الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسارى بدر: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (1) وقوله عليه الصلاة والسلام: "لو نزل عذاب من الله لما نجا إلَّا عمر بن الخطاب"(2) وهذا يدل على خطئه في أخذ الفداء، وقوله عليه الصلاة والسلام:"إنكم لتختصمون لديَّ"(3) الحديث. وهذا يدل على جواز قضائه لأحد بغير حقه. وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} (4). ولأنه يجوز
غلطه في فعله فكذا في قوله كغيره (5)، والجواب مذكور في كتاب عصمة الأنبياء (6) عليهم السلام.
"
المسألة الثانية
"
يجوز الاجتهاد في زمان الرسول عليه السلام عند غيبته، والأكثرون على وقوعه لحديث معاذ (7)، ويجوز بحضرته عقلًا إذ لا امتناع في نزول الوحي في أنَّه مأمور بالاجتهاد والعمل على وفق ظنه.
ومنهم من منعه إذ الاجتهاد لا يؤمن فيه الغلط وسلوك الطريق المخوف
(1)[الأنفال: 68].
(2)
أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما. قال اختلف الناس في أسارى بدرٍ فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقال أبو بكر: فادهم. وقال عمر: اقتلهم. قال قائل أرادوا قتل رسول الله وهدم الإسلام ويأمر أبو بكر بالفداء. وقال قائل: لو كان بينهم أبو عمر أو أخوه ما أمر بقتلهم. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أبي بكر ففاداهم فنزل قوله تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فقال عليه السلام: إن كاد لَيَمَسُّنَّا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم ولو نزل العذاب ما أفلت إلَّا عمر (الدر المنثور 3/ 202).
(3)
جزء من حديث متفق عليه أوله: "إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إليَّ ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فاقض له على نحو ما أسمع"(مشكاة المصابيح 2/ 342).
(4)
[الكهف: 110].
(5)
كتاب عصمة الأنبياء للإمام فخر الدين الرازي، صاحب المحصول وهو جزء من كتاب الأربعين، مطبوع.
(6)
سقط من "أ" كغيره.
(7)
حديث معاذ تقدم تخريجه في صفحة (1/ 395) من هذا الكتاب.
مع القدرة على الأمن قبح عقلًا. وجوابه أن الشرع لما أمره بالاجتهاد والعمل بظنه (1) أمن الغلط.
ومنع أبو علي وأبو هاشم وقوعه شرعًا. وجوزه بعضهم بشرط الإِذن وتوقف الأكثرون فيه.
احتجا: بأنهم لو اجتهدوا في عصره لنقل كاجتهادهم بعده، ولأنهم كانوا يفزعون في الحوادث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون الاجتهاد.
واحتج المجوزون بأنه عليه السلام حَكَّمَ سعد بن معاذ (2) في بني قريظة. وأمر عمرو بن العاص وعقبة (3) بن عامر الجهني أن يحكما بين خصمين، ولأنه عليه السلام كان مأمورًا بالمشاورة (4). ولا فائدة لها إلَّا الأخذ باجتهادهم.
(1) في "ب، د"(به) لدل (بظنه).
(2)
هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس سيد الأوس، ويكنى أبا عمرو وأمه كبشة بنت رافع لها صحبة، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يد مصعب بن عمير، وهو القائل لما أسلم:(يا بني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتَّى تسلموا) فأسلموا. شهد بدرًا فأحدًا والخندق رُمي يوم الخندق بسهم قطع أكحله فنزف دمه، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يضرب له خيمة في مسجده حتَّى يعوده عن قرب. وقد دعا لما أصيب أن لا يميته الله حتَّى يقر عينه ببني قريظة. وبنو قريظة هم طائفة من يهود نقضت العهد في غزوة الأحزاب، وكانوا حلفاء الأوس في الجاهلية ثم نزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم بقتل رجالهم وسبي ذراريهم والنساء فقال له صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعةِ أرقعة. ومناقب سعد في السنة كثيرة منها (اهتز عرش الرحمن لموت سعد) قال ابن عبد البر ورد هذا الحديث من وجوه كثيرة عن جماعة من الصحابة، وورد أن الملائكة ودعت جنازته وكانت وفاته بعد شهر من غزوة الخندق، (الإصابة 3/ 83، الاستيعاب 604).
(3)
هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو الجهني الصحابي، روى عن النبي كثيرًا وروى عنه الكثير من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس وأبو أمامة وأبو أدريس الخولاني وخلق من أهل مصر.
كان قارئًا عالمًا بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعرًا كاتبًا، وهو أحد جمعة القرآن كان عقبة البريد لعمر في فتح دمشق، وشهد صفين مع معاوية وأمره بعد ذلك على مصر، وجمع له معاوية في إمرته بين الصلاة والخراج ومات في خلافة معاوية على الأصح (الاستيعاب 1073، الإصابة 4/ 251).
(4)
لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} .