الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحافظ نُعيم بن حماد، وكتابه "الفتن
"
يعد كتاب "الفتن" للحافظ نُعيم بن حماد المروزي -رحمه الله تعالى- المرجع الأساس الذي ينهل منه العابثون بأشراط الساعة، ولنضرب لذلك مثلًا صاحبَ "هرمجدون" الذي وصفه بأنه كتاب "بديع"(1)، وتارة:"السِّفْر الجليل"(2) ولا يفتأ يكرر وصف مؤلفه نُعيم بن حماد بأنه: "شيخ البخاري"(3)، وقال في موضع آخر:"جمع فيه كوكبة هائلة من أحاديث الفتن وملاحم آخر الزمان، يعزُّ وجودها في مكان آخر"(4)، فماذا عن الكتاب ومؤلفه؟
أما الكتاب: فقال فيه مسلمة بن قاسم: "له أحاديث منكرة في الملاحم، انفرد بها"(5).
وقال الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى-: "وقد صنف كتاب (الفتن) فأتى فيه بعجائب ومناكير"(6).
وقال الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي حفظه الله: "إن في صحة نسبة الكتاب إليه نظرًا، ولا نستطيع أن نحمله كل المسئولية"، إلى
(1)"هرمجدون آخر بيان" ص (80).
(2)
"نفسه" ص (86).
(3)
"نفسه" ص (10، 80).
(4)
"نفسه" ص (10).
(5)
"تهذيب التهذيب"(10/ 462).
(6)
"سير أعلام النبلاء"(10/ 609).
أن قال: "وهكذا فجميع الروايات التي تفرد بها هذا الكتاب لم أحتج بها، وإنما هي تصلح للاعتبار"(1).
وأما المولف: فهو الحافظ أبو عبد الله نُعيم بن حماد المروزي (ت228) -رحمه الله تعالى- (2).
قال الحافظ في "هدي الساري": "لقيه البخاري، ولكنه لم يخرج عنه في الصحيح سوى موضع أو موضعين، وعلَّق له أشياء أُخر، وروى له مسلم في المقدمة موضعًا واحدًا".
وقال في "التهذيب": "روى عنه البخاري مقرونًا"(3)، وقال أيضًا:"وأما نعيم فقد ثبتت عدالته وصدقه، ولكن في حديثه أوهام معروفة". وقال في "التقريب": "صدوق يخطئ كثيرًا".
(1)"المهدي المنتظر" ص (121 - 122).
(2)
انظر ترجمته في: "طبقات ابن سعد"(7/ 519)، "التاريخ الكبير"(8/ 100)، "الجرح والتعديل "(8/ 462)، "تاريخ بغداد"(13/ 306، 314)، "تذهيب التهذيب"(4/ 101/2)، "تذكرة الحفاظ "(2/ 418)، "ميزان الاعتدال"(4/ 267 - 270)، "تهذيب التهذيب"(10/ 458)، "مقدمة فتح الباري"(447)، "طبقات الحفاظ"(180، 181)، "شذرات الذهب"(2/ 67)، "سير أعلام النبلاء"(10/ 595).
(3)
اعلم أن الرواة عند البخاري نوعان:
الأول: من روى له البخاري احتجاجا.
والثاني: من لم يحتج به البخاري، وإنما روى له أستشهادا.
ونعيم من النوع الثاني، ولذلك قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:"روى عنه البخاري مقرونا" اهـ.
وقال الذهبي: "نعيم من كبار أوعية العلم، لكنه لا تركن النفس إلى رواياته"، وقال في "تذكرة الحفاظ":"وهو مع إمامته منكر الحديث"، وقال أيضًا:"كان من أوعية العلم ولا يحتج به".
وقال في "سير أعلام النبلاء": "لا يجوز لأحدٍ أن يحتج به" وتتبع كثيرًا من أوهامه.
وقال في "ميزان الاعتدال": "أحد الأئمة الأعلام، على لين في حديثه".
وقال في "تلخيص المستدرك": "وفي قوة روايته نزاع"، وقال:"ونعيم منكر الحديث إلى الغاية".
وقال يوسف بن عبد الله الخوارزمي: "سألت أحمد بن حنبل عن نعيم بن حماد، فقال: "لقد كان من الثقات".
وقال أحمد العجلي: "نعيم بن حماد ثقة مروزي".
وقال أبو حاتم: "محله الصدق".
وعن أحمد بن ثابت أبي يحيى قال: "سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان: "نعيم بن حماد معروف بالطلب"، ثم ذمه يحيى، وقال: "يروي عن غير الثقات".
وقال أبو علي صالح بن محمد الأسدي: "وكان نعيم يحدث من حفظه، وعنده مناكير كثيرة، لا يتابع عليها".
وقال أبو زرعة الدمشقي: "يصل أحاديث يوقفها الناس"، يعني أنه يرفع الموقوفات.
وساق له الخطيب في "تاريخه" حديثًا في ذم أهل الرأي، ثم قال:"وبهذا الحديث سقط نعيم بن حماد عند كثير من أهل العلم بالحديث، إلَّا أن يحيى بن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب، بل كان ينسبه إلى الوهم".
وقال الأزدي: "كان نعيم ممن يضع الحديث في تقوية السنة، وحكايات مزورة في ثلب النعمان: كلها كذب"
وقال الآجري، عن أبي داود:"عند نعيم بن حماد نحو عشرين حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل".
وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال مرة:"ضعيف".
وقال أبو علي النيسابوري: "سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن، ثم قيل له في قبول حديثه، فقال: قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين، بأحاديث كثيرة؛ فصار في حدِّ من لا يُحتج به ".
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:"ربما أخطأ ووهِم".
وقال أبو سعيد بن يونس: "وكان يفهم الحديث، وروى أحاديث مناكير عن الثقات".
وقال مسلمة بن قاسم: "كان صدوقًا، وهو كثير الخطأ (1)، وله أحاديث منكرة في الملاحم، انفرد بها".
(1) قال الحافظ العراقي في "فتح المغيث" ص (7): "من كثر الخطأ في حديثه، وفَحُش؛ استحق الترك، وإن كان عدلا" اهـ.
وقال الدارقطني: "إمامٌ في السُّنَة، كثير الوهم".
وقال أبو أحمد الحاكم: "ربما يخالف في بعض أحاديثه".
وقال ابن الجوزي في "التحقيق": "نعيم بن حماد مجروح".
وقال صالح بن محمد الأسدي الحافظ: "وكان نعيم يحدِّث من حفظه، وعنده مناكير كثيرة، لا يُتابَع عليها" قال: وسمعت يحيى بن معين سُئل عنه فقال: "ليس في الحديث بشيء، ولكنه صاحب سُنَّة". فها أنت ترى إطباق النقاد على وصفه بالوهم، والخطأ الكثير، وكثرة المناكير، ورواية ما لا أصل (1) له، أما من أثنوا عليه خيرًا ووثقوه؛ فذلك بالنظر إلى دينه وصلابته في السُّنَّة، وكونه عدلًا صدوقًا، لا يتعمد الكذب.
(1) ولو قلنا للعابثين: حدثونا عن أشراط الساعة والفتن، ولكن لا تحدثونا عن كتاب "الفتن" لأبي نعيم -رحمه الله تعالى- ولا عمَّن نقل عنه؛ لصارت كتبهم خاوية على عروشها.