الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونقصَ عنه. ولا يبطل أيضاً بالعلم باستيلاء بعض المذاهب والملل على بعض البلاد، لأن ذلك بخبر التواتر في أكثر أهل تلك البلاد، بناء على رؤية شعار الإسلام أو التبصر (1) في المحال وغيرها. أما في الكل فممتنع، والِإنصاف أنه لا يعلم حصول الِإجماع إلا في زمان الصحابة، حيث كانوا قليلين يمكن معرفتهم مفصلاً.
"
المسألة الثانية
"
إجماع المسلمين حجة، خلافاً للنظام والشيعة (2) والخوارج.
لنا وجوه (3):
أ- قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} (4) الآية. جمع بين مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد. ولا يجوز (5) الجمع بين المحرم وغيره وما يختاره الِإنسان لنفسه قولًا وعملًا يسمى سبيلا له فحمل (6) عليه. وإذا حَرُمَ غير سبيل المؤمنين وجب اتباع سبيلهم.
= رفض أن يتبرأ من الشيخين. فقال لهم: كانا وزيري جدي ثم أصبح هذا اللقب لكل من غلا في هذا المذهب، وهم فرق متعددة. انظر تلبيس إبليس 97، مقالات الإسلاميين 15، الحور العين 184، مرآة الجنان 1/ 257، الفرق الإسلامية للبشبيشي 27.
(1)
في "هـ" التنصر.
(2)
يوجد تفصيل في مذاهبهم ذكره الأسنوي رحمه الله فقال: الشيعة تقول بالإجماع ولكن ليس لكونه إجماعا، بل لاشتماله على قول الإمام المعصوم والذي لا يخلو زمان عنه، وهم يقولون أيضاً: إن قوله بانفراده حجة.
وقالت الخوارج: إن إجماع الصحابة حجة قبل حدوث الفرقة وأما بعدها فقالوا: الحجة في إجماع طائفتهم لا غير، لأن العبرة بقول المؤمنين ولا مؤمن عندهم إلا من كان على مذهبهم.
وأما النظام. فقد نقل الأمدي عنه أن الإجماع عنده (هو كل قول يحتج به) واضطربت الروايات عنه في الحجية فنقل عنه، أنه يسلم في إمكان الإجماع، ويخالف في حجيته كما في التحصيل تبعا للمحصول، ونقل عنه أنه يقول باستحالته، وعزا الأسنوي هذا القول لمختصر ابن الحاجب وابن برهان في الأوسط (نهاية السول 2/ 281).
(3)
في "ب" لوجوه.
(4)
[النساء: 115].
(5)
سقط من "ب" سطر من قوله: (ولا يجوز إلى وإذا حرم).
(6)
في "أ"(يحمل) بدل (فحمل).
فإن قيل: حرمة اتباع غير سبيلهم مشروطة بالمشاقة، ولم يلزم منه وجوب اتباع سبيلهم عند المشاقة. إذ عدم الاتباع واسطة بينهما. وإن لزم ذلك فليس بممتنع إذ ليست مشاقة الرسول الكفر به، لأنها مشتقة من كون أحد الخصميْن (1) في شقٍ والآخر في آخر ويكفي فيه أصل المخالفة. وإن سلمنا فالكفر المنافي للعلم بالإجماع هو الجهل بصدقه دون ما عداه، وإن سلمنا فالتكليف بالمحال واقع.
ثم نقول حرمته مشروطة بتبين الهدى، لأن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه واللام للاستغراق. ودليل أهل الإجماع هدى. فسقط اعتبار الإجماع.
ثم لفظ الغير والسبيل مفرد فلا يعم ولئن عمَّ ولم يُفِد. اذ حرمة الكل لا تستلزم حرمة البعض. ونحن نُحرِّم اتباع بعض ما يُغايِر بعض سبيلهم وهو ما صاروا به غير (2) مؤمنين، وهو الكفر ويدل عليه فهمنا (3) من قوله: لا تتبع غير سبيل الصالحين ما صاروا به صالحين ونزول الآية في رجل ارتد.
ثم السبيل: ما يُمشى فيه وهو غير مراد وليس بعض المجازات أولى.
كيف؟ ولا مناسبة بين الحقيقة والإجماع وبينهما وبين دليل أهل الإجماع مشابهة الإفضاء (4) إلى المطلوب فحمله عليه أولى. سلمنا حرمة اتباع غير سبيلهم فلم (5) يجب اتباع سبيلهم اذ لفظ غير للصفة في الأصل. وإن استعمل للاستثناء فعدم الاتباع إذاً واسطة بين الاتباعين. وليس ترك اتباع سبيلهم اتباعاً لغير سبيلهم اذ الاتباع فعل مثل فعل الغير، لأن ذلك الغير فعله. سلمنا وجوب اتباعهم لكن لا في كل أمرٍ وإلا لزم وجوب الفعل، وعدم وجوبه فيما فعلوه معتقدين إباحته وجواز الاجتهاد وعدم جَوازه، حيث
(1) في (ب، جـ، هـ)(الشخصين) بدل (الخصمين).
(2)
سقط من (أ، جـ)"غير".
(3)
في "هـ" بعد فهمنا زيادة وهي "أنا فهمنا".
(4)
في "أ، هـ" الاتصال.
(5)
في "أ"(ما لم) بدل (فلم).
أجمعوا بعد الخلاف ولا يشرط في الِإجماع الأول عدم الإجماع بعده، وإلَاّ لشرط في الإجماع الثاني والثالث ولزم أيضا وجوب إثبات الحكم بدليل أهل الإجماع وعدم وجوبه، ونحن نوجب اتباعهم في البعض وهو الِإيمان ويتأكد بأنه يفهم من سبيل الصالحين الصلاح. كيف؟ والإيمان حاصل في الحال والإجماع يحصل بعد وفاته عليه السلام، والحمل على الحاصل أولى وبأن يفهم من قول السلطان: من يشاقق وزيري ويتبع غير سبيل فلان يريد به المتظاهر بطاعة الوزير عاقبته. سبيله في طاعة الوزير. ثم المراد كل المؤمنين وهم الموجودون إلى قيام الساعة وأهل العصر بعضهم. ولو قيل: المؤمن هو المصدق وهو الموجود، ولزم أن لا يكون إجماع أهل العصر الأول حجة في الثاني، إذ ليسوا مؤمنين فيه وأن تختص الآية بالموجودين وقت نزولها. لكن إنما يفيد الإجماع بعد وفاته عليه السلام، وقد مات بعضهم قبله، سلمنا أن المراد مؤمنو كل عصر لكن لا كلهم لخروج العوام والأطفال والمجانين، بل بعضهم وهو الإمام المعصوم.
ثم الإيمان أمر باطن فلا يمكن معرفة المؤمنين (1) فكيف يجب اتباعهم؟. ولا يحمل المؤمن على المصدق باللسان كما في قوله تعالى: {حَتَّى يُؤْمِنَّ} لأنه مجاز ليس الحمل عليه أولى من حمل السبيل على ما من شأنه أن يكون سبيل المؤمنين، ثم دلالة الآية (2) ظنية والمسألة علمية وفاقاً. والعجب أن الفقهاء أثبتوا الإجماع بالعمومات ولم يكفروا ولم يفسقوا منكر مدلول العموم، لتأويل ثم كفروا وفسقوا منكر الحكم المجمع (3) عليه.
ثم ما ذكرتم معارض بما في الكتاب من منع الأمة (4) عن القول والفعل الباطلين (5) بقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (6) {وَلَا تَأْكُلُوا
(1) في"ب"(المؤمن) بدل (المؤمنين).
(2)
وهي: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} .
(3)
في "أ" لجمع.
(4)
في "هـ" الأئمة وفي (أ) الآية.
(5)
في (أ، ب، جـ) الباطل.
(6)
[الأعراف: 33].
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (1). والنهي عن الممتنع ممتنع. وبما في السنة من حديث معاذ (2) حيث ترك الإجماع مع الحاجة. ومن قوله عليه السلام: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس"(3) وقوله عليه السلام: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"(4) وقوله عليه السلام: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقَ عالم اتخذ الناس رؤساءَ جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"(5)
وقوله عليه- السلام: "تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنها أول ما ينسى"(6).
وقوله عليه السلام: "من أشراط الساعة أن يرتفع العلم ويكثر الجهل"(7). فإنها تدل على خلو الزمان عمن يقوم بالواجبات.
وبوجهين من المعقول:
أ- أنه يجوز الخطأ على كل واحدٍ فكذا على الكل فإن كلَّ واحدٍ من الزنج لما كان أسوداً كان الكل كذلك.
(1)[البقرة: 188].
(2)
تقدم الكلام عليه في صفحة (1/ 395) من هذا الكتاب.
(3)
رواه مسلم وأحمد عن ابن مسعود. انظر فيض القدير 6/ 417، والفتح الكببر 3/ 334، وفي (ب، د، هـ)(أمتي) بدل (الناس).
(4)
متفق عليه. ورواه عن جرير أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة. وعن ابن عمر أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة. وعن أبي بكرة. البخاري والنسائي وعن ابن عباس البخاري والترمذي وفيه زْيادة عن ابن عمر عند النسائي (ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه)(انظر فيض القدير 6/ 394).
(5)
متفق عليه ورواه أحمد في مسنده والترمذي في سننه وابن ماجة عن ابن عمرو.
انظر هداية الباري 9/ 158، والفتح الكبير 1/ 350.
(6)
رواه أحمد والترمذي والنسائي وصححه الحاكم من حديث ابن مسعود والطبراني في الأوسط والدارقطني والدارمي وغيرهم بألفاظ متقاربة، وجميع طرقه لا تخلو من مطعن وظاهر كلام ابن حجر أنه يصل لدرجة الحسن، حيث قال رجاله موثوقون وقال ليس على شرط البخاري. انظر فتح الباري 12/ 14، كشف الخفا 1/ 308.
(7)
لم أجده بهذا اللفظ ويوجد أحاديث بمعناه كثيرة وبألفاظ مختلفة منها ما رواه أحمد والبخاري وابن ماجة عن أبي هريرة بلفظ: لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج (وهو القتل)، الفتح الكبير 3/ 336.
ب- إن الإجماع لا لدلالة وأمارة خطأ بالإجماع. وامتنع أن يكون لدلالة، وإلا لوجب اشتهارها لكونها واقعة عظيمة وأن (1) يكون لإمارة لإمتناع اتفاق الخلق العظيم لما يختلف مقتضاه.
والجواب عن:
أ (2) - أن المعلق بالشرط إن لم يكن عدماً عند عدمه، حصل الغرض وإن كان لم يكن حرمة اتباع غير سبيل المؤمنين مشروطة بمشاقة الرسول لئلا يجوز اتباع كل ما هو غير سبيل المؤمنين عند عدم المشاقة.
ولقائل أن يقول: لا يلزم حصول الغرض من القسم الأول لجواز أن (3) يكون المعلق بالشرط عدماً عند عدمه، ويكون حرمة اتباع غير سبيل المؤمنين عدماً عند عدم مشاقة الرسول.
وإن ردد (4) في عدم هذه الحرمة عند عدم المشاقة لم يلزم جواز مخالفة الإجماع في جميع الصور عند عدم المشاقة، وإن كانت الحرمة عدماً عنده، إذ انتفاء حرمة كل اتباع لغير سبيل المؤمنين، لا يوجب جواز كل اتباع لغير سبيلهم.
ثم إثبات القسم الثاني من الترديد الأول يحصل (5) غرضه. وأيضاً لم يرد المعترض بذلك تعليق الحرمة بالمشاقة، بل ترتيب الوعيد علي المشاقة والإتباع المذكورين مجموعاً، ولا يلزم منه ترتبه على كل واحدٍ (6) منهما منفرداً وما ذكره ليس جواباً عنه.
(1) في "د" وأن لا يكون.
(2)
لا يوجد ترقيم للأدلة التي هذه أجوبتها. وهي أجوبة عن ما أورده الخصم على حجية الإجماع والتي بدأت قبل خمس صفحات بقوله: فإن قيل وكلها حول ما ورد على قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} .
(3)
في "هـ"(أن لا يكون).
(4)
في "أ"(ورد) بدل (ردد).
(5)
في "جـ، د"(لا يحصل).
(6)
في "ب"(حال) بدل (واحد).
ب- لا نسلم اقتضاء العطف الاشتراك في الاشتراط. سلمنا لكن المشروط في المشاقة دلائل التوحيد والنبوة كيف؟ وخروج الآية مخرج مدح المؤمنين ينفي ما ذكرتم، إذ لا منقبة لليهود والنصارى في الأخذ بما عرف كونه هدى (1) من أقاويلهم، على أن المتمسك بالدليل لا يكون متبعاً. اذ لا نعد متبعين لأحد في اثبات الصانع ونبوة الرسول.
- أنه يفهم من قوله من دخل غير داري ضربته العموم، ولأن الحمل على العموم أكثر فائدةً لما في الحمل على واحدٍ مع أنه غير مذكور في الإجمال، ولأن ترتب الحكم على الوصف يشعر بالعلية.
قوله: حمله على العموم لا يفيد.
قلنا: ذلك إذا حمل على الكل لا على كل واحدٍ، والمفهوم من الاستعمال الثاني. ولو حمل على ما به صاروا غير (2) مؤمنين مع ارادته من (3) المشاقة لزم التكرار. ثم العبرة بعموم اللفظ دون خصوص السبب.
د- لا نسلم أن السبيل ما يُمشي (4) فيه لقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} (5). وقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} (6). سلمنا لكن الحمل على دليل أهل (7) الإجماع يقتضي حقية كل ما أجمعوا عليه كيف؟ والمستدل لا يكون متبعاً.
هـ- أنه يفهم من قولهم (8): ولا تتبع غير سبيل الصالحين، الأمر باتباع سبيلهم حتى يستقبح مع ذلك قولهم: ولا تتبع سبيلهم ولا يفهم ذلك لو
(1) في "ب"(هذا) بدل (هدى).
(2)
سقط من "ب" غير.
(3)
سقط من "أ" من.
(4)
في "أ"(عليه) بدل (فيه).
(5)
[يوسف: 108].
(6)
[النحل: 125].
(7)
سقط من (ب، جـ) أهل.
(8)
في عبارة هذا الجواب اختلافات كثيرة بين النسخ ففي (1) سقط سطر، ويوجد اشارة للسقط، ولأجل هذا السقط حدث تصرف في (ب، جـ، د)، واخترنا عبارة (هـ) لكمالها وصحتها.
قال: لا تتبع سبيل غير الصالحين حتى لا يستقبح مع ذلك قوله ولا تتبع سبيلهم.
أن المراد اتباعهم في كل أمر لصحة الاستثناء، ولما ثبت من حرمة اتباع كل ما هو غير سبيل المؤمنين إلا ما خصه الدليل، ووجوب اتباعهم في فعل المباح خصه ما ذكرتم، وجواز الاختلاف مشروط بعدم الإجماع بعده، وهذا الشرط حذفه أهل الإجماع في الإجماع (1) الثاني.
ولقائل أن يقول: هذا جواب عن المقدمة بإثبات الحكم. وأما إثبات الحكم بدليل أهل الإجماع فالخصم يسلم أنه مخصوص.
ولقائل أن يقول: الخصم لا يسلم أن إثبات الحكم بغير الإجماع مخصوص فله أن يلزم ذلك.
قوله: يفهم من قولهم: اتبع سبيل الصالحين ما صاروا به صالحين.
قلنا: لا نسلم: إذ الصلاح جزء الصالح وسبيله خارج (2) عنه سلمنا لكن الإتباع في الإيمان ممتنع إذ لا يحصل تقليداً، وإذا امتنع حمله عليه حمل على الإجماع تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه. وفي مثال قول السلطان قرينة عرفية والدلالة اللفظية راجحة عليها.
أن المؤمن هو المصدق وهو الموجود والموجود في العصر كل المؤمن، فإذا اتفقوا على حكم، لم يجز لأحدٍ في عصرٍ ما مخالفتهم فيه، لكونه حقاً في ذلك العصر، وكون الحق في عصر حقاً في غيره. كيف؟ وورود الآية زجراً (3) عن مخالفتهم، وترغيباً في الأخذ بقولهم يمنع إرادة المؤمن إلى قيام الساعة.
قوله: وجب أن تختص الآية بالموجودين وقت نزولها.
(1) سقط من "هـ" في الإجماع.
(2)
سبب كون سبيله خارجاً عنه، لكون أضيف إليه غير مسلم، حيث أنه قد يضاف الجزء للكل فلا يكون خارجاً عنه.
(3)
في "أ" جزءاً بدل زجراً.
قلنا: لما (1) امتنعت إرادتهم، لأن قولهم: إن طابق قول الرسول فالحجة في قوله دونهم وإن لم يطابق لغى قولهم- وجبت (2) إرادة الموجودين في أي عصر كان.
ح- أن المراد كل مؤمني العصر إلا ما خصه الدليل، ولا يحمل على الِإمام المعصوم، لأنه لفظ جمع.
ط- أن المؤمن هو المصدق باللسان لغة. ويدل عليه إيجاب اتباعهم المقتضي للمكنة من معرفتهم، وحمل السبيل على ما من شأنه أن يكون سبيلاً عدول عن الظاهر بلا ضرورة.
ي- أن المسألة ظنية، والِإجماع على القطع ممنوع، ولا نكفر (3) مخالف الإجماع ولا نفسقه.
وعن الآيات: أنها خطاب مع كل واحد والمدعي عصمة الكل. ثم النهي لا يقتضي إمكان المنهي عنه، فإنه تعالى نهى المؤمن عن الكفر مع علمه بأنه لا يكفر وخلاف علمه محال.
وعن حديث معاذ، أن الإجماع لم يكن حجة إذ ذاك فترك.
وعن باقي الأحاديث. لا تدل على شرية الكل بل على شرية البعض.
وقوله: "لا ترجعوا بعدي (4) كفاراً" ممنوع الصحة (5). ثم لعله خطاب مع معينين.
وقوله: يجوز الخطأ على كلِّ واحدٍ، فكذا على الكل ممنوع والمثال
(1) في "أ"(ما) بدل (لما).
(2)
في (ب، جـ)(وجب) بدل (وجبت).
(3)
في "أ"(يكون) بدل (نكفر).
(4)
سقط من "أ" بعدي.
(5)
قوله ممنوع الصحة. كلام عجيب، لأنه ليس عن تثبت، إذ الحديث لا تتطرق لصحته الاحتمالات، لأنه جزء من خطبة حجة الوداع وروي عن جمع من الصحابة وخرجته معظم كتب السنة بما فيها الصحيحان. وقد تقدم تخريج الحديث في صفحة (2/ 42) من هذا الكتاب وبيَّنا الكتب التي أخرجته ليس على وجه الحصر ولله الحمد والمنة.
الواحد لا يدل عليه. سلمنا لكنه تعالى أخبر عن عدم وقوعه فعلم عدمه.
وعن الأخير: أن الدلالة إنما لم تنقل اكتفاء بالإجماع.
" الوجه الثاني"
قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (1). ووسط كل شيء خياره وإتيانهم بالمحرم ينفيه.
فإن قيل: ظاهر الآية عدالة كل أحد، وهو متروك. فحمل على البعض وهو الإمام المعصوم. ثم لا نسلم أن سوط الشيء خياره. إذ العدالة فعل العبد وكونه وسطاً فعل الله، فهو غير العدالة، ولأن وسط ما يتوسط شيئين فجعله حقيقة في العدالة توجب الاشتراك، سلمنا لكنه ينفي إتيانهم بالكبيرة دون الصغيرة، كما في عدول القضاة والخطأ صغيرة. سلمنا: لكنه عذلهم للشهادة على الناس في الآخرة فيكفي عدالتهم فيها، ثم الآية مختصة بالموجودين عند نزولها ولم يعلم بقاؤهم بعد (2) الرسول.
والجواب (3) عن:
أ- أنه يحمل على امتناع خلو الأمة عن العدول وحمل الجمع على الِإمام المعصوم خلاف الظاهر.
ب- قوله تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} (4). أي أعدلهم. وقوله عليه السلام: "خير الأمور أوسطها"(5). أي أعدلها.
(1)[البقرة: 143].
(2)
في "ب"(عند) بدل (بعد).
(3)
هذه الأجوبة عن الاعتراضات على الوجه الثاني وهي المبدوءة بقوله: فإن قيل وهي لم ترد مرقمة وكلها موجهة إلى الاستدلال بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} .
(4)
[القلم: 28]. وفي "جـ": {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} .
(5)
لم يصح حديثاً. ذكره حجة الإسلام في الإحياء 3/ 56، 165، وقال العراقي رواه البيهقي في شعب الإيمان من رواية مطرف بن عبد الله مُعضلاً (انتهى) وتكلم عليه شارح الإحياء الزبيدي 7/ 336، فأضاف أنه أخرجه أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجيَّاني في الأربعين العلوية من طريق أهل البيت عن علي ولا يصح. ورواه السمعاني في ذيل تاريخ بغداد بسند =
وقيل كان عليه السلام أوسط قريش نسباً. قال الشاعر: (هم وسطٌ يرضى الأنام بحكمهم)(1) وقال الجوهري (2) في الصحاح (3): {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (4). أي عدولًا، ولأن الوسط هو البعد عن الطرفين، فالبعد عن طرفي الإفراط والتفريط المذمومين (5) وسط. فهو فاضل. ولهذا سمي الفاضل في كل شيء وسطاً.
قوله: عدالة العبد فعله. قلنا: بل فعل الله تعالى عندنا.
جـ- أنه قيل: لا صغيرة إلا بالنسبة ومن سلمها قال: الله تعالى يعلم الظاهر والباطن فحكمه بالعدالة يقتضي المطابقة، بخلاف شهود الحاكم إذ لا يعلم الباطن.
= مجهول، عن علي مرفوعاً وهو عند ابن جرير في التفسير من قول مطرف بن عبد الله ويزيد بن مرة الجعفي (انتهى الزبيدي).
ققلت: فتشت عليه ولم أجده ووجدته في الدر المنثور للسيوطي 4/ 179 وعزاه للبيهقي.
وللديلمي عن ابن عباس مرفوعاً: "خيرُ الأعمال أوسطها" في حديث أوله: داوموا على أداء الفرائض وقد عزاه صاحب تيسير الوصول إلى جامع الأصول إلى رزين. انظر إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين للزبيدي 7/ 336، والإحياء 3/ 56، والدر المنثور 4/ 179.
(1)
هذا صدر بيت لزهير بن أبي سلمى الشاعر الجاهلي الحكيم وعجزه:
(إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم).
(2)
هو إسماعيل بن حمال الجوهري الفارابي أبو نصر، توفي سنة 393 هـ، لغوي أديب أصله تركي، رحل للعراق وقرأ على أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي. وصافر للحجاز ثم رجع لبلاده، ووضع الصحاح والمقدمة في النحو وكتاب في العروض. له ترجمة في: معجم الأدباء 6/ 151، يتيمة الدهر للثعالبي 4/ 373، لسان الميزان 1/ 400، النجوم الزاهرة 4/ 207، نزهة الألبا للأنباري 418، إنباه الرواة للقفطي 1/ 194، طبقات النحاة واللغويين لابن شهبة 215، مرآة الجنان 2/ 446، شذرات الذهب 3/ 141، بغية الوعاة للسيوطي 195، مفتاح السعادة 1/ 100، روضات الجنات 110، ومعجم المؤلفين 2/ 267.
(3)
الصحاح في اللغة صنفه الجوهري وجعل فيه 28 باباً في كل باب 28 فصلاً، طبع أول مرة الجزء الأول في ألمانيا سنة 1774، ثم طبع كاملاً بإيران سنة 1853 م، ثم في القاهرة سنة 1865 م. (المعجم الإسلامي 3/ 252).
(4)
[البقرة: 143].
(5)
سقط من "أ، د" المذمومين.
د- أنه جزم بعد التهم في الحال، ولأن الأمم عدول في الأخرة، فلا فائدة لتخصيص هذه الأمة.
هـ- ما سبق في الوجه الأول.
" الوجه الثالث"
قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} (1) الآية. واللام للعموم. وإجماعهم على الخطأ، يقتضي أمرهم بمنكر.
فإن قيل: ظاهر الآية متروك فحمل على الإمام. ثم المفرد لا يعم.
ولفظ كنتم يتناول الماضي، ومفهومه ينفي الحصول على الحال.
فإن قلت: إنه مدح لهم (2) في الحال. قلنا: لا نسلم، بل إخبار.
سلمنا لكن جاز أن يمدح الإنسان بما (3) في الماضي ويذم بما في الحال على ما علم من مذهبنا في مسألة الاحتياط (4). كيف؟ والمدح في الحال بصفة لا يقتضي الاتصاف بها في المستقبل، فربما لم يبقوا (5) عليها فيه. ثم الخطاب مع الموجودين وقد سبق بجوابه.
والجواب عن:
أ- أن المراد الكل لا كل واحد. فالواحد إنما يُسمى أمةً مجازاً كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} (6) ولأن كلِّ واحدٍ لو كان أمة، لكان خيراً من صاحبه وهو محال (7)، ولأنه المفهوم من قول السلطان. كنتم خيرَ عسكرٍ تفتحون القلاع وتكسرون الجيوش.
(1)[آل عمران: 110].
(2)
سقط من (ب، جـ) لهم.
(3)
سقط من "أ" بما.
(4)
في "هـ" الإحباط.
(5)
في "أ، ب، جـ""لم يقفوا".
(6)
[النحل: 120].
(7)
سقط من "ب" وهو محال.
ب- أنه لو لم يحمل على العموم بل على الماهية لكفى في العمل به أمرهم بمعروفٍ واحدٍ، ونهيهم عن منكرٍ واحدٍ وسائر الأمم تساويهم فيه فلم يفد خيريتهم بالنسبة إليها، مع أن الآية سيقت لذلك.
ب- أن لفظ "تأمرون وتنهون" يتناول الحال والاستقبال. ولفظ "كنتم وإن" يتناول الماضي، لا ينفي الحصول فيهما.
د- أن لفظ المضارع كالعام بالنسبة إلى الحال والاستقبال.
" الوجه الرابع"
قوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على خطأ". قيل: معنى هذا متواتر بالضرورة، إذ نقل بألفاظ مختلفة بلغت التواتر:
أ- "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن"(1).
ب- "لا تجتمع أمتي على ضلالة". وروي "ولا على خطأ"(2).
جـ- "سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها".
د- "يد الله على الجماعة".
هـ- "لم يكن الله ليجمع أمتي على ضلالة ولا على خطأ".
و- "عليكم بالسواد الأعظم"(3).
(1) تقدم تخريجه في صفحة (1/ 282) من هذا الكتاب.
(2)
أحاديث عدم اجتماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ولا على خطأ، مشهورة المتن كثيرة الأسانيد، ولها شواهد عديدة وممن رواها: أحمد والطبراني في الكبير، وابن أبي خيثمة في تاريخه، عن أبي نضرة الغفاري والطبراني وابن أبي عاصم عن أبي مالك الأشعري. وأبو نعيم والحاكم وابن منده عن ابن عمر وعبد بن حميد وابن ماجة عن أنس. والحاكم عن ابن عباس. انظر كشف الخفا 2/ 350.
(3)
لا يصح حديثاً أخرجه أحمد 8/ 304 من قول أبي أمامة الباهلي وأخرجه أحمد 4/ 383 من كلام عبد الله بن أبي أوفى لسعيد بن جمهان بلفظ: ويحك يا ابن جمهان، عليك بالسواد الأعظم وأخرجه ابن ماجة عن أنس مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظمً". وفي إسناده أبو خلف الأعمى حازم بن عطاء، وهو ضعيف. وقد جاء الحديث بطرق في كلها نظر على ما في تخريج العراقي لأحاديث البيضاوي. "انظر ابن ماجة 2/ 1303، مسند أحمد 4/ 378، 383".
ز- "يد الله على الجماعة ولا تبالِ بشذوذ من شذ"(1).
ح- "من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقةَ الِإسلام من عنقه"(2).
ط- "من خرج في طاعةٍ (3) وفارق الجماعة مات ميتةً جاهلية".
ي- "لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم"(4).
يا- "لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يخرج الدجال".
يب- "لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله".
يج- "ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"(5).
يد- "من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الِإثنين أبعد".
يه- "لن تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من ناوأهم إلى يوم
(1) أخرجه الترمذي وحسنه عن ابن عباس بلفظ: "يد الله مع الجماعة اتبعوا السواد الأعظم فإنه من شذَّ شذَّ في النار" وأخرجه الطبراني بسند وثقه الهيثمي بلفظ: "يد الله مع الجماعة والشيطان مع من خالف يركض" وحسن السيوطي حديث الترمذي ولم يسلم له المناوي. انظر فيض القدير 6/ 460، والفتح الكبير 3/ 421، وكشف الخفا 2/ 391.
(2)
رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود والحاكم والترمذي من طريق أبي ذر بألفاظ مختلفة وبعض طرقه صحيحة. انظر مجمع الزوائد 5/ 222، الفتح الكبير 3/ 188، مشكاة المصابيح 1/ 65، تلخيص الحبير 4/ 41.
(3)
في "هـ" الطائفة.
(4)
أحاديث بقاء طائفة على الحق متفق عليها بألفاظ متعددة وطرق كثيرة جداً. أفرد البخاري لها باباً خاصاً في صحيحه، وأخرجتها معظم كتب السنة وممن رواها: الحاكم في المستدرك عن عمر والبخاري ومسلم عن المغيرة. ومسلم والترمذي وابن ماجة عن ثوبان. وأحمد والبخاري ومسلم عن معاوية. وابن ماجة عن أبي هريرة. وابن ماجة وابن حبان عن قرة بن إياس وأحمد
ومسلم عن جابر. وأحمد وأبو داود والحاكم عن عمران بن حصين. ومسلم عن عقبة بن عامر. انظر: الفتح الكبير 3/ 321، فح الباري 13/ 293، صحيح مسلم 6/ 52.
(5)
جزء من حديث رواه الشافعي والبيهقي في المدخل بسندٍ صحيح وأوله: "نَضَّرَ الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حاملِ فقهٍ غير فقيه ورب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن .. " ورواه أحمد في المسند والحاكم في المستَدرك وابن ماجة في سننه عن جبير بن مطعم وأبو داود وابن ماجة عن زيد بن ثابت والترمذي وابن
ماجة عن ابن مسعود ورواه الطبراني. انظر مشكاة المصابيح 1/ 78، مجمع الزوائد 1/ 139، الفتح الكبير 3/ 263.
القيامة". وروي "لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللُه".
يو- "ستفترق أمتي كذا وكذا فرقة كلها في النار إلا فرقةً واحدة قيل ومن تلك الفرقة؟ قال: هي الجماعة"(1).
ومنهم من استدل على تواتر لفظه بأن الدواعي متوفرة على البحث عن هذه الأخبار تصحيحاً وتضعيفاً، إذ ثبت بها أصل عظيم مقدم على غيره فاستحال ذهولهم عن خلل فيه، فلو كان لاشتهر. وبأن التابعين أجمعوا على موجبها مستدلين بها. وقد عُلمَ أن أمتنا (2) لا يجمعون على موجب خبرٍ ما لم يقطعوا بصحته. والأول ضعيف فإنا نمنع تواتر هذه الألفاظ، والقطع بصحة واحدٍ منها إنما يفيد إن كان الكل قاطع الدلالة وأنتم تستدلون بعد الصحة بواحد، ولم يشترك الكل في كون الإجماع حجة، وإلا لكان معلوماً بالتواتر كغزوة بدر وأحد، وامتنع (3) وقوع الخلاف فيه، واستدلالكم عليها بعد صحة المتن ينفيه. وبه تخالف الأخبار الدالة على شجاعة علي وسخاوة حاتم فإنها تستغني عن الاستدلال عليها واشتراك الكل فيما يلزم منه حجية الإجماع، يقتضي وجوب بيانه وبيان إفادته كون الإجماع حجة.
فإن قلت: هو تعظيم الأمة وبعدها عن الخطأ. قلتُ: مطلق التعظيم لا يفيد (4) والتعظيم المنافي للخطأ، ككون الإجماع حجة وقد بطل تواتره. وأما
(1) رواه ابن أبي دنيا عن عوف بن مالك. وأبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان وصححوه عن أبي هريرة بلفظ: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقةً. وتفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقةً كلهم في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي، ورواه الترمذي عن أبي هريرة وابن عمر. ورواه ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس بسنده إلى أبي هريرة وقال الترمذي حسن صحيح. وفي الباب أحاديث كثيرة متقاربة اللفظ عن جمع من الصحابة منهم معاوية وأبي الدرداء وابن عمرو وابن عباس وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبي امامة وأنس. ورواه الشعراني في
الميزان وصححه الحاكم بلفظ غريب (تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلها في الجنة إلا الزنادقة) قال صاحب كشف الخفا: لعل وجه التوفيق أن الحديث الأخير يحمل على أنهم أهل الجنة مآلاً. (كشف الخفا 1/ 150، 309).
(2)
وفي (ب، د) أنهم بعد أمتنا.
(3)
سقط من "أ، هـ"(امتنع).
(4)
سقط من "ب"(مطلق التعظيم لا يفيد).
الثاني فضعيف، فإنه طعنُ في الأحاديث بأنها آحاد.
فإن قيل: بأنها متواترة عند التابعين. قلنا: لما لم يثبت ذلك التواتر عندنا بالتواتر لم يكن تواتراً. والطعن فيها تفصيلاً إنما يجب لو عرف فسادها وقد لا يعرفوه (1).
وأما الثالث: فالمقدمات الثلاث منه ممنوعة، والصحيح جعلها آحاداً والتمسك بها أو بأحدها كقوله عليه السلام:"لا تجتمع أمتي على خطأ"(2) فإن قيل المراد بالأمة من يؤمن إلى يوم القيامة من وقت نزول الخبر (3). فلم يفد كون الإجماع حجة لما سبق سلمنا إرادة أهل (4) كل عصر. لكن قوله: "لا تجتمع" جاز أن يكون مسكوتاً (5) فأشتبه على الراوي فرواه مرفوعاً. سلمنا كونه خبراً، لكن الخطأ يحمل على السهو أو الكفر لقوله عليه السلام:"لا تجتمع أمتي على ضلالة". سلمنا: إصابتهم في كل أمرٍ. لكن المصيب قد يجوز مخالفته.
والجواب عن:
أ- أنه مدفوع بقوله عليه السلام: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق"(6) ونحوه.
ب- أن عدالة الراوي تنفيه (7) وكذا سائر الأحاديث.
جـ- اجتماع الجمع العظيم على السهو ممتنع. فلا يكون (8) نفيه تعظيماً.
وليس في تخصيص الأمة (9) به فضيلة. والضلالة لا تقتضي الكفر لقوله
(1) في "ب"(لا يعرفونها).
(2)
تقدم تخريج الحديث في صفحة (2/ 50) من هذا الكتاب.
(3)
في (أ، هـ)(الآية) بدل (الخبر).
(4)
سقط من جميع النسخ ما عدا (هـ) أهل.
(5)
في "ب" ساكناً.
(6)
تقدم تخريج الحديث في صفحة (2/ 51) من هذا الكتاب.
(7)
أي أن عدالة الراوي تنفي احتمال كون الراوي اشتبه عليه الأمر فرواه مرفوعاً.
(8)
في (هـ، أ) لا يذكر.
(9)
سقط من "أ" به.