الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وليس في الفصلان والحملان، والعجاجيل صدقة
عن أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يكون معها كبار، وهذا آخر أقواله، وهو قول محمد رحمه الله وكان يقول: أو لا يجب فيها ما يجب في المسان، وهو قول زفر ومالك - رحمهما الله - ثم رجع وقال: فيها واحدة منها، وهو قول أبي يوسف رحمه الله والشافعي رحمه الله.
ــ
[البناية]
[فصل وليس في الفصلان والحملان والعجاجيل صدقة]
م: (فصل) ش: هاهنا فصل ينون وإذا وصل لا ينون.
م: (وليس في الفصلان والحملان والعجاجيل صدقة عند أبي حنيفة رضي الله عنه) ش: لما فرغ من بيان أحكام الكبار، شرع في بيان أحكام صغار الفصلان، بضم الفاء جمع فصل، وكذا الناقة: من فصل الرضيع عن أمه والحملان بضم الحاء وفي " مهذب الديوان ": بكسرها جمع الحمل بفتحتين. قال الجوهري في باب اللام: الحمل البرق، وقال في باب القاف: البرق الحمل فارسي معرب، وفي " المغرب " الحمل بفتحتين ولد الضأنة في السنة الأولى والجمع الحملان، والعجاجيل: جمع عجول بمعنى عجل، كأبابيل: جمع أبول، كذا حكي عن الكسائي، وفي " المغرب ": العجل من أولاد البقر حين تضعه أمه إلى شهر والجمع العجلة، وأما العجال في جمعه فلم أسمعه، والعجول مثله والعجاجيل الجمع، قوله: صدقة أي زكاة عند أبي حنيفة رضي الله عنه.
م: (وهذا آخر أقواله) ش: أي آخر أقوال أبي حنيفة رضي الله عنه م: (وهو قول محمد) ش: وبه قال الثوري والشعبي، وأبو سليمان، وداود رضي الله عنهم م:(وكان يقول أولا: يجب فيها ما يجب في المسان) ش: أي كان أبو حنيفة رضي الله عنه يقول في أول الأمر: يجب في الفصلان، والحملان، والعجاجيل ما يجب في المسان، وهو جمع مسنة وهي ذات السن من الجذع، والثنية م:(وهو قول زفر ومالك رضي الله عنهما) ش: وبه قال داود وأبو بكر من الحنابلة م: (ثم رجع، وقال: فيها واحدة منها) ش: أي، ثم رجع أبو حنيفة رضي الله عنه عن هذا القول وقال: تجب فيها واحدة منها وهذا قوله الثالث.
م: (وهو قول أبي يوسف والشافعي رضي الله عنهما) ش: في الجديد وبه قال الأوزاعي وإسحاق وذكر الطحاوي رحمه الله في اختلاف العلماء عن أبي يوسف، قال دخلت على أبي حنيفة رضي الله عنه.
فقلت: ما تقول فيمن ملك أربعين حملا؟ فقال: فيها شاة مسنة، فقلت: ربما تأتي قيمة الشاة على أكثرها أو جميعها؟ فتأمل ساعة ثم قال: لا ولكن تؤخذ واحدة منها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
فقلت: أَوَيُؤْخَذ الحمل في الزكاة؟ فتأمل ساعة، ثم قال: لا، إذا لا يجب فيها شيء وأخذ بقوله الأول زفر، وبقوله الثاني أبو يوسف، وبقوله الثالث محمد، وعد هذا من مناقبه حيث تكلم في مسألة في مجلس ثلاثة أقاويل فلم يضع شيئا من أقاويله كذا في " المبسوط "، وقال محمد بن شجاع: لو قال قولا رابعا لأخذت به، انتهى.
قلت: وجاء فيه قول رابع: وهو أن يأخذ المصدق مسنة ويرد على صاحب المال فضل ما بين المسنة والصغيرة التي هي في ماشيته وهو رواية عن الثوري رحمه الله ووجه للحنابلة وجاء فيه قول خامس، وهو ضعيف جدا لم ينقل عن غير الحنابلة أنه يجب في خمس وعشرين من الفصلان واحدة منها، وفي ست وثلاثين واحدة منها سنها كسن واحدة منها مرتين، وفي ست وأربعين منها واحدة مثل سن واحدة منها ثلاث مرات، وفي إحدى وستين واحدة مثل سنها أربع مرات.
والحاصل عند أبي حنيفة رضي الله عنه هنا ثلاث روايات كما ظهر من كلام الطحاوي، ومن المشايخ من رد هذا وقال: إن مثل هذا من الصبيان محال فما ظنك بأبي حنيفة رضي الله عنه؟ وقال بعضهم: لا معنى لرده فإنه مشهور مستفيض، لكن يجب أن يوجه على ما يليق بحال أبي حنيفة رضي الله عنه.
وقيل: إنه استجس أبا يوسف هل يهتدي إلى طريق المناظرة، فلما عرف أنه يهتدي إليه قال قولا يعول عليه، كذا في " الفوائد الظهيرية ".
وقال صاحب " التحفة ": تكلم الفقهاء في صورة المسألة فإنها مشكلة؛ لأن الزكاة لا تجب بدون مضي الحول، وبعد الحول لم يبق اسم الحملان والفصلان والعجاجيل.
وقال بعضهم: الخلاف في هذا؛ لأن الحول هل ينعقد على هذه أم لا؟ ويعتبر انعقاد الحول من حين الكبر.
وقال بعضهم: الخلاف فيمن كانت له أمهات فمضت ستة أشهر فولدت أولادا، ثم ماتت الأمهات وبقيت الأولاد، ثم تم الحول وهي صغار وعلى هذا إذا استفاد صغارا في وسط الحول، ثم هلكت المسنات، وفي " الجامع الصغير ": هلكت الأمهات بعد عشرة أشهر وبقيت الأولاد.
وقيل: كان له نصاب هو مسنات فاستفاد قبل حوله صغارا بشراء أو هبة أو نحوهما ثم هلك المسان وبقي المستفاد.
وجه قوله الأول أن الاسم المذكور في الخطاب ينتظم الصغار والكبار. ووجه الثاني: تحقيق النظر من الجانبين
كما يجب في المهازيل واحد منها، ووجه الأخير أن المقادير لا يدخلها القياس فإذا امتنع إيجاب ما ورد به الشرع امتنع أصلا،
وإذا كان فيها واحدة من المسان جعل الكل تبعا له في انعقادها نصابا دون تأدية الزكاة منها
ــ
[البناية]
م: (وجه قوله الأول: إن الاسم المذكور) ش: من اسم الشاة والإبل والبقر م: (في الخطاب) ش: يعني في النص في قوله: خذ من الإبل م: (ينتظم الصغار والكبار) ش: ولهذا لو حلف لا يأكل لحم الإبل فأكل فصيلا يحنث.
م: (ووجه الثاني) ش: أي في القول الثاني وهو قوله: فيها واحدة منها م: (تحقيق النظر من الجانبين) ش: أي من جانب الفقير والغني، وهذا لأن في إيجاب الكبير إضرارا بالغني، وفي عدم إيجاب شيء إضرار بالفقير فوجب واحدة من الصغار.
م: (كما يجب في المهازيل واحد منها) ش: المهازيل جمع: مهزول من الهزال وهو خلاف السمن، وجه التشبيه هو وجوب الواحد من نصاب الإبل أو البقر أو الغنم المهزولة تحقيقا للنظر من الجانبين، وفي " الأسرار " اختار قول أبي يوسف؛ لأنه أعدل فإنا رأينا النقصان بالهزال رد الوجوب الأصلي إلى واحد منها، ولم يبطل أصلا فكذلك النقصان بالسمن مع قيام الإسامة واسم الإبل، وفي " النهاية ": ونقصان الوصف لا يسقط الزكاة أصلا حتى إن في العجاف والمهازيل تجب الزكاة بحبسها فكذلك نقصان السن.
م: (ووجه الأخير) ش: أي القول الأخير، وفي بعض النسخ الآخر وهو قوله: ليس في الحملان والفصلان والعجاجيل دقة وقوله -ووجه الأخير- مبتدأ وقوله م: (أن المقادير لا يدخلها القياس) ش: خبره م: (فإذا امتنع إيجاب ما ورد به الشرع) ش: وهو بنت مخاض في خمس وعشرين من الإبل والثني من الغنم م: (امتنع أصلا) ش: أي امتنع الوجوب بالكلية؛ لأن أخذه من الصغار أخذ خيار المال وذلك لا يجوز.
م: (وإذا كان فيها) ش: أي في الصغار م: (واحدة من المسان جعل الكل تبعا له) ش: أي الكل من الصغار تبعا للواحد من المسان م: (في انعقادها نصابا) ش: أي في انعقاد الصغار يعني ينعقد النصاب بالصغار م: (دون تأدية الزكاة منها) ش: أي من الصغار، حتى إذا دفع واحدا منها لا يجوز بل يجب ما ورد به الشرع حتى لو هلك المسان بعد حولان الحول سقطت الزكاة عن الكل عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما هذا نتيجة كون الصغار تبعا لواحد من المسان.
صورته: رجل له تسعة وثلاثون حملا ومسنة واحدة، فإذا كانت المسنة وسطا أخذت، وإن كانت جيدة لم تؤخذ ويؤدي صاحب المال شاة وسطا، وإن كان دون الوسط لم تجب إلا هذه؛
لأن الواجب يتعلق بالمال وقد فات وعند أبي يوسف لا يجب في الباقي، ثم عند أبي يوسف رحمه الله لا يجب فيما دون الأربعين من الحملان وفيما دون الثلاثين من العجاجيل شيء، ويجب في خمس وعشرين من الفصلان واحد، ثم لا يجب شيء حتى تبلغ مبلغا لو كانت مسان يثنى الواجب، ثم لا يجب فيها شيء حتى تبلغ مبلغا لو كانت مسان، يثلث الواجب
ولا يجب فيما دون خمس وعشرين في رواية وعنه أنه يجب في الخمس
ــ
[البناية]
وإن هلكت الكبيرة بعد الحول بطل الواجب كله عند أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-. م: (لأن الواجب) ش: أي وجوب الزكاة م: (يتعلق بالمال وقد فات) ش: بالهلاك.
م: (وعند أبي يوسف لا يجب في الباقي) ش: في تسعة وثلاثين جزءا من أربعين جزءا من حمل؛ لأن الفصيل على الحمل إنما وجب باعتبار الكبيرة فبطل بهلاكها، وإذا هلكت الكل إلا الكبيرة فإن فيها جزءا من أربعين جزءا من شاة مسنة، لأن كل الواجب لم يكن فيها بل كان فيها وفي الصغار تبعا، فكانت الصغار كأنها كبار، فإذا هلكت الصغار بقيت الكبيرة بقسطها.
م: (ثم عند أبي يوسف رحمه الله لا يجب فيما دون الأربعين من الحملان وفيما دون الثلاثين من العجاجيل، ويجب في خمس وعشرين من الفصلان واحد) ش: اختلفت الرواية عن أبي يوسف رحمه الله في كيفية أداء الزكاة عن الفصلان، ففي رواية بشر بن إسماعيل، قال أبو يوسف رحمه الله: إذا بلغ الفصلان عددا وهو خمس وعشرون يجب فيها فصيل واحد منها م: (ثم لا يجب فيها شيء حتى تبلغ مبلغا لو كانت مسان يثنى الواجب) ش: يعني لا يجب شيء حتى تبلغ مبلغا لو كانت كبارا يثنى الواجب فيه وهو ستة وسبعون إذ فيها يجب بنتا لبون. م: (ثم لا يجب فيها شيء حتى تبلغ مبلغا لو كانت مسان يثلث الواجب) ش: أي ثم لا يجب شيء آخر حتى تبلغ مبلغا أي عددا وهو مائة وخمسة وأربعون لو كانت كبارا يثلث الواجب ويثلث على صيغة المجهول من التثليث.
ومعنى يثلث الواجب هو أن يجب فيها ثلاثة من الفصلان؛ لأنه مبلغ يثلث به الواجب من الكبار حيث تجب حقتان وبنت مخاض. وقد اعترض محمد على أبي يوسف رحمه الله فقال: إنما أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنس الإبل بصفة مخصوصة، وهي وجوب الزكاة من خمسة إلى خمسة وعشرين، ومن خمسة وعشرين إلى ستة وسبعين وما لا يجب في هذين الموضعين كذلك في غيره وجب من جهة أو الفرض يتغير بالسن والعدد في الإبل ولا سن في الفصلان فوجب اعتبار التغيير بالعدد.
م: (ولا يجب فيما دون خمسة وعشرين في رواية) ش: أي في رواية عن أبي يوسف رواها عنه الحسن بن مالك م: (وعنه) ش: أي وعن أبي يوسف رحمه الله في رواية رواها ابن شجاع عنه م: (أنه) ش: أي أن الشأن م: (يجب في الخمس) ش: بفتح الخاء يعني في خمس
خمس فصيل، وفي العشر خمسا فصيل على هذا الاعتبار، وعنه أنه ينظر إلى قيمة خمس فصيل وفي الخمس، وإلى قيمة شاة وسط فيجب أقلهما، وفي العشر إلى قيمة شاتين وإلى قيمة خمسي فصيل على هذا الاعتبار. قال: ومن وجب عليه مسن فلم توجد أخذ المصدق أعلى منها،
ورد الفضل أو أخذ دونها أو أخذ الفضل، وهذا
ــ
[البناية]
فصلان م: (خمس فصيل) ش: بضم الخاء م: (وفي العشر خمسا فصيل) ش: أي ويجب في العشرة من الفصلان خمسان من فصيل م: (على هذا الاعتبار) ش: يعني يجري على هذا القياس إلى خمس وعشرين فيجب فيها واحدة منها فكأنه اعتبر البعض بالكل.
م: (وعنه) ش: أي وعن أبي يوسف رحمه الله م: (أنه ينظر إلى قيمة خمس فصيل) ش: بضم الخاء م: (وفي الخمس) ش: بفتح الخاء أي في الخمسة من الفصلان ش: (وإلى قيمة شاة وسط فيجب أقلهما) ش: أي أقل القيمتين: قيمة خمس الفصيل، وقيمة الشاة، وذلك لأن الأقل متيقن.
م: (وفي العشر إلى قيمة شاتين وإلى قيمة خمسي فصيل) ش: أي ينظر في العشرة من الفصلان إلى القيمتين من قيمة شاتين وقيمة خمسين من الفصيل م: (على هذا الاعتبار) ش: أي يجري على هذا القياس فينظر، وفي خمسة عشرة إلى قيمة ثلاث شياه وقيمة ثلاث أخماس فصيل، وفي العشرين إلى قيمة أربع شياه وأربعة أخماس فصيل، وفي الخمس والعشرين تجب واحدة منها، ثم لا شيء حتى تبلغ عددا يثلث الواجب فيه في الكبار فيجب ثلاثة فصلان وقد مر بيان ذلك.
م: (قال: ومن وجب عليه مسن) ش: أي ذات سن على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أو سمي بها كما سمي المسنة من النوق بالتاء؛ لأن المسن مما استدل به على المسن من الدواب م:(فلم توجد أخذ المصدق) ش: بكسر الدال المشددة، وهو عامل الزكاة التي يستوفيها من أربابها، يقال: صدقهم يصدقهم فهو متصدق م: (أعلى منها) ش: أي أعلى من المسن.
م: (ورد الفضل) ش: أي فضل القيمة مثلا، إذا كانت قيمة المسن المتعينة للوجوب ثلاثين درهما، وقيمة الأعلى منها أربعون درهما، أخذ المصدق الأعلى، ويرد عشرة دراهم لصاحب المال م:(أو أخذ دونها) ش: أي دون المسن م: (أو أخذ الفضل) ش: مثلا، إذا كانت قيمة المسن ثلاثين، وقيمة الذي أخذه عشرون يأخذ من رب المال عشرة دراهم.
وقال أبو يوسف: إذا وجبت بنت مخاض، ولم توجد أخذ ابن لبون، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد رحمهم الله. وعندهما لا يجوز ذلك إلا بطريق القيمة.
م: (وهذا) ش: أي وهذا المذكور من أخذ الأعلى ورد الفضل أو أخذ الأدنى واسترداد