الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقائل أن يقول على:
أ- لا نسلم أنه لا أولوية، إذ العلة التامة لعدم الشيء تنافي وجوده وبالعكس ولولا الأولوية، لامتنع حدوث العلة التامة لعدم ولا
لوجود (1).
ب- لا نسلم أنه مشروط به ولا يلزم من منافاة الشيء لغيره كون وجوده مشروطاً بزواله، كالعلة مع عدم المعلول.
ب- أن إثبات العدم ليس إعدام المعدوم، كما أن إثبات الوجود ليس إيجاد الموجود.
د- أن حدوث التعلق لا يوجب كون الباري محلاً للحوادث.
احتج من أثبته بوجهين:
أ- النسخ في اللغة الإزالة، وكذا في الشرع إذ الأصل عدم التغيير ولما سبق في نفي الألفاظ الشرعية.
ب- تعلق الخطاب بالفعل يمتنع أن يكون عدمه لذاته، وإلا لم يوجد بل لمزيل وهو الناسخ.
والجواب عن:
أ- أن الظني لا يعارض اليقيني.
ب- أنه تعلق به إلى ذلك الوقت فلا يفتقر عدمه بعده إلى معدم.
"
المسألة الثالثة
"
النسخ واقع ومنعه بعض اليهود (2) عقلاً وبعضهم سمعاً وأنكره بعض المسلمين أيضاً.
(1) سقط من "جـ" لا.
(2)
يقول سيف الدين الأمدي: إن اليهود افترقت إلى ثلاث فرق فالشمعونية منعوه عقلًا وسمعاً، والعناية منعوه سمعاً فقط. والعيسوية: قالوا بجوازه ووقوعه ولكن محمداً لم ينسخ شريعة موسى، بل بعث إلى بني إسماعيل دون بني إسرائيل.
احتج بعض المثبتين: بإجماع الأمة. وبأن نبوته عليه السلام لا تصح إلا مع النسخ وقد صحت. وبأنه جاء في التوراة أنه تعالى قال لنوح عند خروجه من الفلك: (إني قد جعلت كل دابةٍ مأكلاً لك ولذريتك وأطَّلقتُ ذلك لكم كنبات العشب ما خلا الدم فلا تأكلوه) ثم حرم كثيراً من الحيوان على موسى وبني إسرائيل. وكان آدم يزوج الأختَ من الأخ، ثم حرمه الله تعالى على موسى.
والأول ضعيف، إذ لا إجماع مع الخلاف، وكذلك الثاني لجواز تأقيت الشريعة المتقدمة إلى وقت ورود المتأخرة، وذلك لا يكون نسخاً، كما أن إباحة الإفطار بالليل لا يكون نسخاً لإيجاب الصوم إلى الليل، وهذا ما عوَّل عليه من أنكر النسخ من المسلمين إذ قال: ثبت في القرآن أن موسى وعيسى بشرا بشرع محمدٍ عليه السلام، وأوجبا الرجوع إليه عند ظهوره وكذا يقول
في الإلزامين.
والمعتمد قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (1). ووجه الاستدلال: أن صحة التمسك بالقرآن إن توقفت على صحة النسخ وقد صح لصحة نبوته عليه السلام فيصح النسخ، وإن لم يتوقف تمسكنا بالآية المذكورة.
ولقائلٍ أن يقول (2): ملزومية الشيء لغيره لا تقتضي وقوعه ولا صحة وقوعه.
احتج منكروه عقلاً: بأن الفعل إن كان حسناً قبح النهي عنه، وإن كان قبيحاً قبح الأمر به.
(1)[البقرة: 106].
(2)
خلاصة اعتراض القاضي الأرموي على احتجاج الإمام الرازي بالآية. أن الآية لا دليل فيها، وذلك لأنها شرطية. وصدقها لا يتوقف على صدق الطرفين لجواز اللزوم بين المحالين، وذلك بأن يكون الشرط والجزاء محالين. ثم رد الأسنوي هذا الاعتراض بأنه قد يقال: إن سبب نزول الآية يدل على الوقوع، فإن الزمخشري قد نقل في كشافه، أن الكفار طعنوا فقالوا: إن محمداً يأمر بالشيء ثم ينهى عنه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(انظر نهاية السول 2/ 168).
ومنكروه شرعاً بوجهين:
أ- ثبت بالتواتر قول موسى عليه السلام: (تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض).
ب- نص الشارع على شرع موسى فإن لم ينص على دوامه استحال نسخه، لأن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، وإن نص عليه، ولم ينص على أنه ينسخه امتنع نسخه، وإلا لزم التلبيس وأن لا يعرف دوام شرعنا وأن لا يوثق بوعده ووعيده، ولا يمكن معرفته بالإجماع، لأنه فرع الآية والخبر وعدم الوثوق بهما حينئذٍ ولا بالمتواتر، لأنه لم (1) ينقل بالتواتر إلا اللفظ فلعل المراد غير ظاهره. وإن نص أيضاً على أنه ينسخه لزم الجمع بين كلامين متناقضين، وأن ينقلا بالتواتر وإلا لجاز مثله في شرعنا، ولأنهما من الوقائع العظيمة، وحيئنذٍ يمتنع إنكار الجمع العظيم للنسخ.
والجواب عن:
أ (2) - أن الفعل قد يكون مصلحةً في وقت الأمر، ومفسدةً في وقت النهي.
ب (3) - منع التواتر فإنه لم يبق (4) من اليهود عدد التواتر في زمان بختنصر (5) وأيضا لفظ التأبيد جاء في التوراة للمبالغة في العبد أنه يستخدم ست سنين ثم يعتق في السابعة. فإن أبى العتق فإنه تثقب أذنه ويستخدم
(1) في "هـ""لا" بدل "لم".
(2)
هذا الجواب عن دليل من أنكر النسخ عقلاً.
(3)
هذا الجواب عن الدليل الأول من أدلة من أنكر النسخ شرعاً.
(4)
سقط من "د"(يبقى).
(5)
بختنصر: الاسم الذي أطلقه مؤرخو العرب على الملك (نابور سانزار الثاني) ملك بابل تولى الملك عام 605 قبل الميلاد اشتهر بحروب الإبادة التي شنها على اليهود الإسرائيليين فاستولى على أورشليمٍ بيت المقدس عام 597 قبل الميلاد أسر ملك يهود وأخذه معه إلى بابل، ووضع عليهم حاكما ولما حاول اليهود الثورة عليه عاد بختنصر مرة أخرى إلى فلسطين، وخرَّب بيت
المقدس وهدم معابد اليهود ونهب كنوزهم وسبى نساءهم وأخذ الآلاف منهم أسرى إلى بابل، وشتت من بقي منهم على وجه الأرض، وبختنصر ملك عظيم بلغت بابل في عهده أوجها.
ويقول اليهود: إن بختنصر جُنَّ في آخر حياته وهام على وجهه يأكل الحشائش، ثم شفي وعاد إلى ملكه عام 562 قبل الميلاد. (انظر القاموس الإسلامي 1/ 282).