الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو "الجوالبي"، أو "فستقة"، أو "البرهان السقا"، أو "الوولاتي"، أو "ابن أركماش"، أو "ابن كيكلدي"، أو "الرما دي"(1) ولا يدري صاحبنا أن إتيانه بالمزيد من الغرائب سوف يزيد وحشته، ويضاعف غربته بين العلماء.
والجاهلون لأهل العلم أعداء
لأنهم الذين يكشفون أهل البدع، ويفضحون أكاذيبهم، ويفندون دجلهم، ومن هنا تطاول "السندباد" على قمم سامقة، وجبال شامخة لحاجة في نفسه، فتراه يُعرِّض بوصف الشيخين (البخاري ومسلم) بالجبن؛ لأنهما في زعمه "أهملا الرواية عن آل البيت المحمدي الشريف"(2)، يقول -عامله الله بما يستحقه-:
(1)"أسرار الهاء في الجفر" ص (135، 136)، ويطيب لي أن أسأله: وهل تعرف أنت "أبا لمعة المصري"؟!
(2)
بفرض صحة هذا الزعم؟ فإن عدم الرواية عن شخص لا يستلزم تجريحه أو انتقاصه، وكم من إمام جليل لم يرو له البخاري لا لشيء إلَّا لأنه ما قصد استيعاب الصحيح، ولعل تصنيف المستدركات أدل دليل على هذا، وكيف يزعم هذا الظالم لنفسه أن البخاري ومسلمًا أهملا الرواية عن أهل البيت؟ وكتاباهما حافلان بالرواية عن علي رضي الله عنه، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن، وكذا عن أناس من آل جعفر، وآل علي، وآل العباس، وآل عقيل، فإن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته، وقرابته الذين تحرم عليهم الصدقة من المذكورين آنفًا، أما الرافضة فقد حصروا أهل بيت النبوة في علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، رضي الله عنهم، وأضافوا لهم أئمتهم الثمانية، وأخرجوا منهم كل من سواهم، ثم أخرجوا أولاد عليِّ غير الحسنين من أهل البيت: كمحمد ابن الحنفية، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، والعباس، وجعفر، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الله، وعبيد الله، ويحيى، وكذا أولادهم الذكور الاثني عشر، ومن البنات ثماني عشرة ابنة، كما أخرجوا من آل البيت بنات فاطمة رضي الله عنها: زينب، وأم كلثوم، وأولادهما من آل البيت، وأخرجوا أولاد الحسن بن علي منهم، وكذا أخرجوا من أولاد الحسين من لا ينهج منهجهم، وأخرجوا بنات النبي صلى الله عليه وسلم الثلاث غير فاطمة، وكذا أزواجهن، وأولادهن، وانظر:"الشيعة وأهل البيت" للشيخ إحسان إلهي ظهير -رحمه الله تعالى- ص (13 - 20).
وما أحسن ما قال الدكتور ناصر بن عبد الله القفاري -حفظه الله- وهو يدحض دعوى الرافضة أن أهل السنة لا يتلقون عن أهل البيت:
[مثلًا: "زيد بن علي بن الحسين" وهو من خيار أهل البيت: نجد في كتب الرجال عند أهل السنة توثيقه والثناء عليه وقبول ما صح عنه، وأخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه (*).
أما في كتب الشيعة ففي "الاستبصار" للطوسي (والطوسي شيخ الشيعة على الإطلاق، وصاحب كتابين من أُصولهم الأربعة، وكتابين من كتب "الرجال" الأربعة عندهم (في كتاب "الاستبصار" يصرح الطوسي برد مرويات زيد بن علي -مرارًا-. فمن يتلقى عن آل البيت حقيقة؟ هل هو مَن إذا روى عن بعض أهل البيت أحاديث لا توافق مذهبه ردَّها بدعوى التقية، في حين يقبل روايات الكليني والقمي وغيرهما في الطعن في كتاب الله وصحابة رسوله وأهل بيته؛ لأنها تتفق مع تعصبه وشذوذه؟! ومن هم أهل البيت عند الشيعة؟ إن لكل طائفة من طوائف الشيعة تفسيرًا خاصَّا لأهل البيت يختلف من طائفة لأُخرى حول عدد أهل البيت وأعيانهم.
والرافضة تخالف أهل البيت في عامة أُصولهم، فليس في أَئمة أهل البيت مثل علي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وابنه جعفر بن محمد الصادق مَن يقول بالنص على علي، أو بعصمة الأئمة الاثني عشر، أو يسب أبا بكر وعمر، أو ينكر الرؤية، أو يقول بخلق القرآن، أو ينكر القدر، والمنقولات الثابتة المتواترة عن هؤلاء معروفة موجودة، وكانت مما يعتمد عليه أهل السنة (**). =
_________
(*) انظر مثلا: "تقريب التهذيب"(1/ 276)، و:"الخلاصة" للخزرجي، ص (129)، و"الكاشف"(1/ 341).
(**)"منهاج السنة"(2/ 228).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فهم مخالفون لأئمة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصول دينهم، كما هم مخالفون لأصحابه، بل ولكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (*).
حقيقة أن أهل السنة لا يقبلون روايات الروافض المشهورين بالكذب عن أهل البيت (**).
وهذا -كما هو حفظ للسنة وتوثيق لها- هو صون لأهل البيت مما ألصقه بهم أعداء الإسلام.
وهذا "الرافضي" يريد بدعوة أهل السنة إلى الرجوع للأخذ من أهل البيت؛ لأنه لا يقنعه منهج أهل السنة في تلقي ما صح عن أئمة العلم والدين من أهل البيت -إنه يريد منهم أن يتعبدوا بحكايات الرقاع التي يزعمون أنها صدرت عن إمامهم المنتظر، والذي لم يولد أصلا، يريد منهم أن يستقوا دينهم من "الكافي" للكليني وهو يطعن في كتاب الله ويحرف آياته، ويكفر صحابة رسول الله -صلى الله علبه وسلم-؛ أي: يريد أن يتلقوا دينهم عمن يسعى في هدمه وتغييره.
وهو يريد منهم أن يرجعوا لما يجمعه الروافض من "نصوص" ينسبونها كذبا لأهل البيت في الإمامة والعصمة والتقية والرجعة والغيبة والبداء، وإلا فإن أهل السنة عندهم يتحملون كبر الفرقة والتباعد.
ولهذا رأينا بعض "آياتهم" وشيوخهم يجعلون من شرط التقارب أن يوافق أهل السنة على سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (
…
)، أي: يوافق أهل السنة على القدح في صحابته، وبالتالي يرجعون لمدونات الروافض.
وقد لاحظنا أن معظم أئمة أهل البيت من غير الاثني عشر يتعرضون في كتب الشيعة للسب والطعن والتكفير، كما مر الإشارة لذلك.
فمَن الذي يتولى أهل البيت؟ ومَن الذي لا يتولاهم؟ ومَن الذي يقبل مروياتهم؟ ومن الذي يُعرض عنها؟ ومن الذي يطعن فيهم بقبول مرويات الكذبة عليهم؟ ومن الذي =
_________
(*)"منهاج السنة"(2/ 180) تحقيق: د. محمد رشاد سالم
(**) راجع الصفحات (167 - 176).
(
…
) مثل: آيتهم محمد الخالصي، ومثل شيخهم مرتضي الرضوي.
"ولا أعذر البخاري ومسلمًا إلَّا ليقيني بأن الظروف السياسية القائمة آنئذٍ كان يمكن أن تطيح برأسيهما، فلا يصل شيء منهما أصلًا، وهو العذر الوحيد المقبول؛ لأنه يجوز أن يكون المؤمن جبانًا (1)، ولكن لا
= يصونهم ويرد هاتيك المرويات؟ ومن الذي لا يعتبر من أهل البيت غير الاثني عشر ويطعن في غالب أهل البيت من غيرهم؟!
ولا شك أن من تأمل ما نقلناه من نصوص الروافض يدرك أنهم أعداء لأهل البيت والصحابة، وإنما اتخذوا شعار التشيع لأهل البيت لترويج باطلهم] اهـ (*).
(1)
هذه "شِنْشنة نعرفها من أخزم" فإن رمي المحدثين بالجبن والخوف، ومداهنة الحكام ما هو إلَّا رَجْع صدى كلام المستشرقين، وبخاصة صنمهم اليهودي المتعصب الحاقد "جولد تسيهر" وأذنابهم من بني جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا، ويقصدون بذلك التشكيك في حَمَلَةِ السنة للتوصل بذلك إلى هدم الشريعة الشريفة.
إن الأمر لا يرجع إلى خوف أو شجاعة، وإنما إلى شروط التزمها المحدثون ولم يحيدوا عنها، فمنهم متشدد في شروطه كالشيخين، ومنهم دون ذلك، فمِن ثَمَّ رأينا الإمام أحمد قد خرَّج في فضائل بني أمية أكثر مما خرَّج الشيخان في "صحيحيهما".
وقد أخرج الشيخان في فضائل علي رضي الله عنه وآل بيته أحاديث عدة أكثر مما أخرجاه في فضائل العباس وابنه عبد الله رضي الله عنهما، وخلفاء بني العباس كانوا يعتبرون العلويين مناوئين لهم، فلو كان مبنى الأمر على الخوف والمداهنة للعباسيين لما ذكرا في صحيحيهما شميئا من ذلك.
وفي كتب أهل السنة مرويات عن أمير المؤمنين علي - ضي الله عنه- أكثر مما يروى عن أبي بكر وعثمان وبقية العشرة عدا عمر فإن مروياته قريبة من مرويات علي رضي الله عنهم، وعن سائر الصحابة أجمعين، ثم إن الخلفاء والأمراء عامتهم كانوا على دين، وخلق، وتعظيم للشرع الشريف، ولا يُظَن بهم أنهم كانوا يرضون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل مداهنتهم، والحوادث في هذا كثيرة شهيرة، ولو قُدِّر أن أحدهم تورط في ذلك -معاذ الله- لتصدى له المسلمون علماؤهم وعامتهم، ووقفوا له بالمرصاد، وقد حفل التاريخ بكثير من المواقف المشرقة ذبَّا عن السنة، وإنكارًا على من حاد عنها من الأمراء والحكام.
_________
(*)"مسالة التقريب بين أهل السنة والشيعة"(2/ 138 - 141).
يجوز أن يكون كذابًا) (1) اهـ.
ويتمادى في عدوانه حتى ينالَ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، فيقول:"ابن تيمية الذي يحبه هؤلاء القوم الذين ألسنتهم أطول من أجسادهم، ومعلوم أن ابن تيمية أحد عشاق يزيد بن معاوية، وأحد مبغضي سيدنا الحسين (2)، يقول في تفسير سورة النور: "إنه وقف على ما شاء الله من الكتب الكبار والصغار، أكثر من مائة تفسير" (3)، وأنا
(1)"أسرار الهاء في الجفر" ص (133).
(2)
وهذا كذب صراح، فإنه سئل رحمه الله:"ما تقولون في يزيد؟ " فقال رحمه الله: "لا نَسُبُّه، ولا نُحِبُّه، فإنه لم يكن رجلا صالحًا فنحبه، ونحن لا نسب أحدًا من المسلمين بعينه"، فقيل له:"أفلا تلعنونه؟ أما كان ظالمًا؟ أما قتل الحسين؟! " فقال شيخ الإسلام: "نحن إذا ذُكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله؛ نقول كما قال الله في القرآن: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]، ولا نحب أن نلعن أحدًا بعينه؛ وقد لعنه قوم من العلماء؛ وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد، لكن ذلك القول أحبُّ إلينا وأحسن.
وأما من قتل "الحسين" أو أعان على قتله، أو رضي بذلك: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه صرفًا ولا عَدلًا" اهـ. من "مجموع الفتاوى" (4/ 487، 488)، وانظره: (4/ 511، 512)، و "منهاج السنة النبوية" (1/ 321 - 330).
(3)
ومن المعلوم أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- كان له اختصاص وتعلق بعلم التفسير، حتى قال وهو يحكي عن شغفه، واهتمامه بهذا الفن الشريف:"ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم، وأقول: (يا معلم آدم إبراهيم علمني)، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرغ وجهي في التراب، وأقول: (يا معلم إبراهيم! فهِّمني) " اهـ. من "العقود الدرية" ص (62).
وقال الحافظ الذهبي، وهو يترجم لشيخ الإسلام:
"وأما التفسير فمُسَلَّم إليه
…
ولفرط إمامته في التفسير، وعظمة اطلاعه، يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين، وُيوهي أقوالًا عديدة" اهـ، وقال فيه الإمام ابن سيد الناس اليعمري: "إن تكلم في التفسير؛ فهو حامل رايته" اهـ.
أرجو أن يُحْصُوا لي أسماء70 تفسيرًا، لا 100 كما قال ابن تيمية، فإما الرجل كذاب (1)، وإما هناك 100 تفسير، ولكن لم يصلنا الكثير" (2) اهـ.
= ومِن ثَم لُقِّبَ ب "ترجمان القرآن" ونودي إثر وفاته من منابر جامع دمشق: "الصلاة على ترجمان القرآن"، وذكر الحافظ ابن رجب أنه صُلي عليه صلاة الغائب في غالب بلاد الإسلام القريبة والبعيدة، حتى في اليمن والصين، وأخبر المسافرون أنه نودي بأقصى الصين عليه يوم جمعة:"الصلاة على ترجمان القرآن" اهـ، انظر:"بحوث الندوة العالمية عن شيخ الإسلام ابن تيمية وأعماله الخالدة" ص (235 - 260).
(1)
ولا أجد تعليقا على هذا الباغي على أئمة الإسلام ورموزه سوى أن أتمثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن صياد: "اخسأ! فلن تعدو قدرك"، ولعله لو نهل من علم أبن تيمية لعرف قدره، وحفظ حرمته، وأشفق على نفسه أن يناله قولُ الله تعالى في الحديث القدسي:"من عادى لي وليًا، فقد آذنتُه بالحرب" الحديث، وما أصدق قول أمير البررة، وقتيل الفجرة، ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه؟ "واحفظ لكلِّ منزلتَه، وأعطهم جميعَا بقسطهم من الحق، فإن المعرفة بالناس بها يُصاب العدل"، وقول الإمام الذهبي رحمه الله نعالى-:"الكلام في الرجال لا يجوز إلا لتامِّ المعرفة، تامِّ الورع" اهـ. من "ميزان الاعتدال" أن (3/ 46)، ومثله قول الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:"ولذلك يحتاج المسلم أن يكون عارفا بمقادير الناس وبأحوالهم ومنازلهم، فلا يرفع الوضيع، ولا يضع الرفيع"، نقله عنه السخاوي في "ذيل التبر المسبوك" ص (4)، وانظر: كتابي "حرمة أهل العلم" ص (353) وما بعدها.
(2)
"أسرار الهاء في الجفر" ص (127).