الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقلاً أن يحكم بالأخرى أخرى، كمن يجوز لمن استوى عنده جهتا القبلة أن يصلي (1) مرةً إلى جهةٍ وأخرى إلى أخرى، لكن قوله عليه السلام لأبي بكرة (2):"لا تقض في شيءٍ واحدٍ بحكمين مختلفين"(3) يمنع منه. وقول عمر في مسألة الحمَارية: (ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي)(4).
يجوز أن يكون قضى (5) أولاً بأمارة ظنها راجحةً ثم ظن رجحان الثانية.
"
المسألة الثانية
"
إذا نقل عن المجتهد قولان في كتابين. فإن علم التاريخ كان الثاني رجوعاً عن الأول ظاهراً، وإلَّا وجب نقل القولين دون الترجيح.
وإن كان في كتاب واحد في موضع واحدٍ فإن ذكر ما يدل على رجحان أحدهما كتفريعهً عليه أو قوله هذا أولىً أو أشبه فهو قوله، وإن أطلق فقيل: مقتضاه التخيير وهو باطل لما بيَّنا، ولأنه يكون له فيه قول واحد وهو التخيير. بل الحق أنه يدل على توقفه ولا قول للمتوقف.
وأكثر قول الشافعي من القسم الأول والثاني. قال الشيخ أبو حامد
(1) سقط من "أ" مرة.
(2)
في "أ" لأبي وفي (جـ، هـ" لأبي بكر. وفي (ب، د) ساتط وفي المحصول 3/ 111 لأبي بكر. وكله خطأ والصواب أبو بكرة لما هو ظاهر في تخريج الحديث، وهذا تصحيف تابع القاضي الأرموي فيه الإمام في المحصول كما حصل ذلك أيضاً في الحسين بن المنذر الذي نبهنا عليه في باب الأوامر.
(3)
وجدت الحديث عن عبد الرحمن بن حوشب قال: كتب أبو بكرة إلى ابنه وهو عامل على سجستان. أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقضيَن أحدٌ فى أمر قضاءين. رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات ورواه النسائي عن أبي بكرة بلفظ: (لا يقضيَن أحدٌ في قضاء بقضاءين ولا يقضين أحدٌ بين خصمين وهو غضبان). (الفتح الكبير 3/ 368، مجمع الزوائد 4/ 196).
(4)
روى الدارمي والدارقطني والبيهقي من حديث الحكم بن مسعود أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكم بحرمان الأخ من الأبوين في المشتركة، ثم شرَّك بعد ذلك وقال: ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي ولم ينقض قضاءه الأول (تلخيص الحبير 4/ 196).
(5)
سقط من "ب" قضى.
الاسفرائيني لم يصح عن الشافعي قولان على الوجه الثالث إلا في سبعَ عشرةَ مسألة، والأول يدل على رجحان علمه لدلالته على اشتغاله أبداً بالبحث والطلب. وعلى رجحان دينه لدلالته على طلب الحق والرجوع إليه وترك التعصب لمذهبه.
والقسم (1) الثالث: يحتمل أن يكون القولان لغيره وإنما ذكر (2) ليعرف الناظر أنه محل الاجتهاد، ويحتمل أن يكون مراده بالقولين احتمالهما كما يقال للخمر في الدن يسكر، وإنما يقول ذلك حيث ظهر بطلان غيرهما ولم يترجح أحدهما .. أو رأى المسألة واقعةً بين أصلين لم يترجح اشتباههما بأحدهما. وهذا يدل على غزارة فضله فإن من كان أدق نظراً وأكثر تحقيقاً كانت الإشكالات عنده أتم. إذ المصر على وجهٍ واحدٍ مدى عمره لا يكون إلا جامد الطبع قليل الفطنة وعلى كمال دينه، لأنه اعترف بالعجم حيث عجز ولم يشتغل بالترجيح والمداهنة.
"فرع"
إذا لم يعرف للمجتهد في المسألة قول وعرف قوله في نظيرها، فإن كان بينهما فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب لم يكن قوله فيها قوله في الأخرى، وإلا فالظاهر أن قوله فيها قوله في الأخرى.
(1) الثالث: هو نقل القولين بدون قيام بينةٍ على الترجيح.
(2)
في "ب"(نقل) بدل (ذكر).