الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل الثالث " في شرط العمل به وهو إما في المخبر أو المخبر عنه أو الخبر
" الأول " في المخبر
ويجب ترجح صدقه على كذبه، وذلك لاجتماع أمور خمسة:
الأول: الضبط: فالمختل والمجنون والصبي غير المميز لا يضبط (1)، فلو قدر العاقل على ضبط القصير (2) دون الطويل قبل منه ما يقدر على ضبطه.
الثاني: التكليف: فلا يقبل رواية الصبي المميز كالفاسق، وبل أولى إذ الفاسق يخاف الله تعالى، ولأن الظن لا يحصل بقوله فلم يجز العمل به كالخبر في الأمور الدنيويَّة. ولأنه يعلم أنَّه غير مكلف فلا يحترز عن الكذب، وإنما يعتمد على قوله في (3) كونه متطهرًا حتَّى يجوز الاقتداء به، لأنه لا تتوقف صحة صلاة المأموم على صحة صلاة الإِمام.
نعم، لو تحمل وهو صبي ثم روى وهو بالغ قبلت لوجوه:
(1) في "ب، د" لا يقدر على الضبط.
(2)
أي ضبط الحديث القصير دون الحديث الطويل.
(3)
في "أ" سقط (على وسقط في).
أ- قبلت الصحابة رواية ابن عباس (1) وابن الزبير (2) ونعمان بن البشير (3)، ولم يفرقوا بين ما تحملوه قبل البلوغ أو بعده.
ب- أجمع الكل على إحضار الصبيان مجالس الرواة.
جـ- روايته في الكبر تدل على ضبطه في الصغر.
د- القياس على الشهادة.
الثالث: الإسلام: فلا تقبل رواية كافرٍ ليس من أهل القبلة وفاقًا. ومن هو من أهلها كالمجسم إذا كفرناه إذا كان مذهبه جواز الكذب لم تقبل روايته، وإلا قبلت وهو مذهب أبي الحسين البصري خلافًا للقاضيين أبي بكرٍ وعبد الجبار.
لنا: أن اعتقاده بحرمة الكذب يزجره عنه فيحصل ظن صدقه.
واحتج أبو الحسين بأن كثيرًا من المحدثين قبلوا خبر الحسن وقتادة (4) وعمرو (5) بن عبيد مع علمهم بمذهبهم وتكفير الصائر إليه.
(1) ورد في "أ" ابن مسعود وهذا خطأ حيث أنَّه رضي الله عنه من كبار الصحابة، انظر ترجمته ص (2/ 38) من هذا الكتاب.
(2)
هو عبد الله بن الزبير بن العوام، ويكنى أبا بكر وأبا خبيب أمه أسماء بنت أبي بكر وجدته لأبيه صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو أول مولودٍ ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين حنكه رسول الله وسماه، وكناه بأبي بكر (انظر أسد الغابة 3/ 164).
(3)
هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري من بني كعب بن الحارث، من الخزرج وأمه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة، ولد قبل وفاة الرسول بثمان سنين، وهو أول مولود للأنصار بعد الهجرة صحح بعضهم سماعه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمَّره معاوية على الكوفة ثم على حمص، وبقي أميرًا ليزيد ثم دعا لابن الزبير فأخرجوه أهلها وقتلوه، روى عنه من التابعين ابنه محمد وسماك بن حرب والشعبي وحميد بن عبد الرحمن بن عوف (الاستيعاب 1496، الإصابه 6/ 240).
(4)
هو قتادة بن دعامة السدوسي حافظ ثقة ثبت لكنه مدلس رمي بالقدر ومع هذا احتج به أصحاب الصحاح، لا سيما إذا قال حدثنا. ولد أكمه ولزم ابن المسيِّب. توفي سنة 117 هـ عن خمس وخمسين عامًا انظر تهذيب التهذيب 8/ 356، وميزان الاعتدال 3/ 385.
(5)
في (ب، جـ، د) عمرو بن عنيبة.
عمرو بن عبيد بن باب التميمي بالولاء أبو عثمان البصري، ولد سنة ثمانين للهجرة، كان شيخ المعتزلة في عصره وفقيهها وأحد الزهاد المشهورين، قال المنصور العباسي كلكم طالب =
احتجوا:
أ- بقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (1).
ب- القياس على من ليس من أهل القبلة بجامع المنع من تنفيذ قول الكافر على المسلم ومن إكرام المستحق للإذلال (2)، وجهله بكفره لا يعذره لأنه ضمَّ جهلًا إلى كفرٍ.
والجواب عن:
أ- أن الفاسق في عرف الشرع هو المسلم المقدم على الكبيرة.
ب- أن ذلك الكفر أغلظ. والشرع فرق بينهما في أمور كثيرة.
الرابع (3): رجحان الذكر على السهو والنسيان إذ العدالة لا تمنع الكذب سهوًا أو نسيانًا.
الخامس: العدالة: (وهي هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة). فكل ما لا يؤمن معه الجرأة على الكذب من كبيرة أو صغيرة كسرقة باقة بقل أو مباح، يقدح في المروءة كالأكل في الطريق ترد به الرواية وما لا فلا. فالمقدم على فسق يعلم كونه فسقًا لا تقبل روايته وفاقًا، ومن لا يعلم كونه فسقًا قبلت روايته إن كان كونه فسقًا مظنونًا. قال الشافعي: أقبل شهادة الحنفي وأحده إذا شرب النبيذ، وكذا إن كان مقطوعًا (4) به خلافًا للقاضي أبي
= صيدٍ غير عمرو بن عبيد. جده من سبي فارس وأبوه نساجًا ثم شرطيًا للحجاج، له كتب منها الرد على القدرية، توفي قرب مكة ورثاه أبو جعفر المنصور ولم يسمع بخليفة رثى من دونه سواه وفي العلماء من يراه مبتدعًا، قال ابن معين كان من الدهريَّة الذين يقولون: إنما الناس مثل الزرع.
له ترجمة في (الأعلام 5/ 252، الروض الأنف 3/ 191، وفيات الأعيان 1/ 384، أخبار أصفهان 2/ 33، البداية والنهاية 10/ 78، ميزان الاعتدال 2/ 294، الحور العين، آمالي المرتضى 1/ 117، المسعودي 2/ 192).
(1)
[الحجرات: 6].
(2)
في (ب، جـ، د) للإهانة.
(3)
سقط من "ب" كل الرابع وسقط من "د" لا تمنع الكذب سهوًا أو نسيانًا.
(4)
سقط من " أ، هـ" به.
بكر. قال الشافعي: أقبل شهادة (1) أهل الأهواء إلَّا الخطابية (2) من الرافضة، لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم.
لنا: أن المقتضي لصدقه موجود والمعارض معدوم.
احتج: بأن منصب الرواية لا يليق بالفاسق، وجهله بفسقه ضمُّ جهلٍ إلى فسقٍ فهو أولى بالمنع.
والجواب: أن العلم بكونه فسقًا يدل على اجترائه على المعصية، والمخالف الَّذي لا نكفره إن ظهر عناده لم تقبل روايته، إذ العناد كذب مع العلم بكونه كذبًا.
ولا تقبل رواية المجهول خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه.
لنا وجوه (3):
أ - أن النافي للعمل بخبر الواحد موجود لقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (4) ولأن عدم الفسق شرط للقبول بالآية. والجهل بالشرط يوجب الجهل بالمشروط ترك العمل به في ظاهر العدالة، إذ الظن ثَمَّ (5) أقوى.
ب- القياس على اشتراط ظن (6) عدم الصبي والرق والكفر وكونه محدودًا في القذف في الشهادة، بجامع دفع المفسدة المحتملة.
(1) في " أ، هـ"(رواية) بدل (شهادة).
(2)
هم أصحاب أبي الخطاب الأسدي الأجدع مولى بني أسد، اعتقدوا نبوة أبي الخطاب وسائر الأئمة، ثم اعتقدوا بأنهم آلهة ومن صفاتهم أنهم يستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم، وقالوا: الجنَّة نعيم الدنيا والنَّار آلامها. تعريفات الجرجاني 89، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 179، الفرق بين الفرق 150، الحور العين 166.
(3)
سقط من جميع النسخ ما عدا "جـ" وجوه أ.
(4)
[النجم: 28].
(5)
في (ب، د)(به) بدل (ثم).
(6)
سقط من (ب، جـ، د) ظن.
جـ- رد عمر خبر فاطمة بنت قيس وقال: (كيف نقبل خبر امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت)(1)؟.
ورد على قول الأشجعي في المفوضة (2). وكان يحلف الراوي ولم ينكر أحد عليهما فكان إجماعًا.
احتجوا بوجوه (3):
أ- القياس على قبول قول المسلم في ذكاة اللحم وطهارة الماء ورق الجارية المبيعة وعدم كونها مزوجة ومعتدة، وكونه متوضئًا إذا أمَّ وإخباره للأعمى عن القبلة.
ب- قبلت الصحابة قول العبيد والنسوان بمجرد علمهم بإسلامهم.
جـ- قبل عليه السلام شهادة الأعرابي على رؤية الهلال مع أنَّه لم يظهر منه إلَّا الإِسلام (4).
د- آية التبين (5): إذ المعلق بالشرط عدم عند عدمه.
والجواب عن:
أ - أن منصب الرواية أعلى، فإن ألغوا هذا الفرق بإيماء قوله عليه السلام:
(1) تقدم تخريج الحديث في صفحة (1/ 392) من هذا الكتاب.
(2)
تقدم تخريج الحديث في صفحة (2/ 122) من هذا الكتاب.
(3)
هذه حجج من قال بحجية خبر مجهول الحال، وهم أبو حنيفة وأصحابه.
(4)
رواه أصحاب السنن الأربعة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في المستدرك وقال على شرط مسلم. ولفظه: عن ابن عباس رضي الله عنهما: (جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال. فقال: أتشهد أن لا إله إلَّا الله؟ قال: نعم. قال: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم. قال: يا بلال أذِّن في الناس فليصوموا). (انظر نصب الراية 2/ 443)
(5)
في جميع النسخ آية التثبت وهي قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} .
(نحن نحكم بالظاهر)(1). قلنا: ترك العمل (2) به في الحرية والإِسلام فكذا ههنا.
ب، جـ- منع عدم علمهم بغير الإِسلام.
د - أنَّه لما وجب التوقف عند الفسق وجب معرفته ليعرف وجوب التوقف.
(تذنيب: في أحكام الجرح والتعديل)
أ - الأظهر أنَّه يشترط العدد في الجارح والمزكي للشهادة دون الرواية، إذ شرط الشيء لا يزيد عليه، فالإحصان يثبت (3) بقول اثنين دون الزنا، وقال بعض المحدثين يشترط فيهما. وقال القاضي: لا يشترط فيهما وكذا القول في الحرية والذكورة.
ب - قال الشافعي: يجب ذكر سبب الجرح لاختلاف المذاهب فيه دون التعديل وقيل بالعكس. إذ مطلق الجرح يبطل الثقة ومطلق التعديل لا يحصلها وقيل يجب (4) فيهما. وقال القاضي أبو بكر لا يجب فيهما، لأنه لا معنى لسؤال البصير بهذا الشأن وغير البصير لا يصلح للتزكية (5).
والحق أنَّه لا يجب فيهما إن علم كونه (6) عالمًا بأسباب الجرح والتعديل، وإلا وجب فيهما.
جـ-الجرح يقدم على التعديل، لاطلاع الجارح على زيادة لم ينفها المعدل، فلو نفاها بطلت عدالته إذ النفي لا يعلم. نعم: لو جرح بقتل مسلم فقال: رأيته حيًا تعارضا.
(1) قال الشوكاني حديث نحن نحكم بالظاهر يحتج به أهل الأصول ولا أصل له. أقول ورد بمعناه أحاديث ذكرتها بإطناب في حاشية صفحة (1/ 282) من هذا الكتاب. منها قوله عليه السلام لأسامة (أشققت عن قلبه) إنكارًا لاعتذاره عن قتل من قال لا إله إلَّا الله (الفوائد المجموعة ص 200).
(2)
في جميع النسخ ما عدا "هـ"(العلم) بدل (العمل).
(3)
سقط من "هـ" يثبت.
(4)
سقط من (ب، د) يجب فيهما وقال القاضي أبو بكر.
(5)
سقط من "أ" للتزكية.
(6)
كونه عالمًا موجود في هامش "هـ" فقط وهو ضروري لصحة العبارة.
وقيل: إذا زاد عدد (1) المعدل قُدَّم وهو ضعيف، إذ سبب تقديم الجرح لا ينتفي بكثرة العدد.
د- الحكم بشهادته تعديل، واختلفوا في الرواية عنه، والحق أنها تعديل إن عرف من عادته أو صريح قوله: إنه لا يروى إلَّا عن عدل وإلا فلا، إذ كثير منهم يروي عمن لو سئل عنه لسكت، وليس يوجب العمل على غيره بل ينقل ويكل البحث عن العدالة إلى من يريد القبول. والعمل بالخبر تعديل والعمل على وفقه احتياطًا أو لأمرٍ آخر (2) لا. وترك الحكم بشهادته ليس بجرح، إذ يشترط في الشهادة ما لا يشترط في الرواية.
خاتمة: مهما علم أنَّه قرأه على شيخه أو حدثه به جاز له روايته والأخذ به تَذَكَّر ألفاظ (3) قراءته ووقته أو (4) لا.
وإن لم يعلم ذلك ولا يظنه فلا. وإن ظنه بناء على خطه جاز عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد خلافًا لأبي حنيفة لإجماع الصحابة إذ كانت تعتمد على كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن لم تعلم رواية راوٍ لها، ولأن الظن حاصل فوجب العمل به.
احتج بأنه لا يؤمن كذبه. وجوابه: أن الظن كافٍ.
واعلم أن من الناس من اعتبر في قبول الرواية أمورًا لا تعتبر.
أ - قال الجبائي لا يقبل خبر الواحد ما لم يعضده ظاهر أو عمل به بعض الصحابة أو اجتهاد أو انتشار، ويقبل خبر الإثنين وعن القاضي عبد الجبار أنَّه لا يقبل في الزنا إِلَّا خبر أربعة.
لنا: إجماع الصحابة: عمل أبو بكر على خبر بلال (5)، وعمر
(1) سقط من "هـ" عدد.
(2)
سقط "لا" من "أ".
(3)
في "ب، د"(ألفاظه) بدل (ألفاظ قراءته).
(4)
سقط من "هـ" ووقته.
(5)
في "أ، ب"(رفاعة) بدل (بلال).
وعلي (1) على خبر حمل بن مالك (2) وخبر عبد الرحمن بن عوف (3).
وعلي على خبر المقداد (4) والصحابة على خبر أبي سعيد في الربا؟ (5)، وعلى خبر رافع بن خديج في المخابرة (6)، وخبر عائشة في التقاء الختانين (7)، وكان علي يقبل خبر أبي بكر رضي الله عنهما. وتركوا اجتهادهم لهذه الأخبار، وأما ردهم خبر الواحد كما تقدم فمحمول على التهمة.
ب- المعقول المتقدم.
احتجوا (8) بوجوه:
أ - رد عليه السلام خبر ذي اليدين (9) حتَّى شهد له أبو بكر وعمر.
ب- القياس على الشهادة.
ب- قوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (10) ترك في الإِثنين لزيادة الظن.
والجواب عن:
أ - أنَّه كان في محفلٍ عظيم، فانفراده (11) أوجب تهمته.
ب- الفرق (12) والنقض.
(1) سقط من (جـ، هـ) على.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة (2/ 121) من هذا الكتاب.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة (1/ 391) من هذا الكتاب.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة (2/ 122) من هذا الكتاب.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة (2/ 122) من هذا الكتاب.
(6)
تقدم تخريجه في صفحة (2/ 123) من هذا الكتاب.
(7)
تقدم تخريجه في صفحة (1/ 438) من هذا الكتاب.
(8)
هذه حجة من قال بأن خبر الواحد لا يقبل إلَّا إذا عضده ظاهر أو عمل به.
(9)
تقدم تحقيق الخبر وترجمة ذي اليدين قبل ثلاث عشرة صفحة من هذا الكتاب.
(10)
[النجم: 28].
(11)
في (ب، د) عدم اطراده. وفي "جـ" فعدم اشتهاره وفي الهامش فانفراده.
(12)
أما الفرق بين الشهادة والرواية أن الشهادة آكد. وأما النقض هو اعتبار الحرية وعدم القرابة والعداوة في الشهادة دون الرواية.
جـ- أنا لما علمنا أنَّه تعالى أمرنا بالتمسك بخبر الواحد، كان التمسك معلومًا.
ب (1) - زعم (2) أكثر الحنفية أن راوي الأصل إذا لم يقبل الحديث قدح في رواية الفرع والمختار أن الفرع إن جزم بالرواية فإن جزم الأصل بعدمها لم يُقبل وإلَّا قُبل. وإن قال الفرع أظن الرواية فإن عارضه جزم الأصل أو ظنه بعدمها لم يقبل وإلا قبل.
احتجوا: بما (3) مضى بجوابه.
جـ- قال أبو حنيفة: لا تقبل رواية غير الفقيه فيما يخالف القياس.
لنا: آية التبين (4): وقوله عليه السلام: "نضَّر الله امرءًا سمع مقالتي إلى قوله: فرب حامل فقهٍ ليس بفقيه"(5). والمعقول المتقدم.
احتجوا (6) بوجوه:
أ- ما مضى بجوابه (7).
ب- الأصل صدق الخبر وعدم وروده على خلاف القياس، فإذا تعارضا تساقطا.
جـ (8) - غير الفقيه لا يفرق بين لام الاستغراق والعهد.
(1) هذا هو الأمر الثاني من الأمور التي لا تعتبر في قبول الرواية.
(2)
في "أ"(علم) بدل (زعم).
(3)
وذلك بأن الآيات الدالة على العمل بالظن موجودة، وما خرج من هذا العموم بعدم العمل في بعضها بالظن بقي الباقي على أصله وهو العمل بالظن، والجواب كما تقدم أننا لا نقول: إنه يجب أن يكون العمل بالمقطوع، بل يجوز أن يكون بالمظنون.
(4)
هي قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} .
(5)
رواه الترمذي وصححه. وقال ابن حجر رواه أحمد وأبو داود وابن حيان وابن أبي حاتم والخطيب وأبي نُعيم والطيالسي، وقال سنده حسن انظر فيض القدير 6/ 284، وانظر هامش صفحة (2/ 51) من هذا الكتاب.
(6)
في "جـ" احتج.
(7)
يقصد بما مضى وجوابه: هو أن الدليل يمنع العمل بالظن وعورض بما إذا كان الراوي فقيهًا.
وأما إذا لم يكن فقيهًا يبقى على الأصل وهو عدم العمل بخبره.
(8)
في "ب" لا يوجد "جـ".
والجواب: أن في التعارض تسليم صحة الخبر، وذلك الفرق لا يتوقف على الفقه، بل على مجرد الفطنة (1) على أنَّه منقوضٌ بخبر التواتر.
د- المتساهل في غير حديث الرسول المحتاط جدًا في حديثه تقبل روايته على الأظهر.
هـ- تقبل رواية من لم يعلم معنى الخبر إذ الحجة في لفظه، ولا تعتبر الحرية والذكورة والبصر وفاقًا.
ولا تقبل رواية من أكثر الرواية مع قلة مخالطة المحدثين إذا لم يمكن تحصيل ذلك القدر في ذلك الزمان، وتقبل رواية من لم يعرف نسبه ومن له إسمان بأحدهما أشهر، وإن تساويا وهو بأحدهما مجروح وبالآخر معدل فلا.
(1) في "أ"(لفظه) بدل (الفطنة).