الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
اعلم -رحمك الله- أنه ليس في نصوص الوحيين الشريفين ما هو مشكِل من حيث الواقع، بحيث لا يمكن أحدَا من الأمة أن يعرف معناه، وإنما
الوضوح والإشكال في النصوص الشرعية أمر نسبي
، يختلف فيه الناس بحسب ما عندهم من العلم والفهم، فما يكون مشكلًا عند شخص قد لا يكون كذلك عند آخر، بل يكون عنده واضحًا جليَّا (1).
وَهَاكَ
أَمْثِلَةً لِمَا يُشْكِلُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ في بَابِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ
وَجَوَابِ الْعُلَمَاءِ عَنْهَا:
1 - ذكر فتح القسطنطينية
عقب الملحمة، وقبيل خروج الدجال؛ مع أنها فُتِحتْ على يد محمدِ الفاتح العثماني؛ والجواب: أنه فتح آخر غير الفتح الأول؛ كما تقدم قريبَا (2).
2 - جفاف بحيرة طبرية
الذي ذُكر في حديث الجساسة على أنه أحد مقدمات خروج الدجال، وقد جفت بحيرة طبرية الآن (3)، أو كادت، وهذا لا يعني بالضرورة تحقق تلك العلامة؛ لأن من المحتمل أن تمتلئ البحيرة من جديد، ثم تجف قبل ظهور الدجال، أو قد تبقى جافَّةً مُدَّةَ
(1)"مجموع الفتاوى"(17/ 307).
(2)
راجع ص (267 - 269).
(3)
وقد نشر في السبعينيات بجريدة الأخبار (28/ 9/ 73) صورة فتاة تقف على أرض البحيرة الجافة وقد تشققت، وكتب عليها:"وجفت المياه في بحيرة طبرية".
يعلمها الله إلى ظهور الدجال، وعليه؛ فلا يشكل قول الدجال:"أما إن ماءها يوشك أن يذهب"(1)؛ لأن القرب هنا نِسْبِيّ؛ كما تقدم (2).
بل قد ثبت في الحديث أن يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً
(1) جزء من حديث الجساسة، الذي رواه مسلم (2942).
(2)
ومما يناسب إيراده في هذا المقام ما حكاه بعض الأفاضل؛ وأَقَرَّهُ بلهجة الاستحسان، عن شيخ صالح من الأردن يُدْعَى "الدباغ"، قال:"كان هذا الشيخ يقول للناس، ويقسم أن بريطانيا وحلفاءها سينتصرون في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا! وكان الناس يعجبون من ذلك! بل لقد أسرَّ إليه بعض المقربين أن الشكوك بدأت تحوم حوله؛ بانه يقوم بالدعاية لبريطانيا، وفد بيَّن الشيخ رحمه الله الأساس الذي بنى عليه يقينه؛ وهو أنه ربط بين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بَيَّن أن المسلمين سيقاتلون اليهود قبل قيام الساعة، وبين أحداث عصره؛ فبريطانيا الدولة المنتدبة على فلسطين هي التي رعت فكرة قيام الدولة اليهودية منذ وعد بلفور، وما تلا ذلك من أحداث، ولن تقوم لليهود دولة إلَّا إذا انتصرت بريطانيا! ولو انتصرت ألمانيا؛ لتبدد الحلم اليهودي في الدولة! وقد كان ما فهمه الشيخ من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وفسر به أحداث عصره، بل تنبأ بالشيء قبل أن يكون". اهـ. من مجلة "البيان" عدد (33)، (1411) هـ، ص (17)، وهذا الذي فهمه الشيخ الدباغ محتمل، ولم يكن مؤكدًا؛ لأنه يمكن -عقلًا- أن تتحول ألمانيا النازية عن عداء اليهود، وقد كان، بل صارت ألمانيا ما بعد النازية من أشد حلفاء الدولة اللقيطة، التي ابتزت أموالها بحجة التكفير عما سمي بمحارق النازية، وكان يمكن -عقلًا- أن تنتصر ألمانيا في هذه الحرب، ثم يشاء الله هزيمتها بعد ذلك، وإنما أوردتُ هذا الأنموذج التطبيقي؛ لندرك أهمية التمييز -في مثل هذه الكائنات- بين ما هو يقين يحلف الإنسان عليه، وبين ما هو ظن محتمل نقول فيه:{إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)} [الجاثية].