الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكمية في حق الخمس، والحقيقية في حق الأربعة الأخماس حتى كانت للواجد.
ولو وجد في داره معدنا فليس فيه شيء عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا فيه الخمس لإطلاق ما روينا. وله أنه من أجزاء الأرض مركب فيها ولا مؤنة في سائر الأجزاء، فكذا في هذا الجزء، لأن الجزء لا يخالف الجملة بخلاف الكنز فإنه غير مركب فيها. قال: وإن وجده في أرضه. فعن أبي حنيفة رحمه الله فيه روايتان،
ــ
[البناية]
الحكمية) ش: أي اليد الحكمية م: (في حق الخمس والحقيقية) ش: أي اليد الحقيقية م: (في حق الأربعة الأخماس حتى كانت) ش: أي الأربعة الأخماس- م: (للواجد) ش: إنما عملوا هكذا دون العكس، لأن الحقيقية أقوى من الحكمية ولأنهم اعتبروا اليد الحقيقية في حق الخمس مع أنه عبادة يحتاط في إثباتها يلزمنا العمل بها في حق الغانمين، وبتعطيل العمل بالشبهين حينئذ.
[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]
م: (ولو وجد في داره معدنا فليس فيه شيء عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وبه قال أحمد وسواء كان الواجد مسلما أو ذميا.
م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (فيه الخمس) ش: للحال، وعند مالك والشافعي تجب الزكاة في الحال م:(لإطلاق ما روينا) ش: وهو قوله عليه السلام: «وفي الركاز الخمس» ولم يفصل بين الدار والأرض والحانوت والمنزل كالدار.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أنه) ش: أي أن المعدن م: (من أجزاء الأرض مركب فيها ولا مؤنة في سائر الأجزاء فكذا) ش: لا مؤنة م: (في هذا الجزء لأن الجزء لا يخالف الجملة) .
ش: فإن قلت: لو كان المعدن من أجزاء الأرض ينبغي أن نجوز به التيمم.
قلت: إنه جزء من [من الأرض] ولكنه ليس من جنس الأرض كالخشب وقال الأكمل: يجوز التيمم بما هو من جنسها لا من أجزائها خلقة، وهذا ليس من جنسها.
قلت: فيه تأمل لا يخفى.
م: (بخلاف الكنز فإنه غير مركب فيها) ش: كما عرفت، أي لأن اتصالها اتصال مجاورة، ألا ترى أنه لا يملكه أحد بالشراء ولم يجب عن الحديث، والجواب عنه أنه عام مخصوص منه الأحجار فخص المتنازع فيه. وقيل إن الإمام لما خصه بهذه الدار فكانت نقل بها وللإمام هذه الولاية.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير " م: (وإن وجده) ش: أي المعدن م: (في أرضه فعن أبي حنيفة رحمه الله روايتان) ش: في رواية الأصل: لا شيء فيه، وفي رواية " الجامع
ووجه الفرق على إحداهما وهو رواية الجامع الصغير أن الدار ملكت خالية عن المؤن دون الأرض، ولهذا وجب العشر والخراج في الأرض دون الدار، فكذا هذه المؤنة، وإن وجد ركازا أي كنزا وجب فيه الخمس عندهم لما روينا، واسم الركاز يطلق على الكنز لمعنى الركز وهو الإثبات ثم إن كان على ضرب أهل الإسلام كالمكتوب عليه كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة، وقد عرف حكمها في موضعه، وإن كان على ضرب أهل الجاهلية كالمنقوش عليه الصنم
ــ
[البناية]
الصغير " فيه الخمس م: (ووجه الفرق على إحداهما) ش: أي على إحدى الروايتين م: (وهي رواية " الجامع الصغير " أن الدار ملكت خالية عن المؤن فلم يخمس دون الأرض) ش: أي بخلاف الأرض، فإن فيها مؤنة العشر والخراج فتخمس م:(ولهذا) ش: أي ولكون المؤنة فيها م: (وجب العشر والخراج في الأرض دون الدار) ش: تقرير هذا الفرق أن الإمام وإن اصطفى الأرض له لكن ما أخلاها عن المؤن حتى أوجب العشر أو الخراج فيها م: (فكذا هذه المؤنة) ش: أما الدار فقد أصفاها له عن الحقوق فكذا في حكم المعدن.
م: (وإن وجد ركازا) ش: أي كنزا إنما فسر بهذا لأن الركاز اسم مشترك بين المعدن والكنز، وقد فرغ من بيان المعدن وأراد به الكنز م:(وجب فيه الخمس عندهم) ش: أي عندنا وعند الشافعي أيضا م: (لما روينا) ش: وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «في الركاز الخمس» فإن قلت: في هذا التمسك يلزم تعميم المشترك وهو لا عموم له، لأنه استدل بهذا الحديث على وجوب الخمس في المعدن، واستدل به أيضا على وجوب الخمس في الكنز، ولفظ الركاز مشترك بين المعدن والكنز، كما قال أيضا هنا بقوله.
م: (واسم الركاز يطلق على الكنز لمعنى الركز فيه) ش: أي في الركاز م: (وهو الإثبات) ش: وفي المعدن هذا المعنى أيضا، والجواب عن السؤال المذكور أن هذا مشترك معنوي، فإن الركز لغة الإثبات، والركز تثبت فيتناول المعدن والكنز بالمعنى العام، فكان كل واحد من أنواع العام لا من أنواع المشترك، ونظير هذا قوله عز وجل:{وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9](سورة الجمعة: الآية: 9) فإنه يتناول البيع والشراء وكلاهما مراد المعنى العام وهو مبادلة المال بالمال.
فإن قلت: المراد بالركاز المعدن بدليل العطف في الحديث الذي مضى، قلت: العطف لا يمنع دخول الكنز فيه لجواز أن يكونه تعميما بعد التخصيص كما في قَوْله تَعَالَى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: 28](سورة نوح: الآية: 28) .
م: (ثم إن كان) ش: أي الكنز م: (على ضرب أهل الإسلام كالمكتوب عليه كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة) ش: في الحكم م: (وقد عرف حكمها) ش: أي حكم اللقطة م: (في موضعه) ش: في كتاب اللقطة م: (وإن كان على ضرب أهل الجاهلية كالمنقوش عليه الصنم) ش: وهو ما كان له جسم أو صورة، فإن لم يكن له جسم ولا صورة فهو وثن، وقال ابن الأثير: الصنم ما اتخذ إلها من
ففيه الخمس على كل حال لما بينا.
ثم إن وجده في أرض مباحة فأربعة أخماسه للواجد لأنه تم الإحراز منه إذ لا علم به للغانمين فيختص هو به، وإن وجده في أرض مملوكة فكذا الحكم عند أبي يوسف رحمه الله لأن الاستحقاق بتمام الحيازة وهي منه. وعند أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- هو للمختط له وهو الذي ملكه الإمام هذه البقعة أول الفتح، لأنه سبقت يده إليه وهي يد الخصوص فيملك به ما في الباطن، وإن كانت على الظاهر،
ــ
[البناية]
دون الله تعالى م: (ففيه الخمس على كل حال) ش: يعني كان الموجود ذهبا أو فضة أو رصاصا أو غيرها، وسواء كان الواجد صغيرا أو كبيرا أو عبدا مسلما أو ذميا ذكرا كان أو أنثى، وسواء وجده في دار أو أرض أو موات إلا إذا كان الواجد حربيا أو مستأمنا فيؤخذ منه، إلا إذا كان الإمام أقطعه إياه لقوله صلى الله عليه وسلم:«المسلمون عند شروطهم» ، غير أنه إن وجده في أرض مملوكة اختلف أصحابنا فيمن يستحق أربعة الأخماس فإنه لا خلاف في وجوب الخمس م:(لما بينا) ش: أي لقوله عليه الصلاة والسلام: «وفي الركاز الخمس» .
م: (ثم إن وجده) ش: أي الكنز م: (في أرض مباحة) ش: كالمفاوز والجبال وغيرها م: (فأربعة أخماسه للواجد، لأنه تم الإحراز منه) ش: من أحرزت الشيء أُحرزه إحرازا إذا حفظه وضمه إليه وصانه عن الأخذ م: (إذ لا علم به للغانمين) ش: هذا الدليل لقوله: لأنه تم الإحراز منه أي من الواجد المذكور. قوله: به أي بإحراز الواجد، فإذا كان كذلك م:(فيختص هو به) ش: أي فيختص الواجد بالذي أحرزه، والأصل فيه أن الغانمين لهم الاستيلاء، والإحراز به، ولكن هذا الواجد سبقهم بالإحراز فاختص بما بقي من الخمس وهو أربعة أخماس.
فإن قلت: إحراز هذا المحرز ليس بموجود فكيف وجب فيه الخمس.
قلت: ابتداء الأخذ جهارا، فالواجب كذلك.
م: (وإن وجده في أرض مملوكة فكذا الحكم) ش: أي فكالمذكور من الحكم هنا، يعني: يؤخذ منه الخمس، والباقي له م:(عند أبي يوسف، لأن الاستحقاق بتمام الحيازة) ش: من حازه يحوزه إذا قبضه، وملكه واستبد به م:(وهي منه) ش: أي الحيازة الناشئة من الواجد.
م: (وعند أبي حنيفة، ومحمد -رحمهما الله- هو للمختط له) ش: أي الذي اختط له، وفسره بقوله: م: (وهو الذي ملكه الإمام هذه البقعة أول الفتح) ش: يعني يوم الفتح، وذلك أن الإمام إذا فتح بلدة يجعل لكل واحد من الغانمين ناحية، ويجعل تلك الناحية له، ويجعل عليها علامة يخط عليها خطا ليعلم أنه قد احتازها ومنه سميت خطط البصرة، والكوفة وهي جمع خطة بالكسر م:(لأنه سبقت يده إليه) ش: أي إلى الذي أخذه م: (وهي يد الخصوص) ش: يعني اختصت يده به لسبقه إليه م: (فيملك به) ش: أي بالخصوص م: (ما في الباطن) .
م: (وإن كانت) ش: يده م: (على الظاهر) ش: كلمة إن للوصل، أي يد الخصوص هذا
كمن اصطاد سمكة في بطنها درة ملك الدرة ثم بالبيع لم تخرج عن ملكه لأنه مودع فيها بخلاف المعدن، لأنه من أجزائها فينتقل إلى المشتري، وإن لم يعرف المختط له يصرف إلى أقصى مالك يعرف في الإسلام
ــ
[البناية]
المجموع لدفع شبهة أوردها شيخ الإسلام في "مبسوطه "، وملخصها أن يد المختط له ثابتة من وجه من حيث إن اليد على الظاهر تدل على الباطن تقديرا، واليد الحكمية لا تثبت الملك كما في حق الغانمين، فإن لهم يدا ثابتة على ما في الباطن، ومع هذا لم يصر ملكا لهم، والجواب أن يد المختط له يد خاصة، واليد الحكمية إذا كانت بهذه المثابة يثبت الملك في المباح كما في المعدن، ألا ترى أن تصرف الغازي بعد القسمة نافذ، وقبلها غير نافذ لثبوت اليد الحكمية على الخصوص.
م: (كمن اصطاد سمكة في بطنها درة ملك الدرة ثم بالبيع) ش: أي بيع السمكة م: (لم تخرج الدرة عن ملكه لأنه مودع فيها) ش: أي في السمكة هكذا فسر الأترازي هذا الموضع، حيث قال: كمن اصطاد سمكة في بطنها درة فباع السمكة لا تخرج الدرة عن ملك الصياد، بخلاف المعدن كما ذكره في المتن، قال السغناقي: ثم بالبيع أي بيع الأرض التي تحتها كنز لم يخرج عن ملكه بلفظ التذكير، أي لم يخرج الكنز عن ملكه بدلالة قوله لأنه بالتذكير ولم يقل:"لأنها" حتى ترجع إلى الدرة، لأنه مودع فيها، أي لأن الكنز مودع في الأرض، وكذا فسره الكاكي تبعا له، وهو الصواب.
ثم ذكر شيخ الإسلام في مسألة الدرة فقال في ظاهر الرواية لم يفصل بين كون الدرة مثقوبة أو لا، وقيل: إن كانت مثقوبة لم تدخل في ملك المشتري لأنها بمنزلة الكنز، وإن كانت غير مثقوبة تدخل كمن اصطاد سمكة فوجد في بطنها عنبرا، لأنه حشيش يأكله السمك فيكون تبعا له. وفي " المحيط ": إن كانت الدرة في الصدف فهي للمشتري، لأن السمك يأكل الصدف، وكل ما يأكله بالسمك فهو للمشتري، ولو اشترى جملا فوجد في بطنه دينارا لم يكن له لأنه لا يأكله عادة.
م: (بخلاف المعدن لأنه من أجزائها فينتقل إلى المشتري) ش: يعني بانتقال الأرض إليه لأنه من عروق الأرض.
م: (وإن لم يعرف المختط له يصرف إلى أقصى مالك يعرف له في الإسلام) ش: يعني لم يعرف المختط له ولا دراية يصرف إلى آخره، وهو اختيار السرخسي، وذكر أبو اليسر يوضع في بيت المال، كذا ذكره التمرتاشي هذا إذا لم يقل مالك الأرض: أنا وضعته، فإن ادعاها فالقول قوله بالاتفاق، وإن تصادقا أنه كنز فيه خلاف أبي يوسف رحمه الله.
وقال الشافعي رحمه الله: المالك أولى إذا ادعاه، وبه قال مالك رحمه الله وإن نازعه غيره كان المالك أولى، لأن الظاهر أن ما ملكه له، ولو لم يدعه ولم يعرف عامرها