الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الزئبق الخمس في قول أبي حنيفة رحمه الله آخرا، وهو قول محمد رحمه الله خلافا لأبي يوسف ولا خمس في اللؤلؤ والعنبر عند أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-
ــ
[البناية]
ففيه الزكاة.»
وقال السغناقي: لا خمس في الحجر، والفيروزج حجر لأنه لا ينطبع ويجوز التيمم به إلا أن بعض الأحجار أضوأ من بعض، وذكر في " المبسوط ": لا زكاة في الحجر وهو معرب - بيروزة.
[حكم الزكاة في الزئبق ومقدارها]
م: (وفي الزئبق الخمس) ش: أي إن الزئبق يجب فيه الخمس وهو فارسي معرب وقد عرب بالهمزة وبفتح الباء الموحدة، ومنهم من يقول بكسر الباء بعد الهمزة م:(في قول أبي حنيفة آخرا وهو قول محمد رحمه الله خلافا لأبي يوسف) ش:.
كان أبو حنيفة يقول أولا: لا شيء فيه، وفي قوله الأول كان يقول أولا: لا شيء فيه وحكي عن أبي يوسف أن أبا حنيفة كان يقول أولا: لا شيء فيه، وكنت أقول: فيه الخمس فلم أزل أناظره وأقول يلزماه كالرصاص حتى قال: فيه الخمس، ثم رأيت أن لا شيء فيه ثم رأيت الحاصل أن على قول أبي حنيفة الآخر وهو قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد فيه الخمس، وعلى قول أبي يوسف الآخر وهو قول أبي حنيفة الأول لا شيء فيه لأنه ينبع من عينه ولا ينطبع بنفسه فهو كالقير والنفط.
وقال التمرتاشي: قال أبو يوسف: لا يخمس وهو معين بدليل أنه يستسقي بالدلاء فصار كالنفط، ولهما أنه جوهر أذابته حرارة الأرض ومعدنه فصار كما لو أذيب بالنار.
م: (ولا خمس في اللؤلؤ والعنبر عند أبي حنيفة ومحمد) ش: اللؤلؤ بهمزتين وبواوين واللام، والثانية بالواو والأولى بالهمزة، وبالعكس، قال: في اللؤلؤ أربع لغات قيل: لا يقال بتخفيف الهمزة لغة، واللؤلؤ مطر الربيع يقع في الصدف فيصير لؤلؤا، فعلى هذا أصله ماء ولا شيء في الماء.
وقيل: إن الصدف حيوان يخلق فيه اللؤلؤ والعنبر، قيل: إنه ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البر: هكذا رواه ابن رستم عن محمد، وقيل: إنه شجيرة تنكسر فيلقيها الموج إلى الساحل وليس في الأشجار شيء، وقيل: إنه خثي دابة، وليس في أخثاء الدواب شيء، ذكر ذلك كله في " المبسوط "، وقيل: يخرج من عين في البحر، وقيل: العنبر نبت يكون في قعر البحر فربما يبتلعه الحوت فإذا استقر في بطنه لفظه لمرارته وما لم يبتلعه الحوت فهو الجيد، وقيل: إنه زبد البحر، وقالوا: إن البحر إذا تلاطمت فيه الأمواج صار منها الزبد فلا يزال يضرب الريح بعضها على بعض حتى يمكث ما صفي في الزبد فينعقد عنبرا ثم يتجمد فيقذفه إلى الساحل ويذهب ما لا ينتفع به من الزبد جفاء، وإليه أشار الله تعالى في كتابه {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17]
وقال أبو يوسف رحمه الله فيهما وفي كل حلية تخرج من البحر خمس، لأن عمر رضي الله عنه أخذ الخمس من العنبر، ولهما أن قعر البحر لم يرد عليه القهر فلا يكون المأخوذ منه غنيمة، وإن كان المأخوذ ذهبا أو فضة. والمروي عن عمر رضي الله عنه فيما دسره البحر وبه نقول
ــ
[البناية]
(الرعد: الآية 17) ، ولا خمس في الماء والزبد منه.
م: (وقال أبو يوسف: فيهما) ش: أي يجب الخمس فيهما أي في اللؤلؤ والعنبر م: (وفي كل حلية) ش: أي يجب الخمس أيضا في كل حلية م: (تخرج من البحر خمس) ش: الحلية على وزن فعلة بالكسر وهي ما يزين به من الذهب والفضة وغيرهما، وفي " المبسوط " قال مشايخنا: لو وجد الذهب والفضة في قعر البحر لم يجب فيه شيء، لأن ما في البحر ليس في يد أحد قط لأن قعر البحر يمنع قهر غيره م:(لأن عمر رضي الله عنه أخذ الخمس من العنبر) ش: هذا غريب عن عمر بن الخطاب وإنما هو عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه رواه عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا معمر عن سماك بن الفضل أن عمر بن العزيز أخذ الخمس، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا وكيع عن سفيان عن ليث أن عمر بن عبد العزيز خمس العنبر.
فإن قلت: روى أبو عبيد في " كتاب الأموال " أخبرنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن رجاء بن روح عن رجل قد سماه عبد العزيز عن ابن عباس عن يعلى بن أمية قال: كتب إلي عمر رضي الله عنه أن آخذ من العنبر العشر.
قلت: قال أبو عبيدة: هذا إسناده ضعيف، وقول أبي يوسف هو قول الحسن البصري والزهري وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد م: (أن قعر البحر لم يرد عليه القهر) ش: يعني بالاستيلاء لعدم القدرة م: (فلا يكون المأخوذ منه غنيمة) ش: ولا شيء فيه م: (وإن كان المأخوذ ذهبا أو فضة) ش: واصل بما قبله.
م: (والمروي عن عمر رضي الله عنه) ش: هذا جواب عن استدلال أبي يوسف لقوله لأن عمر أخذ الخمس في العنبر وهو دون الذي روي عن عمر م: (فيما دسره البحر) ش: أي دفعه ورماه إلى البر م: (وبه نقول) ش: أي بوجوب الخمس في العنبر الذي دسره البحر نقول، فلم يبق حينئذ حجة لأبي يوسف في حديث عمر.
وقال السغناقي: لكن لا يتم دفع قول أبي يوسف بمطلق ما ذكر في " الكتاب " من دسر البحر الذي يجب فيه الخمس، فإن في حديث ابن عباس كان العنبر مما دسره البحر أيضا على ما ذكره في " المبسوط "، ونفى الخمس عنه فلا بد من زيادة القيد الذي يوجب الخمس ليفيد دخول دسر البحر في حديث عمر وهو أن يقال: والمروي عن عمر رضي الله عنه فيما دسره
متاع وجد ركازا
ــ
[البناية]
البحر الذي من دار الحرب فدخل الجيش دار الحرب فوجدوه على ساحل بحر دار الحرب فأخذوه فكان غنيمة فيجب الخمس.
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما ففيما دسره البحر الذي في دار الإسلام وأخذه واحد من الناس أو فيما دسره البحر الذي في دار الحرب ولكن أخذه واحد من المسلمين فلا خمس فيه لأنه بمنزلة المتلصص لا كالمجاهد، فليس فيما أخذ المتلصص خمس، انتهى.
قلت: هذا التطويل لا يفيد.
أما الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم يثبت كما ذكرنا، بل روي عنه خلافه كما مر.
وأما أثر ابن عباس رضي الله عنه فإن أبا عبيد روى عن ابن أبي مريم عن داود بن عبد الرحمن العطار سمعت عمرو بن دينار يحدث عن ابن عباس قال: ليس في العنبر خمس، وروى عنه خلافه، رواه عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن إبراهيم بن سعد -وكان عاملا بعدن - سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن العنبر فقال: إن كان فيه شيء فالخمس، واستدل الأترازي لأبي يوسف بقوله: ما روي أن يعلي بن أمية كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عنبرة وجدت على ساحل البحر فكتب إليه: ذلك سيب من سيب الله يؤتيه من يشاء، فيها وفيما دسره البحر الخمس، انتهى.
قلت: لم يبين من روى هذا من أهل الحديث وهل هو حديث صحيح أو ضعيف مع أن له دعوى عريضة في هذا الباب ولم يبن السبب ما هو ووضع نقطة واحدة بعد السين تحت الباء فيكون الناظر فيه أنه سبب بباءين موحدتين وليس هو إلا سيب بفتح السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة.
وقال الزمخشري رحمه الله: السيوب جمع سيب يريد به المال المدفون في الجاهلية أو المعدن، وقال ابن الأثير: السيوب في الأصل م: (الركاز) ش: وقيل: السيوب عروق من الذهب والفضة تسيب في المعدن أي يكون فيه ويظهر، انتهى.
قلت: ذكر الأترازي هذا الأثر حجة لأبي يوسف غير مناسب لأنه لا يطابق قول أبي يوسف في أخذ الخمس في العنبر على ما لا يخفى على المتأمل.
م: (متاع وجد ركازا) ش: متاع مبتدأ نكرة تخصص بالصفة، وقوله -ركازا- نصب على الحال أي وجد المتاع حال كونه ركازا لا حال كونه لقطة ولا حال كونه موضوعا في البيت وغيرهما من النقدين والاسم بمنزلة المصدر في باب الحال كما تقول: هذا بسرا أطيب منه رطبا،
فهو للذي وجده وفيه الخمس، معناه إذا وجد في أرض لا مالك لها لأنها غنيمة بمنزلة الذهب والفضة والله أعلم.
ــ
[البناية]
وأبهم الركاز ولم يفسره كما فسره فيما قبل.
وفسره الأترازي بقوله -متاع وجد ركازا- أي كنزا، يعني إذا وجد كنز متاع في أرض غير مملوكة يجب فيه الخمس، وقال تاج الشريعة: ألفاظ المشايخ في تفسير المتاع مختلفة لكن الصحيح أنه رحمه الله أراد كل ما يتمتع به ثيابا أو أثاثا أو طعاما أو آنية ذهبا أو فضة أو رصاصا أو حديدا. وقال السغناقي: المتاع ما يتمتع به في البيت من الرصاص ونحوه، وقيل: المراد به الثياب، قال: وتفسيرهم بالذهب والفضة مما لا يكاد يصح، لأنه يقع تكرارا محضا من غير فائدة في حق الذهب والفضة، وإن لفظ الكتاب وهو قوله- لأنه غنيمة بمنزلة الذهب والفضة يقتضي أن يكون المراد بالمتاع الذهب والفضة.
قلت: روي في " الإمام " عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الركاز الذهب الذي ينبت بالأرض» ، ورواه البيهقي في " المعرفة " وفيه أبو يعلى جبار بن علي العنزي، قال يحيى: صدوق وقال أبو زرعة: لين، ورواه البيهقي أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في الركاز الخمس" قيل: وما الركاز يا رسول الله؟ قال: "الذهب الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت» . وذكره في " الإمام " أيضا ولم يتكلم عليه فدل على صحته.
م: (فهو للذي وجده) ش: خبر المبتدأ م: (وفيه الخمس) ش: أي يجب فيه الخمس م: (معناه إذا وجد في أرض مالك لها) ش: قيد بقوله: لا مالك لها لأنه إذا كان لها مالك فالحكم فيه ما ذكر في الذهب والفضة م: (لأنها غنيمة بمنزلة الذهب والفضة) ش: يدل عليه حديث أبي هريرة المذكور آنفا.