الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيةً، وَحَدِّثوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ"(1).
قال ابن حبان -رحمه الله تعالى-: "في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالتبليغ عنه مَنْ بَعدهم -مع ذكره إيجابَ النار للكاذب عليه- دليل على أنه إنما أُمِر بالتبليغ عنه ما قاله عليه السلام، وما كان من سنته فعلًا أو سكوتًا عند المشاهدة،
لا أنه يدخل به في قوله صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً" المحدثون بأسرهم، بل لا يدخل في ظاهر هذا الخطاب إلا من أدى صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سقيمه
، وإني خائف على من روى ما سمع من الصحيح والسقيم أن يدخل في جملة الكذبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عالمًا بما يروى" (2) اهـ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (3).
وعن عبد الله بن وهب قال: قال لي مالك: «اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا (4) أَبَدًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (5).
(1) انظر تخريجه ص (178).
(2)
"كتاب المجروحين " ص (6).
(3)
رواه مسلم في مقدمة "صحيحه "(5).
(4)
رواه مسلم في "السابق"(4).
(5)
قال النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه: "معناه أنه إذا حدَّث بكل ما سمع كثُر الخطأ في روايته، فتُرك الاعتماد عليه، والأخذ عنه" اهـ. من "شرح النووي"(1/ 75).
قال عمرو بن ميمون -رحمه الله تعالى-: " مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَنَكَسَ " قَالَ: «فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً، أَزْرَارُ قَمِيصِهِ، قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ» قَالَ: أَوْ دُونَ ذَلِكَ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ" (1).
وقال إياس بن معاوية لسفيان بن حسين: "احفظ عليَّ ما أقول لك: «إِيَّاكَ وَالشَّنَاعَةَ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا حَمَلَهَا أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَكُذِّبَ فِي حَدِيثِهِ» (2).
قال النووي -رحمه الله تعالى-: "معنى كلامه أنه حذره أن يُحدِّث بالأحاديث المنكرة التي يُشَنَّع على صاحبها، ويُنكر، ويُقبح حَال صاحبها فيُكَذَّب أو يُستراب في روياته، فتسقط منزلته، ويذل في نفسه"(3) اهـ.
وحَكَمَ كثير من العلماء على من روى حديثًا موضوعًا -دون تنبيه إلى وضعه وتحذير الناس منه- بالتعزير والتأديب؛ فقد قال البخاري في حق أحد هؤلاء: "من حَدَّثَ بهذا؛ استوجب الضرب الشديد، والحبس الطويل"، بل قال يحيى بن معين -لما ذُكِرَ له حديث سويد الأنباري-:
(1)"صحيح سنن ابن ماجه" رقم (21).
(2)
رواه مسلم في "المقدمة"(1/ 75 - نووي).
(3)
"شرح النووي"(1/ 76).
"من عشق، وعف، وكتم، ثم مات؛ مات شهيدًا"، قال:"هو حلال الدم"(1).
وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "أما الأحاديث الموضوعة التي وضعتها الزنادقة؛ ليلبِّسوا بها على أهل الإسلام، أو الأحاديث الضعيفة -إمَّا لضعف رواتها، أو جهالتهم، أو لعلة فيها- فلا يجوز أن يُقال بها، ولا اعتقاد ما فيها، بل وجودها كعدمها"(2).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "فالواجب أن يُفرَّقَ بين الحديث الصحيح والحديث الكَذبِ؛ فإن السنة هي الحق دون الباطل، وهي الأحاديث الصحيحة دون الموضوعة، فهذا أصل عظيم لأهل الإسلام عمومًا، ولمن يدعي السنة خصوصًا"(3).
وقال أيضًا: "الاستدلال بما لا تُعلم صحته لا يجوز بالاتفاق؛ فإنه قولٌ بلا علم، وهو حرام بالكتاب والسنة، والإجماع"(4).
وقال الشوكاني -رحمه الله تعالى-: "إن الأحكام الشرعية متساوية الأقدام، لا فرق بينها، فلا يحلُّ إذاعة شيء منها إلَّا بما يقوم به الحجة، وإلا كان من التقوُّل على الله ما لم يَقُلْ، وفيه من العقوبة ما هو معروف"(5).
(1) انظر: "الإسرائيليات، والموضوعات في كتب التفسير"، ص (29).
(2)
"ذم التأويل"، ص (47).
(3)
"مجموع الفتاوى"(3/ 380).
(4)
"منهاج السنة النبوية"(7/ 67، 68).
(5)
"الفوائد المجموعة"، ص (100).