الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل الثالث" فيما يعرف به كون الوصف علة
قال نفاة القياس: تفسر العلة بالمؤثر أو الداعي أو المعرِّف أو برابع.
والأول: باطل، لأن الحكم خطاب الله القديم لما سبق، فلا يؤثر فيه الحادث، ولأن استحقاق العقاب وجودي ويعلل بترك الواجب وهو عدمي.
فإن قلتَ: لابد للقادر من فعل الشيء أو فعل ضده. قلتُ: نمنعه على رأي أبي الحسين وأبي هاشم ولو سلم، فالمستلزم للعقاب بالذات هو أن لا يفعل الواجب، إذ لو فرض دون فعل الضد استلزمه، وفعل الضد يستلزمه لاستلزامه إياه، ولأن العلل الشرعية تجتمع على معلول واحد كمن زنا وقتل وارتد، إذ الحكم واحد وهو وجوب القتل، ولو تعدد لم تكن إضافة البعض إلى البعض أولى من العكس فيعلل الكل بالكل، واجتماع المؤثرات على أثرٍ واحدٍ محال. ولأن وجوب القصاص يعلل بالقتل العمد العدوان، والعدوانية مفسرة بعدم الاستحقاق، فيكون العدم جزء علة الوجود، ولو جعل شرطًا للعلية دارت العلية معه. فإذا حدثت عند حدوثه افتقرت إلى سبب، ولا سبب سوى الشرط فيكون العدم سببًا للوجود. قال الغزالي (1): العلة مؤثرة بجعل الشارع وقد عرفت بطلانه (2).
(1) انظر المستصفى ص 434، وما نقله المصنف عن الغزالي فهو من شفاء الغليل كما قال الإِمام في المحصول.
(2)
ولمعرفة بطلانه نقول: إما أن يريد الغزالي أن الزنا موجب للرجم، بمعنى أن الشارع قال: مهما رأيتم إنسانًا زنا فاعلموا أنني أوجبت رجمه فهذا صحيح، ولكن هذا يرجع لكون الزنا =
والثاني (1): باطل إذ هو ما يصير القادر لأجله فاعلًا للفعل أو الترك، وهو في حق الله تعالى محال، إذ الفاعل لغرضٍ مستكمل به، إذ الغرض ما يكون حصوله له أولى، وتلك الأولوَّية متعلقة بفعل الغرض فأمكن زوالها وذلك نقض.
فإن قلتَ: هو أولى بالنسبة إلى العبد. قلتُ: فعله لغرض العبد أولى بالنسبة إليه (2) أولًا. ويعود الإشكال (3)، ولأن الغرض إما جلب نفع أو دفع ضررٍ أو ما يتوسل به إليهما، ومطلوبية الوسائل بالغرض والله تعالى قادر على تحصيلهما (4) ابتداءً بدون وساطة الأحكام، فلا تكون فاعليته لها لأجلهما. إذ يلزم من انتفاء العلة وما يقوم مقامها انتفاء المعلول.
والثالث: باطل إذ حكم الأصل يعرف بالنص، ثم تعرف علية الوصف بعده.
والرابع: لابد من بيانه.
والجواب: أنا نعني بها المعرف، والوصف إنما يعرف الحكم في الفرع دون الأصل.
إذا عرفت هذا فنقول ما يعرف (5) به عليَّة الوصف عشرة (6):
= معرفًا وهو غير ما نحن فيه، وإن أراد به بجعل الزنا مؤثرًا في هذا الحكم فهو باطل أَيضًا لوجهين:
أ- الحكم خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين، وهو كلامه القديم فكيف تكون الصفة المحدثة موجبة للشيء القديم، سواء أكانت هذه الموجبية بالذات أو بالجعل.
ب- إذا جعل الشارع الزنا علة، فلا بد أن يصدر عنه أمر وهو الحكم، فيكون حينئذٍ المؤثر الشارع وليس الوصف. وقد فرض أن المؤثر هو الوصف هذا خلف.
(1)
المراد بالثاني: الداعي.
(2)
في "أ" إذ لا يعود.
(3)
سقط من "أ" سطر من الإشكال إلى الوسائل.
(4)
في "أ" تحصيلها ولأجلها.
(5)
في (ب، جـ) ما يعرف علية وفي "هـ"(ما به تعرف علية) والكل صحيح.
(6)
ذكر القاضي الأرموي هنا ما يعرف به علية الوصف، أنها عشرة ولكن اضطربت النسخ في حصر العشرة، حيث أن بعضها جعلت السير والتقسيم اثنين لكي تكمل العشرة، ومن لم يعتبر =