الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللجلال السيوطي في هذا رسالة قد هدمها عليه الزمان؛ كما هدم أمثالها من التخرصات، والأوهام، وما بُث في الإسرائيليات من الكيد للإسلام" (1).
وقال الشيخ يوسف بن عبد الله الوابل -حفظه الله-:
"وكما أنه لا يعلم أحد متى تقوم الساعة، فكذلك لا يعلم أحد متى تظهر أشراط الساعة، وما ورد أنه في سنة كذا يكون كذا، وفي سنة كذا يحصل كذا فهو ليس بصحيح؛ فإن التاريخ لم يوضع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما وضعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ اجتهادًا منه، وجعل بدايته هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة"(2).
ذِكْرُ نُصُوص عنِ الْعُلمَاءِ الْمُتَقَدِّمينَ عَلَى السُّيُوطِيِّ
في قَضِيَّةِ "تَحْدِيْدِ عُمرِ الدُّنْيَا
"
أَوَّلًا: الإمام أبو محمد علي بن حزم
(ت 456) -رحمه الله تعالى-: لم يعبأ بشيء من تلك الروايات المأثورة في هذه المسألة على طول باعه، وسَعة حفظه للآثار، وقد سبق القاضي عياضًا، والقاضي أبا بكر بن العربي، وابن خلدون في رفضه لما قيل في عمر الدنيا، والعجب أن الحافظ فاته إيرادُ ما قاله ابن حزم في هذه المسألة على سعة اطلاعه.
(1)"نفسه"(9/ 393).
(2)
"أشراط الساعة" ص (65).
قال -رحمه الله تعالى- في "الفِصَل":
مطلب بيان كذب من ادَّعى لمدة الدنيا عددًا معلومًا قال (أبو محمد): "وأما اختلاف الناس في التاريخ فإن اليهود يقولون: للدنيا أربعة آلاف سنة ونيف، والنصارى يقولون: للدنيا خمسة آلاف سنة، وأما نحن فلا نقطع على عدد معروف عندنا، وأما من ادَّعَى في ذلك سبعة آلاف سنة، أو أكثر، أو أقل؛ فقد كذب، وقال ما لم يأتِ قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لفظة تصح، بل صح عنه صلى الله عليه وسلم خلافُه، بل نقطع على أن للدنيا أمدًا لا يعلمه إلا الله تعالى، قال الله -سبحانه-: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} [الكهف: 51]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنْتُم فِي الأمَمِ قَبْلَكُم إِلَّا كالشَّعْرَةِ البيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأسْوَدِ أَوْ الشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ"، هذا عنه عليه السلام ثابت، وهو عليه السلام لا يقول إلا عين الحق، ولا يسامح بشيء من الباطل، وهذه نسبة مَن تدبرها، وعرف مقدار أعداد أهل الإسلام، ونسبة ما بأيديهم من معمور الأرض، وأنه الأكثر؛ علم أن للدنيا عددًا لا يحصيه إلا الله الخالق تعالى، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ" وضم أصبعيه المقدستين السبابة، والوسطى، وقد جاء النص بأن الساعة لا يعلم متى تكون إلا الله -تعالى- لا أحد سواه؛ فصح أنه صلى الله عليه وسلم إنما عنى شدة القرب، وله صلى الله عليه وسلم منذ بُعث أربعمائة عام ونيف، والله -تعالى- أعلم بمقدار ما بقي من عمر الدنيا؛ فإذا كان هذا العدد العظيم لا نسبة له عندما