الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
203 -
حكم الاكتفاء بخطبة واحدة يوم الجمعة
س: يقول: شخص يخطب الجمعة خطبة واحدة، هل يكون قد خالف السنة بذلك؟ (1)
ج: نعم، لا بد من خطبتين، من شرط صحة الجمعة خطبتان، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يخطب إلا خطبة لم تصح الجمعة، بل عليه أن يأتي بالخطبة الثانية ويعيد صلاة الجمعة.
(1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (423).
204 -
بيان بعض البدع التي تفعل قبل صلاة الجمعة
س: الأخ ص. ح. ج. ر. اليماني من الطائف، أخونا يقول في أحد أسئلته: لدينا عادات وتقاليد مخالفة لشريعتنا الإسلامية الغراء، ومن هذه العادات ما يلي: يجتمع الناس يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع وجماعي، ثم إنهم يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأولياء الله الصالحين بهذه الألفاظ: شيء لله يا رسول الله، شيء لله يا أولياء الله الصالحين، شيء لله يا رجال الله المؤمنين، أغيثونا، أعينونا، مدونا بالرعاية، وكأمثال هذه الألفاظ، ويرجو التوجيه، جزاكم الله خيرا (1)
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (151).
ج: أما الاجتماع على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي أو بصوت مرتفع فهذا بدعة، والمشروع للمسلمين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم من دون رفع الصوت المستغرب المستنكر، ومن دون أن يكون الذكر جماعيا، كل واحد يصلي بينه وبين نفسه، يقول: اللهم صل على رسول الله، اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، إلى آخره. يصلي بينه وبين نفسه؛ لأن يوم الجمعة يشرع فيها الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أمر بهذا عليه الصلاة والسلام قال:«إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي " قيل: يا رسول الله، تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يعني بليت قال: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (1)» فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم شرع لنا أن نكثر من الصلاة عليه والسلام في يوم الجمعة، فيشرع لنا أن نكثر من ذلك في المسجد وفي غيره، لكن كل واحد يصلي على النبي بينه وبين نفسه بالصلوات المشروعة المعروفة من دون أن يكون ذلك بصوت مرتفع يشوش على من حوله، أو بصوت جماعي يتكلم الجماعة جميعا، كل هذا بدعة، ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه، في مسجده وفي طريقه وفي بيته،
(1) أخرجه أبو داود في كتاب سجود القرآن باب في الاستغفار، برقم (1522).
وفي كل مكان، وهكذا في بقية الأوقات تشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم حتى في غير الجمعة، في بقية الأوقات، والله يقول سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (1) اللهم صل عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا (2)» فأنا وأنت والآخر والآخر، كل منا مشروع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء جميعا. لكن بالطريقة التي درج عليها المسلمون، ودرج عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، كل واحد يصلي على النبي بينه وبين نفسه من غير حاجة إلى أن يرفع صوته حتى يشغل من حوله، ومن غير حاجة إلى أن يكون معه جماعة بصوت جماعي. أما الاستغاثة بالأنبياء أو بأهل الخير أو بالأولياء، هذا من الشرك الأكبر. هذا أعظم وأطم، لا يجوز هذا، فلا يقول: يا رجال الغيب، أشيء لله؟ أو: يا أولياء الله، أشيء لله؟ أو: يا رسول الله، أشيء لله؟ أو: أغيثونا، أو: أعينونا، أو: انصرونا، كل هذا منكر وشرك أكبر بالله عز وجل، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)
(1) سورة الأحزاب الآية 56
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (408).
(3)
سورة المؤمنون الآية 117
سماه كفرا، وقال عز وجل:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (1){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (2) سماه الله شركا. فالواجب الحذر من هذا، والله يقول سبحانه:{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3) ويقول جل وعلا: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (4) فالله هو الذي يدعى سبحانه وتعالى، وهو الذي يسأل، وهو الذي يكشف الضر، وهو الذي يجلب النفع سبحانه وتعالى، فتقول: يا رب اشفني، يا رب أعني، يا رب اهدني سواء السبيل، يا رب أصلح قلبي وعملي، يا رب توفني مسلما. تدعو ربك، يقول سبحانه:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (5) ويقول سبحانه: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (6) ويقول جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (7) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء
(1) سورة فاطر الآية 13
(2)
سورة فاطر الآية 14
(3)
سورة الجن الآية 18
(4)
سورة غافر الآية 60
(5)
سورة غافر الآية 60
(6)
سورة النساء الآية 32
(7)
سورة البقرة الآية 186
هو العبادة (1)» والواجب على المسلمين رجالا ونساء الإكثار من الدعاء والحرص على دعاء الله جل وعلا. والضراعة إليه في جميع الحاجيات سبحانه وتعالى، أما دعاء الأنبياء أو الأولياء أو غيرهم من الناس عند قبورهم أو في أماكن بعيدة عنهم فكل هذا منكر. وكله شرك بالله عز وجل وكفر أكبر يجب الحذر منه، كهذا الذي ذكره السائل: يا عباد الله، يا أولياء الله، يا نبي الله، أعينونا، أغيثونا، انصرونا. هذا كله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2) ويقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3) ويقول جل وعلا يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (4) فالأمر عظيم، ويقول سبحانه:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5) فالواجب الحذر، الواجب على كل مسلم وكل من ينتسب للإسلام
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة - باب الدعاء، برقم (1479)، والترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المؤمن برقم (3247)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء برقم (3828).
(2)
سورة لقمان الآية 13
(3)
سورة الأنعام الآية 88
(4)
سورة الزمر الآية 65
(5)
سورة الأنعام الآية 88
وكل مكلف أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون ما سواه، يقول سبحانه:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1) ويقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2) فلا تسأل نبيا ولا وليا ولا شجرا ولا حجرا ولا صنما ولا غير ذلك، لا تسأله حاجة من نصر ولا شفاء مريض، ولا غير ذلك، بل اسأل الله سبحانه حاجتك كلها، هذا هو توحيد الله، وهذا هو الدين، وهذا هو الإسلام، بل توجه إلى الله بسؤالاتك وحاجاتك، وأن تعبده وحده بدعائك وصلاتك وصومك، وسائر عباداتك، أما المخلوق وإن كان عظيما كالأنبياء لا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به، ولا ينذر له، ولا يذبح له، فعلى المسلمين أن يفهموا هذا جيدا، على كل إنسان أن يفهم هذا جيدا، وأن يعلم أن هذا أمره عظيم، وأن أصل دين الإسلام وقاعدة دين الإسلام إخلاص العبادة لله وحده، وهذا هو معنى: لا إله إلا الله، فإن معناها: لا معبود بحق إلا الله، فسبحان الله، هو سبحانه الذي يدعى، يسأل كما قال عز وجل:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (3){إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (4) فالخطأ في هذا أمر عظيم جدا، لا يجوز التساهل به؛ لأنه شرك
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2)
سورة الفاتحة الآية 5
(3)
سورة البقرة الآية 163
(4)
سورة طه الآية 98