في محل النصب، لأنها صفة لقوله - تكبيرة - فتكون التكبيرات الزوائد في هذه الركعة ثلاث تكبيرات قبل القراءة، ومع تكبيرات الافتتاح وتكبيرة الركوع

ص: 107

ثم يبتدئ في الركعة الثانية بالقراءة، ثم يكبر ثلاثا بعدها ويكبر رابعة يركع بها، وهذا قول ابن مسعود رضي الله عنه وهو مذهبنا. وقال ابن عباس رضي الله عنه: يكبر في الأولى للافتتاح وخمسا بعدها، وفي الثانية يكبر خمسا ثم يقرأ.

ــ

[البناية]

خمسة.

م: (ثم يبتدئ في الركعة الثانية بالقراءة) ش: كما في سائر الصلوات. م: (ثم يكبر ثلاثا بعدها) ش: أي ثم يكبر ثلاث تكبيرات بعد الصلاة. م: (ويكبر الرابعة) ش: أي يكبر تكبيرة رابعة بعد التكبيرات الثلاث لأجل الركوع، وهو معنى قوله. م:(يركع بها) ش: أي بهذه التكبيرة الرابعة في الركعة الثانية أيضا الزوائد ثلاث تكبيرات كما في الأولى، فالجملة ست تكبيرات زوائد ولا يرفع يديه في تكبير الركوع.

م: (وهذه قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه) ش: أي وهذا الذي ذكرنا بالكيفية المذكورة قول عبد الله بن مسعود، وبقوله قال أبو موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان وعقبة بن عامر وابن الزبير وأبو مسعود البدري، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين والثوري وعلماء الكوفة، وهو رواية عن أحمد وهو رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو قول ابن مسعود، هذا رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ثنا هشيم ثنا مجالد عن الشعبي عن مسروق قال: كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يعلمنا التكبير في العيدين تسع تكبيرات خمس في الأولى وأربع في الآخرة ويوالي بين القراءتين في الأولى تكبيرة الافتتاح والتكبيرات الزوائد وتكبيرة الركوع والأربع في الركعة الأخيرة؛ التكبيرات الثلاث الزوائد وتكبيرة الركوع. وروى محمد بن الحسن في كتاب " الآثار " أنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان قاعدا في مسجد الكوفة ومعه حذيفة بن اليمان وأبو موسى الأشعري فخرج عليه الوليد بن عقبة بن أبي معيط وهو أمير الكوفة يومئذ، فقال: إن غدا عيدكم فكيف أصنع؟ فقال: أخبره يا أبا عبد الرحمن، فأمره عبد الله بن الزبير أن يصلي بغير أذان ولا إقامة وأن يكبر في الأولى خمسا وفي الثانية أربعا وأن يوالي بين القراءتين وأن يخطب بعد الصلاة على راحلته.

م: (وهو مذهبنا) ش: أي قول ابن مسعود مذهبنا، وهو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين على ما ذكرناه آنفا.

م: (وقال ابن عباس رضي الله عنه: يكبر في الأولى للافتتاح) ش: أي يكبر في الركعة الأولى لأجل الافتتاح، وهي تكبيرة الإحرام (وخمسا بعدها) أي يكبر خمس تكبيرات أخرى بعد تكبيرة الافتتاح. م:(وفي الثانية يكبر خمسا) ش: أي يكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات. م: (ثم يقرأ) ش: أي بعد التكبيرات الخمس يشرع في قراءة القرآن.

ص: 108

وفي رواية يكبر أربعا

ــ

[البناية]

فتكون الجملة ثلاثة عشر تكبيرات، سبعة في الأولى الزوائد خمسة، والثنتان تكبيرة الافتتاح والركوع، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات زوائد، واحدة أصلية، فالجملة ثلاث عشرة، ثلاث أصليات وعشر زوائد، فالخلاف بين قول ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهما في موضعين: أحدهما: في عدد التكبيرات الزوائد، فعند ابن مسعود: ست، وعند ابن عباس: عشر، والآخر: أن التكبيرات الزوائد عند ابن مسعود بعد القراءة، وعند ابن عباس رضي الله عنه: قبلها.

وهذه الرواية عن ابن عباس، رواها ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا يزيد بن هارون ثنا حميد عن عمار بن أبي عمار أن ابن عباس رضي الله عنه كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى وخمسا في الثانية.

م: (وفي رواية يكبر أربعا) ش: أي في رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه يكبر أربع تكبيرات في الركعة الثانية فتكون الجملة اثنتي عشرة تكبيرة، منها سبع في الأولى وهي تكبيرة الإحرام، وخمس بعدها الزوائد وتكبيرة الركوع وأربع في الركعة الأخرى زوائد وواحدة أصلية، فالجملة ثنتي عشرة.

وعن ابن عباس رضي الله عنه في رواية أخرى يكبر في العيدين تسعا تسعا ويروى ذلك عن المغيرة وأنس وسعيد بن المسيب والنخعي، وعن ابن عباس أيضا أنه يكبر في عيد الفطر ثلاث عشرة تكبيرة، سبع في الأولى منهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع، وست في الثانية، منهن تكبيرة الركوع قبل القراءة وواحدة بعدها، وعن ابن عباس أيضا في رواية أخرى أنه تسع يوم الفطر ويوم الأضحى، وإحدى عشرة وثلاث عشرة.

وعنه أيضا كمذهبنا رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا هشيم أبو خالد الحداد عن عبد الله بن الحارث قال: صلى ابن عباس يوم عيد فكبر تسع تكبيرات، خمسا في الأولى وأربعا في الآخرة، ووالى بين القراءتين، ورواه عبد الرزاق أيضا في " مصنفه "، وزاد فيه: ونقل المغيرة بن شعبة مثل ذلك.

وهاهنا مسائل أخرى:

الأولى: يكبر في الأولى ستا وفي الثانية خمسا ويقرأ فيهما بعد التكبير، وهو مذهب الزهري والأوزاعي ومالك وأبي ثور وأحمد، في ظاهر قوله.

الثانية: يكبر في الأولى خمسا وفي الثانية ثلاثا سوى تكبيرتي الركوع، قاله الحسن البصري.

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

الثالثة: يكبر في الأولى أربعا غير تكبيرة الصلاة، وفي الثانية ثلاثا بعد القراءة، سوى تكبيرة الركوع، وهو مذهب جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

الرابعة: يكبر ثلاثا في الأولى سوى تكبيرة الافتتاح ثم يقرأ في الثانية بعد القراءة ثم يكبر في الركوع وهو رواية عن الحسن البصري.

الخامسة: التفرقة بين الفطر والأضحى، وهي أن يكبر في الفطر تكبيرة الافتتاح ثم يقرأ ثم يكبر خمسا يركع بآخرهن ثم يقوم فيقرأ ثم يكبر خمسا ثم يركع بآخرهن وتقدم القراءة على التكبيرات، وفي الأضحى يكبر خمسا غير تكبيرة الافتتاح، ثم يقرأ ثم يكبر ثنتين يركع بإحداهما ثم يقوم فيقرأ ثم يكبر ثنتين يركع بإحداهما، وهو مذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبه قال شريك بن عبد الله وابن جني.

السادسة: عن علي أيضا في رواية يكبر إحدى عشرة تكبيرة في الفطر والأضحى جمعا ثلاث أصليات وثمان زوائد ثلاث في الأولى واثنتان في الأخرى.

الثامنة: يكبر تكبيرتين ثم يقرأ، وكذا في الثانية وفي الفطر كقول أصحابنا، وهو مذهب يحيى بن أحمد.

التاسعة: ليس فيه شيء مؤقت، وهو مذهب حماد بن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة.

العاشرة: يأخذ بأي هذه التكبيرات شاء وهو مذهب ابن أبي ليلى، ورواية عن أبي يوسف.

الحادية عشرة: يكبر خمس عشرة تكبيرة، ثلاث أصليات واثنتا عشرة تكبيرة زائدة في ركعة، ست منها وهو مذهب أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

الثانية عشرة: عن أبي بكر أيضا يكبر ست عشرة تكبيرة، ثلاث أصليات، وثلاث عشرة زوائد، سبع في الأولى وست في الثانية.

وقد ذكرنا عن ابن عباس رضي الله عنهما ست روايات فتصير الجملة ثمانية عشر قولا، ومع قول أصحابنا تسعة عشر قولا، ثم الاختلاف محمول على أن كل ذلك فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحوال المختلفة، لأن القياس لما لم يدل عليه حمل على أن كل واحد من الصحابة رضي الله عنهم روى قوله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل واحد من التابعين روى قوله عن صحابي رضي الله عنه إلا أن أصحابنا رجحوا قول ابن مسعود لوجوه: الأول: هو كون جماعة من الصحابة مع ابن مسعود رضي الله عنه فيما ذهب إليه على ما ذكرناه.

الثاني: لما روى أبو داود في " سننه " مسندا إلى مكحول، قال: أخبرني أبو عائشة جليس لأبي

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

هريرة «أن سعيد بن العاص سأل أبو موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربع تكبيرات على الجنائز، فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم، وقال أبو عائشة: وأنا حاضر سعيد بن العاص» . ورواه أحمد أيضا في " مسنده ". قوله: تكبيره على الجنائز، أي كتكبيره على الجنائز، واستدل به ابن الجوزي في " التحقيق " لأصحابنا ثم أعله بعبد الرحمن بن ثوبان الذي في سنده فقال: قال ابن معين: وهو ضعيف، وقال أحمد: لم يكن بالقوى، وأحاديثه مناكير. وفي " التنقيح ": عبد الرحمن بن ثوبان وثقه غير واحد. وقال ابن معين: ليس به بأس، ولكن أبو عائشة قال ابن حزم فيه: مجهول، وقال ابن القطان: لا نعرف حاله.

قلت: أبو داود أخرج له وسكت عنه، وأدنى المرتبة أن يكون حديثه حسنا.

فإن قلت: قال البيهقي: خولف، وإنه في موضعين رفعه، وفي جواب أبي موسى والمشهور أنهم أسندوه إلى ابن مسعود فأفتاهم بذلك، ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: سكوت أبي داود يدل على أنه مرفوع، لأن مذهب المحققين أن الحكم للرافع لأنه زاد، وأما جواب أبي موسى فيحتمل أنه قارب مع ابن مسعود فأسند الأمر إليه مرة، وكان عنده حديث فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مرة أخرى.

وقال أبو بكر الرازي: حديث الطحاوي مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى يوم عيد وكبر أربعا، أقبل بوجهه حين انصرف، فقال: لا تشبهوا بتكبير الجنائز، وأشار بأصابعه، وقبض إبهامه» وفيه قبول وفعل وإشارة إلى أصل وتأكيد، والأخذ به أولى، وأراد بالأربع أربع تكبيرات متوالية.

فإن قلت: ما تقول فيما أخرجه الترمذي وابن ماجه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده عمرو بن عوف المزني «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة.» قال الترمذي: حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب. وقال في " علله الكبرى ": سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: ليس في

ص: 111

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

هذا الباب شيء أصح منه، وبه أقول.

قلت: قال ابن القطان في كتابه: هذا ليس بصريح في الصحيح، فقوله: ليس في هذا الباب شيء أصح منه، يعني أقل ضعفا، وقوله: وبه أقول، يحتمل أن يكون من كلام الترمذي، أي: أنا أقول، أنا محمد، الحديث أحسن ما في الباب، قال: ونحن وإن خرجنا عن ظاهر اللفظ، ولكن كثير بن عبد الله: متروك، قال أحمد: لا يساوي شيئا وضرب على حديثه في المسند ولم يحدث به، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء.

وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال الشافعي: هو ركن من أركان الكذب.

وقال ابن حبان: يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل التعجب.

وقال ابن ماجه في كتابه " العلم المشهور ": وقد حسن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية منها هذا الحديث، فإن الحسن عندهم ما نزل عن درجة الصحيح ولم يرد عليه إلا من كلامه، فإنه قال في علله التي في كتابه " الجامع ": والحديث الحسن عندنا ما روي من غير وجه، ولم يكن شاذا ولا في إسناده من يتهم بالكذب.

الوجه الثالث: أن قول ابن مسعود لم يضطرب وقد ساعده جماعة من الصحابة الذين ذكرناهم، وفي قول غيره اضطراب، فصار الأخذ بقوله أولى، على أنه قد نقل عن أحمد أنه ليس يروى في التكبير في العيدين حديث صحيح، قال أبو بكر بن المولى: لم يثبت في التكبير شيء يصح.

فإن قلت: ذكر البيهقي في " سننه " أحاديث محتجا بها لمذهب إمامه وصحح بعضها، ولم يتعرض للتضعيف. منها: حديث عائشة رضي الله عنها.

قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين في الأولى بسبع تكبيرات، وفي الثانية بخمس قبل القراءة سوى تكبيرتي الركوع» رواه أبو داود وابن ماجه. ومنها: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الثانية والقراءة بعد كلتيهما» رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني.

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ومنها: حديث عمرو بن عوف المزني وقد ذكرناه الآن.

ومنها: حديث عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان يكبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الثانية خمسا قبل القراءة» رواه ابن ماجه.

ومنها: حديث عبد الله بن محمد بن عمار عن أبيه عن جده، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين في الأولى سبع تكبيرات وفي الأخرى خمسا» رواه الدارقطني. ومنها: حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التكبير في العيدين في الأولى سبع تكبيرات وفي الأخرى خمس تكبيرات» ، رواه الدارقطني أيضا.

قلت: حديث عائشة رضي الله عنها: في سنده عبد الله بن لهيعة وأمره ظاهر.

وقال الدارقطني في " علله ": فيه اضطراب، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص ضعفه جماعة، منهم ابن معين.

فإن قلت: صححه البخاري والنووي.

قلت: فيه عبيد الله بن عبد الرحمن الطائفي، وقد ضعفه أحمد، وضعفه ابن الجوزي أيضا، وذكره في الضعفاء والمتروكين مع كونه موافقا لمذهبه، وحديث عمرو بن عوف ذكرنا حاله عن قريب. وحديث مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث عبد الله بن محمد بن عمار، ضعفه أحمد به، وقال ابن معين: ليس بشيء. وحديث عبد الله بن عمر فيه الفرج بن فضالة، قال البخاري: وهو ذاهب الحديث.

الوجه الرابع: في قول ابن مسعود، فرجح، لأنه أثبت ولا تردد فيه ولا اضطراب، ولأن قوله يُبقي الزيادة وأقوال غيره.

قلت: والنفي موافق القياس، إذ القياس على غيرها من الصلوات ينفي إدخال زيادة الأذكار فيها، والإثبات يخالفه، وإذا ترجح قوله في العدد ترجح في الموضع إذ الرواية واحدة.

ص: 113

وظهر عمل العامة اليوم بقول عبد الله بن عباس لأمر بينه الخلفاء، فأما المذهب فالقول الأول لأن التكبير ورفع الأيدي خلاف المعهود، فكان الأخذ بالأقل أولى، ثم التكبيرات من أعلام الدين حتى يجهر بها فكان الأصل فيه الجمع، وفي الركعة الأولى يجب إلحاقها بتكبيرة الافتتاح لقوتها من حيث الفرضية والسبق، وفي الثانية لم يوجد إلا تكبيرة الركوع فوجب الضم إليها، والشافعي رحمه الله أخذ بقول ابن عباس رضي الله عنه إلا أنه حمل المروي كله على الزوائد فصارت التكبيرات عنده خمس عشرة أو ست عشرة.

ــ

[البناية]

م: (وظهر عمل العامة اليوم بقول عبد الله بن عباس لأمر بينه الخلفاء) ش: أي ظهر عمل الناس كافة بقول ابن عباس لأجل أن بينه الخلفاء لما انتقلت إليهم الخلافة أمروا الناس بالعمل في التكبيرات بقول جدهم وليتولى مناشيرهم ذلك. وعن هذا صلى أبو يوسف بالناس حين قدم بغداد صلاة العيد وكبر تكبير ابن عباس، فإنه صلى خلفه هارون الرشيد وأمره بذلك، وكذلك روي عن محمد رحمه الله وذلك لأن المسألة مجتهد فيها وطاعة الإمام فيها ليس فيه معصية واجبة، وهذا ليس بمعصية، لأنه قول بعض الصحابة.

م: (فأما المذهب فالقول الأول) ش: أي فأما مذهب أصحابنا فالقول الأول، وهو قول عبد الله بن مسعود وهو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين على ما ذكرنا. م:(لأن التكبير) ش: غير تكبير الافتتاح والتكبيرات التي يتخلل في الصلاة.

م: (ورفع الأيدي) ش: في الصلاة. م: (خلاف المعهود، فكان الأخذ بالأقل أولى) ش: أي بأقل التكبيرات وهي الست الزوائد أولى، لأن الأخبار تواترت فيه، فيكون ثبوته بيقين. م:(ثم التكبيرات من أعلام الدين حتى يجهر بها) ش: فكان كتكبيرة الافتتاح، وإنما أنث الضمير بتأويل التكبير. م:(فكان الأصل فيه الجمع) ش: أي فكان الأصل في التكبير الزوائد الجمع مع التكبير الأصلي لأن الجنسية علة الضم. م: (وفي الركعة الأولى يجب إلحاقها بتكبيرة الافتتاح لقوتها من حيث الفرضية والسبق) ش: تقريره أن تكبيرات العيد لم تؤخر في الركعة الأولى عن القراءة إلحاقا لها بتكبيرة الركوع، كما هو قول علي رضي الله عنه بل قدمت على القراءة إلحاقا لها بتكبيرة الافتتاح، لأن تكبيرة الافتتاح أقوى من حيث إنها فرض، ومن حيث إنها سابقة.

م: (وفي الثانية) ش: أي وفي الركعة الثانية. م: (لم يوجد إلا تكبيرة الركوع فوجب الضم إليها) ش: لوجود الجنسية. م: (والشافعي رحمه الله أخذ بقول ابن عباس رضي الله عنه) ش: وهو الأكثر احتياطا. م: (إلا أنه حمل) ش: التكبير. م: (المروي كله على الزوائد) ش: إلا أن الشافعي رحمه الله حمل التكبير المروي كله على التكبيرات الزوائد. م: (فصارت التكبيرات عنده خمس عشرة أو ست عشرة) .

ش: لأن الزوائد لما كانت عنده ثلاث عشرة أو ثنتي عشرة، وضمت إلى الأصليات وهي

ص: 114