الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يُستدل لهذا بحديث "أَسْرَعُكُنَّ لِحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا"(1)، إذ فُهم المرادُ منه بعد حصوله، والله تعالى أعلم.
4 - عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ الْأَعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ: «إِنْ يَعِشْ هَ
ذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ، قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ»، قال هشام:"يعني: موتهم"(2).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُنَيْهَةً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى غُلَامٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، فَقَالَ:«إِنْ عُمِّرَ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: ذَاكَ الْغُلَامُ مِنْ أَتْرَابِي يَوْمَئِذٍ (3).
والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "الساعة" في هذين الحديثين "ساعة المخاطبين"؛ لأن ساعة كل إنسان موته، وهذا الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف بأسلوب الحكيم، فإنه أجابهم بخلاف ما يترقبون، وأرشدهم إلى الاستعداد للموت، والتأهب للقاء الله؛ فإنه قريب قريب.
(1) انظر: ص (272)، هامش رقم (3).
(2)
رواه البخاري (6511)، ومسلم (2952).
(3)
رواه مسلم (2953)، والأتراب: جمع تِرْب، وهو المماثل في السن.
وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، صَلَاةَ الْعِشَاءِ، فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ:«أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ» (1)، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم انقضاء القرن الذي هو فيه (2)؛ أي: إنه بعد مائة عام يموت كل من كان حيا عندما نطق النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.
ومما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يُرِدْ قيامَ الساعة: ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرٍ:«تَسْأَلُونِي عَنِ السَّاعَةِ؟، وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ، وَأُقْسِمُ بِاللهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ» (3).
قال ابن الأثير -رحمه الله تعالى-: "والمعنى في الحديث: أن كل من هو موجود الآن -يعني ذلك الوقت إلى انقضاء ذلك الأمد المعين- يكونون
(1) رواه البخاري (116)، ومسلم (2537)،- واللفظ له- والترمذي (2252)، وتتمته: قال ابن عمر: فَوَهَلَ الناس في مقالة رسول الله تلك، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد"، يريد بذلك أن ينخرم القرن؛ أي: ينقطع وينقضي، والقرن من الزمان: أهل زمان مخصوص، ووَهَلَ: غَلِط وذهب وَهْمُه إلى غير الصواب.
(2)
وهذا ما يُطلق عليه بعضهم "الساعة الوسطى"، كما في "المفردات" للراغب ص (434، 435) قال: "والساعة الوسطى، وهي موت أهل القرن الواحد".
(3)
رواه مسلم (2538)، والترمذي (2251).
قد ماتوا، ولا يبقى منهم على الأرض أحد؛ لأن الغالب على أعمارهم لا يتجاوز ذلك الأمد الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون قيامة أهل ذلك العصر قد قامت" (1).
(1)"جامع الأصول"(10/ 388).
فارغ