الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الاستهلاك وجه التعدي، وفي هلاك البعض يسقط بقدره اعتبارا له بالكل،
وإن قدم الزكاة على الحول وهو مالك للنصاب جاز؛ لأنه أدى بعد سبب الوجوب فيجوز كما إذا كفر بعد الجرح، وفيه خلاف مالك رحمه الله
ــ
[البناية]
م: (وفي الاستهلاك وجه التعدي) ش: هذا جواب عن قول الشافعي رضي الله عنه فصار كالاستهلاك أراد أن قياسه الهلاك على الاستهلاك غير صحيح؛ لأنه في الاستهلاك متعد بخلاف الهلاك م: (وفي هلاك) ش: أي وفي هلاك القدر م: (البعض يسقط بقدر) ش:.
أي وفي هلاك بعض النصاب يسقط من الزكاة بقدر الهالك م: (اعتبارا له بالكل) ش: يعني اعتبار الهالك الجزء بهلاك الكل، أراد أنه إذا هلك كل النصاب كأن يسقط كل الواجب فكذلك إذا هلك بعض النصاب يسقط بعض الواجب اعتبارا للبعض بالكل. ولو أزال النصاب بغير عوض كالهبة أو بعوض ليس بمال كالأمهار، وبدل الصلح عن دم العمد، والخلع، ونحوها صار مستهلكا ضامنا. بقي العوض في يده أولا، ولو رجع في الهبة بقضاء زال الضمان وكذا بغير قضاء على الأصح، ولو اشترى بالمال الحولي عبدا للخدمة، ثم رده بالعيب بقضاء أو بغير قضاء، واسترده لا يزول الضمان.
[حكم تقديم الزكاة على الحول]
م: (وإن قدم الزكاة على الحول وهو مالك للنصاب جاز) ش: بأن قدم المالك الزكاة قبل حولان الحول والحال أنه مالك لقدر النصاب جاز تقديمه م: (لأنه أدى بعد سبب الوجوب فيجوز) ش: سبب الوجوب هو النصاب ولأنه حق يؤجل كالدين المؤجل، وبقولنا: قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وهو قول الحسن البصري، والنخعي، والزهري، والثوري، والشعبي، ومجاهد، والحاكم، وابن أبي ليلى، وسعيد بن جبير، والحسن بن حي رحمهم الله م:(كما إذا كفر بعد الجرح) ش: قيد الموت لوجود السبب وهو الجرح.
م: (وفيه خلاف مالك) ش: أي وفي تقديم الزكاة قبل حولان الحول خلاف لمالك، فإن عنده لا يجوز، وبه قال ربيعة وداود وابن المنذر والليث بن سعد رحمهم الله، وحكي عن محمد بن سيرين، والحسن البصري، وعند المالكية قول آخر، وهو التعجيل به على السنة فعن بعضهم يجوز التعجيل بيومين، وعن ابن حبيب بعشرة أيام.
وعن ابن القاسم رحمه الله بشهر، وقيل: بخمسة عشر يوما؛ لأن الأداء إسقاط الواجب ولا يتصور الإسقاط قبل الوجود، كأداء الظهر قبل وقته، وبهذا استدل الشراح لأصحابنا، فقال الأترازي: لنا ما روى الشيخ أبو الحسين القدوري أن النبي صلى الله عليه وسلم: استسلف من العامل زكاة عامين.
وقال الكاكي: ولنا ما روي أنه عليه الصلاة والسلام استسلف من العباس زكاة سنتين، وهو ما روى الترمذي، وأبو داود، عن علي رضي الله عنه «أن العباس رضي الله عنه سأل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
النبي صلى الله عليه وسلم عن تعجيل زكاته قبل أن يحول الحول مسارعة إلى الخير، فأذن له في ذلك» وقال السغناقي: ولنا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استسلف من العباس صدقة العامين.
قلت: أما الأترازي فإنه أحال الأحاديث على القدوري، ولم يذكر شيئا غير ذلك. وأما الكاكي فإنه ذكر الحديث ونسبه إلى الترمذي وأبي داود ولفظهما ليس كذلك.
أما لفظ الترمذي فإنه قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أنا سعيد بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الحجاج بن دينار، عن الحكم بن عيينة، عن عبيد بن عدي، عن علي «أن العباس رضي الله عنهما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك.»
وروي أيضا بإسناد آخر عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه «إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام» .
وأما لفظ أبي داود فكلفظ الترمذي.
وأما الذي ذكره السغناقي فأخرجه البزار والطبراني في " الكبير والأوسط " بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين» وفي إسناده محمد بن ذكوان ضعفه البخاري والنسائي والدارقطني، وقواه ابن حبان، وقال السغناقي: عندنا يجوز التعجيل ولكن بين الأداء معجلا وبين الأداء في آخر الحول فرق، وهو أن في المعجل يشترط أن لا ينقص النصاب في آخر الحول وفي الأداء، في آخر الحول لا يشترط بيانه أنه إذا عجل شاة من أربعين فحال عليها الحول وعنده تسعة وثلاثون فلا زكاة عليه حتى إنه إذا كان صرف للفقراء وقعت نفلا.
وإن كانت قائمة في يد الإمام أو الساعي أخذها، وإن باعها الإمام ضمنها، وأما إذا كان أدركه في آخر الحول فتقع عن الزكاة وإن انتقص النصاب بأدائه، وفي " الإيضاح ": لو انتقص النصاب في آخر الحول فلصاحب المال أن يأخذها من الساعي إن كان قائما، وكذا إن باعه الساعي إن كان قائما وإن أداه إلى الفقير يقع نفلا، وكذا في " الزيادات " وفيه لو باعه للفقراء ثم لم يتصدق بثمنه ورد عليه الثمن، ولو دفعه الإمام إلى فقير فأيسر قبل الحول أو مات أو ارتد جاز عن الزكاة.
وقال الشافعي وأحمد رضي الله عنهما: يسترجع ما أدى من الساعي إن كان باقيا وإن كان هالكا لطالبه بقيمته ولو دفعه الساعي إلى الفقير استرجع من الفقير إن كان باقيا وإن كان هالكا لزم الساعي قيمته يوم الدفع في أظهر الوجهين وهو قول أحمد، وفي وجه لزمته قيمته يوم التلف، ولو عجل الزكاة بنفسه إلى فقير فمات الفقير أو ارتد قبل تمام الحول لم يجز عن الزكاة
ويجوز التعجيل لأكثر من سنة لوجود السبب، ويجوز لنصب إذا كان في ملكه نصاب واحد، خلافا لزفر رحمه الله لأن النصاب الأول هو الأصل في السببية، والزائد عليه تابع له والله أعلم.
ــ
[البناية]
ويسترجع ما دفع إليه ولو استغنى الفقير من جهة الزكاة قبل الحول يسترجع.
وإن استغنى من جهة الزكاة لا يسترجع كذا في " الحلية "، وفي " الزيادات ": لو كان عنده دراهم ودنانير وعروض فجعل زكاة جنس منها سنين فهلك جاز التعجيل عن الباقين؛ لأن الجميع جنس واحد، ولهذا يكمل نصاب أحدهما بالآخر، وأما في السوائم المختلفة لا يقع عن الآخر، وعن أبي يوسف جاز تعجيل العشر بعد الزراعة، وهو قول علي بن أبي هريرة من أصحاب الشافعي، وعند محمد رحمه الله لا يجوز حتى ينبت.
م: (ويجوز التعجيل لأكثر من سنة) ش: وبه قال الشافعي رضي الله عنه في وجه، وفي وجه لا يجوز. وقال صاحب الوجيز: والوجه الأول أصح م: (لوجود السبب) ش: وهو النصاب وقال أحمد رحمه الله: لا يجوز أكثر من سنتين وفي السنتين عنه روايتان. م: (ويجوز) ش: أي التعجيل م: (لنصب) ش: بضمتين وهو جمع نصاب يعني إذا عجل عن نصب كثيرة يجوز عندنا م: (إذا كان في ملكه نصاب واحد خلافا لزفر رحمه الله) ش: وبقوله قال الشافعي وأحمد -رحمهما الله.
وقال زفر رحمه الله: لا يجوز التعجيل إلا عن النصاب الموجود في ملكه حتى إذا كان له خمس من الإبل فعجل أربع شياه ثم تم الحول وفي ملكه عشرون من الإبل عندنا يجوز التعجيل عن الكل، وعند زفر رحمه الله لا يجوز إلا عن زكاة الخمس؛ لأنه عجل زكاة ما ليس في ملكه فلا يجوز.
م: (لأن النصاب الأول هو الأصل في السببية والزائد عليه تابع له) ش: أي النصاب الأول فيكون حكم التابع كحكم المتبوع؛ لأن الأداء بعد تقرر الوجوب جائز كالمسافر إذا صام رمضان والرجل إذا صلى في أول الوقت جائز لوجود سبب الوجوب.