الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالجفر، وغيره، ثم مارس الدجل "العلمي" - إن جاز التعبير- بإيهام القراء بأن هناك مخطوطات "بالجملة" هي مصدر معلوماته، ثم يحكي عن مصادره "الموثوقة"، -في زعمه، وهي أحوج شيء إلى التوثيق- أمورا يحتاج من يصدقها إلى أن يكون غبيَّا بدرجة كافية حتى تنطلي عليه.
يا نعايا "البحث العلمي"
أقيموا عليه ماتما وعويلا
!
يقول -مثلًا- تحت عنوان "نقطة على حرف" بعد أن أورد كثيرا من خيالاته (1) حول "المسيح الدجال":
"قد يسأل القارئ الحبيب: وكيف اهتديت إلى كل هذه المعلومات بلا مصادر؟!
وأقول: بل هناك مصادر، ولكن القاعدة الذهبية معروفة لكل خبير وسائل: لا يُسأل الكاتب وُالمفكرُ عن مصادره، فقد يكون الضر في ذكرها أبلغ من النفع، وسد الذرائع (؟!!) مقدم على جلب المنافع".
ثم أخطر الأمور وأقوى المصادر-التي لا قبلها ولا بعدها- استفتاء الله عز وجل، والتضرع إليه جلَّ في علاه؛ للإجابة وبيان ما خفي من الأمور، ثم الأخذ بالأسباب كما أخذ ذو القرنين بسياحته في أرض الله، والأخذ بمفاتيح العلوم، وأعلاها أسماء الله عز وجل الحسنى،
(1) انظرها: ص (61 - 72).
والاجتهاد في "القراءة الواعية"، ثم "استقراء الأحداث"، و"رفع درجات حدة الحدس والاستبصار"، ثم "التقدير"، وتحليل الأحداث تحليلًا دقيقًا، واستبطان المعلومات، ومحاولة سبر غورها "بالتأمل"، وفتح المغاليق بالمفتاح القرآني العظيم الذي أوصى به رب العزة عز وجل:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
وحبذا بعض المغامرات بيقين التوفيق من الله عز وجل، وعقيدة أن الآجال لا يملكها أحد سوى الله عز وجل، وأن الأقلام رفعت، والأحبار جفت، والصحف طُويت، والمقادير تمت
…
ثم ما أحلى الخلوة مع الفكرة!!.
وهي ليست حالات من السلبية المطلقة كما يتوهم السذج!! إنها عناصر إيجابية جدًّا وخلَّاقة بالنسبة للمفكر
…
إنها "فعل وحركة" و"انطلاقات إلى عوالم أخرى" يرد منها المرء بفكر وعلم ووعي جديد.
وهي "جهاز استقبال لخواطر" يمكن أن يقف أمامها التحليل العلمي والفلسفة عاجِزَيْنِ ..
وكثير من "فكري""ومضات من البرق" و"استنارات وإلهامات فجائية" إن لم أتداركها بالتسجيل، أو التدوين تصبح بَدَدًا بلا بقاء!! (1) اهـ.
(1)"ما قبل الدمار" ص (569 - 570)، "احذروا المسيخ الدجال يغزو العالم من مثلث برمودة "، ص (183).
ويقول في سياق التسويغ لمنهج "حاطب الليل":
وأنا مع القاعدة التي تقول: "لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"، ومع هذا فإنني أيضًا مع أي أثر أو حكمة ليس لها إسناد، وروايتها هي عهدة على من نقلنا عنه، باعتبار أن "لنا فائدة الحكمة، وعليه تبعة الرواية أو الكتابة"(1) اهـ.
ويتكلم "السندباد المصري" ناعيًا على الذين يقتصرون على الاستدلال بالأخبار المسندة، ويتحرون الصحة فيها، وكأن ما يفعلون "تحصيل حاصل"، أما هو فكأنه تمثل قول القائل:"ما للناس لا يتبعوني؟ .. ما هم بمتبعيَّ حتى أبتدع لهم غيره"(2)، فمن ثم قال:"ولو أني اعتمدت مبدأ ألا أكتب إلَّا ما له إسناد، وتم توثيقه من قبل؛ فظني أني أحرث في أرض محروثة، إلَّا أن يكشف الله عز وجل لي بعض أزهار أو ثمار لم يبصرها الراءون قبلي، فهنالك يكون تمام جدي وسعدي"(3) اهـ.
وإني وإن كنت الأخيرَ زمانه
…
لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ
(1)"الجفر" ص (128، 129)، وهذا تسطيح للقضية؟ حيث إن استدلاله بهذه "الحِكَم" والآثار يشمل -ولا شك- أخبار المستقبل الغيبية التي لا تتلقى إلا من الوحي المحفوظ، وانظر: ص (157 - 166).
(2)
اقتباس من أثر صحيح موقوت على معاذ رضي الله عنه، رواه أبو داود (4/ 202)، والآجري في "الشريعة"(47، 48)، والحاكم (4/ 466)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 232، 233)، والفريابي في "صفة النفاق" رقم (41).
(3)
"أسرار الهاء في الجفر" ص (129).