الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
القسم الثاني من الخبر" ما يقطع بكذبه
أ - ما علم عدم المخبر عنه ضرورةً أو نظرًا ومنه قول من لم يكذب قط "أنا كاذب " إذ المخبر عنه بكذبه ليس هذا الخبر، وإلا تأخر الشيء عن نفسه رتبة (1). بل ما قبله وهو صادق فيه فكذب في هذا.
ولقائلٍ أن يقول (2): لِم لا يجوز اتحاد الخبر والمخبر عنه بكذبه، فإن قول منَ لم يتكلم في يومٍ قط "أنا كاذب" في هذا اليوم خبر اتحد مع المخبر عنه بكذبه. ثم الغرض يأتي في الصدق أيضًا.
نعم قوله: كل إخباراتي كاذبة كاذب، لأنه إن صدق خبرٌ منها كذب هذا وإلا كذب هذا أيضًا (3).
وإذا نقل عنه عليه السلام خبر علم أنَّه غير مطابق، فإن احتمل تأويلًا قريبًا حمل عليه، وإلَّا قطع بكذب النقل أو بأنه كان معه ما يصح به ولم ينقل.
ب - ما لم ينقل متواترًا مما لو وجد لتوفرت الدواعي على نقله متواترًا، لتعلق الدين به كأصول الشريعة، أو لغرابته كسقوط المؤذن من المنارة، أولهما
(1) سقط من (جـ، د)"رتبة".
(2)
خلاصة هذا الاعتراض من القاضي الأرموي رحمه الله لما ذكر الإمام الرازي في تعليل النوع الأول مما يقطع بكذبه من الأخبار، وهو كون المخبر عنه معدومًا، والذي مثل له بقول من لم يكذب قط (أنَّه كاذب) ووجه الاعتراض أنَّه يجوز اتحاد الخبر والمخبر عنه بكذبه قول من لم يتكلم في يومٍ قط (أنا كاذب في هذا اليوم).
(3)
في "أ" زيادة عن ساثر النسخ (ثم ما علم نفي المخبر عنه بكذبه).
كالمعجزات وجوزت الشيعة في مثله أن لا يظهر لخوف وتقية.
لنا: لو جاز هذا لجاز وجود بلدةٍ بين البصرة وبغداد أكبر منهما، ولم ينقل، وأن الواجب عشر صلوات والمنقول خمس. فإن قيل: العلم بعدم تلك البلدة إن توقف على تلك المقدمة (1) لم يكن ضروريًا. وإن لم يتوقف لم يلزم من عدم النقل العدم. ثم المثال لا يفيد الكلي والقياس عليه لا يفيد اليقين. ثم إنه منقوض بكيفية الإِقامة وهيئات الصلاة ومفردات المعجزات مع كونها أمورًا عظيمةً ظاهرة. ونقل القرآن لا يغني عن نقلها، لأن إعجازه نظري، فلا يقوم مقام الضروري، ولو جاز أن يكون اشتهاره لكونه دليلًا قاطعًا موجبًا، لفتور نقل غيره جاز أن يكون دلالة قوله تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} (2). الآية ودلالة خبر الغدير والمنزلة (3) على إمامة علي موجهة لفتور نقل النص الجلي على إمامته، ومنقوض بقصص الأنبياء والملوك المتقدمين.
والجواب عن:
أ (4): أنَّه متوقف عليها. فإن من سُئل عن كيفية علمه بها يقول: لو كانت لنقلت كبغداد. والمثال للتنبيه لا للاستدلال.
وعن النقض الإقامة وهيئات الصلاة. أنَّه لعله لاختلاف فعل المؤذن في التثنية والإفراد، واختلاف فعله عليه السلام في الجهر بالتسمية ورفع اليدين، أو لعلمهم بأن تركه لا يوجب كفرًا وبدعة تساهلوا في النقل واشتغالهم بالقتال أنساهم.
ب: وعن المعجزات: أنها ربما لم يشاهدها عدد التواتر، وقصص المتقدمين لا يتعلق بها فرض أصلي في الدين، بخلاف النص الجلي في إمامة علي رضي الله عنه.
(1) في " هـ " وإلا لم يكن.
(2)
[المائدة: 55].
(3)
تقدم تخريجها قبل ثلاث صفحات.
(4)
هذا الجواب عن قوله فإن قيل: العلم بعدم تلك البلدة ولا يوجد ترقيم.
جـ- ما نقل بعد استقرار الأخبار، ثم فتش فلم يوجد في صدور الرواة وكتبهم.
د- بعض ما روي عنه عليه السلام آحادًا يقطع بكذبه إذ روي أنَّه قال: (سيكذب عليَّ). فهذا إن كذب فذاك (1) وإلا فغيره. ولأنه روي عنه ما لا يصح ولا يقبل التأويل. وقال شعبة (2) نصف الحديث كذب.
(1) في (هـ، أ) فهذا كذب وإلا فغيره.
(2)
هو شعبة بن التوأم الضبي تابعي معروف، ولد في عهد عمر رضي الله عنه، وله رواية عن ابن عباس وروايته عن الرسول مرسلة (الإصابة 3/ 231).
" خاتمة"
سبب الكذب من السلف ليس تعمدهم له، لنزاهتهم عنه بل تبديل لفظ بآخر يعتقده في معناه، أو نسيان ما يصح به الخبر، أو اعتقاد السامع أن حديث المتكلم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أو ترك ذكر (1) سببٍ للحديث يوهم تركه للخطأ (2) كقوله عليه السلام:"التاجر فاجر"(3) قالت عائشة: قال عليه السلام في تاجر دلَّس أو اشتباه المحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمحدث عن غيره، وسببه (4) من الخلف تنفير العقلاء عنه عليه السلام، كما فعلت الملاحدة واعتقاد جواز الكذب لصلاح الأمة كمذهب الكرامية، من جواز وضع الأخبار على المذهب، إذ صح لترويج الحق واعتقاد أن كلام المتكلم كلام النبي عليه السلام (5). فإن الإمامية يسندون كل ما صح عندهم عن بعض أئمتهم إلى النبي عليه السلام (5).
قالوا: لأن جعفر بن محمد (6). قال: حديثي حديث أبي وحديث أبي
(1) سقط من (ب، جـ، د) ذكر.
(2)
سقط من (ب، د) للخطأ.
(3)
رواه الطبراني عن معاوية وأحمد والحاكم والبيهقي عن عبد الرحمن بن شبل، وصححه الترمذي وورد التجار يبثون يوم القيامة فجارًا. وقد ورد الاستثناء في بعض الروايات، إلا من اتقى الله وبر وصدق، وفي بعضها إلا من قال بيده هكذا وهكذا، كشف الخفا 1/ 218.
(4)
في "ب"(بسبب من الخلف) وفي "أ"(ومن سببه من الخلف).
(5)
سقط من "هـ " سطر من عليه السلام إلى عليه السلام.
(6)
هو جعفر بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين بن علي الإمام السادس من الأئمة الإثنا عشريَّة، ويلقب بجعفر الصادق، لأنه اشتهر بالصدق والعلم ولد بالمدينة سنة =
حديث جدي وحديث جدي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا حرج عليكم إذا سمعتم مني حديثًا أن تقولوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والترغيب كما وضعت في مبدأ دولة بني العباس أخبارٌ في النص على إمامة العباس (1) وولده.
واعلم أن الأصل عندنا في الصحابة العدالة. لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (2) وقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} (3) وقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} (4). وقوله عليه السلام: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"(5) وقوله عليه السلام: "لو أنفق غيرهم ملء الأرض ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نُصيفه"(6) وقوله عليه السلام: "خير الناس قرني"(7). وبالغ إبراهيم النظَّام في الطعن فيهم بتكذيب بعضهم بعضًا،
= ثمانين. أمه فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. انتهى اليه إجماع الإمامية ومن بعده افترقت فرقًا منها، الواقفيَّة الذين وقفوا عند الباقر. وقالوا: برجعته، ومنهم الجعفرية: الذين توقفوا عند جعفر الصادق ونسبوا اليه آراءً كثيرة هو منها براء. دخل جعفر العراق في خلافة أبي جعفر المنصور وأقام بها ولم يطالب بالحكم، وتوفي بالمدينة المنورة عام 148 المعجم الإسلامي لأحمد عطية الله 1/ 612.
(1)
هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا الفضل وأمه نتيلة بنت جناب بن كلب، ولد قبل رسول الله بعامين ضاع وهو صغير فنذرت أمه إن وجدته تكسي البيت، فوجدته فكسته بالحرير، كان له في الجاهلية السقاية والعمارة حضر بيعة العقبة مع الأنصار قبل أن يسلم، شهد بدرًا مع الكفار مكرهًا فوقع في الأسر فافتدى نفسه وافتدى ابن أخيه عقيل ثم أسلم وأخفى إسلامه، وكان يرسل للرسول بأخبار قريش، هاجر للمدينة قبل الفتح بقليل وشهد الفتح وثبت يوم حنين. مات بالمدينة في رجب أو في رمضان سنة اثنتين وثلاثين (انظر الإصابة 4/ 30، الاستيعاب 810).
(2)
[البقرة: 143].
(3)
[الفتح: 18].
(4)
[التوبة: 100].
(5)
تقدم تخريجه في صفحة (2/ 61) من هذا الكتاب.
(6)
تقدم تخريجه في صفحة (2/ 74) من هذا الكتاب.
(7)
رواه مسلم من طريق عائشة بلفظ: (خير الناس القرن الَّذي أنا فيه) وأخرجه أحمد والترمذي والبخاري وغيرهم بألفاظ مختلفة انظر (فيض القدير 3/ 478).
وقدح الخوارج فيهم بمثله، وبقبولهم (1) خبر الواحد على خلاف الكتاب، وعملهم (2) به وبأنهم لم يكتبوا ما سمعوا ولم يدرسوه. ثم أنهم نقلوه بعد تطاول الزمان ومثله يقطع بأنه ليس عين (3) ما سمع.
والجواب عن المطاعن، أنها مروية بالآحاد فلا تعارض الكتاب، وعن قبولهم خبر الواحد ما سبق من جواز تخصيص الكتاب به (4).
وعن الأخير: أن ظاهر حال الراوي يورث ظن أنَّه كلام الرسول والظن حجة.
(1) في جميع النسخ ما عدا" هـ " بقولهم.
(2)
في (ب، د) علمهم.
(3)
في "أ"(غير) بدل (عين).
(4)
سقط من "ب" به.