المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الضابط الثالث: لا يمكن إسقاط النصوص التي يطرقهاالاحتمال على واقع معين إلا بعد وقوعها وانقضائها - فقه أشراط الساعة

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول

- ‌الفصل الأولفي التحذير من التعالم الكاذب، والولع بالغرائب

- ‌الفصل الثانيمَن المُجتهد الذي يؤجر على اجتهاده وإن أخطأ

- ‌الفصل الثالثفي معنى "أشراط الساعة

- ‌الْفَصْل الرَّابعُثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌ أولًا: تحقيق ركن من أركان الإيمان الستة، وهو الإيمان باليوم الآخر

- ‌ثانيًا: إشباع الرغبة الفطريه (2) في الإنسان

- ‌ثَالِثًا: أن الإخبار عن الغيوب المستقبلة -باعتبار ما فيها من خرقٍ للعادة- من أهم دلائل النبوة

- ‌رَابِعًا: تَعَلُّمُ الكيفية الصحيحة التي دَلَّنَا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كي نتعامل بها مع بعض الأحداث المقبلة

- ‌خامسًا: فتح باب الأمل، والاستبشار بحسن العاقبة لأهل الإيمان

- ‌سادسًا: قد تمرُّ بالمسلمين وقائع في مقبل الأيام تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها

- ‌لَا يَعْلَمُ مَتَى السَّاعَةُ إِلَّا الله وَحْدَهُ

- ‌الْحِكْمَةُ في تَقْدِيمِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَدِلَالَةِ النَّاسِ عَلَيهَا

- ‌الْفَصْل الخَامِسسُوءُ فَهْمِ الْعَوَامِّ لَا يُسَوِّغُ إِنْكَارَ النصوص وتَأوِيلَهَا

- ‌ الأدلة الواضحة على أن التصديق بأشراط الساعة ينبغي أن يكون حافزًا للعمل والاجتهاد:

- ‌تَنْبِيهٌلا شك أنه كلما تقدم الزمن فإنا نصير أقربَ إلى الأشراط التي لَمَّا تقع

- ‌ على المؤمن أن يميز بين ما يَعْنيْه، وما لا يَعْنيْه

- ‌الْفَصْلُ السَّادِسُأَسْبَابُ ظَاهِرَةِ الْعَبَثِ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌السَّبَبُ الْأَوَّلُ:

- ‌السبب الثاني:

- ‌السبب الثَّالثُ

- ‌السَّبَبُ الرَّابع:

- ‌تنبيهينبغي التفريق بين "تقبل" و"تصديق" هذه الإسرائيليات بنوعيها، وبين "رصد" أفكار الخصم من باب "اعرف عدوك

- ‌الباب الثّانيمَجَالَاتُ الْعَبَثِ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌الفَصلُ الْأَوّلُعَبَثُهُم بِعَلَامَةِ خُرُوجِ المَهدِيِّ

- ‌ حتى المهدي "تايواني

- ‌الفَصلُ الثَّانيعَبَثُهم بِعَلَامةِ المْسِيح الدَّجَّالِ

- ‌السندباد المصري" محمد عيسى داود فقد جعل من سيرة الدجال المطولة بالأكاذيب سيرة شعبية

- ‌خرافة الأطباق الطائرة

- ‌إن ما سُمِّي بظاهرة الأطباق الطائرة، وشغل الناس رَدَحًا من الزمان؛ قد بان لنا الآن أنه لا يخرج عن كونه "سرابًا" أو "تكلفًا" أو "دجلًا سياسيًّا

- ‌الفَصْلُ الثالِثُاضْطرَابُهُمْ بِشَأْنِ "صَدَّام حُسَين

- ‌ مؤلف "هرمجدون" يقطع بأن صَدَّام حسين هو "السفياني

- ‌تنبيهان

- ‌الأول: اعلم -رحمك الله تعالى- أنه لم يصح شيء في أحاديث السفياني

- ‌الثاني: حول شخصية "القحطاني

- ‌الْفَصْل الرَّابِعُالرَّاجِمُونَ بِالْغَيبِ الْقَائِلُونَ مَا لَيسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ

- ‌الفصلُ الخامسُالتطبيع مَعَ التنجيم وَالمُنَجَمِينَ وَزَلْزَلَةُ ثَوَابِتِ الْعَقِيدَةِ

- ‌تلك أمانيهم

- ‌نوستراداموس وأحداث سبتمبر 2001م

- ‌كشف حقيقة التنجيم والمنجمين

- ‌الباب الثالثمَظَاهِرُ العَبَثِ بأَشرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌الفصل الأولسرد مجمل لبعض مظاهر الْعَبَثِ بِأَشرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌ يتخذ العبث بأشراط الساعة مظاهرَ عدةً، ويتجلى في عدة مجالات:

- ‌كل من حادَ عن "الوسطية" في هذه القضية إلى جفاء المنكرين، أو إلى غلو المثبتين؛ فقد تورط في جريمة القول على الله بغير علم، والعبث بأشراط الساعة

- ‌تكلف بعضهم اصطناع هذه الأشراط، وإيجادها في الواقع عَنْوة

- ‌أَيُّهَا الْعَابِثُونَ: بَشِّروا، وَلَا تُنَفِّرُوا

- ‌الْعُجْبُ وَالاغتِرَارُ بالظُّنُونِ

- ‌الفصل الثانيوقفة مع الدجال المصري

- ‌قل لي: من يصفق لكَ أقُلْ لك: من أنت

- ‌خدعوه فقالوا

- ‌انْعِدَامُ التّوْثِيقِ الْعِلْمِيِّ

- ‌يا نعايا "البحث العلمي"أقيموا عليه ماتما وعويلا

- ‌هوس المخطوطات

- ‌والجاهلون لأهل العلم أعداء

- ‌عَوْدٌ إلى خرافة المخطوطات

- ‌هذا الشبل من ذاك الأسد

- ‌مِنْ فَمِكَ اُدينُكَ

- ‌فائدة: "من أسند؛ فقد أحالَكَ

- ‌الفصل الثالثاسْتِدْلَالُ العابثين بِمَا لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا

- ‌المطلب الأولالاسْتِدْلَالُ بِالأَحادِيثِ الضَّعيفَةِ وَالموضُوعَةِ

- ‌الحافظ نُعيم بن حماد، وكتابه "الفتن

- ‌ذِكرُ نُصوصِ بَعضِ أهْلِ الْعِلْمِ في حُكْمِرِوايَةِ الأحَاديثِ الضّعيفَةِ والموضُوعةِ

- ‌ لا أنه يدخل به في قوله صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً" المحدثون بأسرهم، بل لا يدخل في ظاهر هذا الخطاب إلا من أدى صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سقيمه

- ‌المطلب الثانيالاعتمادُ على مَرويَّات الرَّافضةِ، وغُلاةِ الصّوفيَّةِ

- ‌أولًا: مرويات الرافضة

- ‌نصوص أئمة الحديث على أن الكذب شعار الرافضة

- ‌من نصوص شيخ الإسلام في كشف كذب الرافضة

- ‌ثانيًا: اعتماد العابثين بأشراط الساعة على مرويات الرافضة، وغلاة الصوفية

- ‌المطلب الثالثالغُلُوُّ في تَقبُّلِ الإِسْرائيليَّاتِ

- ‌تَشْدِيدُ أَمِير الْمُومِيين عُمَرَ رضي الله عنه عَلَى مَنْ كَانَ يَكْتُبُ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ الْيَهُودِ:

- ‌مَوْقِفُ الْحَافظ ابْنِ كَثِيرٍ مِنالْقِسْمِ الثَّالِثِ مِن الإِسْرَائيليَّاتِ

- ‌تعْليقُ الْعَلَّامَةِ أحْمَد شَاكِرعَلَى كَلام الحافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ وَمَنْ وافَقَهُ

- ‌وقال علَّامة الشام "محمد جمال الدين القاسمي" -رحمه الله تعالى

- ‌ ظَاهِرَة (التَّطْبِيعِ) مَعَ الإِسْرَائِيليَّاتِ

- ‌ أحمد بن حنبل قوله: "ثلاثةُ كتب ليس لها أصول: (4) المغازي، والملاحم، والتفسير

- ‌المطلب الرابعحُرُوفُ أَبِي جَادٍ، وُالاستِدْلَالُ بِهَا عَلَى الُمُغَيَّبَاتِ

- ‌ كتاب الجفر، المنسوب كذبًا وبهتانًا إلى جعفر الصادق -رحمه الله تعالى

- ‌ ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على تعلم أبي جاد، وتعلم تفسيرها، لا يصح

- ‌أَصْلُ طَرِيقَةِ "حِسَابِ الْجُمَّلِ

- ‌الفصل الرابعتحديد عُمُر الدنيا

- ‌ الخوض في هذه القضية مما لا يترتب عليه عمل

- ‌تَعليقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَلامِ السُّيُوطِيِّ رحمه الله

- ‌ذِكْرُ نُصُوص عنِ الْعُلمَاءِ الْمُتَقَدِّمينَ عَلَى السُّيُوطِيِّفي قَضِيَّةِ "تَحْدِيْدِ عُمرِ الدُّنْيَا

- ‌أَوَّلًا: الإمام أبو محمد علي بن حزم

- ‌ثَانيًا: الْقَاضِي عِيَاضٌ -رحمه الله تعالى

- ‌ثَالِثًا: الإِمَامُ القُرْطُبِي:

- ‌رَابِعًا: شيخ الإسلام ابن تيمية:

- ‌خَامِسًا: الإِمَامُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ:

- ‌سَادِسًا: الحافظ ابن رجب الحنبلي:

- ‌سَابِعًا: الحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ -رحمه الله تعالى

- ‌ثامنًا: العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني:

- ‌الباب الرابعضوابط التعامل مع نصوص الفتن وأشراط الساعة

- ‌الضَّابِطُ الأول: لَا يُسْتَنْكَرُ تَوَقعُ حُصُولِ شَيْءٍمِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ بشُرُوط

- ‌ شُرُوطُ هَذَا الضَّابِطِ:

- ‌فَأَوَّلُهَا: أن تبقى هذه الأشراط في دائرة التوقع المظنون

- ‌وَثَانيهَا: أن يُراعَى الترتيبُ الزمني لتسلسل الأشراط

- ‌تنبيه:اعلم -رحمك الله تعالى- أن كون الشيء من أشراط الساعة لا يستلزم الحكم عليه بحكم تكليفي

- ‌وَثَالِثُهَا: أن لا يُؤَثِّرَ هذا الترقبُ سلبًا على أداء واجب الوقت، وتكاليف الشرع

- ‌فَائِدَة

- ‌الضَّابِطُ الثَّانِي: الانْتِبَاهُ إِلىَ النِّسْبِيَّةِ الزَّمَانيَّةِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى اقْتِرَاب السَّاعَةِ

- ‌كل ما هو آتِ قريبوالبعيد: ما ليس بآتِ

- ‌الضَّابِطُ الثَّالث: لا يمكِنُ إِسْقَاطُ النُّصُوصِ الَّتي يَطْرُقُهَاالِاحْتِمَالُ عَلَى وَاقع مُعَيَّن إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِهَا وَاَنْقِضَائِهَا

- ‌الضَّابِطُ الرَّابع: "يتعين على من يتكلم على الأحاديث:أن يحمع طرقها، ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحَّت الطرق، وبشرحَها على أنه حديث واحد

- ‌أمثلة التطبيقية لهذا الضابط:

- ‌تنبيه خطير

- ‌الضَّابِطُ الخامِسُ: حصرُ مصادرِ التَّلقي فيما هو حجة شرعية، وإهدار ما عداه

- ‌الضابِطُ السَّادِسُ: ما أُشْكِلَ عَلَيْكَ؛ فَكِلْهُ إلى عَالِمِهِ

- ‌ الوضوح والإشكال في النصوص الشرعية أمر نسبي

- ‌ أَمْثِلَةً لِمَا يُشْكِلُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ في بَابِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌1 - ذكر فتح القسطنطينية

- ‌2 - جفاف بحيرة طبرية

- ‌3 - ورد وصف الأسلحة التي تستعمل في حروب آخر الزمان

- ‌4 - عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ الْأَعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ: «إِنْ يَعِشْ هَ

- ‌الفصل الأول: مهدينا ليس مُنْتَظَرًا

- ‌لا نُعَطِّلُ السننَ، وَالْأسْبَابَ بِحُجَّةِ انْتِظَارِ المَهْدِيّ

- ‌مَهْدِيُّنا لَيس منْتَظَرًا

- ‌الفَصْلُ الثانيفي وُجُوبِ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ، وَعَدَمِ مُنَافَاةِ ذَلِكَ لِلتَّوَكُّلِ

- ‌الإفرَاطُ في الإِحسَاسِ بالعَجزِيَنشَاُ عَنهُ التَّفرِيط في إزَالهِ العَجزِ

- ‌ قال العلَّامَةُ المجدِّد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-: "لا يجوز للمسلمين اليوم أن يتركوا العمل للإسلام، وإقامة دولته على وجه الأرض انتظارًا منهم لخروج المهدي

- ‌ثانيًا: الأستاذ الشيخ أبو الأعلى المودودي -رحمه الله تعالى

- ‌ثالثًا: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله تعالى

- ‌رابعًا: قال الدكتور/ عبد العزيز مصطفى -وفقه الله تعالى-:"جهاد الكفار -أيًّا كانوا، وأينما كانوا، وفي أي زمان كانوا- واجبٌ بالشرع المحكم غير المنسوخ

- ‌المَقالُ الخامس: فَارِسُ أَحْلَامِ الدَّعْوَةِللأستاذ/ عبد السلام البسيوني -وفقه الله تعالى

- ‌الْمقَالُ السادس: مِنْ سنَن الأنْبِياءٍ الأخْذُ بالأسبَاب المادِيةِقال الأستاذ/ محمد العبدة -حفظه الله تعالى

- ‌الفصل الثالثهل تعود الخلافة قبل ظهور المهدي

- ‌ كيف سيكون حال الأمة قبل ظهور المهدي

- ‌المسلَكُ الأَوَّلُ: ستزداد غُربَةُ الإسلام حتى يظهرَ المهدي

- ‌ قال الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي

- ‌ الشيخ عبد الله بن الصِّدِّيق

- ‌ذكر أجوبة العلماء عن حديث انس رضي الله عنه وما في معناه

- ‌أولًا: جواب الإمام ابن حبان -رحمه الله تعالى

- ‌ثانيًا: جواب الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى

- ‌ثالثًا: جواب العلامة ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى

- ‌الْمَسلَكُ الثانى: ستقوم -بإذن الله- خلافَةٍ على مِنهاج النبوة قبل ظهور المهدي، أو على الأقل ستنهض الأمة نهضةً شاملةً، ولا يبقى إلا ظهور القائد

- ‌لا بُدَّ من عودة الخلافة الراشدةواستعادة القدس قبل ظهور المهدي

- ‌وَعْدُ اللهِ -تَعَالى

- ‌ المهدي والمسيح عليه السلام سيتعاصران:

- ‌لا بد من قيام الخلافة قبل المهدي

الفصل: ‌الضابط الثالث: لا يمكن إسقاط النصوص التي يطرقهاالاحتمال على واقع معين إلا بعد وقوعها وانقضائها

‌الضَّابِطُ الثَّالث: لا يمكِنُ إِسْقَاطُ النُّصُوصِ الَّتي يَطْرُقُهَا

الِاحْتِمَالُ عَلَى وَاقع مُعَيَّن إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِهَا وَاَنْقِضَائِهَا

إن تنزيل النصوص الشرعية المتعلقة بالفتن والملاحم على ما يقع من النوازل مع القطع بذلك دون شك ولا تردد؛ من الرجم بالغيب، ومن القول على الله بغير علم، وقد قال تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وعن جُنْدَب رضي الله عنه قال: جِئْتُ يَوْمَ الْجَرَعَةِ (1)، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ، فَقُلْتُ: لَيُهْرَاقَنَّ الْيَوْمَ هَاهُنَا دِمَاءٌ، فَقَالَ ذَاكَ الرَّجُلُ:«كَلَّا، وَاللهِ» قُلْتُ: بَلَى، وَاللهِ قَالَ:«كَلَّا، وَاللهِ» قُلْتُ: بَلَى، وَاللهِ قَالَ:«كَلَّا، وَاللهِ إِنَّهُ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنِيهِ» ، قُلْتُ: بِئْسَ الْجَلِيسُ لِي أَنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ، تَسْمَعُنِي أُخَالِفُكَ (2) وَقَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا تَنْهَانِي، ثُمَّ قُلْتُ: مَا هَذَا الْغَضَبُ؟ فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ وَأَسْأَلُهُ، فَإِذَا الرَّجُلُ حُذَيْفَةُ" (3).

فتأمل! كيف خطَّأَ حذيفة جندبًا؟ لما جزم جندب بوقوع الأمر، وكيف سارع جندب إلى الرجوع عن قوله عندما تبين له أنه جزم بالأمر بدون علم (4).

(1) الجَرَعَةُ: موضع بقرب الكوفة على طريق الحِيرة، ويوم الجرعة يوم خرج فيه أهلُ الكوفة يتلقون واليًا ولاه عليهم عثمان رضي الله عنه، فردوه، وسألوا عثمان أن يولي عليهم أبا موسى الأشعري رضي الله عنه فولَّاه. قاله النووي في "شرح صحيح مسلم "(18/ 18).

(2)

ورُوي: أحالفك بالحاء المهملة من الحَلِف الذي هو اليمين،. وكلاهما صحيح، لكن المهملة أظهر لتكرر الأيمان بينهما.

(3)

رواه مسلم في "صحيحه" رقم (2893)(2219/ 4).

(4)

انظر: "معالم في أوقات الفتن والنوازل "للشيخ عبدى العزيز السدحان ص (55).

ص: 271

وعن يُسَيْر بن جابر قال:

هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هِجِّيرَى إلا:"يا عبد الله بن مسعود! جاءت الساعة، قال: فقعد، وكان متكئا، فقال: إن الساعةَ لا تقوم حتى لا يُقْسَمَ ميراث، ولا يُفرحَ بغنيمة، ثم قال بيده هكذا- ونحَّاها نحو الشام- فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام "(1) الحديث.

قال القرطبي- رحمه الله تعالى-:

"والذي ينبغي أن يُقال به في هذا الباب أنما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن والكوائن أن ذلك يكون، وتعيين الزمان في ذلك من سنة كذا يحتاج إلى طريق صحيح يقطع العذر"(2). اهـ.

لقد كان من هدي السلف -رحمهم الله تعالى- أنهم لا يُنَزِّلون أحاديث الفتن على واقع حاضر؛ وإنما يَرَوْنَ أصدق تفسير لها، وقوعها مطابقة لخبر النبي (3) صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك نلاحظ أن عامَّة

(1) تقدم ص (261).

(2)

"التذكرة" ص (736).

(3)

ومما يستأنس به في هذا المقام ما رواه مسلم رقم (2452)، بسنده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرعُكنَّ لِحاقًا بي: أطولكن يدًا"، قالتْ "فكُنَّ يتطاولْنَ أيتهن أطول يدًا"، قالت:"فكانت أطولنا يدًا زينب؛ لأنها كانت تعملُ بيدها وتَصَدَّقُ ". فقولها رضي الله عنها: "فكانت أطولنا يدًا زينب " معناه: أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية، وهي الجارحة، فكن يذرعن أيديهن بقصبة، فكانت سودة أطولهن جارحة، وكانت زينب أطولهن يدًا في الصدقة وفعل الخير، فماتت زينب أولهن، فعلموا أن المراد طول اليد في الصدقة والجود. قال أهل اللغة:"فلان طويل اليد، وطويل الباع "، إذا كان سَمْحًا جوادًا، وضده: قصير اليد والباع، وجَعْدُ الأنامل، أي: البخيل اللئيم.

ص: 272

شارحي الأحاديث الشريفة كانوا يُفيضون في شرحها، واستنباط الأحكام منها، حتى إذا أتوا على أبواب الفتن، وأشراط الساعة، أمسكوا أو اقتصدوا في شرحها للغاية، وربما اقتصروا على تحقيق الحديث، واكتفوا بشرح غريبه؛ بخلاف ما يحصل من بعض المتعجلين المتكلفين اليوم؛ فإنه بمجرد ظهور بوادرَ لأحداث معينة؛ سياسية كانت، أو عسكرية، محلية، أو عالمية تستخفهم البُداءات (1)، وتستفزهم الانفعالات، فيُسقطون الأحاديث على أشخاص معينين، أو وقائع معينة، ثم لا تلبث الحقيقة أن تبيت، ويكتشفوا أنهم تهوروا، وتعجلوا.

وربما كان دافعهم نبيلًا؛ فهم يحسبون أن إسقاط النبوءات على الواقع مما يزيد يقين المسلمين، ويقوي إيمانهم، ويمكنهم من إقامة الحجة على المكذبين بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا تأييدٌ لدين الحق. نقول: نعم، ولكن بالشرط المذكور آنفًا؛ لأن العجلة في مثل ذلك قد تأتي بعكس ما يشتهون؛ إذ لو خيبت الأحداث -إذا اكتملت- ظنهم، فربما جاءت النتيجة عكسية عند الكفار، وعند ضعاف المسلمين.

ولا بد من أن تكون النصوص التي يطبق عليها هذا الضابط مما يطرق دلالتَه الاحتمالُ، بخلاف النصوص المحكمة التي دلَّ الدليل على المراد منها؛ بحيث لا تلتبس على أحد؛ فإنها لا تخضع لهذا الضابط؛

(1) انظر: "مفتاح دار السعادة" لابن القيم ص (169، 170) ط. دار الحديث- القاهرة- 1414 اهـ

ص: 273

مثل نزول المسيح عليه السلام من السماء عند المنارة البيضاء بدمشق، وصلاته الصبح خلف المهدي، ومثل خروج الدجال بصفته التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.

استطراد:

قال الشيخ فيصل بن حيان آل صبحان -وفقه الله تعالى-: [اعلم أن تنزيل ما ورد من أحاديث الفتن على الأزمان المعينة أو الأشخاص المعينين على قسمين:

القسم الأول: تنزيل تام: بأن يقول: إن المقصود بالحديث الفلاني هو هذا الزمان بالذات، أو إن المقصود بالشخص الفلاني المذكور في حديث كذا هو: فلان بن فلان، ونحو ذلك.

وهذا النوع من التنزيل لا يجوز؛ لما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة والآثار الجسيمة، ولو لم يكن في ذلك إلا حصول فتن جديدة ليست هي المقصود بالنص لكفى،

(1).

القسم. الثاني: تنزيل جزئي، وإن شئت فقل:"تنزيل معنى"، بأن يُقال: إن معنى ما ورد في النص الفلاني قد وقع شيء منه في زماننا هذا؛ كحديث: "يُرفع العلم، وينزل الجهل، ويلقى الشح"، فإن قائلًا لو

(1) وقد رأينا كيف أن محاولات مطابقة الأحاديث الواردة في "المهدي" على أشخاص بعينهم بدون التزام الضوابط في هذا، قد أدَّى إلى حدوث فتن جسيمة على يد مدعي المهدية، وانظر تفصيل ذلك في "المهدي" للمؤلف، وانظر فيه -أيضًا-:"فصل ضوابط الحكم على مدعي المهدية".

ص: 274

قال: إن زماننا هذا قد وقع فيه شيء مما ذكر فيه لما أنكر عليه أحد، ولكان قوله مقبولًا لا يرد، ومن نظر في كلام الأئمة عند شرحهم لمثل هذه الأحاديث؛ لرأى ذلك واضحًا جليًّا

والحمد لله.

فإن قال قائل: فإنه قد وُجِد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ نَزل بعضَ الأحاديث على بعض الأشخاص تنزيلًا تامًا، كما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه كان يحلف أن الدجال هو ابن صياد، وتبعه على ذلك جابر رضي الله عنه كما في "صحيح مسلم "، وابنه عبد الله كما عند أبي داود، ولو كان الأمر كما ذكرت لما جاز لهم ذلك؟

فالجواب: أن ذلك لم يكن من عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة اجتهادًا مِن عند أنفسهم، بل كان اعتمادًا على إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في نفس الحديث المذكور، فإن جابرًا رضي الله عنه لما سُئل عن يمينه قال:"سمعت عمر يحلف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره".

فالذي يريد أن ينزل الأحاديث على الزمن وأهله، يحتاج إلى مثل ذلك الإقرار، وأنَّى له ذلك؟!

ثم على فرض التسليم بعدم الإقرار منه صلى الله عليه وسلم لعمر، وأن ذلك كان منه اجتهادًا؛ فأي الناس كعمر الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحدَّث الملهم، والذي وافق ربَّه في مسائلَ كثيرةٍ، هذا مما لا يكون بحال.

ص: 275

فإن قيل: فهل يعني ذلك أن الأحاديث الواردة في وصف الفتن ليس لها معنى معين (خاص) وانما هي أمور عامة مشتركة بين الأزمنة والأمكنة والأشخاص؟

فالجواب. لا .. فإن كل ما صحَ عن النبي صلى الله عليه وسلم في فتنة من الفتن لا بدَّ واقع لا محالة كما أخبر؛ فإن كان المخبَرَ عنه أشخاصٌ يكونون في الأمة: ظهر أولئك الأشخاص بأعيانهم كما أخبر؛ وعندها يعرفهم الناس بالعلامات الدالَّة عليهم الواردة في النصوص في وصفهم؛ كذي الثديَّة المذكور في قتال الخوارج (1)، والدجال وغيرهما.

وإن كان المذكور في النص أحوالٌ وأوصافٌ للناس عامة أو لبعضهم خاصة، أو للأزمنة أو الأمكنة: وقعت تلك الأوصاف، واستحكمت، وغلبت حتى تكون مطابقة لما ورد، فيعرفها الناس حينئذٍ، كما في "الصحيحين" من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ

(1) وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أصحابه رضي الله عنهم عن صفات الخوارج، فقال:"لا والذي نفسي بيده! ليخرجن قوم من أمتي تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية"، قالوا: فهل من علامة يُعرفون بها؟ قال: "فيهم رجلٌ ذو يُدَيَّة أو: ذو ثُدَيَّة محلقي رءوسهم"، ولما قاتلهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بالنهروان التمس هذا الرجل الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم فوجده في حفرة مما يلي الأرض في أربعين أو خمسين قتيلًا، فلما وجده وفق نعت النبي صلى الله عليه وسلم كَبَّر، وقال:"صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم". وانظر: "البداية والنهاية"(7/ 290 - 305).

ص: 276

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا حَدَّثَ بِهِ»، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ، كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ،" (1).

فإن قيل: فإذا كان الأمر كلما ذكرتَ فما وجه هذا التقسيم كله؟ فالجواب: أن في ذلك سدًا للذريعة على كلِّ متقوِّل ومتخرص وراجم بالغيب، حتى لا يقع الاختلاف، وتعمَّ الفتن، ويُكذَّبَ الشرعُ .. والله أعلى وأعلم] (2). اهـ.

(1) رواه البخاري رقم (6604)، ومسلم (23/ 2891) في "الفتن"، واللفظ له.

(2)

"مسائل في الفتن" ص (53 - 55) بتصرف.

ص: 277