الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
المسألة الأولى
"
الأصل في المنافع الإذن لوجوه:
أ- قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (1) واللام للاختصاص بجهة الانتفاع. وقال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (2).
وقال عليه الصلاة والسلام: "النظرة الأولى لك والثانية عليك"(3). وقال عليه الصلاة والسلام: "له غنمه وعليه (4) غرمه"(5). ويقال هذا الكلام لك وهذا عليك.
فإن قيل: إنه مستعمل في غير الاختصاص النافع. قال الله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (6) وقال تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} (7) ولأن النحاة قالوا: إنَّه للتمليك ثم إنَّه لا يعم كل نفع (8)، فيحمل على الانتفاع بالاستدلال به على الصانع، وإن عم فإنما يعمُ النفع بالخلق (9) لأنه دخل
(1)[البقرة: 29].
(2)
[البقرة: 286].
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والبيهقي في سننه عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تتبع النظر النظرة فإن الأولى لك وليس لك الأخرى". (فتح القدير للشوكاني 4/ 25).
(4)
سقط من "د" غرمه.
(5)
جزء من حديث رواه الشافعي مرسلًا ورواه ابن ماجة عن أبي هريرة وأوله: لا يغلق الرهن الرهن- انظر مشكاة المصابيح 2/ 105، والفتح الكبير 3/ 366.
(6)
[الإسراء: 7].
(7)
[البقرة: 284].
(8)
في "د"(يقع) بدل (نفع).
(9)
في "د" بالحق.
عليه، ثم إنّه قابل الجمع بالجمع فيقتضي مقابلة الفرد بالفرد، ثم إنَّ "في" للظرفية فيختص بالمعادن والركاز، وإن عمَّ ما على الأرض لكنه يتناوله حال الخلق ولا يمكن استصحاب الاختصاص لأنه عرض فلا يبقى. ثم أنه خطاب مشافهة فاختص بالحاضرين. ثم أنه معارض بقوله تعالى:{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} .
والجواب (1) عن:
أ- أنا لو جعلناه حقيقة في الاختصاص (2) النافع أمكن جعله مجازاً في الاختصاص ولا ينعكس فهو أولى.
ب- أنهم (3) أرادوا بالملك الاختصاص النافع كقولهم: الجل للفرس.
جـ- أن ذلك يحصل بالاستدلال بنفسه، فالحمل على غيره أولى.
د- أن الخلق هو المخلوق لقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} (4). على أنه لا نفع (5) للمخلوق في صفة الله.
هـ- أنه كقولهم: الدار لزيد وعمرو، وذلك (6) لا يقتضي اختصاص كل واحدٍ بجزءٍ معيَّن.
و- أنه يتناول ما على الأرض لقوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (7).
ز- أن الإباحة حكم الله تعالى وأنه واجب الدوام.
ح- أنه عليه الصلاة والسلام حاكم بما حكم الله به وقال عليه السلام:
(1) هذه الأجوبة عن الاعتراضات الواردة عليه الدليل الأول من أدلة من قال: إن الأصل في المنافع الإذن والاعتراضات لم ترد مرقمة، بل وردت قبل صفحة مبدوءة بقوله فإن قيل إنّه مستعمل في غير الاختصاص.
(2)
سقط من "د" من الاختصاص إلى الاختصاص.
(3)
أي النحاة أرادوا بقولهم: إن السلام للملك أنها للاختصاص، وإلَاّ نقض قولهم بقولهم الجل للفرس.
(4)
[لقمان: 11].
(5)
في "ب، د" لا يقع بدل (لا نفع).
(6)
سقط من "جـ" وذلك لا يقتضي اختصاص كل واحد بجزء معيَّن.
(7)
[البقرة: 30].
"حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"(1).
ب- قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} (2) أنكر حرمة زينة الله فوجب أن لا تكون حراماً (3)، ويلزم من انتفائها ثبوت الِإباحة.
جـ - قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (4).
د- أنه انتفاع لا ضرر فيه على المالك قطعاً لأنه هو الله تعالى، إذ ملك العبد لم يكن فيبقى على العلم. ولا على المنتفع ظاهراً فيباح (5) كالاستضاءة بسراج الغير والاستظلال بحائط خرج عنه المنهيات، لاشتمالها على ضرر المنتفع ظاهراً أما عندنا فمن العقاب وأما عندهم فمن نفس الفعل.
فإن قيل: منع المالك من الاستضاءة قبحٌ ولا يقبح منع الله تعالى (6). قلنا: إنما يجب المساواة بين الأصل والفرع من الوجه
المقصود.
هـ- الله تعالى خلق الأعيان لمصلحة لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا (7) السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} (8). ولأن العبث لا يليق بالحكيم، وتلك المصلحة يعود نفعها إلى العبد المحتاج لاستحالة عودها إلى الله تعالى. وإذا كان المقصود نفع المحتاج، فلو منع إنما يمنع لاستلزامه ضرر محتاج آخر حالاً أو مالا وأنه خلاف الأصل.
(1) تقدم تخريج الحديث في صفحة (1/ 363) من هذا الكتاب.
(2)
[الأعراف: 32].
(3)
سقط من "ب، د، هـ"(حراماً) ووجودها هو الصواب لموافقة المحصول 2/ 3/ 139.
(4)
[المائدة: 5].
(5)
سقط من "أ" فيباح.
(6)
يوجد في "جـ" بعد تعالى (من شيء) وفي "د" ولا يقبحُ من الله شيء.
(7)
في جميع النسخ والمحصول ما عدا "أ"(السموات) بدل (السماء) والسماء هو الصحيح.
(8)
[الأنبياء: 16].