الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصلُ الخامسُ
التطبيع مَعَ التنجيم وَالمُنَجَمِينَ وَزَلْزَلَةُ ثَوَابِتِ الْعَقِيدَةِ
لم يكتفِ العابثون بأشراط الساعة بالرجم بالغيب، وقَفْوِ ما ليس لهم به علم، حتى أضافوا إلى ذلك قاصمة أخرى، وهي "تطبيع العلاقات مع المنجِّمين"، والاحتجاج بقول بعضهم -بعد حكاية مدحه والثناء عليه- بأنه "أعظم فلكي في التاريخ"(1)!
(1) بل منهم من تقبل حتى "حكايات عجائز اليهود"؛ فقد جاء في محاضرة لداعية فاضل بعنوان "النظام العالمي الجديد":
"عندما أعلن عن قيام دولة إسرائيل عام 1948؛ دخلت عجوز يهودية على أم ذلك الداعية، وهي تبكي، فلما سألتها عن سبب بكائها، وقد فرح اليهود، قالت: "إن قيام هذه الدولة سيكون سببًا في ذبح اليهود"، ثم يقول الداعية: إنه سمعها تقول: إن هذه الدولة ستدومِ 76 سنة، وعندما كبر رأى أن الأمر قد يتعلق بدورة المُذَنَب "هالي"؛ إذ إن مُذنَّب "هالي" -كما يقول الداعية- مرتبط بعقائد اليهود". اهـ من "زوال إسرائيل" ص (56) وانظره ص (78) وهذا المذنَّب "هالي" هو الذي قال فيه أبو تمام في بائيته المشهورة:
وَخَوفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ
…
إذَا بَدَا الْكَوْكَبُ الْغَرييُ ذُو الذُّنَبِ
وهل التنجيم إلا الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية؟! وهذا المذنَّب يقترب من الأرض كل ستة وسبعين عاما، وكان آخر ظهور له عام 1986 م (1406 هـ)، ويسميه بعض الغربيين "عميل الشيطان" تشاؤمًا به، وزيادة في الكفر؛ لأنه ظهر في عام 1456 م، وهو عام فتح القسطنطينية واشراقها بنور الإسلام.
يقول صاحب "أسرار الساعة":
"في نهاية السابع من عام 1999 م سيهبط مَلَك الفزع العظيم من السماء، وسيحكم المريخ -كوكب الحرب- لصاحب الحق، وسيكون دمارًا مروعًا وخرابًا هائلًا، تلك هي واحدة من أكثر نبوءات "نُوسْتراداموس" فزعًا ورعبًا كما يقول المحللون، وهي -طبقًا لمعظم التفسيرات- تعني أن كارثة ضخمة ستحيق بالكرة الأرضية في شهر يولية 1999 م، وقد حدد "نُوسْتراداموس"، والذي يعتبرونه أعظم فلكي في التاريخ، بأن شرارة الكارثة الأولى ستنطلق من الشرق الأوسط"(1)، إلى أن يقول:
"وما بين نبوءات "نسْتراداموس" في عام (1555م)، ومخططات واينبرغر عام 1997 م، تمت جميع المؤامرات الساعية لتدمير العالم الإسلامي وغزوه في عام 1999 م ومثقفو هذا العالم لا يزالون يرددون ببلاهة عجيبة: "نحن ضد فكر المؤامرة"، أما قادة العالم الإسلامي فيكفيهم خدعة أن يرأسهم في طهران الدجَّال نفسه (2)، والمعروف أن الرقم (9) هو نهاية الأرقام التي تبدأ بالرقم (1) وهو حسب الفلسفة الفيثاغورثية يعني النهاية، وهو الرقم المقدس عند الطائفة البهائية التي خرجت في إيران، واستقرت في فلسطين.
وحسب علوم الجيومترا المشتقة من الكابالاة اليهودية، فإن الرقم (9) هو رقم الملوك الغزاة.
(1)"أسرار الساعة" ص (34).
(2)
يقصد رئيس إيران آنذاك "محمد خاتمي"، كما صرح بذلك ص (113، 114).
وفي اليهودية -أيضًا- فإن الرقم (9) هو رقم الخراب" (1) ويقول في موضع آخر: السفياني أو الهاشمي (2) هو المقصود ب "ملك الجنوب"، الذي يتعاون مع ملك الروم، كما في تنبؤات اليهودي الفلكي "نسْتراداموس" (3).
يقول صاحب "هرمجدون" فيما يشبه الدعاية لهذا المنجِّم: "إن المنجّم الفلكي اليهودي الشهير "ميشيل نوسْتراداموس" الذي عاش في القرن السادس عشر الميلادي، وتوفي سنة 1559 م، والذي كتب رباعيات تنبؤية لأمور مستقبلية وقعت وفق ما أخبر به تمامًا (4).
(1)"نفسه" ص (35).
(2)
وهو يقصد هنا "الحسين" ملك الأردن الراحل.
(3)
"أسرار الساعة" ص (132) وتأمل كيف طوعت له نفسه أن يستدل بتنبؤات ذلك اليهودي المنجم بلا أدنى تحرج؟!!
(4)
حذار أن تسلم بهذا التهويش وهذا الهراء، واعتصم بدلالة النصوص القطعية المعصومة على أن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، فما ذكره "محامي نوسْتراداموس" لا يعدو أن لكون دعاية رخيصة يمهد بها لتمرير مجازفاته وتخرصاته، وهو هنا يسلك مسلك الطَّغام من العوام الذين يولعون بحكاية الغرائب دون إخضاعها لتمحيص وتفتيش، وما هو إلا صدى لأصوات الغربيين الذين يتشدقون بهذه المزاعم، بدليل أنه لم يقرأ رباعيات "نوسْتراداموس" في لغتها الأصلية بنفسه، تلك الرباعيات التي كتبت بلغة مراوغة تحتمل الشيء ونقيضه، كما هي عادة المنجمين والكهان والعرافين، ثم تأتي أهواء الشراح والمفسرين والمترجمين لتخضعها لرغباتهم، ثم يأتي دور العوام الذين يتداولونها بشغف ويزيدون عليها ما شاءوا حتى يصير الشبر ذراغا ثم أميالا، وفراسخ، ومع أن الواقع يكذب المنجمين، ويخلف وعودهم غالبا؛ إلا أن العوام لا يتناقلون ذلك، وإنما يعلق بذاكرتهم القليل النادر مما يقع وفق تنبؤاتهم إما اتفاقًا، وإما لأنه مما اختطفته الشياطين من أخبار السماء، والله تعالى أعلم، وانظر ص (105 - 111).
فقد أخبر في رباعياته عن الحرب العالمية الأولى والثانية، ووقعتا فعلًا في التاريخ الذي حدده، كما أخبر عن الثورة الفرنسية، وعن ظهور جبابرة سماهم بأسمائهم؟ منهم "هتلر"، و"نابليون"، وتنبأ بنشوب الحرب العالمية الثالثة، وأنها مدمرة، وستكون في أوائل هذا القرن، وأنها نووّيَة، وسيكون فيها حرب بيولوجية" (1).
(1)"هرمجدون" ص (13) وانظر: ص (103).