الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
المسألة الأولى
"
الإجماع هو العزم لغة قال الله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} (1). وقال عليه السلام: "لا صيام لمن لم يُجمع الصيامَ من الليل"(2)، والاتفاق أيضا.
يقال: أجمع إذا صار ذا جمع كما يقال أَلبن وأتمر إذا صار إذا لبن وتمرٍ.
وعند العلماء: "هو اتفاق (3) المسلمين المجتهدين في أحكام الشرع على أمر ما من اعتقاد (4) أوقول أو فعل ثم قيل: يستحيل اتفاقهم على ما لا يعلم بالضرورة كاتفاقهم على مأكولٍ واحد وكلمةٍ واحدة في ساعةٍ واحدة (5).
والجواب: أن ذلك فيما يتساوى فيه الاحتمال دون ما يظهر فيه الرجحان، كاتفاق الشافعية والحنفية على قوليهما الصادرين عن الأمارة.
وقيل: يجوز ويمتنع العلم به، لأن ما ليس بضروري ولا وجداني فطريق معرفته الحس أو الخبر أو النظر العقلي ولا مجال للثالث في العلم بحصول الإجماع، ولا يمكن الإحساس بكلام الغير ولا الإخبار عنه بدون معرفته لكن ذلك متعذر، لتفرق العلماء شرقاً وغرباً ومن أنصف عَلِمَ أن أهل الشرق لا يعلمون علماء الغرب. وكيف؟ تفاصيل مذاهبهم وبعد العلم بهم
(1)[يونس: 71]. وفي (هـ) وشركاؤهم.
(2)
رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة وأحمد والطحاوي والبخاري في التاريخ الصغير والدارقطني والبيهقي في السنن والحاكم في كتاب الأربعين، رمز له السيوطي بالحسن. انظر: نصب الراية 2/ 433، فيض القدير 6/ 222.
(3)
"المسلمين" موجودة في "هـ" فقط وهي ضرورية للتعريف.
(4)
سقط من (أ، هـ) أو قول أو فعل.
(5)
سقط من (ب) في ساعة واحدة.
كيف يعلم عقائدهم؟. بل غايته سماع الفتوى منهم. وقد يفتىِ أحدهم خوفاً وتقية وبعد العلم بعقائدهم، كيف يعلم اجتماعها في وقت واحد، فلعل المثبت أثبت زمان نفي النافي (1) فلما أثبت النافي نفى المثبت. بل لو جمعهم السلطان في زمان ومكان واحد مع امتناعه ورفعوا أصواتهم بالفتوى، فلعل بعضهم صوت بالنفي فخفي صوته، أو صوت بالإثبات خوفاً من الملك
أو الناس. ولا نبطل ذلك بأنا نعلم بالضرورة اتفاق المسلمين على نبوته عليه السلام، وعلى وجوب الصلوات الخمس، لأنك إن عنيت بالمسلم المعترف بنبوته عليه السلام، فيكون معنى الكلام أن المعترف بنبوته عليه السلام معترف بها (2). وإن عنيتَ به غير هذا منعنا حصول العلم باتفاقهم على ذلك ويدل عليه أن الإنسان في أول الوهلة يعتقد جزماً أن المسلمين يعترفون بأن ما بين الدفتين كلام الله تعالى. ثم إذا فتش عن المقالات الغريبة وجد فيه اختلافاً كثيراً، حتى روي عن ابن مسعود (3) إنكار كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن.
وعن الخوارج (4) إنكار كون سورة يوسف منه. وعن كثير من الفقهاء الروافض (5) إنكار كون ما عندنا من القرآن ما أنزل بل غيَر وبدل وزيدَ فيه
(1) في"هـ" الباقي في الموضعين.
(2)
في (د) زيادة عن جميع النسخ (فيكون المحمول والموضوع واحدا) ولعله تفسير من الناسخ.
(3)
هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي أبو عبد الرحمن حليف بني زهرة. وأمه أم عبد بنت عبد وهي من بني هذيل. أسلم قديماً وسبب اسلامه أنه كان يرعى غنما لعقبة بن معيط، فطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يسقيه لبنا فقال:"أنا مؤتمن" فطلب منه شاة لم ينزُ عليها الفحل فدرَّت لبناً غزيراً فشربوا جميعا، ثم أمرها فقلصت. خدم الرسول وهاجر الهجرتين. وهو أحد العشرة المبشرين ورد في مناقبه أحاديث كثيرة وقرأ على الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن فبكى. قتل عدو الله أبا جهل ونفله الرسول سلبه، ولاه عمر الكوفة، ثم عزله مات سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع.
الإصابة 4/ 129، الاستيعاب 987.
(4)
هم الذين خرجوا على علي ومعاوية- رضي الله عنهما وتمسكوا بقولهم: إنه لا حكم إلا لله وكفروا عليا لقبوله التحكيم، وهم فرق كثيرة جدا. انظر الملل والنحل للشهرستاني 1/ 114 وما بعدها، الفرق بين الفرق 19 - 45، الحور العين 170، اللباب 2/ 164، المواقف 629، مقالات الإسلاميين 81، الفرق الإسلامية للبشبيشي ص 30 وما بعدها.
(5)
هم الذين كانوا مع زيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب- رضي الله عنه ثم تركوه لما =