المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ويدخل الميت مما يلي القبلة خلافا للشافعي رحمه الله فإن - البناية شرح الهداية - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌السفر الذي يتغير به الأحكام

- ‌فرض المسافر في الرباعية

- ‌[دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها هل يقصروا]

- ‌[حكم نية إقامة المسافر من أهل الكلأ]

- ‌[ما يستحب للإمام المسافر]

- ‌[الحكم إذا دخل المسافر بلده]

- ‌[حكم من كان له وطن فانتقل عنه واستوطن غيره ثم سافر]

- ‌[وطن الإقامة للمسافر يبطل بمثله]

- ‌[اعتبار نية السفر في موضعين وحكم من فاتته صلاة في السفر]

- ‌[ترخص العاصي]

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌[شروط صحة الجمعة]

- ‌[المكان الذي تصح فيه الجمعة]

- ‌[صلاة الجمعة في القرى]

- ‌[الجمعة بمنى وعرفات]

- ‌[دخول الوقت من شرائط الجمعة]

- ‌[الخطبة من شرائط الجمعة]

- ‌[شروط الخطبة وسننها]

- ‌[الجماعة من شرائط الجمعة]

- ‌[العدد الذي تصح به صلاة الجمعة]

- ‌[من لا تجب عليه الجمعة]

- ‌[إمامة المسافر والعبد والمريض في الجمعة]

- ‌[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]

- ‌[حكم المسبوق في صلاة الجمعة]

- ‌[البيع والشراء بعد أذان الجمعة الأول]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[حكم صلاة العيدين وعلى من تجب]

- ‌[ما يسن للمصلي في يوم الفطر]

- ‌[التنفل في المصلى قبل صلاة العيد]

- ‌[وقت صلاة العيدين]

- ‌[كيفية صلاة العيدين]

- ‌[رفع اليدين في تكبيرات العيدين]

- ‌[الخطبة بعد الصلاة في العيدين]

- ‌[حكم من فاتته صلاة العيد مع الإمام]

- ‌[الحكم لو غم هلال شوال وشهدوا برؤيته عند الإمام بعد الزوال]

- ‌[ما يسن للمصلي يوم الأضحى]

- ‌فصل في تكبيرات التشريق

- ‌[صيغة التكبير]

- ‌[التكبير للنساء والمسافرين]

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌[عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

- ‌[القراءة في صلاة الكسوف]

- ‌[الدعاء في صلاة الكسوف]

- ‌[الصلاة لكسوف القمر جماعة]

- ‌باب الاستسقاء

- ‌[عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]

- ‌[الدعاء في صلاة الاستسقاء]

- ‌[حضور أهل الذمة الاستسقاء]

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[مشروعية صلاة الخوف وكيفيتها]

- ‌[ما يفعل المسبوق في صلاة الخوف]

- ‌باب الجنائز

- ‌[ما يفعل بالمحتضر]

- ‌[ما يفعل بالميت عقب موته]

- ‌[فصل في غسل الميت] [

- ‌كيفية غسل الميت]

- ‌[وضوء الميت من غير مضمضة واستنشاق]

- ‌[غسل رأس الميت ولحيته بالخطمي]

- ‌[تنشيف الميت بعد الغسل]

- ‌[وضع الكافور على مساجد الميت]

- ‌[تسريح شعر الميت ولحيته]

- ‌فصل في التكفين

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للرجل]

- ‌[ما يجزئ في الكفن بالنسبة للمرأة]

- ‌فصل في الصلاة على الميت

- ‌[حكم الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة عليه]

- ‌[الحكم لو دفن الميت ولم يصل عليه]

- ‌[كيفية صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو كبر الإمام خمسا في صلاة الجنازة]

- ‌[الاستغفار للصبي في صلاة الجنازة]

- ‌[أحكام المسبوق في صلاة الجنازة]

- ‌[الحكم لو صلوا على الجنازة ركبانا]

- ‌[صلاة الجنازة في المسجد]

- ‌[حكم الصلاة على من استهل بعد الولادة ثم مات]

- ‌[تغسيل وتكفين القريب الكافر]

- ‌فصل في حمل الجنازة

- ‌[كيفية حمل الجنازة]

- ‌[الإسراع بالجنازة]

- ‌[الجلوس قبل وضع الجنازة عن الأعناق]

- ‌فصل في الدفن

- ‌[المفاضلة بين اللحد والشق]

- ‌[كيفية الدفن]

- ‌[تسنيم القبر]

- ‌[تجصيص القبر وتطيينه]

- ‌[الدفن ليلا]

- ‌[قلع الحشيش الرطب من القبور]

- ‌باب الشهيد

- ‌[تعريف الشهيد]

- ‌[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]

- ‌[كل من يدخل في معنى الشهيد]

- ‌[تغسيل الشهيد الجنب]

- ‌[كيفية تغسيل الشهيد]

- ‌[تغسيل من قتل في حد أو قصاص]

- ‌[تغسيل من مات من البغاة]

- ‌باب الصلاة في الكعبة

- ‌[حكم الصلاة في الكعبة]

- ‌[الحكم لو صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق المأمومون حول الكعبة]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[حكم الزكاة وشروط وجوبها]

- ‌[حكم مانع الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الفور أم التراخي]

- ‌[زكاة مال المكاتب]

- ‌[زكاة المدين]

- ‌[الزكاة دور السكنى والثياب وأثاث المنازل ونحوها]

- ‌[زكاة كتب العلم وآلات الحرفيين]

- ‌[زكاة المال المضمار والمفقود والمغصوب]

- ‌[زكاة المال الذي صادره السلطان]

- ‌[حكم من اشترى جارية أو شيئا للتجارة ثم نواه للخدمة أو القنية]

- ‌[اشتراط النية في الزكاة]

- ‌[حكم من تصدق بمال لا ينوي به الزكاة]

- ‌[فروع في اشتراط النية في الزكاة]

- ‌باب صدقة السوائم

- ‌[حكم صدقة السوائم]

- ‌[فصل في زكاة الإبل] [

- ‌نصاب زكاة الإبل والقدر الواجب فيها]

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌[حكم زكاة البقر]

- ‌[نصاب زكاة البقر والقدر الواجب فيها]

- ‌[الجواميس والبقر سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الغنم

- ‌[نصاب زكاة الغنم والقدر الواجب فيها]

- ‌[الضأن والمعز سواء في الزكاة]

- ‌فصل في صدقة الخيل

- ‌[كيفية إخراج زكاة الخيل]

- ‌فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة

- ‌[إخراج القيمة في الزكاة والكفارات ونحوها]

- ‌[كيفية زكاة المال المستفاد أثناء الحول]

- ‌[الحكم لو أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم]

- ‌[بني تغلب هل تلزمهم الزكاة]

- ‌[حكم تقديم الزكاة على الحول]

- ‌[باب حكم زكاة المال]

- ‌فصل في الفضة

- ‌[نصاب الزكاة في الفضة ومقدار الواجب]

- ‌فصل في الذهب

- ‌[نصاب الزكاة في الذهب ومقدار الواجب]

- ‌[الزكاة في تبر الذهب والفضة]

- ‌فصل في العروض

- ‌[زكاة العروض حكمها وشروط وجوبها]

- ‌باب فيمن يمر على العاشر

- ‌[الخلاف بين المزكي والعاشر]

- ‌باب في المعادن والركاز

- ‌[حكم زكاة المعدن والركاز ومقدار الواجب فيه]

- ‌[حكم من وجد في داره معدنا هل عليه زكاة]

- ‌[حكم من دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا]

- ‌[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]

- ‌باب زكاة الزروع والثمار

- ‌[حكم زكاة الزروع والثمار] [

- ‌نصاب زكاة الزروع والثمار والمقدار الواجب فيه]

- ‌[الزكاة في الخضروات]

- ‌[زكاة العسل]

- ‌[احتساب أجرة العمال في زكاة ما تخرجه الأرض]

- ‌باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز

- ‌[الفقير والمسكين من مصارف الزكاة] [

- ‌الفرق بين الفقير والمسكين]

- ‌[العاملون عليها من مصارف الزكاة]

- ‌[قدر ما يعطى العامل من الزكاة]

- ‌[وفي الرقاب من مصارف الزكاة]

- ‌[وفي سبيل الله من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بسبيل الله]

- ‌[ابن السبيل من مصارف الزكاة]

- ‌[المقصود بابن السبيل]

- ‌[دفع الزكاة إلى الذمي]

- ‌[دفع الزكاة للآباء والأبناء والزوجة]

- ‌[حكم إعطاء الزكاة والصدقة لبني هاشم ومواليهم]

- ‌[الحكم لو دفع الزكاة لغير مستحقيها وهو لا يعلم]

- ‌[حكم نقل الزكاة]

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌[تعريف زكاة الفطر وحكمها وعلى من تجب]

- ‌[يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته]

- ‌[فصل في مقدار الواجب في زكاة الفطر]

- ‌[وقت وجوب زكاة الفطر]

الفصل: ويدخل الميت مما يلي القبلة خلافا للشافعي رحمه الله فإن

ويدخل الميت مما يلي القبلة خلافا للشافعي رحمه الله فإن عنده يسل سلا لما روي أنه صلى الله عليه وسلم سل سلا.

ــ

[البناية]

شقوا لمسلم يكون تركا للسنة، اللهم إلا إذا كانت الأرض رخوة لا تحمل اللحد، فإن الشق حينئذ يتعين، والشق أن يحفر حفرة في وسط القبر ويوضع فيها الميت.

وفي " المبسوط ": وصفة الشق أن يحفر حفيرة كالنهر في وسط القبر ويبنى جانباه باللبن أو غيره، ويوضع الميت فيه، وقال فخر الإسلام في " الجامع الصغير ": وإن تعذر اللحد فلا بأس بتابوت يتخذ للميت، لكن السنة أن يفرش فيه التراب، واللحد أفضل عند الأئمة الأربعة من الشق، وقال صاحب " المبسوط " و " المحيط " و " البدائع " وغيرهم عن الشافعي أن الشق أفضل عنده، وهكذا نقله القرافي في " الذخيرة " عنه، وقال النووي في " شرح المهذب ": أجمع العلماء على أن اللحد والشق جائزان، لكن إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها، فاللحد أفضل، وإن كانت رخوة ينهار فالشق أفضل.

قلت: ينبغي أن يتعين الشق حينئذ. وقال صاحب " المنافع " اختاروا الشق في ديارنا لرخاوة الأرض فيتعذ اللحد فيها حتى أجازوا الآجر ودفون الخشب واتخاذ التابوت ولو كان من حديد، ومثله في " المبسوط "، ويكون التابوت من رأس المال إذا كانت الأرض رخوة أو ندية منع كون التابوت في غيرها مكروها في قول العلماء قاطبة، وقال أحمد: إن كانت الأرض رخوة جعل له من الحجارة شبه اللحد، قال: ولا أحب الشق، وفي " قاضي خان " ينبغي أن يفرش فيه التراب ويطين الطبقة العليا مما يلي الميت، ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير مثل اللحد وفي " المحيط " واستحسن مشايخنا اتخاذ التابوت للنساء، فإنه أقرب إلى الستر والحرز عند الوضع في القبر.

[كيفية الدفن]

م: (ويدخل الميت مما يلي القبلة) ش: يعني موضع الجنازة في جانب القبلة من القبر، ويحمل منه الميت فيوضع في اللحد وهو مذهب علي بن أبي طالب ومحمد بن الحنفية وإسحاق بن راهوية وإبراهيم التيمي وابن حبيب م:(خلافا للشافعي) ش: يعني خالفنا في ذلك خلافا للشافعي، وانتصاب خلافا بالفعل الذي ذكرناه م:(فإن عنده يسل سلا) ش: أي فعند الشافعي يسل الميت سلا، وهو أن يوضع رأس الميت عند رجل القبر وهو طرفه الذي يكون فيه رجل الميت ثم سل من قبل رأسه سلا، والسل إخراج الشيء من الشيء بجذب، وأريد هنا إخراج الميت من الجنازة إلى القبر، ومنه سل سيفه إذا نزعه من غمده، وبقول الشافعي رحمه الله قال أحمد: لا بأس بذلك كله، ومالك خير بين ذلك، وبه قالت الظاهرية.

م: (لما روي أنه عليه السلام سل سلا) ش: روى الشافعي في " مسنده " أنا الثقة عن عمر ابن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: «سل رسول الله عليه السلام من قبل رأسه» أنا مسلم

ص: 248

ولنا أن جانب القبلة معظم فيستحب الإدخال منه

ــ

[البناية]

بن خالد الزنجي وغيره عن ابن جريج عن عمران بن موسى «أن رسول الله عليه السلام سل من قبل رأسه، والناس بعد ذلك» أنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر لا خلاف بينهم في ذلك أن النبي عليه السلام «سل من قبل رأسه» وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ومن طريق الشافعي رواها البيهقي وقال: هذا هو المشهور فيما بين أهل الحجاز.

م: (ولنا أن جانب القبلة معظم فيستحب الإدخال به) ش: هذا دليل عقلي، ولم يذكر دليلا نقليا، غير أن أجاب عن احتجاج الشافعي في السل فيقول رويت أحاديث، وأشار بذلك على ما ذهب إليه أصحابنا، فمن الأحاديث ما رواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا هارون بن إسحاق ثنا المحاربي عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد أن «رسول الله أخذ من قبل القبلة واستقبل استقبالا» .

ومنها ما رواه الترمذي حدثنا أبو كريب ومحمد بن عمرو السواق قالا: حدثنا يحيى بن اليمان عن المنهال بن خليفة عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن ابن عباس «أن النبي عليه السلام دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج، فأخذه من قبل القبلة، وقال: رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن " وكبر عليه أربعا» وقال: حديث حسن.

ومنه ما رواه الجلال في " جامعه " عن عبد الله بن مسعود أنه سمع رسول الله عليه السلام وهو في قبر عبد الله ذي البجادين، [.....] وهو يقول أدنيا مني أخاكما حتى أسنده في لحده وأخذه من قبل القبلة، ومن الآثار ما رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن عمر بن سعد أن عليا رضي الله عنه كبر على يزيد بن المكفف أربعا وأدخله من قبل القبلة.

وأخرج أيضا عن ابن الحنفية أنه ولي أمر ابن عباس فكبر عليه أربعا وأدخله من قبل القبلة، وأخرج عن إبراهيم النخعي أنه عليه السلام أدخل من قبل القبلة وقال أخبرني من رأى أهل المدينة يأخذون بالميت من القبلة ثم رجعوا على السل لضعف أرضهم: قوله جانب القبلة معظم، لأن جهتها أشرف الجهات فكانت أفضل فحينئذ المستحب إدخال الميت من جانب القبلة. فإن قلت روى أبو داود عن عبد الله بن زيد الخطمي الأنصاري الصحابي أنه صلى على الجنازة ثم أدخله القبر من قبل رأسه وقال إنه من السنة، وقال البيهقي: إسناده صحيح. قلت: ما روينا من الآثار يعارض هذا، فلا يتم به الاستدلال على أن إبراهيم التيمي أنكر السل، وقال ابن حزم في " المحلى ": حديث السل لا يصح، فإن صح ففيه أجوبة على ما نذكرها عن قريب إن شاء الله تعالى.

ص: 249

واضطربت الروايات في إدخال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا وضع في لحده يقول واضعه بسم الله وعلى ملة رسول الله، كذا قاله رسول الله عليه السلام: حين وضع أبا دجانة في القبر

ــ

[البناية]

م: (واضطربت الروايت في إدخال النبي عليه السلام) ش: إضافة إدخال النبي عليه السلام من إضافة المصدر إلى المفعول أي في إدخال النبي عليه السلام قبره، ووجه الاضطراب ما روي «أنه سل سلا» وما روي «أنه أدخل من قبل القبلة» فلما تعارضت الروايات لا يكون المحتمل حجة للخصم، على أنا نقول أحاديث السل غير صحيحة، ولئن سلمنا فالجواب عنها من وجوه.

الأول: أن ما رواه الخصم ما فعل الصحابة أو قوله: وما رويناه فعل رسول الله عليه السلام وليس لأحد كلام معه:

الثاني: أنه يحتمل ما رواه فعل خوفا فمن إقامتها لرخاوة الأرض.

الثالث: لم يكن من جهة القبلة ما يسع فيه وضع الجنازة لقرب الحائط.

وفي " الدراية ": وإن صح ما رواه قائما كان ذلك لأجل الضرورة، لأنه عليه السلام مات في حجرة عائشة رضي الله عنها من قبل الحائط، وكانت السنة في دفن الأنبياء عليهم السلام أن يدفنوا في الموضع الذي قبضوا فيه، فلم يتمكنوا من وضع السرير قبل القبلة لأجل الحائط فلهذا سل، ولا يدخل الميت من جانب القبلة لما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أن النبي عليه السلام قال:«إن الميت يدخل من قبله القبلة» وفي " الإيضاح " روي عن علي رضي الله عنه قال: «شهد النبي عليه السلام على جنازة رجل وقال: يا علي استقبل به القبلة استقبالا وقولوا جميعا بسم الله وعلى ملة رسول الله، وضعوه لجنبه ولا تكبوه بوجهه، ولا تلقوه بظهره» .

م: (فإذا وضع) ش: أي الميت م: (في لحده يقول واضعه: بسم الله على ملة رسول الله) ش: أي بسم الله وضعناك، وعلى ملة رسول الله سلمناك، وروى الحسن عن أبي حنيفة بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله.

م: (كذا قاله عليه السلام حين وضع أبا دجانة في القبر) ش: هذا وهم فاحش، فإن أبا دجانة قتل شهيدا يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ذكره ابن أبي خيثمة في " تاريخه ".

وفي " معجم الطبراني " ترجمة أبي دجانة استدعى محمد بن إسحاق قال في تسمية من استشهد يوم اليمامة من الأنصار أبو دجانة واسمه سماك بكسر السين المهملة ابن خرشة بفتح الخاء

ص: 250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

المعجمة والراء والشين المعجمة.

واليمامة بفتح الياء آخر الحروف مدينة بالبادية، يعني مقام مسيلمة الكذاب، وهي بلاد بني حنيفة وهي أكثر نخلا من سائر الحجاز، ولما تنبأ بها أرسل إليه أبو بكر خالد بن الوليد رضي الله عنهما، ووقع بينه، وبين قومه قتال طويل.

وآخر الأمر تقدم إليه وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم قاتل حمزة رضي الله عنه، فرماه بحربة فأصابته وخرجت من الآخر وسارع إليه أبو دجانة فضربه بالسيف فسقط واستشهد أبو دجانة رضي الله عنه وأقر هذا الوهم التقليد، فإن شيخ الإسلام ذكر هكذا في " المبسوط ".

وكذا ذكره صاحب " البدائع " والذي وضعه النبي عليه السلام في قبره هو ذو البجادين واسمه عبد الله، وكان اسمه عبد العزى، فسماه النبي عليه السلام عبد الله، ولما أسلم عند قومه جردوه وألبسوه بجادا وهو الكساء الغليظ فهرب منهم، مات في غزوة تبوك، والبجاد بكسر الباء الموحدة وبالجيم.

قال ابن الأثير: لما أراد المصير إلى النبي عليه السلام قطعت أمه بجادا لها فقيل: فارتدى إحداهما واتزر بالأخرى.

وقد روي في هذا الباب حديث ابن عمر من طريق فروى ابن ماجه من حديث الحجاج بن أرطاة عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي عليه السلام «إذا دخل الميت القبر قال: " بسم الله وعلى ملة رسول الله» ، ورواه الترمذي، وزاد لفظ «بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله» وقال: حسن غريب من هذا الوجه.

ورواه أبو داود في " سننه " من حديث همام عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر نحوه بلفظ «بسم الله وعلى سنة رسول الله» وبهذا الإسناد رواه ابن حبان في " صحيحه ".

ورواه الحاكم في " المستدرك " بلفظ: «إذا وضعتم موتاكم في قبوركم فقولوا: بسم الله، وعلى ملة رسول الله» ، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وهمام بن يحيى ثبت مأمون إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل بأحد إذا أوقفه شعبة، ورواه البيهقي، وقال: تفرد برفعه همام بن يحيى بهذا الإسناد وهو ثبت إلا أن شعبة وهشاما

ص: 251

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

الدستوري روياه عن قتادة موقوفا على ابن عمر، وقال الدارقطني في الموقوف هو المحفوظ.

قلت: روه ابن حبان في " صحيحه " من حديث شعبة عن قتادة به مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في قبره قال: «بسم الله وعلى ملة رسول الله» ، روى الطبراني في " الأوسط " من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ الحاكم.

وروى الطبراني أيضا من «حديث عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: قال لي أبو اللجلاج بن خالد يا بني إذا أنا مت فالحد لي، فإذا وضعتني في اللحد فقل بسم الله وعلى ملة رسول الله، ثم سن على التراب سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمها فإني سمعت رسول الله عليه السلام يقول ذلك» .

قلت: الحلاج أبو العلاء العامري صحابي نزل دمشق روى عنه ابناه العلاء وخالد.

1 -

فروع: إذا انتهوا بالميت إلى قبره فلا يضر وتر دخله أو شفع، لأن المعتبر حصول الكفاية. وفي " الذخيرة " وقد صح أنه دخل قبره عليه السلام أربع علي والعباس وابنه الفضل، واختلفوا في الرابع.

ذكر شمس الأئمة الحلواني: أن الرابع صالح مولى رسول الله عليه السلام، وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده: أن الرابع صهيب، وذكر شمس الأئمة السرخسي: أن الرابع المغيرة بن شعبة، أو أبو رافع، وفي رواية أبي داود «دخل قبره عليه السلام علي، والفضل، وأسامة، وابن عبد الرحمن بن عوف معهم، فصاروا أربعة» .

وفي بعض روايات البيهقي، «عن علي، ولي دفنه عليه السلام أربع علي والعباس والفضل، وصالح مولى رسول الله عليه السلام» - كما ذكره الحلواني، وعن ابن عباس، أنهم كانوا أربعة، علي، والفضل، وقثم بن عباس، وشقران مولى رسول الله عليه السلام، وهو بضم الشين لقب صالح مولاه عليه السلام.

وفي " المعارضة ": وقد أدخل قبره عليه السلام أربعة رجال كبراء علي والفضل ابنا عمه وعبد الرحمن بن عوف وأسامة مولاه، وقال الشافعي: يستحب في ذلك الوتر، فإن تعذر فواحد، وإلا فثلاثة، والحجة عليه ما ذكرناه، وذو الرحم المحرم أولى بوضع المرأة في القبر، وفي " الواقعات ": فأهل الصلاح من جوانبها تلي دفنها وإن لم يكن لها محرم يضعها الأجانب.

ذكر في " المحيط " أو المحرم من غير رحم ولا يدخل القبر امرأة ولا كافر وإن كانا قريبين ذكره

ص: 252

/

ــ

[البناية]

القدوري في " شرحه "، والعتابي في " جوامع الفقه "، وقال مالك كذلك، إلا أن يوجد من قواعد النساء، من تطيق ذلك من غير كلفة، والأصح من قول أحمد لا يباشرها فيها النساء.

وفي " شرح المهذب " للنووي الأولى أن يتولى الدفن الرجال، سواء كان الميت رجلا أو امرأة، وهذا لا خلاف فيه، وقال " صاحب البيان " قال الصيدلاني: ويتولى النساء حمل المرأة من المغتسل إلى الجنازة وتسلمها إلى رجل في القبر.

قال صاحب " البيان " ولم أر هذا لغير الصيدلاني، قالوا: وقد نص الشافعي على مثلما قاله الصيدلاني في " الأم ".

وفي " الينابيع ": السنة أن يفرش في القبر التراب، وفي كتب الشافعية والحنابلة يجعل تحت رأسه لبنة أو حجر، قال السروجي: ولم أقف عليه عن أصحابنا، وفي " المبسوط " و " البدائع " وغيرهما: لو وضع في قبره لغير القبلة أو على شقه الأيسر أو جعل رأسه في موضع رجليه وهيل عليه التراب لا ينبش قبره لخروجه من أيديهم، فإن وضع اللبن ولم يهل التراب عليه نزع اللبن، وتراعى السنة في وضعه ويغسل إن لم يكن غسل، وقول أشهب، ورواه ابن نافع عن مالك.

وقال الشافعي: يجوز نبشه إذا وضع لغير القبلة، وإن وقع متاع القوم في القبر لا ينبش بل يحفر من جهة المتاع ويخرج، كذا في " المبسوط ".

وفي " جوامع الفقه ": لا بأس بنبشه وإخراجه، وعن المغيرة بن شعبة أنه سقط خاتمه في قبره عليه السلام، فما زال بالصحابة حتى رفع اللبن وأخذ خاتمه وقبله بين عينيه، وكان يفتخر بذلك ويقول: أنا آخر عهدا برسول الله عليه السلام ولو بلي الميت وصار ترابا يجوز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء فيه وسائر الانتفاعات به، وكره أن يكون تحت رأس الميت في القبر مخدة ونحوها، هكذا ذكره " المرغيناني "، وكره ابن عباس أن يلقى تحت الميت شيء في قبره، رواه الترمذي.

وعن ابن موسى: لا يجعل بينه وبين الأرض شيء، وقد جعل في قبره عليه السلام قطيفة حمراء، قال: قال شقران: طرحت القطيفة تحت رسول الله عليه السلام في القبر، رواه الترمذي ولم يكن ذلك عن اتفاق، وقيل إنما جعلت القطيفة تحته عليه السلام لأن المدينة سبخة.

وقال في " المعارضة ": قد روي أن العباس وعليا تنازعوا في القطيفة فبسطها شقران تحته ليرفع الخلاف وينقطع التنازع في الميراث، قاله ابن أبي حنيفة، وقال عياض: كان عليه السلام يلبسها ويفرشها، فقال شقران: والله لا يلبسك أحد بعده أبدا فألقاها في القبر، ويسند

ص: 253

ويوجه إلى القبلة، بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحل العقدة لوقوع الأمن من الانتشار ويسوى اللبن على اللحد لأنه صلى الله عليه وسلم جعل على قبره اللبن

ــ

[البناية]

الميت بالتراب أو نحوه حتى لا ينقلب ويسوى اللبن على اللحد، أي يسند اللحد من جهة القبر ويقام اللبن فيه.

وفي " البدائع " ذكر شريح: وهو الإقامة، وفي " المفيد " وينصب سدا حاميا كيلا ينزل التراب على الميت، واستعمال اللبن فيه بإجماع، وقال ابن حبيب من المالكية أفضل ما يسند به اللبن ثم اللوح ثم القرامد ثم الآجر ثم الحجارة ثم القصب، وكل ذلك أفضل من التراب، والتراب أفضل من التابوت.

م: (ويوجه إلى القبلة) ش: أي ويوجه الميت واضعه إلى جهة القبلة م: (بذلك أمر رسول الله عليه السلام) ش: أي بتوجيه الميت إلى القبلة، أمر رسول الله عليه السلام وورود الأمر بذلك من رسول الله عليه السلام لم يثبت.

ولكن يستأنس له بحديث رواه أبو داود والنسائي عن عبد الحميد بن شيبان عن عبيد بن عمير بن قتادة الكتبي عن أبيه وكانت له صحبة «أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكبائر، قال: هي التسع، فذكرها [.....] البيت الحرام، ثم قال قبلتكم أحياء وأمواتا» وروى ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله عليه السلام أخذ من قبل القبلة وأسند به القبلة، وقد ذكرناه.

م: (وتحل العقدة) ش: أي ويحل واضع الميت في قبره العقدة التي كان عقدها عند التكفين خوفا من الانتشار م: (لوقوع الأمن من الانتشار) ش: بوضعه في القبر م: (ويسوى اللبن عليه، لأنه عليه السلام جعل على قبره اللبن) .

ش: هذا الحديث رواه ابن حبان في صحيحه عن جابر «أن النبي عليه السلام ألحد ونصبنا عليه اللبن نصبا ورفع قبره من الأرض نحو شبر» وأخرج أيضا عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي عليه السلام كفن في ثلاثة أثواب سحولية وألحد له ونصب عليه اللبن» . وأخرج الحاكم في " مستدركه «عن علي رضي الله عنه قال: غسلت النبي عليه السلام إلى أن قال: وألحد لرسول الله عيه السلام لحدا، ونصب عليه اللبن نصبا» وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه منه غير اللحد.

قلت: هو وهم منه، فقد أخرج مسلم نصب اللبن أيضا «عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال في مرضه الذي مات فيه: ألحدوا إلي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله عليه السلام» -: وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن الشعبي «أن النبي عليه السلام جعل على قبره طنا من قصب» .

ص: 254

ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد ولا يسجى قبر الرجل، لأن مبنى حالهن على الستر، ومبنى حال الرجال على الانكشاف، ويكره الآجر

ــ

[البناية]

م: (ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد) ش: أي يغطى قبر المرأة بثوب إلى أن يجعل اللبن على لحدها. يقال سجى يسجي تسجية، أي غطى تغطية، والمسجى المغطى، وثلاثيه سجى، يقال سجى الليل، إذا أظلم، قال الله تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 2][الضحى: 2] وذكر في تفسير النسفي إذا أقبل بظلامه، وعن الضحاك غطى كل شيء، وعن قتادة إذا سكن بالخلق واستقر ظلامه، وقال الجوهري: سجى يسجو سجوا سكن ودام، وقَوْله تَعَالَى:{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 2] إذا دام وسكن، ومنه البحر الساجي، وسجيت الميت تسجية إذا مددت عليه ثوبا.

م: (ولا يسجى قبر الرجل) ش: وبه قال مالك وأحمد، والمشهور من مذهب الشافعي أن يسجى قبر الرجل والمرأة آكد، وتعلق بحديث ضعيف، وهو ما رواه البيهقي من حديث ابن عباس قال:«جلل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر سعد بثوبه» ثم قال: لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي عيزار وهو ضعيف، وحكى الرافعي وجها في اختصاصه بالمرأة، واختاره أبو الفضل، وحكى ابن المنذر عن عبد الله بن زيد وشريح كراهة ذلك للرجل. وروى عن علي رضي الله عنه أنه أتاهم وقد دفنوا ميتا وبسطوا على قبره ثوبا فجذبه، وقال: إنما يصنع هذا بالنساء.

وشهد أنس بن مالك رضي الله عنه دفن أبي زيد الأنصاري فخمر القبر بثوب فقال عبد الله بن أنس: ارفعوا الثوب، إنما يخمر النساء وأنس شاهد على شفير القبر ولا ينكر، ولأن فيه تشبها بالنساء ولهذا لا تنعش جنازته، والمرأة عورة مستورة حتى زيد في كفنها والستر يليق بالنساء إلا لضرورة، وهي الحر الشديد والمطر والثلج على الداخلين في القبر، وقد أول بعضهم حديث سعد إنما سجي لأن كفنه لم يكن ستر بدنه فسجي حتى لا يقع اطلاع أحد على شيء من أعضائه وفيه تأمل.

م: (لأن مبنى حالهن) ش: أي حال النساء م: (على الستر) ش: لأنهن عورة مستورة م: (ومبنى حال الرجال على الانكشاف) ش: ولهذا إذا انشكف رأس الرجل وهو في الصلاة، أو ظهره، أو بطنه لا تبطل صلاته، بخلاف المرأة فكذلك اختصت المرأة بالنعش على جنازتها، وقد صح أن قبر فاطمة رضي الله عنها سجي بثوب ونعش على جنازتها وأوصت قبل موتها أن تستر جنازتها واتخذوا لها نعشا من جريد النخل فبقي سنة في حق النساء.

م: (ويكره الآجر) ش: بضم الجيم وتشديد الراء، قال الجوهري: الآجر الذي يبنى به فارسي معرب، ويقال أيضا آجور على فاعول.

ص: 255

والخشب، لأنهما لإحكام البناء، والقبر موضع البلى

ثم بالآجر أثر النار يكره تفاؤلا

ولا بأس بالقصب، وفي " الجامع الصغير " ويستحب اللبن والقصب.

ــ

[البناية]

قلت: الآجر هوالطوب المسوى بالنار، وقال له الغرسد بالدال المهملة، وقال الجوهري الغرسد الآجر، والجمع الغراسد م:(والخشب) ش: يعني كره الآجر والخشب واللحد.

م: (لأنهما) ش: أي لأن الآجر والخشب م: (لإحكام البناء والقبر موضع البلى) ش: بكسر الباء الموحدة من بلى الثوب يبلى بلى بالكسر، فإن فتحت الباء مددته.

وقال الأترازي: وعند الشافعي لا يكره الآجر، ولنا أن الآجر لإحكام البناء ويقصد به البقاء، والقبر ليس بموضع البقاء، وعند بعض مشايخنا إذا جعل الآجر خلف اللبن على اللحد لا بأس به.

وفي " المغني " ذكر الإمام أحمد الخشب، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يتسحبون اللبن ويكرهون الخشب ولا يستحبون الدفن في التابوت، لأنه لم ينقل عن النبي عليه السلام ولا عن أصحابه رضي الله عنهم.

م: (ثم بالآجر أثر النار فيكره تفاؤلا) ش: أي لأجل التفاؤل، وهذا إشارة إلى أن بعضهم قد فرق بين الآجر والخشب في التعليل، فكره الآجر لمناسبة النار دون الخشب لعدم الجامع فيه، ورده بعضه بأن مساس النار لا تصلح عليه الكراهة، فإن السنة أن يغسل الميت بالماء الحار وقد مسته النار، وأجيب عنه بجوابين، الأول: أن الماء الحار مست الحاجة إليه لزيادة النظافة، ولهذا استحب الإجمار بالنار عند غسل النجاسة إلى دفع الروائح الكريهة.

الثاني: أن المكروه إدخال ما مسته النار في القبر للتفاؤل بالنار، والقبر محل الجنة والعذاب بالنار وأول منزل من منازل الآخرة، ولهذا يكره الإجمار بالنار عند القبر واتباع الجنائز بها، وقال شمس الأئمة السرخسي: التعليل بإحكام البناء أوجب لأنه جمع في كتاب الصلاة بين استعمال الآجر [....] ولا يوجد معنى النار فيها، وقال التمرتاشي: هذا إذا كان حول الميت، فإن كان فوقه لا يكره لأنه يكون عصمة من السبع، وهذا كما اعتادوا التسنيم باللبن صيانة عن النبش ورأوا ذلك حسنا.

م: (ولا بأس بالقصب) ش: أي في اللحد، ويستحب اللبن والقصب في اللحد، وذلك لأن القصب لا يقصد به البقاء وهو سريع الذهاب.

م: (وفي " الجامع الصغير " ويستحب اللبن والقصب) ش: إنما صرح بلفظ " الجامع الصغير " لمخالفة روايته رواية القدوري لأن رواية القدوري لا تدل على الاستحباب، بل على نفي المدة لا غير، حيث قال ولا بأس بالقصب، ورواية " الجامع الصغير " تدل عليه، ولأن رواية القدوري لا

ص: 256